تائهة في سرايا صفوان
الفصل الرابع والعشرون
***********************
كان يتابعها بملامح قلقة عندما وجد تعابيرها قد تجهمت وهي تمسك بطنها فأقترب منها قائلًا بهمسًا قلق :
_ قمر .. مالك ..!
نظرت له بوهن ثم قالت بصوت متعب :
_ مش عارفه حسا بطني وجعاني شويا ...
طالعها بهدوء مجيبًا :
_ماتقلقيش إن شاء الله لما نوصل ابقى اديكِ مسكن بس بعد الأكل ...
وصلت السيارة التي سيكثون فيها، فقال كِنان وهو يشير له بالدخول :
_ هيما ، يلا هذه سيارتنا ..
كان سيدلف لسيارة أولًا لكن تراجع هاتفًا لقمر :
_ ادخلـ... آآآآهه
نظرت له مصعوقة وهي تراه فجأة مال بثقل جسده على جسدها فتلقائيًا وجدت يداها تحتضن جسده حتى لا يقع وقام جسدها بالإرتطام بشدة في السيارة وقد انتشرت الدماء على صدرها بعد ان مال عليها ...
حدث كل هذا في ثواني معدودة فصرخت بصوت عالي وهي تنظر حولها ترى اي اتجاه تلك الرصاصة التي خرجت من سلاح كاتم لصوت ..
ورأته ..
رأت من ارق نومها ليلًا نهارًا ووحش كوابيسها يدلف لسيارة بسرعة منطلقًا بسرعة وخلفها سيارة اخرى .
نظرت لإبراهيم بصدمة ثم جلست على الأرض سريعًا وهو معها حتى لا يقع وكِنان يصرخ في حراسه بأن يتبعوا السيارة التي انطلقت .
_ إبرااهيم ... إبرااهيم ارجوك رد علياا .. افتح عينك بالله عليك ماتغمضهااش ... إبراهيم... ابوس ايدك افتح عينك ...
قالتها وهي تبكي بعنف ويدها تربت على وجهه ويد اخرى تُضع على الجرح .
اقترب كِنان منه سريعًا بعد هتافه بالحراس ان يلحقوا بالسيارتين ،جثى بجوارهم وهو يقترب من وجهه إبراهيم قائلًا بقلق :
_ هيما .. عم تسمعني ،.. فتح عيونك خي .. هيما اتركهم مفتوحين هلئ راح أخدك على المشفى .. هيما ،عم تسمعني ..
وقف كِنان وهو يشعر بالغضب الشديد وقد تبقى حارس واحد فقط معه يُهاتف المشفى الخاصة التي تتعامل معها عائلة كِنان حتى يستعدوا لإستقبالهم
كانت قمر تحتضن وجهه لها وهي تبكي بعنف غير قادرة أنها مسؤلة عن قتل أحد ،وليس اي احد حتى !.
وجدت نفسها تهتف وهي ترفع رأسها له :
_ انا آسفــ...ـه والله ،أنا آسفه.... لو أعرف كدا مكنتش جيت والله ... أنا آسفة
اقترب كِنان والحارس منها ثم جذب ذراع إبراهيم فجدته قمر منهم قائلة بغضب :
_ بتعمل ايه سيبوا ..
قال بصوت خافت قليلًا :
_ ما راح يصح نضل هون هلئ إذا رأى حدا من الآمن الخاص بالمطار هيك راح تكون مشكلة كبيرة ..، ساعدنيني مشان نطلع بالسِيارة ونبعد عن هون ...
رأت أن حديثه منطقي وصحيح للغاية فسمحت له بأن يحمله حتى قامت هي سريعًا ودلفت لسيارة ثم وضعه داخلها وظهره على أقدام زهرة ورأسه مرفوعًا لأعلى .. على كتفها .
انطلقت السيارة سريعًا إلى المشفى وقمر تبكي وهي تحتضنه خائفة ان يتركها ويموت .
بعد نصف ساعة طارات السيارة بالمعنى الحرفي كي تصل للمشفى بسرعة قبل أن يموت إبراهيم من كثرة الدماء التي نزفها .
