تائهة في سرايا صفوان
الفصل الرابع والأربعون
"الجُزء الأول"الفصل 13281 كلمة فقسمته على ثلاث فصول، عشان ماتملوش بس 🤍
..................................................الساعة الحادية عشر صباحًا ، وقف امام المرآة يغلق أزرار قميصه الأبيض وهو يضع رابطة عنقه حول رقبته بإهمال .
اقتربت بأعين ناعسة وهي تحمل بيدها طبق مليء بالسندوتشات وفنجان قهوة بلبن معه ، كادت ان تتعرقل بالسجادة فسرعان ما اقترب منها يمسك ذراعيها حتى لا تقع ، وهو يقول بنبرة ملهوفة :
_ حاسبي يا زهرة ..، بتقومي من عـ السرير ليه طالما نايمة كدا يا حبيبي ...
وضعت الطبق على التسريحة وهي تقول، جاهدت الا تتثاءب:
_ عشان ما تمشيش من غير اكل يا حبيبي ... يلا خد ..
ثم مدت يدها بالسندوتش ، فأمسكه ووضعه بالقرب من فمه وهو يقول بحنان :
_ كلي انتِ الأول ، ... مأكلتيش امبارح انتِ ...
قضمت قطعة من السندوتش وهي تردف بنبرة مازحة :
_ ما انت كمان مأكلتش ..
مدّ يده ينزع رابطة العنق من حول رقبته ليرتديها، وهو يغمز لها بشقاوة مردفًا :
_ومين الـ ماخليناش أكل .. مش انتَ يا وَحش ..
حمحمت بارتباك وهي تدس السندوتش بفمه هاتفه:
_ طب كل وبطل كلام ...
أخذ السندوتش من يدها واكله على مرتين لصغر حجمه بنسبة لفمه ، ثم أمسك كوب القهوة بالبن وشربه ، أتت زهرة بجاكت البدلة ثم قالت برجاء :
_ وليد ممكن اطلب طلب ..
أخذ منها الجاكت ليرتديه وهو يقول بحنان :
_ يااه طلب واحد ..، قولي يا حبيبي ...
_ احمم، يعني ممكن نقعد هنا كام يوم كمان ..، بصراحة حاسه بقعدتي هنا في خصوصية اكتر وقادرة اتحرك براحتي من غير لبس كتير والطرحة وكدا ... اما هناك فمش بعرف ...!
أومأ متفهمًا ثم قال وهو يحتضن ذراعيها بكفيه :
_ حاضر يا حبيبتي ..، بس انتِ عارفة يا زهرة أنا مينفعش أسيب اهـ..آآ ...
هتفت باندفاع :
_ لاء لاء، مش بقولك سيب أهلك يا وليد ..، أنا اقصد إن هنا فيه خصوصية اكتر من هناك، .. فيعني نبقى نيجي هنا كل شويا لو ممكن يعني ....
قبل وجنتها بحب هاتفًا :
_ ممكن طبعًا يا حبيبي ...، خلاص شوفي تحبي
تطبخيلنا ايه انهارده وهبعتهولك ...
ابتسمت بسعادة وهي تومئ موافقة ، فودعها هابطًا للأسفل بعد أن شدد عليها بأن لا تنسى أن تفطر .
خرج من الفيلا خاصته ليجد سيارات الحراسة تنتظره في الخارج، وعادل يقف عند أحد السيارات والذي سرعان ما تقدم ليفتح باب السيارة الخلفي ليدلف وليد بعد أن قال بامتنان :
_ شكرًا يا عادل ..
أومأ عادل مردفًا :
_ دا واجبي يا فندم
تحرك عادل ليأخذ مقعد السائق ثم هتف متسألًا :
_خط سيرنا دلوقتي ايه يا باشا ..
_اطلع عـ الشركة ...
أمسك عادل الجهاز اللاسلكي ثم تحدث قائلًا :
_ هنطلع على الشركة يا شباب ...
