الفصل الثامن والخمسون "الجُزء الأول"

3.4K 179 31
                                    

تائهة قي سرايا صفوان
الفصل الثامن والخمسون
"الجُزء الأول"
꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂꧂꧂

انفزعت من نومها، جراء هذا الصوت القوي، يليه قفزة سامي القلقة وهو يحمل عزالدين بين أحضانهِ، طالعتهُ مريم مردفه باضطراب شديد وتوتر:
- في ايه!، وليد بيزعق كدا ليه!
وضع ابنها بين يديها سريعًا، وهو يهز رأسهُ بعدم معرفة، مردفًا بصوتٍ قلق وخائف على اخوه:
- معرفش!، خليكي هنا عقبال ما اشوف في ايه!
اتجه سريعًا نحو الباب، فاعتدلت الأخرى وقامت من مكانها، وسارت نحو عباءتها وطرحتها داخل غرفة الثياب ترتديهم سريعًا وقلبها يدق بخوف، من صوت وليد الذي أصبح أحد وأعلى.
- زهـــــرااه.. يا زهـــــــــــرااااه
خرج سامي من جناحهُ، وأوقف وليد الذي يصعد الدرج، بل يأكلهُ بأقدامهِ أكلًا، اندفع نحوهُ وأرغمهُ على الوقوف قائلًا بحدةٍ قلقة:
- اهدي يا وليد!، في ايه؟!، ايه الـ حصل بس
وقف وليد محدجًا اياهُ بقوةٍ، ثم هتف بغضب وعنف، وكف يدهُ اليمنى يطرق بها على الدرابزون قائلًا، بنبرة رجولية حادة:
- لما مراات أخوك تتأذى وهي علي زمته ،.. تلاااات مرااات يبقى أخوك مش رااجل يا ساامي، يبقى أخوووك ايـــه....
- اهدي، اهدي بس ونبي وفهمـ..
توسل لهُ، راجيًا أن يهدئ، الا أنهُ قطعهُ بدفعهِ لهُ على جانب الدرج، قائلًا بغضب:
- اوعــــى من قدااامي
تفادهُ وليد، وأكمل ركضهُ للأعلى وركض سامي خلفهُ يهتف باسمهِ في خوف وجزع!، بينما الأخر لا ينفك يصرخ باسمها:
- زهراااااه، ردي عليـــــا...
دفع باب جناحهُ بقوةٍ، ففُتح الباب، ليدلف ركضًا نحو الداخل، وسامي في أعقابهِ، اتجه نحو غرفة نومهم، وقبل أن يقترب من الباب مباشرة، استدار نحو اخوهُ صارخًا بهِ، هاتفًا:
- مكااانك، مرات اخوك جوااا
ثم استدار وركل الباب، بقدمهِ اليُمنى بحدةٍ، فكُسر الترباس، ودلف مهرولًا نحو الداخل، بينما زل سامي قابعًا في الخارج، يضع قبضة يدهِ على الحائط، ويستند بجبهتهُ على قبضتهِ.
في الداخل، بحث عنها في كل مكان، غرفة الثياب، المرحاض، والشرفة ايضًا، لكن لا أثر لها، لا يوجد أي أثر أطلاقًا.
مسك الغطاء الثقيل، وقام بجذبهِ من أعلى السرير بقوةٍ، وغضب، يصرخ باسمها، لا يُصدق ان ياسر نجح بأخذها حقًا:
- زهراااااااااه
هتف اسمها بقهر، ووجههُ محتقن بقوةٍ من الغضب الذي بهِ، لمح بعينيهِ هاتفًا، ظهر بعد القاءهِ للغطاء أرضًا.
أول مرة يرى هذا الهاتف، لكن لحظة......، شحب وجههُ فور أن تذكر بعض المقتطفات لهذا الهاتف بيد محمود، والد زهرة!
بأنامل مرتعشة، مدّ يدهُ نحو الهاتف، وأضاءهُ، لتضرب صاعقة قلبهُ وهو يرى صورة حماهُ تظهر فجأة، رفع بصرهُ لأعلى، يهز رأسهُ بأسى وقهر، قائلًا بنبرةٍ متألمة:
- يااا رب!
أصبح لديه سبب منطقي لحالتها تلك، وما زاد شكهُ يقينًا عندما حرك أصبعهُ لأعلى، ففتح الهاتف، وظهرت رسائل والدها لهُ، حسنًا انتعى الأمر، وما ظل يدعو ربهُ بهِ كُشف الآن!
المصيبة، أصبحت أكثر من واحدةٍ، صدق من قال أن المصائب لا تأتي فرادا.
تحرك نحو الخارج مهرولًا، فوقف سامي سريعًا يقبض على كتفيهِ، قائلًا بحدة:
- اقف هنا وفهمني، ايه الـ حصل...
لثاني مرة يدفعهُ بعيدًا، ويركض نحو الخارج، وخلفهُ سامي، هبطوا من على الدرج، وكانت مريم تقف في أحد الجوانب في الأسفل، وهي تحمل ابنها.
صرخ سامي بهِ بقوةٍ، وهو لا يستطيع مواكبة خطواته:
- يااا ابني اهدي، وفهمني في ايه!!!
هتف الأهر بنبرة عالية، وهو يُكمل درجات السُلم، ركضًا مبتلع ثلاث وأربع درجات معًا، قائلًا بنبرةٍ متوعدة شرسة:
- ورحمة ابوياا لأقتلــــه...
هرول نحو مكتبهِ، وسامي يتبعهُ، ومريم التي شهقت بخضة، جراء حديث وليد.
داخل المكتب، فتح الأدراج، وبعثر ما على المكتب، حتى وجد ضالتهُ، رفع السلاح أمام نصب عينيهِ، ثم أخرج الذخائر من عُلبتها، وبدأ بتعبئة السلاح.
جحظت عين سامي، الذي لتوهُ دلف المكتب، ثم ركض نحو اخيهِ، مردفًا بهلع:
- هتعمل ايه بالسلاح دا يا وليد
أردف مكررًا بتصميم:
- ورحمة ابويا لأقتله
جحظت عيناهُ بفزع، وحاول أخذ السلاح منهُ بالأجبار، فنشب عراكً بينهم، جعل مريم تصرخ بخوف شديد، لا تعلم ماذا تفعل، وهي وحدها هكذا، ولا يوجد سوى إلهام من معهم.
دفع اخوهُ بحدة، صارخُ وهو يخرج من المكتب، بنبرة عنيفة:
- محدش يُحشني، وربي المعبود لمخلص عليه الـ ***** ابن الحرام دا
صرخت مريم بفزع، عندما هجم سامي من الخلف على وليد، صارخًا بغضب:
- هـــــات السلاح
لم يناولهُ اياهُ، واستدار لهُ بعد أن ابعدهُ عن جسدهِ، ولكمة لكمة ليست قاسية قليلًا في خدهِ، فلطمت مريم أحدى وجنتها صارخة بقوة، فطالعها وليد قائلًا بنبرة قاسية عنيفة:
- اكتمي يا بت، وخدي ابنك واطلعي فووق، طلع مراتك يا سامي
تجاهل ما قالهُ اخوهُ، واستطرد قائلًا بخوف:
- مش طالع ولا متحرك قبل ما اخد السلاح منك...