توقفت السيارة أمام مشفى على احدث ما يكون مصممة بطريقة أوربية حديثة ، كان هناك ثلاث ممرضين يقفوا بجوار سرير للمريض وطبيبة اجنبية بجوارهم .
فتح كِنان باب السيارة الخلفي وحاول سحب إبراهيم له حتى فلح في ذلك ،أقترب الممرضين منه يُعاونه في وضع إبراهيم على السرير وهبطت قمر من الجانب الأخر .
قالت الطبببة مطمئنة كِنان بلغتها :
_ لا تقلق سيد كِنان سيدخل فورًا لغرفة العمليات و سأُباشر عليه بنفسي .. اسمح لي من فضلك
_ تفضلي ايتها الطبيبة ،لكن احذري أن يحدث شئ ما يضر به ،سيخرج من هذه الغرفة حي يرزق وإلا لن أرحمكم جميعًا
قالها بتهديد ووعيد دب الرعب بقلب قمر والطيبية أيضًا ،فأبتسمت بتردد مجيبة :
_ حسنًا ، لا تقلق ..
ثم أبتعدت عنه وهي تتتبع سرير إبراهيم نحو الداخل ،فقالت قمر مسرعة :
_ هروح وراهم ..
ولم تنتظر سماع إجابته وأنطلقت خلفهم تتبعهم إلى غرفة العمليات حتى تكون بالقرب منه وإن كان مريضًا فهي لا تستشعر الأمان سوى وهي بجواره .
*******************
صباحًا الساعة العاشرة ،وضع قدميه بالحذاء ثم احنى ظهرة يربط رباطه ، أقتربت زينب منه تُعطيه ثمرة خيار كبيرة وهي تقول بحنق :
_ ماكنت خدتيني معاك يا بني ..
اخذ الثمرة منها بعد أن رفع وجهه وقد احتنقن بالدماء الشديدة أثر انخفاض رأسه للأسفل ،نظر لها قائلًا :
_ تروحي فين يا ماما ، هو أنا رايح اتفسح
_ يابني افرض قالولك ملناش دعوة بيها ولا حاجة ..
أخذ هاتفه من أعلى خزانة الأحذية ومفاتيحه ثم قال :
_ طظ يا حجه ،.. لو حسيت من كلمهم انهم رافضين وجودها هاخد بعضي وامشي فورًا ... هي فين
قال أخر كلماته وهو يضع يديه على جيوبه الأمامية والخلفية يتفحصهم فقالت :
_ هي ايه دي..
_ علبة السجاير ..
حركت شفتات بإمتعاض قائلة :
_ المرحوقة .. هتلاقيه فأي داهية هنا ولا هنا
_ طب بالله عليكِ ياست الكل شوفيهالي على المكتب جوا ..
_ والله ابدًا أنا لو اطول احرمك منها بس اعمل ايه مقاطعه مش نافع زعلان مش نافع ..،تعبي مش نافع المحروقة دي بقت اهم عندك مني
_ ... خلاص يا ست الكل هعدل بينكوا .. يلاا يا حجة انجزيني عشان امشي
تحركت من امامه قائلة :
_ وحياة امك من جيباها ..
ثم انصرفت فنظر في اعقابها مردفًا بلا مبالة :
_ طب وحياة ستي الـ هي امك لديسلك بالجذمة على السجاد ..
ثم ذهب بحذائه على الأرضية المفروشة إلى حجرته يلتقط علبة السجائر من أعلى المكتب .
هبط للأسفل ثم توجه نحو سيارته يستقلها وقام بضبط الجهاز اللوحي على مكان بيت جمال حتى يستطيع الذهاب له .
بعد ربع ساعة توقفت سيارته عند المكان المطلوب ترجل منها وجد جمال يقف عن بوابة بيته منتظرًا اياه .
اقترب منه يصافحه بمودة ثم بعد أن رحب به ، أردف بمزاح:
_ قلقتني يا باشا في ايه ...
_ لاء مفيش قلق ولا حاجة
_ طب يلا بينا
صعد أحمد خلف جمال درجات السلم البسيطة ثم استقلوا المصعد لدور الخاص بشقة جمال ووالدته ، انفتح المصعد وخرج منه أحمد وجمال ثم توجه جمال إلى الشقة الخاصة بهم يدق الجرس مرتين ثم أخرج مفاتيحه ودلف قائلًا
_ اتفضل يا أحمد باشا ..