فبدأت السيارات تباعًا تتحرك الواحدة تلو الأخرى نحو البوابة الرئيسة للقرية متوجهين نحو شركة صفوان الشناوي، هتف وليد قبل أن تخرج سيارته من بوابة القرية :
_ اقف يا عادل ثواني ..
أوقف عادل السيارة ، فقام وليد بإنزال زجاج النافذة، ليقترب رئيس الأمن مباشرة وهو يهتف بحفاوة :
_ وليد بيه، صباح الخير يا باشا ..
_ صباح نور يا أستاذ إمام، الهانم سبتها في الفيلا بتاعتي تبعت أربع رجالة يوقفوا عند الباب ويفتحوا عينهم كويس،... وطبعًا ممنوع حد غريب يدخل القرية غير بإذني ...، سامع يا أستاذ إمام ...
أومأ إمام هاتفًا :
_ أوامرك يا وليد بيه اوامرك ...
_ شكرًا ..، يلا يا عادل ..
أشار لعادل بتحرك ، فأدار السيارة وبدأ بالقيادة وعبر من بوابة القرية، فأُغلقت الأبواب خلفه، شرد وليد قليلًا وهو يتذكر ما حل به ليلة أمس
“عودة بالوقت للوراء"
الساعة الخامسة صباحًا، تململ في نومته بانزعاج وهو يستمع لرنين هاتفه، فحاول سحب يده من اسفل رأسها كي لا يُزعجها وهو يحمد الله أن نومها ثقيل فلم تستمع لصوت الرنين، طالع شاشة هاتفه بأعين ناعسة وهو يقول :
_ مين ابن الصرمة دا.... ايه دا ...!!!
وثب في مكانه باضطراب واستغراب في آن واحد عندما وجد أن من يدق هو اللواء دياب الاسيوطي ، تحدث بنبرة مستغربة للغاية :
_ اللواء دياب ...!!! ، ايه الـ خلاه يرن دلوقتي دا ..!
لم يجعل استغرابه يُشتته اكثر فأنزل اقدامه من على السرير ثم ابتعد عنه وهو يفتح الاتصال واضعًا اياهُ على اذنه مردفًا :
_ سيادة اللواء .. خير يا فندم ...
_ أنا قدام باب القصر، انزلِ يا وليد، سلام
كلمات بسيطة الا انها بست الفزع داخل قلب وليد ، ترى هل علم بما حل لتمارا، أم ماذا ..!
دار وجهه سريعًا نحو ملابسه ملتقطًا اياهَ من على الارض، وارتداها سريعًا ثم اطمئن أن زهرة مازالت تغط في نوم عميق فدثرها جيدًا ، ثم خرج من غرفته يليها جناحه بأكمله، هابطًا للأسفل .
خرج من بوابة القصر الداخلية، ثم ركض الطريق الذي يؤدي للبوابة الخارجية، كان البواب يجلس يرتشف من كوب الشاي، سرعان ما وثب مفزوعًا وهو يقول :
_ وليد بيه ..!! ، صباح الخير يا باشا .. في حاجه ولا ايه ..
اشار له بالهدوء وهو يتوجه للخارج قائلًا:
_ لاء ما تقلقش ...
ثم اختفى خلف البوابة، فطالعه البواب بريبة ثم هز منكبيه بلا مبالة وجلس يرتشف من كوب الشاي عله يُدفئ البرودة التي تجتاح رئتيه أثر هذا الجو البارد .
في الخارج، وجد وليد سيادة اللواء يقف أمام سيارته، فاقترب وليد وحلما وقف امام اللواء هتف دياب بنبرة جادة :
_ انتباه سيادة المقدم ...
استوعب فيها ما قيل، ثم سرعان ما تصلب جسده، وهو رأسه بشموخ، ولكن الألاعيب تلعب بعقله، جملة كهذه تبدو عادية بنسبة لبعض او للجميع، لكن بنسبة له ..!!
تقدم اللواء نحو السيارة وهو يهتف أمرًا :
_ ورايا يا سيادة المقدم ..