كانت امامهم طاولة زجاجية متينة، فطرق عليها بسلاحهِ، مما أحدث بها شرخ قوي، وهو يقول صارخًا:
- السلااح في ايدي ومش هيطلع، قبل ما افرغه في ابن*** الكلب دا، ابعد من قداامي بقولك
أشار سامي لهُ بالهدوء، قائلًا برجاء:
- طب اهدي طيب، اهدي، وفهمني مين دا الـ بتتكلم عنه..
طالعهُ وليد، وأردف بغضب:
- ياسر العدويي خطف مرااتي، الـ**** ابن الحرااام دا، خطف مراات وليد صفوان، وعرش ربنا لأموتوا على ايدي، خلاص مات الكلام الـ**** دا ساعة أزفت
همّ بالتحرك متفاديًا اخوه، لكن صدح صوتها مجلجلًا بقوةٍ في الخلف:
- وليــــــــد، اقف عندك!!
وقف للحظاتٍ، ولم يستدير فظل معطيًا اياها ظهرهُ، بينما بدأت إلهام الهبوط، وهي تقول بغضب:
- عاملي فيها بلطجي، ورافع سلاحك وماشي!
استدار، هادرًا بعنف وحدة، ولأول مرة بحياتهُ يعلو صوتهُ على جدتهُ، مردفًا:
- بلطجي، عربجي، اقولك كمااان، واكل من الحراام، قولوا الـ تقولوا لكن عليا"........." مراتي لبيتا في بيتي الليلة دي، وهو مش هيطلع عليه نهار جديد
ثم صفق بيدهِ، بعد أن وضع سلاحهُ تحت ذراعهِ قائلًا بشراسة:
- خلاااص انتهينا، وياسر العدوي انتهى..
ظلت إلهام في التقدم نحوهُ، وعيناها متسعتان على أخرهم، ترى وليد بهيئةٍ لم تعهدها عليه أطلاقًا، كالوحش الكاسر لا يعلم ماذا يقول، فقط بقلبهِ شرخ حامي، يريد أن يضمدهُ.
وقفت أمامهُ مباشرة، ثم تركت العصا التي تستند عليها، تقع أرضًا، ورفعت كفيها لأعلى قائلة بغضب ونبرة منفعلة:
- يبقى اقتلك أنا، أقتلك أنا بأيديا دوول قبل ما يطلع من نسل صفوااان الشناوي قااتل
ثم وكزتهُ بقوةٍ في قلبهِ، وهي تُكمل جاذة على أسنانها المعدودة:
- اقتلك بأيدي يا بن ساالم،.. هات السلاح
زمجرة بهِ بقوةٍ، وهي تُحاول أخذ السلاح منهُ، لكنهُ عاند وبضراوة، اعتقد أن لو صفوان الشناوي شخصيًا بهيبتهُ وجبروتهُ، لو وقف أمامهُ، يمنعهُ لن يستمع لهُ ايضًا.
عاد للخلف، وهو يدفع جدتهُ برفق نحو سامي، مردفًا بقوة:
- متمنعنيش، هجيب مراتي يعني هجبها...
انتهت كلماتهُ، وهو يركض نحو الخارج بسرعة، طالع سامي اخوهُ وجدتهُ وزوجتهُ بتيه، ثم اسند جدتهُ على أحد المقاعد، وتركها صاعدًا لأعلى، فهتفت مريم منادية على اسمهُ بخوف:
- سامي!!
تنهدت بقلق، واقتربت من إلهام التي زاغت عينها بخوف، تحتضنها بقوة، ذراع تحمل بهِ عز الدين الذي ينهج أثر بكاءهُ، وذراع تلتف حول كتفي إلهام مساندة.
هبط سامي من أعلى الدرج راكضًا للأسفل، وتعابير وجههُ مبهمة، ينظر للأمام نحو زجهة محددة، وهو الخارج.
تركت إلهام، وركضت نحو سامي، قائلة بخوف:
- سامي!، استني رايح فين..
وقفت امامهُ، فدفعها برفق، مردفًا بتصميم وحدة:
- رايح لأخويا، ابعدي
وقبل أن تستوعب ما يحدث، اختفى من امامها، استدارت تُطالعهُ من الخلف، فجحظت عيناها برعب وصدمة، وهي ترى نصف سلاحهُ ظاهر من خلف ظهرهُ في سروالهُ البيتي.
صرخت بفزع، وبدأت في البكاء وهي تقترب من إلهام قائلة بهلع:
- سامي، سامي خد سلاحه يا تيتا هو كمان، الحقيني، جـــوزي هيروح مني يا تيتا
تهدلت أكتاف إلهام بألم، وترقرق الدمع بعينها، هامسة بفزع:
- ولادي بيروحوا مني، ولادي بيروحوا منــــــي...
أمسكت كف مريم، وهتفت برجاء:
- رني على سراج وإبراهيم بسرعة، رني عليهم خليهم يلحقووقهم يا مريم
أومأت موافقة سريعًا، ثم هتفت وهي تُمسد على وجهها، ملتقطة أنفاسها بصعوبة من البكاء:
- طب بالله عليكي، ابوس ايدك خليكي معايا، خــ..خليكي صاحيه بالله عليكي...
●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●
تنام على ذراعيهِ بين أحضانهِ، تُحاول أن تغفى، لكن النوم قد خاصم عينها، رفعت كفها نحو صدرهُ تهزهُ برفق، قائلة بخفوت:
- سراج!!
لحظات حتى همهم بضعف، فقالت:
- انتَ نمت ولا ايه!
وثب جالسًا القرفصاء بحدة، مما أفزعها، وجعلها ترتد للخلف، وهو يهتف بحدة:
- يا ستي ارحمي الـ جايبين اهلي، هموت وانام والله، حرام عليكي يا سُمية، انتِ نايمة طول النهار، وانا عندي اجتماع مهم الساعة عشرة الصبح!!
انكمشت تعابيرها بحزن، وهي تبتعد عنهُ لأخر السرير، مردفه بصوتٍ يبدأ في البكاء:
- خلاص أنا آسفة، نام
ومن الظلام لم يراها، لكن يعلم انها ابتعدت، مط جسدهُ قليلًا نحو المصباح الذي يقبع أعلى الكومود بجوار السرير، وأشعل الأضاءة، ثم استدار نحوها.
وجد أكتافها تهتز في حركة بسيطة، فتنهد بضيق، واقترب منها، حاوط خصرها، ثم وضع رأسهُ أعلى رأسها، وتمتم بهدوء:
- طب بتعيطي ليه طيب!، مش أنا يا سُمية فضلت سهران معاكي شويا، وانتِ يا حبيبتي نامية طول النهار، وقولتلك اني تعبان والله
رفعت كفها لفمها، تكتم شهقاتها، ثم ابعدت كفها أنشاتٍ بسيطة، قائلة بصوتٍ مكتوم:
- خلاص يا سيدي، قولتلك آسفة، ارجع نام بقى
شدّد من احتضانهُ لها، قائلًا:
- والله ما يهون عليه انيمك معيطة ابدًا، تعالي يا عاملي الفوحلوقي انتِ،... قوليلي مش عايزه تنامي ليه!