دلف جمال وأحمد بعده وتوجه لحجرة الصالون وجد والدته تنتظرهم ، أقترب جمال معرفًا اياها قائلًا :
_ والدتي الحجه ثريا نوح لطفي ..
اقترب أحمد يسلم عليها بإحترام ثم جلس بعد أن وضع مفاتيحه وهاتفه وعلبة السجائر الخاصة به على الطاولة .
دلفت نورهان على استحياء تُقدم الضيافة فقام جمال سريعًا يتناوله منها ، طالعها أحمد بنظره خاطفه واندهش من كونها نفس الفتاة التي قابلوها في بيت "ابوا عبدالله" ،نظر له جمال وابتسم فلم يُعقب بل قال :
_ مبارك ليك يا جمال ، والله كان نفسي أجيب هديتك معايا بس ملحوقه إن شاء الله ..
وضع جمال يده يربت على ظهره قائلًا :
_ كفايا مجيتك يا أحمد باشا
ابتسم له أحمد مردفًا :
_ كلك زوق يا جمال .. مبارك يا مدام نورهان
إبتسمت مجاملة ولم تنظر له وهتفت بصوت خافت رقيق :
_ الله يبارك في حضرتك .. عنئذنكوا
ثم خرجت إلى الخارج ، هتفت زينب وهي توجه حديثها لـ جمال :
_ إكرم صاحبك يا بني ..
_ ايوا حاضر ..
ثم قام جاذبًا طبق حلو الكنافة وشوكة وأعطاها له قائلًا بمزاح :
_ بما إن رمضان بعد بكرا خلاص كل سنة وإنت طيب ..
_ وإنت طيب يا حبيبي تسلم
وأخذ منه الطبق وأمسكه بيده وهتف موجهًا حديثه لثريا :
_ أنا عارف إن حضرتك قلقتي من مجيتي و آآ
قاطعها قائلة بوقار :
_ الكلام مش هيطير يا بني .. خلص طبقك وبعدين نتكلم ...
أمسك الشوكة يضعها بالقطعة ثم بدأ بالأكل ، وأخذ جمال طبقًا له ايضًا .
انهىٰ الإثنين طبقهم فوضع جمال اولًا يليه أحمد الذي قال بغبطة :
_ تسلم أيد الـ عملها جميلة جدًا
هتفت ثريا بإبتسامة :
_ ان شالله تسلم يا بني ..
اعتدل أحمد بجلسته ساحبًا طرف سترته السوداء إليه قليلًا ثم قال :
_ طيب .. أنا جاي لحضرتك النهارده عشان معايا أمانه موصيني صاحبها أوصلها لحضرتك او لمدام سحر
قالت ثريا بإستغراب :
_ والله يابني وغوشتيني .. قول بدون مقدمات علطول ..
_ طيب حضرتك تعرفي واحد اسمه فهمي موسى الصياد..
لم تلبث في التفكير كثيرًا حتى عقدت حاجبيه قائلة :
_ فهمي الصياد .. ايوا عرفاه طبعًا دا اخويا ..
نظر جمال لوالدته بدهشة من أين خرج هذا الأخ ..! ، رأت تعبيرات ابنها المندهشة فقالت مطمئنة اياه :
_ ايوا يا جمال اخويا بس في الرضاعة انا وخالتك سحر ..
'ونظرت لأحمد متابعة '
_ بس من ساعة ما سافر وأنا اتجوزت من زمان اوي معرفش عنوا حاجه والله ... إنتَ عرفت طريقوا اذاي
حمحم أحمد هاتفًا :
_ طيب يا حجه ثريا .. بصي أستاذ فهمي نزل مصر من حوالي شهر كدا او شهر ونص مش متذكر بالظبط ، وزوجته توفت من أسبوعين ونص كدا ..
رأى علامات الدهشة التي سرعان ما تحولت للحزن وهتفت :
_ إنا لله وإنا إليه راجعون ..، طب هو فين يا بني وصلني بيه بالله عليك ،أنا نفسي اشوفه اوي ..