ضعفت صلابة جسد الى حدًا ما وهو يزفر بضيق من هذا اللقب، اتجه خلفه ليجده يجلس في المقعد الخلفي، فتقدم ليسحب الباب من الجانب الأخر، ودلف جالسًا بجواره، استدار ليكون قبالته، ليردف بجدية :
_ خير يا سيادة اللواء ..!
تحدث اللواء بنبرة ثابتة جادة :
_ لازم تنهي أجازتك دي يا وليد، الفترة الجاية الجهاز محتاجك ....
اختلجت قسمات وليد، بين المتعجبة، المكفهرة، الرافضة، وقبل أن يُجيب تحدث دياب بحزم :
_ وقبل اي اعتراض، انا جيت اتكلمت معاك بشكل ودي، مش عايز اضطر لأني ابعتلك جواب رسمي يا وليد بإنهاء أجازتك ..، اي نعم في فترة الأجازة خدمت الشرطة تسع مرات، وبفضلك بعد ربنا قدارنا نوقف سلسة من الأسلحة كانت هتضمر نص العالم، ومسكنا عبدو فياض، لكن المرة الجاية دي مش هينفع لازم تكون متواجد بصفة رسمية ودايمة يا وليد، احنا محتاجينك فعلًا معانا ... أنا ببلغك بالأمر الـ هيحصل يا وليد، مش باخد رأيك ..، بس مش عايزك تتفاجأ لما يطلع القرار ..
هتف وليد متسألًا :
_ مينفعش أخدم وانا بعيد ...
أومأ مردفًا :
_ لاء طبعًا، لازم تواجدك بصورة رسمية يا وليد ...
هتف متوجسًا :
_ لدرجة دي القضية صعبة ..!
_ لفوق ما تتخيل، واحنا قدرانا نوصل لأول راس هتكّر باقي الخيط انا متأكد ...
انحنى بجسده وهو يمدده ليأخذ ملف من على المقعد المجاور لسائق ثم اعطاهُ لوليد وهو يهتف :
_ دا كل المعلومات الخاصة بالقضية، عايزك تتدرسها كويس اوي، عقبال ما يطلع الامر بانقطاع أجازتك ...
صدح رنين هاتف دياب، فنظر له سُرعان ما توترت ملامحه، وهو يقوم بغلق الاتصال، ثم وضعه صامتًا، ودسه في جيبه.
هتف وليد مازحًا:
_ انتَ مش قايل للمدام ولا ايه يا سيادة اللواء
اضطر ان يصطنع نبرة الارتباك وهو يقول مازحًا ايضًا :
_ لاء، دي كانت صممت تيجي معايا، عشان تتأكد انوا شغل...
امسك وليد الملف ثم عبث بين صفحاته بإهمال، حتى توقف عند أحد الصفحات، لتجحظ عيناه بصدمة وهو يردد:
_ سيد مُختاار ...!!!
ثم طالع دياب، فأومأ دياب وهو يقول :
_ ايوا، دا بداية الخيط الـ هيكّر الباقي ، بس عايزين له طُعم ..
_ طُعم، اذاي ..!
_ إبراهيم صاحبك، لازم علاقتك بيه توتر وتحصل خناقة كبيرة بنكوا، لدرجة انكوا تبدأ تدمروا بعض ..
شخصت ابصاره وشعر بان عقله قد تشوش، أغمض عينيه في محاولة منه لاِستيعاب تلك الكلمات، ثم هتف :
_ إبراهيم مين ..!
_ صاحبك يا وليد، الناس دي، بتجر رجل رجال الاعمال الكبار، وانتَ وإبراهيم ليكوا وزن وتقل في سوق الأعمال، هيحاولوا يوقعوك عن طريقوا ....
أومأ، وقد بدأ يربط الأحداث والخيوط ببعضهم، يبدو ولأنه بعيدًا عن القضايا والشرطة لحوالي أربع سنوات، اصبح الأمر صعب عليه لكي يُفكر بمهارة كما كان دومًا يفعل .
