الفصل الرابع

10.2K 461 90
                                    

تائهة في سرايا صفوان :
الفصل الرابع
...

كانت تجلس أمام مكتبها الموجود عليه كُتبها ،وتفتح أحد الكتب أمامها تضع القلم فيه وهي تنظر شاردة فيما حولها ، تفكر في ردة فعل سراج
حدثت نفسها قائلة وهي تحاول أن تضع الحجج لفعلته، مُنساقة وراء مشاعرها الداخلية :
_ أكيد عايزني، طب طلما كدا موقفش ليه وقال سمية ليا وأنا ليها ..!!، لاء يا سمية لاء مانتي قداموا بقالك 22 سنة كان اتكلم ولا عمل حاجة، يمكن بيتعامل معاكي يا سمية كأنك اختوا وأنتي فسرتيها حاجه تانيه ..!!!
'هزت رأسها وهي تقول بغصة مريرة'
_لاء مش معقول بيتعامل مع كل الناس زي ما بيتعامل معايا ..!، ..ياللهوي ايه داا ..!!
أخرجه من شرودها صوت اصطدام أو هبوط شئ ما في شرفتها
_أكيد قطة ولا حاجة ..!
حدثت نفسها بتلك الكلمات ثم ألتفتت وعادت إلى شرودها مرة أخرى .
مرت دقائق قليلة لتشعر ان أحدهم يضع كفهُ على فمها يحيطه بشدة ،فصرخت بفزع صرخة مكتومة في جوفها ،وقد وقع قلبها من الخوف بين قدمها ..!!!!

*****************
أنهت صلاتها ثم اعتدلت تجذب سجادة الصلاة لتضعها على المقعد ، فاستمعت لصوت صريخ عالي يأتي من الشارع فهتفت بنبرة مرحة :
_ عركة ...!!
وقد غلب الجانب الطفولي عليها مثل باقية الكبار  والأطفال الذين يقفون بفضول يتابعون الشجار في أي مكان بالشارع ، ولكن ياليتها تعلم أن هذا لم يكن شجار عادي سينتهي بتراضي بين الطرفين.
توجهت للشرفة تقف وهي تستند على السور تمد نظرها إلى مكان تجمع الناس ترى ماذا حدث وماذا هناك .
قام ثلاثة رجال بحمل محمود الغارق في دماءه ، ليظهر أمامها وجه والدها الذي أرتفع فاجأة بين أيدي الناس وقميصه الملطخ بالدماء .
_ باباااااااااااااا ....!!!
هتف بها في عنف وصدمة وهي تجري تدلف لداخل حتى أنها تعركلت كثيرًا في الأثاث الذي يُحيط بالشقة ، وتوجهت للباب تفتحه وهي تنزل للاسفل ناسيه إرتداء حذائه وقلبها قبل لسانها يهتف بوالدها ،وقد هطلت دموعها بشدة .
نزلت لمدخل العمارة تخرج للخارج لتجد الرجال يحملون جثة والدها ،فألقت نفسها عليه لتجبر الرجال على أنزاله ووضعه على الأرض .
كانت عند قدمه لتقبلها فزحفت للأمام لترفع رأسه على قدمها .
قالت بقلب ملتاع وعينها تشوشت من الدموع:
_بابااا ... ، باباا فوق الله يخليك ، باباااااا ..، مالك طيب ايه الـ وجعك
ايهه بتقول ايه 'ثم أقتربت منه تضع أذنيه بجوار فمه ، توهم نفسها انه يتحدث ' .. باباااا قول مالك يا حبيبي
اتكلم الله يخليك ، فتح عينااااااك يا بااابااا
كان كفيها تحيط بوجه والدها تضرب عليهم برفق في محاولة منها لأستيقاظه
ضمت رأسه لقلبها وهي تحيط بذراعيه مردفه ببكاءًا حاد:
_ بابااااااااااا
كان الجميع ينظر لها بحزن وقلوبهم مكويه من هذا المشهد ، فجميعهم يعلمون أن زهرة لم يتبقى لها سوى والدها الذي رحل أيضا .
تقدمت بعض النسوة منها على رأسهم "ام على" تجذبها من كتفها تحاول أبعاده عن والدها
_ خلاص يا بنتي.. وحدي الله ما تتعبهوش كدا ..!
لم تفعل شئ سوى أنها شددت من أحتضان رأس والدها لأحضانه رافضه أن يبعدوها عنه
تقدم أحد الرجال وأبعدها عنه عنوة فظلت تتمرمغ في الأرض رافضه بُعد والدها عنها وهي تهتف صارخة:
_ ابعدووووووو ..سبوني ...، بابااااااا .. ماتخدهوش مني والنبي .. ، بابااااااااااا ...!!!
احتضنتها "ام علّي" بجسدها وقامت أحدى النساء بشل حركت قدميها الذي خدشت وأدمت أثر عنف حركتها بالأرض الصلبة ، وقد تقطع أسدالها وظهرت قدميها ، وأخيرا استكانت حركة جسدها فاقدة للوعي تتمنى بينها وبين نفسها أن هذا الفقدان يكون أبديًا ..!

تائهة فِي سَرَايَا صَفْوَان  © -مُكتملة- حيث تعيش القصص. اكتشف الآن