حك انفه بسرعة دليلًا على توتره ثم اردف :
_ هو .. هو كان بيحب زوجته جدًا ،و .. ويعني .. للأسف مقدرش يستحمل خبر موتها وتوفى من أربع أيام ....
علت شهقاتها المنصدمة بشدة ثم بكت وهي تحتضن وجهها بيده ،قام جمال من مكانه يحتضن والدته بحزن عليها قائلًا :
_ اهدي يا امي عشان ماتتعبش ..
بعد دقائق طويلة استغرقت فيها ثريا وقت لتحكم انفعالها وتصمت عن البكاء أمام احمد فمهما كان هو غريب .
هتف أحمد بعد أن رأها هدأت قليلًا :
_ حضرتك .. هو سايب بنته لوحدها هنا آآ
قاطعتها قائلة بلهفة :
_ هي .. هي فين .. !!
لم يلاحظ تلك الهفة بصوتها فقال بهدوء :
_ حضرتك مش مضطرة تاخديها او تهتمي بيها ..، أنا عملت كدا عشان بس استاذ فهمي وصاني غير كدا فهي مش محتاجه حاجه ...
نظرت له ثريا بإستنكار من حديثه ثم قالت بحنق :
_ يعني ايه يعني ..!! ، بنت اخويا مش هتبيت غير في حضني انهارده يا أحمد باشا ، ... مش معقول ابوها يوصينا عليها واحنا نرميها ...
_ منا بقول لحضرتك اهو انتِ مش مضطرة تاخديهـ..
_ هيقولي مش مضطرة تاني ..!! شكرًا يا بني إنتَ عملت الـ عليك لحد كدا ووصلت الأمانه ..، أنا وجمال هنيجي معاك تعرفنا هي فين وتيجي عندي ...
عقد حاجبيه قائلًا :
_ يعني ايه حضرتك تيجي عندك .. وبالنسبة لإبنك يعني ...!!
نظرت له بهدوء تطالع وجهه بتفحص ورأت تلك اللمعة الشرسة بعينيه ،فقالت بمكر داخلي :
_ ومالوا ابني مهو زي الفل اهو...
لا يعرف نظرات الرجل سوى رجلًا مثله حيث نظر جمال له عندما عقب بجملته الأخيرة باسمًا وانتظر اجابته على سؤال والدته .
_ لاء حضرتك اقصد هتقعد هنا اذاي وابنك موجود يعني ..!
إبتسمت ثريا وهي تنظر لإبنها ثم لأحمد وقالت :
_ لاء ما تقلقش ..، ما يمكن اجوزهالوا ...
نظر لأمه بدهشة، هي اكثر الناس علمًا بأنه اكتفى بنورهان حبيبته ، لكنه لم يكن يعلم انه مكر النساء حيث انفعل أحمد وعلت نبرته قليلًا مع الحفاظ على لباقته :
_ مه حضرتك ابنك متجوز ... انتِ عايزه تجوزيها وخلاص ..
رفعت منكبيها قائلة :
_ وليكن .. أنا وحدا عايشه النهارده مش عايشه بكرا ..، وزي ما قولت ابني متجوز واخاف ينساها والبنت ملهاش حد ودا اسلم حل ..
_ يبقا اتجوزها أنا .. آآ
هتف بعبارته الأخيرة بسرعة دون تفكير ، فابتسمت له مما اخجلهُ ، اقترب جمال منه يجلس بجواره هاتفًا :
_ ما تقول يا باشا إنك جاي وعايز تاخد البنت ..
_ انا آآ..
لم يعرف بما سينطق فقالت ثريا لترفع عنها الأحراج :
_ خلاص يا بني .. وصلني بيها وبعدين نبقا نشوف الموضوع دا ..، ماقولتليش اسمها ايه ..!
نظر لها بإطمئنان وتنهد براحه ثم أجاب على سؤالها الأخير :
_ ماتيلدا ..
قال جمال بإستغراب :
_ هي مسيحيه ..!
هز رأسه بالإيجاب وقال :
_ ايوا مسيحيه ..