مسدت على بطنها، وهتفتت بضيق زائف:
- ابنك الـ مش عايز ينيمني
وضع يدهُ برفق، على كفها ثم سار بهِ على بطنها، مردفًا بهمس:
- هيطلع غلاباوي الولا دا!
رفعت عيناها قليلًا نحوهُ، ثم هتفت ساخرة:
- يعني هيجيبه لبرا!، اذاي بس وانتَ ابوه!!
رفع حاجبهُ الأيسر، وكاد أن يرد لولا صوت هاتفهُ الذي صدح فجأة من خلفهُ، حيث يوجد أعلى الكومود.
مازحها قاضمة قطعة من أذنها، مردفًا بسخط:
- أنا مش قولتلك اقفلي الفون دا!
زمت شفتاها بضيق، قائلة:
- نسيت!
ابتسم هاتفًا، وهو يضرب أحدى وجنتيها برفق شديد قائلًا بعبث:
- طب ماتلويش بوزك كدا طيب!
ابعدت يدهُ عنها، وهتفت بنبرة حنقة للغاية:
- اهه بقى، هتسمك في بوزي، وأنا امسك في بوزك، ونسيب بوز ام الفون يرن عادي
أرعاد رأسهُ للوراء، وهو يضحك مقهقهًا بصخب، حتى أدمعت عيناهُ، وهي ايضًا ضحكت بخفوت على ما قالت، التقط انفاسهُ بصعوبةٍ، وهو يحاول أن يتحكم في ضحكاتهِ، ثم هز رأسهُ يأسًا، وهو يمط جسدهُ نحو الهاتف يقبض عليهِ، ثم اتى بهِ ليرى المتصل.
عقد حاجبيهِ بدهشة، وتنغص جبينهُ، وهو يرى مريم المتصلة، هتف قبل أن يفتح الخط، بنبرة يملؤها الدهشة:
- دي مريم يا سُمية!
اعتدلت سُمية، وملامح الأستغراب والقلق احتلت وجهها، تزامنًا مع أغلاق  الأتصال، وانقطاع الرنين، طالعت سراج وهتفت بقلق:
- مريم!، غريبة، معقول حاجه حصلت في القصر!، رن عليها يا سراج بسرعة...
- ممكن يكون سامي ضربها تاني!،.. بترن
هتف كلمتهُ الأخيرة، عندما صدح الرنين ثانيةً، فأشارت سُمية لهُ سريعًا بفتح الأتصال، وكان بالفعل يفعل ذلك، ثم ضغط مكبى الصوت مردفًا بقلق:
- مريم!، في ايه!
اتاهم صوتها الباكي، والمتهدج قائلة بتوتر:
- سامي،.. سامي وليد يا سراج، الاتنين خدوا مسداستهم وطلعوا،.. مـ..معرفش، معرفش
اعتدل سراج سريعًا وهو يطالع ملامح زوجتهُ التي شحبت فجأة، ووضعت يدها على قلبها الذي يدق بعنف، مدّ يدهُ ملتقطًا كفها يضغط عليهِ بحنان ومؤازرة، وهو يقول:
- اهدي طيب، اهدي بس وفهميني في ايه، وخدوا سلاحهم ليه، وتيتا كويسة!
بكت بحدة، وهي تُتابع بخوف:
- مـ مـحدش كويس يا سراج!،.. وليد جه وخد سلاحوا،.. و..وشد هو وسامي جامد،.. وتيتا صحت،.. ووليد شد معاها برضوا،.. وطلع مشي بعد كدا،.. و..وسامي خد سلاحوا... وطلع ورا اخوه، ابوس ايدك الحقهم...
- طب ليه طيب!، شدوا مع بعض ليه!، ووليد خد سلاحه ليه اصلًا..
- مش عارفه، بس...، بس باين زهرة اتخطفت، و..و والـ خطفها وليد يعرفوا،.. ومصمم يقتلوا،... دا حالف بالله ليقتلوا يا سراج، دا.. دا سب بالدين وعمروا ما عملها في حياتوا،... وتيتا مش قادرة تقف على حيلها، وقالتلي اكلمك انتَ وإبراهيم، الحقهم بالله عليك...
كان بكاءها يُقطع نياط القلب، وعلى أثرهِ بكت سُمية، وكتمت شهقاتها بيدها، فاحتضنها سراج، مردفًا بحزم:
- مترنيش على إبراهيم أنا هكلمه، خد بالك من تيتا بس، وخليكي معاها، ومتطلعيش من القصر يا مريم، واحنا ان شاء الله هنلاقيهم
- حاضر، بس بسرعة بالله عليكوا قبل ما حد يودي نفسوا فداهية فيهم...
تخشب جسد سُمية، بخوف وقلق شديد على أخويها، فاحتضنها سراج أكثر لهُ، ثم قال منهيًا الحديث:
- ماشي يا مريم، ماتخفيش، اعملي زي ماقولتلك، ولو حصل حاجه كلميني فورًا، مع السلامة
انهى الأتصال معها، ثم طالع زوجتهُ، واحتضنها بكلتا ذراعيهِ، قائلًا بحنان:
- شششش، اهدي، اهدي وهما ان شاء الله هيكونوا بخير
ابتعدت قليلًا عنهُ، مغمغمة ببكاء وجزع:
- دا،.. دا،.. بتقولك سب بالدين يا سراج!!!، دا عمروا ماعملها
قبْل أعلى رأسها بحنان، وهتف مطمئنن اياها وهو يهم بالأبتعاد عنها:
- معلش، تلاقيه غاصب عنوا، او من غضبوا الشديد قال كدا، هغير عدومي بسرعة وامشي
اتجه سريعًا لغرفة الثياب، بينما اعتدلت سُمية تُطالع اثرهُ بخوف وقلق شديد، خرج بعد لحظات وهو يبحث عن مفاتيح السيارة حتى وجدها، ثم التقط هاتفهُ، واقترب من سُمية مقبلًا جبينها، ثم قال بحنان:
- بلاش تفكري كتير يا سُمية، ان شاء الله هيكونوا بخير، وزهرة ترجع، حاولي نامي، بس خلي فونك جمب منك عشان هتصل بيكي كل شويا اطمنك، واطمن عليكي، ماشي يا حبيبتي
أومأت موافقة، ثم مسكت جزعهُ، قائلة باضطراب:
- خد بالك من نفسك ها، اوعى،.. اوعى يحصلكوا حاجه يا سراج بالله عليك
- متقلفيش، ادعيلنا بس
ثم ابتعد عنها بعد أن ودعها، وخرج من الغرفة، متوجهًا نحو الخارج، وهو يهم بسحب هاتفهُ من جيبهِ، ليحادث إبراهيم، متمتمًا بحنق:
- مالها زهرة!، كل شوبا تتخطف، تتخطف، دا لو تاجرة سلاح مش هيتعمل فيها كدا!
●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●
ركل الباب بقوةٍ وحدة، ثم تقدم من الداخل وخلفهُ اخوه وأربعة رجال، الذين كلفوا بمراقبة ياسر وضاحي.