هتف تلك المرة متفهمًا:
_طب وإبراهيم هيعرف اذاي، انا مش عايز اخسر صاحبي ...
_ لاء انتَ هتقولوا على الـ هيحصليا وليد، بس إبراهيم اكيد مش هيكون عارف وقت مداهمتنا، والمعلومات الـ معانا، لكن صاحبك دا مهم بنسبة لينا في اول القضية ..
لحظات ثم هتف بشك:
_ طب ليه إبراهيم يعني، ما اخترتش سراج ليه مثلًا، مع انوا قريبي ...
_ اهه قريبك، بس ممعهوش زي ثروة آل ساعي، وإبراهيم بيملك ثروة تعادل ثروتك الى حدًا ما يعني، ويعتبر انتِ الـ مسكين اقتصاد الدولة في مجالـ..آآ
قاطعه وليد مردفًا، وقد تفهم كل ما يدور بالفعل:
_ ولما يلاقونا بعيد عن بعض هيعوزوا يسيطروا على حد فينا، ... بس برضوا ليه مايوصلوش ليا علطول، يعني ليه إبراهيم بالذات، الـ ممكن يبدؤ بيه ...
توترت نظرات دياب وجاهد على ثباته، لكن وليد قد لاحظ، وبدأ عقله يعمل كالتروس سريعًا، محاولًا إيجاد اجابة منطقية، خصوصًا بعد أن قال دياب :
_ منا قولتلك عشان ثروتكوا كتير، و...و...وإبراهيم كمان مش ظابط فمعندهوش نفس تفكيرك، انتَ ممكن تكشفهم لكن هم لاء ...
بدى حديثه غاية في اللامنطقية، ولم يستوعبه اطلاقًا، لكنه على أية حال أومأ موافقًا، ثم لحظات وعاد ثانية لداخل، بعد أن ودع دياب واخذ الملف، توجه به لحجرة المكتب ووضعه في خزنته ثم أغلق القفل، ومضى نحو جناحه في الأعلى لينعم بدفء روحها قبل أن يظهر الصباح بشكلٍ كامل ويرحل .
"عودة للوقت الحالي"
وجد عادل ينادي عليه مُخرجًا اياهُ من شرودهِ، فانتبه له مردفًا باهتمام:
_ بتقول ايه يا عادل ...
_ بقول لحضرتك، ان تمارا لسا في الغيبوبة، ودا مش صح عشانها، الدكاترة لسا مبلغيني انهارده الصبح، وقالولي ان عدا الوقت الازم، الـ لو فاقت فيه، هيكونوا عدو شوط كبير من انقاذها، لكن للأسف دخلت في غيوبة، وبقى في علم الغيب، امتى هتفوق منها ...
أرجع ظهره للوراء متنهدًا بثقل، فلم يكن ينقُصه سوى تحمل ذنب تلك الفتاة ايضًا، حمحم عادل بارتباك وهو يُكمل :
_ وكمان يا باشا يعني، حصل حمل كمان فـ..آ ..، يعني بيقولوا آ...
اعتدل وليد سريعًا مقاطعًا اياهُ بحدة وهو يهتف بنبرة جادة :
_ الحمل دا لازم ينزل ...
أومأ عادل مردفًا :
_ مه يا فندم، غلك على صحتها في الوقت الراهن ان يكون في جنين فهم هيعملوا عملية اجهاض ...
ارتاح قليلًا، فهو قد اصر انها بعد ان تَفيق، ستخرج من المشفى وتبدأ حياتها في الخارج، سيوفر لها جميع سُبل الراحة، لن يجعل شيءً يربطها بهذا الماضي العسر.
وكأنه انتبه فاجأه لشيء ما، حيث وجه بصرهُ نحو عادل بالمرآة الأمامية وقال بنبرة حذرة:
_ ياسر الـ عمل فيها كدا ..!
_ ياسر، وراجل من رجالته ..
حسنًا هذا ما جعل جبلًا ضخم يجثو فوق قلبه، وشعور الندم ينهش قلبه بلا رحمة .