قالت ثريا بهدوء :
_ مافيش مشكلة ..، لو مفيهاش ازعاج خليك هنا لحد ما ادخل البس ...
_ ولا يهمك اتفضلي ..
_ تعال يا جمال دخلني
قام جمال من مكانه ودفع مقعد والدته نحو غرفتها فوجد نورهان تستقبلها منه وعيناها باكية فأمسك يدها مسرعًا هاتفًا بقلق :
_ مالك .. انتِ كنتِ بتعيطي...
جذبت يداها منه بشدة ودلفت مع والدته لداخل بعد أن هتفت :
_ مفيش بعد يدك ..
ثم أغلقت الباب بعد أن دلفت للداخل ، نظرت لها ثريا قائلة :
_ إنا عارفه إن جمال مستحيل يتجوز عليكِ يا نورهان ..
بكت قائلة بحرقة :
_ امال جولتي اكده ليه...
نكزتها في جذعها وهتفت :
_ يا بت ما تبقيش كدا اي حاجه تجري تعيطي ..، انتِ المفروض اول ما سمعتيني قولت كدا تقومي داخله وتردحيلي وتدافعي عن حقك فيه ..
ضحكت على كلمتها فقالت ثريا مازحة :
_ ايوا اضحكي كدا ..، الواد لسا مخلصش شهر العسل عشان تقبله بالبوز دا ..
'وتابعت بهدوء وحكمة'
_ يا بت دانا كنت بشوف الواد دا ماشوفتيش عينه كانت هطق شرار لما قولتله هتقعد معانا هنا ..، أكبر منك بيوم يعرف عنك بسنة وانا حسا ومتأكدة إن الولا دا ميال بت فهمي ولا يمكن احساسي يخطئ ..، زي ما متأكدة إن جمال بيحبك ومستحيل عينه تروح على وحده تانيه ولو وسط مليون بنت ..
************************
هرولت نحو غرفة ابنها الصغير وهي تهتف منادية عليه بقلبً وجل :
_ ساامي .. ساااامي الحق ستك مش بترد علياا .. سااامي ...
كان في الداخل يخرج من المرحاض بعد ان استحم ويقف بالروب الخاص بالإستحمام ، سمع صراخ والدته بإسمه فقامت مريم فزعة من نومتها قائلة :
_ ايه دا ..، ماما بتنادي كدا ليه في ايه ..
سمعها تقول وهي تصعد له ' الحق ستك مش بترد عليا ' فأطلق قدميه للباب سريعًا يفتحه وهو يقول موجهًا حديثه لمريم :
_ البسي حاجه وانزلي ورايا ..
_ يالهوي هتنزل بالبورنس
لم يستمع لها حيث قال جملته وفتح الباب ونزل بسرعة يقابل والدته على السلم التي تمسكت بيده تُقيده للأسفل وهي تقول بخوف :
_ الحق ستك يا سامي ..، مش بترد عليا ..
ترك سامي يد والدته ليهبط هو بسرعة ثم قال بنبرة عالية جدًا :
_ رني على وليد يا مريم بسرعااه ..
ثم دلف لحجرة جدته وجدها نائمة على الفراش بلا حراك فأقترب منها سريعًا يضع يده على معصمها يرى النبض وهو يهتف :
_ تيتا .. تيتا سمعاني ..
لم تصدر أدنى تعبير وكأنها بعالم أخر ،دلفت منال لهم وهي تبكي قائلة بخوف :
_ ستك مالها يا سامي ..
نظر لأمه محاولًا أن يطمئنها وقال :
_ ماتقلقيش يا ماما ،خليكِ معـ..
قبل أن يُكمل حديثه وجد مريم تدلف بعد أن أرتدت إسدالها وهي تعطيه هاتفه وبنطال وقميص قائلة :
_ أنا رنيت على وليد وهو جاي في السكه اهو ..، خد تلفونك وادخل البس ..
نظر لنفسه وجده مازال مرتديًا هذا الـ روب فأخذ البنطال والقميص منها والهاتف أيضًا وقام بدخول المرحاض كي يرتدي ثيابه ويداه تعبث بمحتويات هاتفه كي يهاتف طبيب جدته السيد رضى .