هرع وليد نحو الداخل يُفتش الشقة باحثًا عن أي أثر لهم، الا انهُ لم يجد شيئًا، وجد أحد الرجال يقترب منهُ ثم من خلفهُ الباقي، وهتف بأسف:
- ملقناش حاجه يا وليد باشا
هجم عليهِ، قابضًا على تلابيب قميصهُ بقوةٍ، ثم هتف صائحًا بغضب:
- ما طبعًا لازم ماتلاقيش حااجه، هو هيسيب وراه اثر برضوا،... العيب مش عليك، العيب عليا أنا، اني شغلت رجالة معرفهمش من طرف سيد، وانتَ اخرك تراقبلي النملة بتطلع من انهي خرم،...
أمسك رأسهُ بقوة، ثم أشار لهُ بسبابتهِ، وتابع بعزم:
- يمين بالله، يمين بالله، يمين بالله، يمين بالله، ويمين بالله كمان مرة، خمسة اهم يا مصطفى، أنا لو مالقتش ياسر الـ خطف مراتي، لدابحك،...
ثم ابتعد مشيرًا بسبابتهُ نحو رجالهُ الواقفين، وفرائصم ترتعد رعبًا من حديثهِ، خاصةً عندما تابع بنبرة شرسة:
- انتَ ورجالتك يا مصطفى
ثم مدّ كفهُ، وضرب صدر مصطفى بقوةٍ، مراتٍ متتالية، وهتف بتهديد مكررًا:
- يمين عظيم تلاته لدابحك انتَ ورجالتك، سااامع
أومأ موافقًا سريعًا بضراعة وخوف شديد، دفعهُ وليد بقوة للخلف، فأرتد عدة خطوات، ثم هرول نحو الخارج، وخلفهُ اخوه.
هبط وليد للأسفل، واستقل سيارتهُ سريعًا، وقبل أن يفتح سامي الباب ليصعد، كان وليد يطير بسيارتهُ، متسابقًا مع الرياح.
انفعل سامي بشدة، ووجد نفسهُ يلكم الحائط بعنف، كردة فعل يبرر بها غضبهُ شديد من فعلة وليد تلك!.
●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●
مرت نصف ساعة، حتى وصل بها الى مخزنهُ المحاط بأسوارًا حجرية، هبط من السيارة بحدة ثم اقترب من البوابة، وصاح في الرجل الحارس بحدة، وهو يلقي المفاتيح نحوهُ بقوة، قائلًا:
- افتــــــح البااب
انفزع الرجل من نبرة وليد الذي يتحدث بها، واتجه مسرعًا يلتقط المفاتيح التي انفلتت من بين يديهِ، ثم اتجه يفتح الباب، بأيدي مرتعشة ومتوترة من حالة وليد، والتي تبد كأسد جائع متعطش نحو دماء فريستهُ.
وكزهُ وليد بفوهة السلاح في كتفهِ، قائلًا بقسوة:
- ماتنجز يا لاااا...
- حا..حاضر اباشا، حااضر، آآآ آهو، اتفضل يا بيه
انتهى من فك الأقفال ودفع الباب لينفرج بحدة، ثم أعطى المفاتيح لوليد، الذي التقطها سريعًا منهُ، ثم اتجه لداخل بخطواتٍ اشبه لركض نحو باب سجن سيد.
كلماتهُ تتردد بعقلهِ في أول لقاء بينهم، عندما سؤلهُ عن حالهُ مع ياسر العدوي..
"عودة بالوقت للوراء"
- قولي كل الـ يخصك بياسر العدوي..
تنهد ياسر بإرهاق وضيق، زافرًا بقوة، ثم قال:
- ياسر اخر فترة، كان تحت عيني، كل تحركاته كانت بتجيلي، ونيڤين كانت بتحركه برضوا، ولما حسيت انها بدأت تخفي حاجات عنه ليا، كلفت واحد يراقبه، وينقلي كل تحركاته
رفع وليد حاجبهُ مفكرًا بشرود، وأردف متسألًا:
- رجالتك لحد دلوقتي ياسر تحت عينهم!
أومأ بنعم موافقًا، ثم بدأ يخبرهُ عن أخر معلومات أتتهُ عن ياسر، ومن هنا علم وليد مكانهُ بكل سهولة، كما انهُ تواصل لمصطفى الذي كان يراقبهُ اينما كان، تحت أمرة سيد، ليخبرهُ وليد أنه من هنا وصاعد هو رئيسهُ، ويأخذ جميع أوامرهُ منهُ
"عودة للوقت الحالي"
دفع الباب بقسوة، ثم دلف لسيد الذي كان يغوص في نومٍ عميق، سحبهُ من ملابسهِ بشراسة وحدة، ففتح عينيهِ بفزع ورعب، ووثب معتدلًا وهو يصرخ بخوف:
- ايه في ايه، والله ما عملت حاجه!
اقترب وليد منهُ، وجذّ على أسنانهِ بحدةٍ، وهتف بخفوت لكن غاضب:
- ياسر خطف مراتي يا سيد، انتَ قولتلي انك كنت مراقبه، الاقيه فين!!
قبض على تلابيب قميصهُ بيديهِ، مردفًا بقوة:
- انطق يا سيد....
- مَـ ...معرفش، مـعر...فش
قبض على يديهِ التي تقبض على قميصهِ، وهو يضيق المسافات بينهم حتى كاد يختنق، وهو يقول صائحًا بغضب:
- انطــــق ياا سيد انطــــق...
سعل سيد قليلًا، ثم أشار لوليد بصعوبةٍ ان يتوقف، فأرخى قبضتهُ قليلًا، ليهتف سيد بخفوت، وهو يشعر بأن حلقهِ قد جف، فهو على حافة أن يُكشف سرهُ، ويخبرهُ بالمكان الذي من الممكن أن يتواجد بهِ ياسر الآن، وسرهُ أيضًا!، لكن إن كان هذا مقابل نجاتهُ، فليفعل إذًا:
- فيــ..آآ، في ڤيلا بتاعت، بتاعت عزيز،... هــ..هو، هو دا المكان الوحيد، الـ.. الـ ممكن يكون فيه،.. دا..آآ دا المكان الـ.. الـ لسا بتاعه..
ضيق وليد حدقتي عينهِ بشك، ثم ابتعد قائلًا بحدة:
- عنونها فين!
ارتعش بدن سيد تلقائيًا، وطالع وليد بنظراتٍ قلقة، فقال بنبرةٍ مهظدة:
- بقولك عنوانها فين!!
ابتلع ريقهُ بصعوبة، وهو يطأطأ رأسهُ أرضًا مردفًا بخفوت:
- تـ..تاني تقاطع من آآآ.. أول الطريق الزراعي، فيه شارع، أخر الشارع دا الڤيلا هناك،.. هـ..هو طويل اوي
وقف وليد بجسدٍ صلد، إذًا هذا نفس العنوان الذي أخبرهُ بهِ رياض، تركهُ وليد وعاد للخلف، ثم خرج من غرفتهُ، واتجه نحو الخارج، أعطى المفاتيح للحارس ليغلق البوابة، ثم وقف شاردًا للحظات، الآن فقط علم لماذا لم توجد أي أوراق رسمية تخص تلك الڤيلا بيع وشراء بين عزيز وسيد، وحسب تفكيرهُ، إن وجدت صفية هناك، فلابد وأن يُنسب احتجازها هنا لعزيز، جميع الأدلة ستشير لهُ، ولن يوجد اسم سيد مُختار في المكان أطلاقًا، لأنهُ لا علاقة لهُ.