_ وانتَ عرفت اذاي انوا ياسر والراجل بتاعوا، ما يمكن الراجل الـ انتَ شوفته وقتها بس ...
أومأ مُحمحمً بارتباك وهو يقول:
_التقرير الطبي بتاعها أثبت ان في DNA اتنين مختلفين في السائل المنوي ...
لم يحتاج الامر لكثيرًا من التفكير، احتضن وجهه بيديه وهو يستند بكوعه على ركبتيه محني الظهر هامسًا بينه وبين حاله:
_يا رب سترك يا رب ...
عاد له مرة أخرى متسألًا:
_ وصلتوا للعربية بتاعتوا، انتَ قولت انك عارف رقمها
أومأ عادل مُجيبًا:
_ ايوا يا وليد بيه، بس للأسف ملقنهاش ... !
أوقفت السيارات اتباعًا أمام باب الشركة فهبط منها وليد بثقل، متوجهًا نحو الداخل، ويكفي ما سمعه وعرفه من عادل ليجعل مزاجه غاية في السوء ، يتمنى أن ينتهي اليوم ليركض سريعًا نحو ملجئهُ، وسكنهِ وأمانه .
........................................................
_ ماما هوآآ ..
انقطعت حديثها عندما هبت منال واقفة وهي تقول بخضة:
_ بسم الله الرحمن الرحيم، ... ما تتكلمي يا مريم قبل ما تتدخلي فجعتيني يا بنتي ..!!
اطرقت رأسها ارضًا بحرج، ثم همست :
_ معلش يا ماما ما أخدتش بالي انك شاردة، انا آسفة ...
اصطنعت الابتسامة وهو تقول :
_ خلاص يا حبيبتي ولا يهمك، انا الـ كنت سرحانه شويا، ... هاا كنتي عايزه مني حاجه ..!
أومأت مردفه:
_اهه، كنت بسأل يعني وليد وزهرة هيجوا يتغدوا معانا انهارده ولا لاء...
_ خلى سعادة، تعمل حسابهم في الغدا جيهم جيهم مجوش خلاص..
_ اوك..، هروح اقولها ....
ثم ذهبت من أمامها، فجلست منال بكاهلٍ مُثقل، ثم شردت فيما كانت وطبقة رقيقة من الدموع تشكلت في مقلتيها وهي تتذكر يوم أمس صباحًا
"عودة بالوقت الحالي"
استمعت لصوت باب القصر الداخلي يُفتح ويُغلق، فطالعت الساعة بخوف وتوتر، ثم أسرعت نحو الشرفة لترى وليد يمشي مسرعًا خطواتً اشبه لركض، فرجعت للخلف بسرعة، قبل أن يلاحظها ودلفت لداخل.
تعلم لما خرج، وقلبها خائف بل ويرتجف، دقائق ثم دقائق ولم تعد تنتظر فأمسكت بهاتفها ودلفت نحو ايقونة الهاتف، لتجد اسم اللواء دياب يقبع في أول خانة بين أخر المتصلين بها.
ضغطت على الاسم سريعًا، ثم لحظات واتاهَ الرنين، لكن سُرعان ما انغلق، فألقت الهاتف بحدة على الفراش وهي تشعر بالضجر والحنق وكمّ من المشاعر الخائفة والمرتبكة.
مرت نصف ساعة بأكملها تكاد تموت من الرعب، حتى استمعت لصوت باب القصر الداخلي يُفتح، ثم انغلق، فاقتربت سريعًا من باب غرفتها تفتحه بهدوء ليكون مواربًا، دقائق ووجدته يصعد السُلم لأعلى نحو جناحهُ فاتجهت سريعًا نحو السرير لتهاتف دياب، الا انها وجدتهُ يدق عليها فأمسكت الهاتف وفتحت الاتصال سريعًا ثم تحدثت بلهفة :
_ ايه يا سيادة اللواء، اوعى تكون قولتله حاجه ...
_ لاء يا منال هانم، ما تقلقيش ..، بس صدقيني مش في مصلحتك ابدًا، انك تخفي الملفات دي يا هانم ...