*******************************
توقفت سيارتين أمام منزل محمود الجمّال واحدة هبط منها أحمد والأخرى هبط منها جمال ثم سارع يأخذ كرسي والدته المدلوب ثم وضعه أمام سيارته ،أقترب أحمد مساعدًا اياه حيث أمسك الكرسي جيدًا وقام جمال بحمل والدته ووضعها على الكرسي .
أغلق السيارة ثم أمسك الكرسي من أحمد قائلًا :
_ تسلم يا باشا ورينا الطريق بقا
_ طيب يلا ...
دلفوا للبوابة في الداخل وجد جمال انه لا يوجد مصعد كهربائي فقام بحمل والدته للأعلى حيث ثاني دور الخاص بـ المنزل التي تسكُن فيه ماتيلدا الآن .
كان لدى زهرة علم بأن أحمد سيأتي بأهل ماتيلدا في هذا الوقت حيث دق على ماتيلدا مخبرًا اياها وهي أخبرتها .
سمعت لصوت رنين الباب فوقفت قائلة لماتيلدا :
_ هروح افتح اكيد هما ..
اتجهت للخارج خطوتين ثم رجعت مرة أخرى لماتيلدا وقالت بجدية :
_ ليدا إنتِ مش مضطرة أبدًا تمشي من هنا زي ما قولتي ،أرجوكِ لو لقيتي نفسك مش مرتاحه ليهم قوليلي بس وأنا هتدخل ماتخفيش ..
نظرت لها ماتيلدا بإمتنان وقالت بإبتسامة باهته :
_ زهرة .. شكًرا اوي انتَ ءملت جميل كبير لي أنا شكرًا ...
_ اهو انتِ لو تبطلي تكلمي اهلي بصيغة المذكر هقبل أسفك ' استمعت لصوت الجرس مرة أخرى فتابعت ' احييه هروح افتح ...
ثم ذهبت للخارج هاتفه :
_ حااضر ...
اتجهت نحو الباب تفتحه ليطل أحمد أولًا ثم جمال الذي يحمل والدته فأفسحت الطريق بسرعة وقادته لحجرة الصالون وهي حانقة على نفسها ،لم تكن تعلم أن هذا الشخص يحمل والدته هكذا .
بعد أن استقرت ثريا على أحد المقاعد قالت زهرة بإستحياء :
_ أنا آسفه على التأخير والله .. نورتونا ..
هتفت زينب وهي تطالعها مبتسمة :
_ بنورك يا قمر انتِ..، فين بنت اخويا ...
_ ثواني حاضر .. ليدا .
هتفت بإسمها وهي تتوجه لداخل للحجرة التي تمكث فيها قائلة :
_ يلا يا ماما بيسألوا عليكِ برا ..
نظرت لها ماتيلدا بتوتر فقالت بهدوء :
_ ماتخفيش عمتك باين عليها طيبة خالص ..
_ مش ءارف خايف إطلع زوهرة .. خايف أوي..
امسكتها زهرة وهتفت بجدية :
_ خلاص هتطلعي تسلمي بس عشان دي وصية بابكي يا ليدا ولازم .. تطلعي ،وبعدين هنبقى نتحجج بأي حاجه ما تقلقيش ..
خرجت معها على استحياء وهي تفرك يدها بتوتر خائفة جدًا ،.. دلفت لهم فهتفت ثريا سريعًا :
_ اللهم صلي على النبي .. تعالي يا بنتي تعالي .. فيكي شبه كبير من فهمي الله يرحمه ..
وقالت عبارته بتأثر كبير فهمس جمال لها :
_ ماما مش وقته ..
_ ايوا صح على قولك .. تعالي يا حبيبتي ..
توجهت ماتيلدا لها بعد أن تركت يد زهرة وجلست بجوارها فضمتها ثريا بحنان شديد وقبلت رأسها ثم قالت :
_ عامله ايه يا حبيبتي ... أنا عمتك ثريا أخت باباكِ ودا ابني جمال ... اتكلمي يا بنتي ..،الواد دا قالي انك بتتكلمي اجنبي صحيح ..