انطلق بسيارتهُ، يشق الطريق نحو الطريق الزراعي، الذي قبه على بُعد ساعة الا ربع من هذا المكان، سيأكل الطريق أكلًا، سيتسابق مع الرياح لأجلها، يدعو ربهُ أن تكون بهذا المكان، لأن ياسر لم يعد يمتلك أي شيء أطلاقًا حرفيًا.
●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●
المكان مظلم بشدة، عدا تلك الغرفة الذي ينبعث منها أصوات هسيس منخفض، بداخل..
ألقى عقب السجارة من بين أصابع يدهُ، على الأرض، وملامحهُ ممتلئة بالنفور والأشمئزاز، الى الآن لم يعتاد دخانها حتى!
طالع ضاحي الذي يقف بالقرب من النافذة، يُطالع المنظر بالخارج، وغمغم بشرود:
- خمسين مليون كويس!
التمعت أعين ضاحي بالجشع، وأومأ قائلًا بلهفة:
- دول نقطة في بحر ثروتهم يا باشا، ماتخليهم ميه!
أعاد رأسهُ للوراء، غارقًا في التفكير بشدة، هز رأسهُ بنفي، ثم اعتدل، وطالع ضاحي مردفًا:
- لاء يا ضاحي، مية عايز وقت عشان يجمعهوملي، لكن خمسين هيجبهم علطول، وأنا مش عايز استنى كتير في البلد، بالكتير الضهر او العصر ههج من البلد دي
ضيق ضاحي عينهُ قليلًا بتفكير، ووجد ان حديثهُ يحمل الحق فعلًا، وضع طرف السيجارة في فمهِ، يسحب منها نفسًا طويل، ثم هتف وهو يطلقهُ من فمهِ:
- ءامين يا برنس، كلامكوا كلوا حكم، أنا كدا ليا ستاشر مليون، وبارك الله فيما رزق، وحلال عليك الـ اربعة وتلاتين لحلوح اتانين
عقد حاجبيهِ باستغراب، ثم قال بنبرة متعجبة:
- اشمعنى ستاشر يعني!
- الولا راضي يا باشا، حقوا ينول من الجانب حبه يعني!، مش كدا ولا ايه!، دا انتَ ابوا الكرم يعني
طالعهُ ياسر باستخفاف بيّن، وبدأ يُفكر في الأمر مليًّ، الى أن هتف قائلًا بعدم اكتراث:
- ماشي يا ضاحي، خمسين مليون، انتَ خمستاشر عشان تعبت معايا اوي، وزي ما قولت كريم، وأنا بحب اكرم رجالتي، وراضي دا، مليون، وهاخد الباقي
أومأ ضاحي، وعيناهُ تلتمع بالجشع:
- حلال عليك يا سعات البيه
تنهد ياسر معتدلًا، ثم تقدم سيرًا نحو الباب، وهتف بترقب:
- هروح اشوفها، خليك مكانك
ثم فتح الباب وخرج من الغرفة تلك، وسرعان ما تجعدت ملامحهُ باشمئزاز كبير من تلك الرائحة النتنة التي تنبعث في أرجاء الڤيلا بالكامل.
وضع يدهُ على أنفهِ، محاولًا ابعاد تلك الرائحة، ثم تقدم من الغرفة المقابلة للغرفة التي كان بها، فتح الباب، ليرى المكان يشع بالظلام، وللأسف لا توجد أضاءة.
تقدم من الداخل، واتجه نحو النافذة الذي ينبعث منها أضاءة خافتة، من نور القمر المستدير الآن.
فتح النافذة، فدخل النور للغرفة قليلًا مما يُتيح لهُ رؤية جسدها النائم على الأرض، والى الآن قد مرّ حوالي ساعتين، ولم تستيقظ من اغمائتها.
نظر من النافذة للأسفل، ليرى إن كان الطول يسمح بقفز أحدهم ام لا، ليجد انهُ من المحال أن تقفز بتلك الحالة التي بها، إن كان رجلًا مثلهُ سيستطيع تحمل المسافة، لكن هي... فلا أطلاقًا.
اقترب منها ودنى للأسفل بركبتيهِ، طالع وجهها الذي يحجب رؤيتهُ خصلات شعرها الطويلة ذات اللون الأسود الحالك، كتلك الظلمة في الخارج.
●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●
عاد لسيارتهِ والغيظ يملئ ملامحهُ، نظر نظرة أخيرة للمكان والحارس الذي يقف بهدوء مكانهُ، ليزفر في خنقة، ثم فتح باب السيارة ودلف. وقبل أن يبدأ بإدارة المحرك، تعالا رنين هاتفهُ، فمدّ جسدهُ مخرجًا اياهُ من جيب سروالهُ سريعًا، وعيناهُ مملؤتان بالهفة، سرعان ما وضع الهاتف على أذنهِ قائلًا بعجالة:
- ها يا سراج، لقتوه!
سيطرت على ملامحهِ خيبة الأمل، وطأطأ رأسهُ متنهدًا بأرق، وهتف وقد سُلطت عيناهُ على المخزن:
- لاء يا سراج، ملقتهوش برضوا!، مفيش اي جديد مع سامي كمان؟!
لثاني مرّة يزفر بضيق، وتكدرت ملامحهُ للوجوم، لا يوجد أي أثر لهُ، تُرى أين ذهب؟!، استعاد إبراهيم رباط جأشهُ، متمتمًا بقلة حيلة لسراج:
- هنعمل ايه طيب!، قلبنا عليه الدنيا ومفيش أثر، حتى الفون بيرن بس مش بيرد!، مقدمناش غير اننا نستناه، لحد بس ما الدنيا تبدأ تشقشق على الأقل، مش هنعرف ندور في الليل دا، خصوصًا ان عو قاصد مايعرفناش مكانوا
استمع لرد الأخر، والذي أعرب بهِ عن منتهى الغضب الذي يشعر بهِ من فعلة وليد، قلوبهم جميعًا على المحك، يكفيهم رنين إلهام الدائم كل خمس دقائق!.
أغلق إبراهيم مع سراج، ثم طالع باب المخزن، فقد أكد لهُ الحارس أن وليد كان هُنا منذ ساعات، مكث قليلًا ،ثم رحل، وعاد ثانيةً بعد ساعة لم يستغرق في المكوث سوى ربع ساعة، حتى رحل ثانيةً، ولم ينسى الحارس أخبارهُ أن وليد كان في أوج غضبهِ.
رفع إبراهيم هاتفهُ يدق على وليد للمرّة التي حقًا لا يعلم عددها، ونقس الرد، لا توجد استجابة مطلقًا.
