الفصل التاسع عشر

8.3K 329 62
                                    

تائهة في سرايا صفوان
الفصل التاسع عشر
**********************
تسير في الشارع بلا هواده وتبكي بألم تلعن كرامتها وكبرياءه على هذه الخطوة تتمنى لو تعود أدراجها لمنزله وتبقى فيه ولا تخرج أبدًا ، لكن حتى ذلك في لا تستطيع لا تعرف طريق العودة اطلاقًا .
مسحت دموعها التي أغدقت وجنتيها ثم اكملت سيرها ، تحمد ربها على شهادة الميلاد والبطاقة التي أستخرجتها له الحكومة عندما كانت في ضيافتهم ،فذلك سيسهل عليها القبول في عملً ما .
توجهت نحو أحد الارصفه تجلس عليها بعد ان أبتاعت قطعة كيك ثمنها جنيهًا واحدًا فقط ، وجلست تقضمها ببطئ حتى لا تنتهي بسرعة .
مرت ساعة بأكملها وقد بدأ البرد ينهش عظامها فشبكت أصابع يدها ببعض ثم نفخت فيهم ولفت يديها حول زراعيها في محاولة بائسه منها لتدفئة نفسها .
ألصقت قدميها ببعضهما ثم وضعت رأسه عليهم مما جعلها تظهر من بعيد كالصندوق الصغير .
_هاين عليا أقتلك دلوقتي ..
إستمعت لصوته فرفعت رأسها سريعًا مصدومة تمامًا من وجودة ، وجدته يطالعه بنظرات معاتبة ..، حزينة ، يتوغلها نظرة عاشقة ادفئتها .
إبتلعت ريقها وهي لا تقوى على الحديث بعد فعلتها هذه فأطرق رأسه ارضًا وبكت
نظر لها ممتعضًا من بكائها ثم قال :
_ يعني غلطانه وبتعيطي ..!، اومي معايا ...
ردت بعد أن نظمت أنفاسها وأحكمت ضبط شهقاتها :
_ مهروحش في حته ...
رفع حاجبه الأيمن وهو يطالعه بغضب ويسألها مستفسرًا :
_يعني ايه الكلام دا ..، ولاحظي إني بتعامل معاكي بهدوء ومن غير زعيق رغم إن جوايا نار وغضب لو سبتوا عليكي هيقتلك والله ، فقومي من سكات كدا
رغم نبرته التحذيرية والوعيدة أيضًا ،هزت رأسها رافضه المجئ معه متمسكة برأيها :
_جولت لاه ...، امشي يا چمال باشا أني من طريج وإنتَ من طريج ...
تعلم في مهنته ضبط النفس وعدم الإنفعال وللحق خدمته كثيرًا في هذا الموقف ،حيث وقف قائلًا وهو يمد يده لها :
_أنا وإنتِ طرقنا واحد ،حتى شوفي حاولتي تهربي مني بس لقيتك برضوا عشان تعرفي إنك ماشيه في نفس طريقي ..، يلا اومي خلينا نمشي
كادت أن تهز رأسها رافضه لولا قبضته التي أحكمها على يدها وارغمها على الوقوف ، فوققت وقالت تحاول منعه وعزفه لرجوع في رأيه:
_اسمعني بس ... آآ ..
ضغط على يدها فصمت وهي تُجعد ملامحه ألمًا ، حتى وصلوا لسيارته التي اوقفها بعيدًا إلى حدًا ما عن مجلسها .
فتح السيارة واجلسها بالمقعد الأمامي ثم دار وجلس بجوارها وبدأ بتشغيلها ...
دق هاتفه فنظر للمتصل وجدها والدته ففتح الخط وحادثها قائلًا :
_ايوا يا ماما ...
_.......
_اهه يا حبيبتي لقيتها اطمني
_........
نظر لنورهان نظرة خاطفة ثم قال :
_لاء متشليش حاجه سبيها لما ترجع هتنضف عقابًا ليها
_............
_ قولتلك لاء يا ماما ...، وبعدين هعمل مشوار بسيط كدا وهنرجع
_.........
_ايوا هاخدها معايا
_......
_حاضر مع السلامة
أغلق الهاتف تحت نظراتها المستغربه فقال يراضي فضولها بنبرة باردة :
_أصلي جبت السراحه كلها على الأرض بالمايه بكل حاجه وانتي الـ هتنضفيها يا شاطرة
تنهدت بحنق وصمتت لكن نظرت له بصدمة هاتفه :
_اوعى تجول كسرت حوض سُعاد ....
كتم إبتسامته بصعوبة على إطلاقها لسمكه بهذا الأسم .. ثم هتف بملامح خالية من التعبير :
_اهه اتكسر وماتت كمان ...'واخفض صوته' وأكيد ماتت مش راضيه عنك بعد سُعاد ديه ...
انطلق بسيارته في عكس الإتجاه الذي جاء منه ،دق هاتفه مرة أخرى فجذبه يرى المتصل ثم أجاب مردفًا بتسأل :
_ ايوا يا علي ... لقيتوا فاتح ..!!
_........
_خلاص استناني إنتَ والشباب وأنا خمسايه وهوصل ....
_...............
_لاء معايا في المحفظة وهي كمان معاها متقلقش
_.........
_طيب سلام يا ابوا حسن
أغلق الهاتف ونظر لها نظرة جانبيه وجدها تنظر بإستغراب تحاول منع نفسها من السؤال الذي يدور بيالها إلا أنها قالت :
_ إحنا هنروح فين
أدار عجلة القيادة نحو أحد الشوارع الجانبيه ينظر بتركيز للطريق وأجاب بعدم أكتراث :
_ هنتجوز ...

تائهة فِي سَرَايَا صَفْوَان  © -مُكتملة- حيث تعيش القصص. اكتشف الآن