أبتسم لها ماتيلدا وأردفت :
_ ءيوا .. ءرف إتكلم ..
ضمتها ثريا مرة أخرى قائلة بسعادة :
_ بسم النبي حارسك وصاينك ... شوفت يا واد يا جمال ءرف دي .. !! والنبي داحنا الـ مانـءرفش ..!!
كان عينيه مسلطة عليها منذ أن دلفت، احساس الراحة الذي شعر بهِ والدفء مجرد ان طالعها،كان كفيل لجعلهِ،يتنهد مستنشقًا كم كبير من الهواء،ثم علق بصرهُ بها،ليقول بنبرة هادئه:
_ عاملة ايه ماتيلدا .. كويسة ..!
نظرت لهذا الدخيل الحسن الذي أغدقها بمساعدات كثيرة منذ رؤيتها بالصيدلية ، خصت إبتسامة فريدة من نوعها له وردت قائلة :
_ ماتيلدا كويس .. إنتِ اخبارك أهمد ..!!
بدأت إبتسامته بالظهور عندما إبتسمت له حتى بدأت تتسع شئً فشئ عندما سألته عن حاله فقال مجيبًا :
_ أنا الحمدلله تمام .. أذيك يا آنسه زهرة ..
كانت تتابع الحديث وتنظر لثريا وجمال الذي لم يرفه نظره لماتيلدا سوى مرتين تستشف نيتهم ، انتبهت لسؤال أحمد فردت قائلة :
_ الحمدلله يا حضرة الظابط.. أذي حضرتك إنتَ
_ الحمدلله بخير ...
تحدث جمال بعد صمته وقال موجهًا حديثه لزهرة :
_ أحنا هناخد ماتيلدا معانا من الأفضل تكون جانبنا بعد كدا عشان نكون مطمنين ..
_ والله يا أستاذ جمال .. الـ هي تشوفه لو تمام اوكيه لو مش هتكون مرتاحه آآ ..
قاطعتها ثريا قائلة بسرعة :
_ مش مرتاحه ايه .. ،دانا إن ماشلتهاش الأرض هشيلها في عيني والله ...
نظرت زهرة لماتيلدا بتمعن تسألها بعينيه هل هي موافقة أم لاء ،فنظرت لها مايتلدا ثم لجمال وثريا وأحمد ،وهزت رأسها موافقة وهي تقول :
_ ءنا .. موافق .. روح معاهم زوهرة ..
إبتسمت لها زهرة وهي تقول موافقة يحزن أخفته :
_ تمام يا حبيبتي الـ يريحك ، ولوإنك هتقطعي بيا ...
لاحقًا هبطت ماتيلدا مع أحمد وجمال الذي حمل والدته يُنزلها كما صعد وزهرة تقف في السرفة تتابعها بأعين دامعه فهي قد أحبت وجودها بشدة .
وضع جمال والدته بالسيارة فوقفت ماتيلدا مع أحمد تشكره لصنيعه هذا مردفه :
_ Thanks ahmad ..، مش ءـارف كنت ءـمل إيه من غيرك ...
إبتسم لها بحب هاتفًا :
_ متشكرنيش على واجب ...، معاكِ رقمي لو احتاجتيني في أي وقت أديني رنه بس هتلاقيني تحت البيت ...
هزت رأسها باسمه ثم توجهت لسيارة جمال وقبل أن تدلف لها أشارت لأحمد بـ إلى اللقاء فأخرج يده من جيبه مشيرًا لها أيضًا ، دلفت لسيارة وبدأ جمال بالتحرك ،لم تغب عينها عنه حتى ابتعدت عن طريقه فزفر بضيق لإبتعادها ثم توجه لسيارته بتكاسل وفتح بابه ثم دلف لها وبدأ هو الأخر بالقيادة متوجهًا لعمله ..
كان يجلس على مكتبه في الجهاز الأمنى يشاهد أحد الأسطوانات التي تخص جريمة ما بتمعن يدوّن جميع النقاط الهامة الذي يلاحظها ، استمع لدقات متتالية متزنه على الباب فقال :
_ ادخل ..