●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●
ابعد شعرها عن وجهها قليلًا، لتتيح لهُ رؤية وجهها، تطلع لهُ متفرسًا ملامحها، ثم مدّ يدهُ ليمشي بأطراف أصابعهُ على وجهها، بشرتها الصافية، سوى من الهالات السوداء من كثرة تعبها، ورغم انهُ شاحب، وبهِ كدمة زرقاء وبنفسيجية اللون، الا ان ملامحها لها رونق أخر يجلعها تأثرك.
اضطربت انفاسهُ، ثم اقترب منها قليلًا، وهمس:
- جوزك خد مني كل حاجه، خلاني على الحديدة!، عارف إن موتك هيوجعه اوي،.. دا.. دا ممكن ينام ماتقملهوش أومة تانيه!، حبيتي في ايه عشان تتجوزيه!،.. ليه كل حاجه حلوة بتروحله!، ليه الناس كلها بتحبه!، ليه ما يموتش!!
تعابيرهُ أصبحت قاسية، حاقدة، اعتدل واقفًا، ثم انحنى بظهرهِ قليلًا وهمس:
- ليه ما يتوجعش!
وعلى حين غرة، قام بركلها في بطنها بقوةٍ، وهو يصيح متشنجًا:
- ليــــــه ما يتوجعش زي!!
ركلها مرّة أخرى بقسوة، وهي تغمغم بآلم جمّ يعصف برحمها، لكن مازالت غائبة عن الوعي، تابع بحدة وغضب:
- ليـــــــه ما يتقهرش زي!، ولا قلبوا يتحرق زي!!
طالعها بغضب، وركلها للمرّة الثالثة، مردفًا بنبرة حاقدة:
- انتِ هتقهريه، وتوجعي قلبوا يا زهرة
ثم الركلة الرابعة، يليها سريان الدماء من بين ساقيها، حتى وصلت للأرض، وهنا فتحت عيونها، الآلم جعلها تستيقظ من أغمائتها، الاي تمنت أن تكن أبدية!
طالعتهُ بآلم شديد، وتحاملت على نفسها، كي تعتدل، استندت بمعصمها على الأرض، وفور أن حاولت رفع جسدها صرخت بآلم شديد، ومدّت يدها تمسك بطنها.
تهدجت أنفاسها، وحاولت بقوة، أن تكتم آلمها للحظات، ورفعت وجهها الباكي، قائلة نبرتها كانت جاحدة وشرسة:
- انــ...انتَ جواك شــ..ـر، هــ.آآآ يحرقك يا ياسر
سحبت نفسًا عميق، وأحشائها تلتوي وتعتصر في الداخل، فبمدت على بطنها بحنان وآلم، ثم رفعت كفها قليلًا، لترى دماءها قد لوثت يدها، ابتسمت بفتور، وطالعتهُ قائلة بنبرة واهنة:
- قتلت ابني!!
لوهلة شعر بارتباكهُ، وهي رأت ارتعاش جسدهِ بوضوح، تابعت محدج اياهُ بشر:
- لو فلت من عذاب الدُنيا، فعذاب الأخرة مش هتفلت منه ابدًا، وربنا المنتقم الجبار يا ياسر آآآآآآآه
صرخت صرخة شقت سكون المكان بأكملهِ، عندما ركلها للمرة الخامسة، تخدر جسدها من شدة الآلم ولم تشعر بهِ، وهو يقبض على خصلات شعرها بقوة، حتى كاد يقتلعهُ من جذوره، صرخ بها قائلًا بغضب:
- مسمعش حسك دا ابدًا، غلطتك انك اتجوزتي واحد زي وليد وحملتي منهُ كمان..
دفعتهُ بقوةٍ عنها بذراعها، ثم التفتت لهُ قائلة بنبرة قوية شرسة، يشوبها الآلم الذي حاولت أخفاءه:
- وليد دا اشرف منك ومن الـ خلفوك يا كلب، يا عرّة، فاكر الـ عملته في اخواتهُ، قولتله ارفع راسك وافرد ضهرك، الـ عمر ما واحد خسيس وسخ زيك يحنيه ابدًا، وقولتله كمان انك مش راجل عشان لو راجل هتواجه وش لوش، مش تلعب من تحت لتحت وتأذي اخواته، انـــت مـــش راجـــل يـا يــاســر
هتفت أخر كلماتها ببطئ، ألهب عقلهُ، وجعلت النيران تندلع داخلهُ، اقترب منها ورفع يدهُ ثم هبط على وجنتها بكف صاعق، جعل جسدها يتطاير للأرض، وصراخها يتعالا.
هجم عليها، قابضًا على شعرها يجذبهُ لأعلى، فارتفع رأسها معهُ، دنى قائلًا بعنف، وهو يقبض على شعرها بحدة قوية، هاتفًا:
- راجل ولا مش راجل
ابتلعت ريقها بصعوبة، وطالعتهُ، عينها بيعينهُ هامسة بكره وقوة:
- ولاآآآ تسوى في سوق الرجالة نِكلة، جذمة وليد برقبتك انتَ وأهلك يا نجس
دفعها نحو الحائط، فصرخت بآلم شديد، بينما قهقهة هو بصخب، وعلت ضحكاتهُ في المكان.
.......
وبنفس الوقت ظهرت سيارة وليد على أول الشارع الطويل، فتنهد بخفوت، ثم همس بأنفاسٍ متسارعة:
- بسم الله، يا رب
وانطلق بالسيارة على أقصى سرعة محظورة نهائيًا، والتي من الممكن وبكل سُهلة أن تنقلب بهِ، لم يخاطر هذه المخاطرة من قبل، الآن إن ظهر أحدًا من امامهُ لن يراهُ نهائيًا.
.......
في الڤيلا، عضت زهرة على شفتاها بآلم وهي تسمع لضحكاتهِ التي لم تخبو.
لحظات، حتى بدأ يُهدأ من ضحكاتهِ، ويسيطر على أنفاسهُ، طالعها وهو يعض على شفتهُ السفلي، وهمهم بمكر:
- اممم، لدرجة دي بتحبيه!
أخذت نفس عميق، وحقًا قد تخدر جسدها كليًا من الآلم، لم تعد تدرى بأطراف جسدها أبدًا!، طالعتهُ، وأردفت بنبرةٍ قوية لكن صوتها خرج متعب ومنهك بشدة:
- لاء،.. لدرجة دي بموت فيه وبعشقه كمان
اتسعت ابتسامتهُ، وأومأ قائلًا بخبث:
- حتى بعد ما تعرفي انوا هو السبب في موت ابوكي،..
دقق في تعابيرها يراقبها، ثم أكمل بتسلية:
- أنا الـ قتلت ابوكي، عشان مرداش يسلمني راس وليد!، تخيلي لو كان عطهولي!، مش كان هيفضل معاكي،.. تؤتؤتؤ، اناني اوي ابوكي دا!، مفكرش فيكي وفكر اذاي يحمي وليد مني، وضاع هو ياعيني!
......
بتلك اللحظة، جحظت أعين ضاحي برعب وهو يرى أحدهم يتسحب من بين أبواب الڤيلا الخارجية، ابتعد سريعًا عن النافذة، قبل أن يراها، ولكنهُ استطاع معرفة هويتهُ!، الظلام في الخارج ليس دامس!.