جلست على السرير متحدثة ببكاء:
_ والله العظيم ما اعرف حاجه، والله العظيم، .. انا عرفت قبل ما يموت بحوالي تلات ايام من رسالة لرقم مجهول، ولما واجهتوا مأنكرش، وقالي انوا بيحاول يصلح الغلط دا بس خايف يكون اتأخر ...
استمعت لنبرة دياب الحانقة وهو يقول:
_ واهو اتأخر، انا قولتله ما يكشفش نفسه قدام عزيز، لكن الـ حصل بقى ...
جففت دموعها وهي تقول بنبرة مختنقة:
_عزيز الـ قتلوا صح ..!
_ والله يا منال هانم، هو عزيز الـ قتلوا ..، جاتلوا أوامر بقى ولا هو قتلوا من نفسوا مش عارف، هنعرف دا لما نلاقيه ان شاء الله ...
تحدثت منال بنبرة مرتجفة:
_ هتلاقيه اذاي بس، .. دا بقالوا داخل في الأربع سنين ومحدش يعرف عنوا حاجه ..، حتى ابنه ..
_وليد ماتكلمش ولا لمح بأي حاجه قدامك طيب ..
_ لاء خالص ... وانا ابني ايه داخلوا في الموضع دا،اي نعم مش بيحب عزيز ولا ابنه بس ميوصلش بيه لدرجة انوا يخفيه ..!
_ على عموم هنشوف .. هنشوف، مع السلامة ....
أغلقت معه الهاتف، فجلست على طرف السرير بضعف، ثم طالعن صورة زوجها، وقالت باكيه :
_ ليه كدا يا سالم، .. عجبك وجع القلب الـ احنا فيه دا ..!، طب كنت حتى سيب اي دليل، اي علامة عن مكان الزفت الملفات دي ..!
تهدل كتفيها وهي تبكي بصوت عالي، كاتمة اياهُ وشهقاتها في كفها .
"عودة للوقت الحالي"..
طالعت السماء بنظرة راجية وهي تقول :
_ يا رب ساعدني، وأحفظلي أولادي يا رب ....
استمعت لرنين هاتفها الموضوع على الطاولة، فجذبته لتجد أن المتصل دياب، تعجبت في بادئ الامر، ثم اسرعت تُجيب فوجدته يقول باندفاع :
_عزيز مات يا منال هانم .....
شخصت ابصارها، وهر تردد بذهول:
_ مات ..!!! ، مات اذاي ..، ظهر امتة دا ولا لقتوه اذاي ..!
_لسا من نص ساعة بالظبط، اتسرب خبر في مستشفى انوا موجود وبينازع روحه، المشكلة اني لما بعت حد يشوف، ملقتش اسموا في سجلات المستشفى، وبعدها وصلي خبر موتوا في الفيلا بتاعتوا ...
انكمشت ملامح منال بحزن، وقد ضاع أملًا أخر في ظهور تلك الملفات، فإن قُتل سالم قبل الإدلاء بتلك الملفات ويقول ما بجعبته ويخلص نفسه من هذا الوحل الذي وقع فيه دون أرادته، كان الأمر أبعد عن تفكيرها تمامًا جدًا، فقد تم موضوع اخبار سالم الشرطة عن عمله بسرية تامة، وعزيز لم يقتله سوى حقدًا منه وأملًا في الحصول على زوجته وحتى بعضًا من إرثه .
............................................................
أنت تقرأ
تائهة فِي سَرَايَا صَفْوَان © -مُكتملة-
Mystery / Thriller"دراما مصرية " _وليد إنت ليك علاقه بقتل محمود ..!! لم يستطيع الأجابة فقط أكتفى بهز رأسه بالايجاب ، فشهقت إلهام بصدمة وحزن في آن واحد وقالت: _اذاي .. اذاي يا بني ..! تنهد بحزن ثم اعتدل وطالعها قائلًا: _ ياسر يا إلهام هو الـ قاتلوا ، كان عايز يجندوا ب...