دلف العسكري مقدمًا التحية بإحترام ثم هتف :
_ اللواء دياب الرفاعي منتظر حضرتك يا سيادة الرائد
هز فتحي رأسه موافقًا وأشار للعسكري بالخروج ثم وثب واقفًا يُغلق الاب توب وهو ينزع كارت الذاكرة منه ثم أغلق الملف بعد أن أحتفظ بالورقة الذي كان يدوّن به فيه وتقدم نحو الباب خارجًا .
وقف أمام العسكري قائلًا بتأكيد :
_ محدش يدخل المكتب عقبال ما اجي ...
هز العسكري رأسه وهو يقدم التحية الميرية مردفًا :
_ تحت أمرك يا فندم
توجه فتحي لأخر الرواق ومنه إلى عدّة ممرات إضافية ضيقة بعض الشئ وصولًا إلى حجرة اللواء دياب الرفاعي .
دق العسكري الباب الخاص بسيادة اللواء وبعد أن استمع لإذن الدخول فتح الباب وتقدم خطوتين قائلًا :
_ سيادة الرائد يا فندم ..
نزع اللواء نظارته الطبية عن عينيه ثم أشار له مردفًا :
_ دخلوا يا ابني ..
ثم وضع نظراته ،فدلف فتحي يقدم التحية فأغلق العسكري الباب خلفه ،أشار اللواء لفتحي بالجلوس فجلس ليهتف دياب بحزم وجدية :
_ طلع أمر بضبط وإحضار عبده فياض يا فتحي ،هنفضل متحفظين عليه بدون أي تدخل أو مناقشة والسلطات العليا هتبعت قوة تاخده عشان ترحله على إنتربول لأنهم طلبينوا هناك ..
هز فتحي رأسه موافقًا ليقول :
_ تحت أمرك يا فندم ..
أعطاها الملف الذي كان أمامه ثم قال :
_ أما كنت براجع ملفه ،هتقدر تتعرف من خلاله على أماكن وجوده بسهولة وكل حاجه تخصه موجودة هنا ،هتاخد قوة معاك دلوقتي وتروح تجيبي إنتَ وسيادة الرائد أحمد ..
ثم أضاف بعد أن تذكر أمرًا هام:
_ اهه ..، يا إنت يا أحمد يروح لوليد صفوان ياخد منه شريط الڤيديو الـ صوره وهو في برلين ... فتحي يا إنت يا أحمد ،مش مسموح بحد تاني إطلاقًا العملية دي مهمة وسرية تمامًا ، عبده فياض مسنود اوي لو الـ وراه عرفوا بإنوا تم القبض عليه هيعملوا حاجه من الإتنين يا يهربوا ودا وارد جدًا يا إما يقتلوا ودا مرجحهوش لإنوا هو الوحيد الـ يقدر يصنعلهم صفقة السلاح الجديدة ..
إستمع له فتحي بإنصات شديد حتى إنتهى فختتم حديثه بـ :
_ يلا يا سيادة الرائد وريني همتك ..
وقف فتحي مقدمًا التحية ثم أردف بجدية :
_ إن شاء الله يا فندم المهمة تتم بنجاح زي كل مرة ..،عنئذنك
أشار له دياب بالموافقة فتقدم نحو الباب بخطوات رسمية وعملية ثم خرج من الحجرة ،تحرك خطوتين وما كاد يعبر أحد الممرات حتى استمع لصوت رنين هاتفه فأخرجه ليرى المتصل وجده أحمد ،ففتح الخط مردفًا بمرح :
_ حبيبي الـ طالع معايا
_.......
_ اهه لسا خارج من عندوا حالًا ،... كلمك امتى
_............
أنت تقرأ
تائهة فِي سَرَايَا صَفْوَان © -مُكتملة-
Mystery / Thriller"دراما مصرية " _وليد إنت ليك علاقه بقتل محمود ..!! لم يستطيع الأجابة فقط أكتفى بهز رأسه بالايجاب ، فشهقت إلهام بصدمة وحزن في آن واحد وقالت: _اذاي .. اذاي يا بني ..! تنهد بحزن ثم اعتدل وطالعها قائلًا: _ ياسر يا إلهام هو الـ قاتلوا ، كان عايز يجندوا ب...