رأهُ وهو يشهر سلاحهُ للأمام، فارتعدت فرائصهُ خوفًا، همّ بالذهاب ليخبر ياسر، لكنهُ توقف هامسًا:
- ما انشالله يولع بجاز وسخ!، انا مالي، هستناه برا ولو خلص عليه، يبقى بركة يا جامع
عاد ينظر للشرفة ثانيةٍ، فوجد وليد يتحرك نحو باب الڤيلا الداخلي، فنظر للمسافة بين النافذة والأرض، ثم وبدون تفكير، وثب على حافة النافذة، قافزًا منها لينفد بجلده.
......
طالعتهُ بدون اي تعابير، وبدأت تُفكر في الأمر، الآن فقط استطاعت رؤية الجانب الإيجابي من الموضوع!، والدها لم يتخلى عنها!، والدها لم يفضل وليد عنها!، والأهم انهُ لم يُقتل بسبب وليد بصورة.. كما تعتقد هي!، بل... طالعت ياسر، ورفعت حاجبها، مردفه وهي تجذ على أسنانها قائلة بصوتٍ متعب:
- لاء وانتَ الصادق، ابويا مش أناني!، ابويا مات بشرفه، مات وهو أمين مش خاين، مرداش يسلمك وليد، عشان مايخونهوش،... وأنا افتخر انوا يكون ابويا، وهفضل احب وليد برضوا،.. وهتموت بغلك دا يا ياسر!
زمجر بحدةٍ، من رد فعلها الذي لم يتخيلهُ أطلاقًا، واقترب منها ممسكًا فكيها بين يدهِ يضغط عليهم بقوة، مردفًا بغضب:
- لااااا، دا ساحرلك بقى!،
صمت قليلًا، ليجد نفسهُ، يضرب رأسها في الحائط، هاتفًا بكره مرضي:
- هقتلك عشان الحب دا يختفي من الوجود، هقتلك واحرق قلبوا عليكي زي ما وعدته
تعالا صراخها، عندنا دفع وجهها بالحائط، ثم بدأ بخنقها، وهي تحاول دفعهُ عنها، وقدميها تتحركان وكأنها ترفص شيء ما بحدة، بدأت تختنق بالفعل ووجها تحول للون الأحمر، وعيناها قد جحظتا برعب.
ركض الدرج سريعًا، وهو يضع يدهُ على أنفهِ من تلك الرائحة البشعة، صراخ زهرة يعميهِ حرفيًا ويصم أذنهُ.
انكتم صوتها فجأة، لكن هناك همهمات تنبعث، ركل باب الغرفة بقدمهِ مشهرًا سلاحهُ للأمام، فوقع قلبهُ بين قدميهِ عندما وجدهُ يقبض على عنقها، وهي غائبة عن الوعي والدماء تلتمع تحتها.
صوب ياسر أنظارهُ نحو القادم عليهِ ليجدهُ وليد، فارتعد وابتعد عنها سريعًا وهو يهتف بصدمة جلية:
- وليد!
زمجر بقسوة، وهو يهمس بغضب:
- يا بن الكلب يا ****، ورب العرش ما هيلطع عليك صبح تاني
تقدم منهُ، ووضع سلاحهُ خلف ظهرهِ، ثم لكمهُ بقسوة في عينيهِ، وبغل شديد أنفث غضبهُ بهِ أدخل أصبعهُ في عينيهِ فقعها فورًا.
صرخ ياسر بآلم جمّ، فهتف وليد بقسوة:
- دا انا هخليك تصوط شبه الولايا دلوقتي
ركلهُ بحذائهِ بقوةٍ على رجولتهُ فضم يديهِ التي امتلئت بالدماء يضعها عليهِ وتعالا صراخهُ من الآلم ولم يستطيع أن يدافع عن نفسه من كثرة ما يشعر بهِ من ألم.
لكمهُ في معدتهِ، فبثق دماءًا من فمه، واختلط وجههُ بالدماء سريعًا، وبالدموع أيضًا.
القى نظرة على زهرة، فشعر بقبضة تعتصر قلبهُ من هيئتها، فطالع ياسر بغضب قابضًا على فكيهِ وهو يدفعهُ للجدار بجوار النافذة تمامًا، مزمجرًا بحدة وعنف:
- عملت فيها ايه يا ابن الكلب
لم يكن على ياسر سوى التآوه من فرط ما يشعر بهِ، صفعهُ وليد على وجههِ ثلاث مرات كل مرة أشد وأعنف، وهو يسبهُ ويلعنهُ، ناعتًا اياهُ بألفاظٍ أخجل من الفصح عنها.
زجهُ بقوة وهو يتوعد لهُ، ثم اتجه مهرولًا نحو زهرة التي لم تعد تشعر بأي شيء.
لحظات، لحظات حتى قبل أن يصل لزهرة، استمع صوت ارتطام عنيف في الخارج، فاحتضن زهرة وهو ينظر نحو ياسر، ليجدهُ -فص ملح وذاب-، لم يعبئ بهِ ظنً انهُ مات بالأسفل، او في الواقع حتى وأن يمت، فحياتهُ أمام حياة زهرة لا شيء.
ربت على وجهها بحنان، وحملها بلهفة، وقد غاصت يداهُ في دماءها، جسدها ينزف من جميع الاتجاهات.
ضمها لصدرهِ بألم، وهرول سريعًا بها نحو الخارج، يُقربها من صدرهِ ويضمها لهُ بقوة، مناديًا اسمها بلهفة وخوف:
- زهرة، ردي عليا يا حبيبتي بالله عليكي، زهرة!!
لا أجابة ولا رد، رفع بصرهُ لأعلى هامسًا بتضرع:
- يا رب، يا رب ماتوجعنيش فيها يا رب...
خرج من الڤيلا سريعًا، ثم ركض بها فاتجها الطريق الرأيسي الطويل، حتى لمح سيارتهُ الذي وضعها على بُعد من المكان كي لا يسمع ياسر صوتها، وقف جوار السيارة، وانفاسهُ عالية، متهدجة.
فتح باب المقعد الخلفي، ثم دلف بها لداخل، صدرهُ امتلئ بالدماء، وإن لم يستطيع انقاذها سريعًا ستموت من كثرة النزيف!.
قلبهُ يدق كما لو أن مطرقة تدق، ربت على وجنتيها، قائلًا بصراخ:
- زهراااة، افتحي عيونك بالله عليك،.. زهرة، زهرة ردي عليا...
ركل المقعد الذي أمامهُ بقوةٍ، ثم ضرب جبهتهُ بباطن مف يدهُ بعنف عدة مرات، يُقسم حقًا على قتل هذا الملعون، الذي تسبب لها فيما هي بهِ من حالة مزرية.
طالعها، ليرى الدماء بدأت تهبط على أرضية السيارة، فقام بفك أزرار قميصهُ بسرعة، ثم نزعهُ.
كوم القميص، ليظهر كالقطعة الدائرية على هيئة كرة، ثم مدً يدهُ يباعد قدميها عن بعضهم، ثم جذب بنطالها البيتي لأعلى قليلًا مع ثيابها التحتية الداخلية، وأدخل يدهُ بكومة القميص، وقام بحصر تلك القطعة بين ساقيها أسفل المهبل بالضبط ليكتم هذا المكان حتى لا تتدفق الدماء أكثر، محاولًا أسعافها بأي طريقة.
خرجت يداهُ لا يرى لونها من كثرة الدماء، فتعالت انفاسهُ بقوة وشعر بأنهُ يختنق، تلك الدماء ان لم تقف ستموت لا محال، هز رأسهُ رافضًا تلك الفكرة، ثم اختضن رأسها هامسًا بدموع، وغصة بحلقة:
- مش هتموتي صح، اوعى تموتي يا زهرة!، اوعي تموتي ابوس ايدك
رفع كفها، واحنى رأسهُ يقبلهُ عدة مرات بأماكن مفترقة، ثم طالع وجهها هامسًا برجاء:
- استحملي عقبال نا نوصل لأقرب مستشفى، استحملي بالله عليكي، ماشي!!
وكأنها سترد عليهِ بالموافقة!، حالتهُ حقًا لا تُفسر، فتح باب السيارة ثم هبط منها، واتجه نحو مقعد السائق ركضًا، فتح الباب ودلف لداخل، ثم أغلق الباب، ووضع حزام الأمان، مدّ ذراعهُ ليسند جسد زهرة، وهو يدفعهُ لداخل كي لا تقع، ثم بدأ بتشغيل السيارة وقادها بسرعة عالية، ليست مثل الأولى مراعيًا حالتها.
في الأمام قليلًا، كان ضاحي يقود السيارة بسرعة كبيرة، وهو يضع على وجهه قناع يخفي وجههُ أسفلهُ، وياسر يجلس على أرضية المقعد المجاور يُرجع رأسهُ للوراء بتعب وعقلهُ بين الغفوة والصحو.
..........
على أول الطريق الزراعي، كان يقود السيارة بهدوء وتروي، نظر لزوجتهُ وولدهُ وهتف بحنان:
- نام ابن الكلب دا
ابتسم قائلة بسعادة:
- آه نام،.. أنا مبسوطة بالعربية اوي يا فايز
تلامس عجلة القيادة بسعادة، ثم هتف:
- وأنا كمان يا سوسن والله، ربنا يبارك ليه الحج صالح
صمتت للحظات، ثم قالت متسألة:
- الا صحيح يا فايز، هنقط البت هياتم بكام، انتٕ قولتلي ربك يساهلها!
أومأ موافقًا، ثم أخرج من أحد جوار التابلوه، ظرف أبيض، ثم اعطاهُ لها، وقال:
- خدي يا يا ام زياد، دول الف جنيه نقطي بيهم بت اختك، والزيارة الـ في الشنطة ورا دي، ودكرين البط، وجوزين الحمام، حاجه معتبره يعني
التمعت عيناها بسعادة، قائلة:
- دا محدش هيدخل بالـ هدخل بيه دا يا فايز، الحمدلله هدخل راسي مرفوعه ونقطة نقوطة حلوة
ثم مالت مقبلة كتفهُ، ورفعت يداها داعية بـ:
- انشالله يخليك ليا يا راجلي يا رب
ربت على فخذها بحنان، مردفًا بحب ليس العشق والهيام، بينما حب المودة والعشرة، قائلًا:
- ويخليكي ليا يا ام زياد يا رب
- يالهوي،.. استر يا رب!!!
صرخت فزعة بتلك الكلمات، عندما خرجت تلك السيارة أمامهم من العدم من الناحية اليُسرى، صُدمت السيارة من الجانب.
طالعت زوجها، وهتفت بجزع:
- يالهوي يا فايز، انزل شوف العربية جرالها حاجه ولا لاء، استر يا رب دي لسا عليها قساط
نزع فايز حزام الأمان، وملامحهُ منفرة، لكنهُ هتف بحمد:
- الحمدلله انها جات لحد كدا، كان زمانوا طيارنا
فتح باب السيارة، تزامنًا مع ظهور سيارة وليد، الذي كان يفكر بقلق، لابد أن يمسك ياسر، وينفذ وعدهُ بقتلهِ، لكن حياة زهرته أهم.
لا يعلم كيف هداهُ عقلهُ بأن يتركها مع هذا الشخص الذي يقف يتفحص سيارتهُ، وبدون تفكير في الأمر، اوقف سيارتهُ سريعًا قبل أن تضرب هذا الرجل، ثم هبط من السيارة سريعًا، بعد أن التقط هاتفهُ.
وقف فايز يطالع هذا الرجل الذي خرج من سيارتهُ الكبيرة، وجسدهُ بالكامل مليئ بالدماء، زاد قلقهُ واستغرابهُ، عندما فتح مقعد السيارة الخلفي، وسحب امرآة منهُ.
كانت زوجتهُ تتابع ما يث بخوف ورعب، سرعان ما أنزلت زجاج النافذة وهتفت بفزع:
- اطلع يا فايز بسرعة، يمكن يكونوا حرمية، بسرعة يا فايز
ثم همست بندم:
- يا رتني ما طوعتك اننا نسافر دلوقتي!
اقترب وليد منهُ وهو يحمل زهرة، قائلًا بنبرة تحمل الرجاء:
- دي مراتي، وزي ما انتَ شايف بين الحيا والموت، عايزك تاخدها اي مستشفى قريبة، ارجوك انقذها، انا ورايا حاجه لازم اعملها وهرجعلها
وقف فايز مدهوشًا، يعرف هذا الرجل تمام المعرفة، ركض سريعًا نحو المقعد الخلفي لسيارتهُ وفتحهُ بلهفة مردفًا:
- حطها يا باشا، حطها بسرعة وهجري على اقرب مستشفى، متقلقش
هرول وليد واضعًا زهرة في المقعد الخلفي لسيارة، ثم اعطاهُ هاتفهُ، وقال:
- لو اي حد رن على تلفوني رد، وقولوا مكانك فورًا، وخد دي كمان
أخرج من جيب بنطالهُ الخلفي.محفظتهُ، وبحث فيها سريعًا عن بطاقة الائتمان الخاص بهِ، حتى عثر عليها.
مدّ يدهُ بها، وقال بعجالة:
- الكيريدت فيها فلوس، اسحب زي ما تعوز، لو طلبوا عمليات او اي حاجه، دخلها فورًا.. خد
تردد فايز في أخذ البطاقة، كان يود دفع الأموال من جيبهِ، كرد جميلًا لما فعلهُ هذا النبيل معهُ، لكن بالفعل من المحتمل والوارد، أن تحتاج لعملية وهو يعلم تلك الأمور جيدًا، لا تُنفذ العملية حتي يُدفع جزءًا من المال على الأقل نصفه.
أخذ البطاقة، فوضع وليد يدهُ على كتف فايز وهتف:
- مراتي أمانه عندك لحد ما ارجع..

________________________
#يتبع

تائهة فِي سَرَايَا صَفْوَان  © -مُكتملة- حيث تعيش القصص. اكتشف الآن