تائهة في سرايا صفوان
الفصل الثاني والثلاثون
"الجزء الثاني "
............................................
في الولايات المتحدة الأمريكية ...
ثاني يوم
كانت شارده في الزجاج الذي بجوارها تنظر له شرود تتطلع لسحاب الملبد بالغيوم الكثيفة ثم تنهدت بثقل وكأن جبلًا على صدرها تحاول إزاحته ، شعرت بيده تُضع على يدها فسحبتها بهدوء ووضعتها على قدمها بعيدًا عنه .
شعرت بقلبها ينقبض وبدأت دموعها تهبط بدون أن يصدر لها صوت سوى صوت تنفسها المضطرب وهي تحاول كتمه كي تحبس دموعها من النزول ، ثم تزفره على مهل وعينها تبكيان .
شردت قليلًا في حالها عندما استيقظت من غيبوبتها القصيرة
"عودة للوراء " ...
بدأت بالتململ في الفرش ثم سحبت يدها بضعف تضعها على رأسه تشعر بآلم شديد وصداع يفتك بها ..
مهلًا ...، أين هي ..!، أحكمت أغلاق عينيها وقلبها ينبض بشدة هل أمسك بها ديميتري ..، هل يحتجزها في قصرها ..، هل ينوي قتلها ..، كان يقول هذا في أخر كلمات استمعته منه وهي بين أحضان إبراهيم .. ، إبراااهيم .. اين هو ..
عند هذه النقطة فتحت عينها جاحظة اياهم بفزع وخوف تملك من قلبها ، ولم تلاحظ أين هي ولا كم الوقت ، فقط انفرجت شفتاه هاتفه بصراخ :
_ إبراااااهيم ...، إبرااااهييييييم ...، إبرااااهـ...آآ
قاطعها دلوفه السريع من باب الغرفة وشعره مبتل يرتدي بنطاله وهو أيضًا مبتل و-فانله- حملات مبتله يشير أنه كان بالحمام .
أقترب منها يحاول تهدئتها سريعًا وهي تبكي وجسدها ينتفض بين احتضنها محاولًا السيطرة على ارتعاش بدنها، ربت على خصلاتها المتشابكة بعض الشيء ، وهتف بدفئ :
_ هشششش ..، قمر .. حبيبتي انتِ معايا اهو ..، خلاص بطلي عياط ..، انتِ كويسه والله .. قمر .. ركزي معايا ..، أنا إبراهيم ...أنا كويس والله .. قمري .. إنتِ معايا أنا هششششش
ظل يربت على خصلاتها بحنان وهدوء حتى انتظم تنفسها قليلًا ،.. ابتعدت تتفحصها وعينها وأنفها تلونوا باللون الأحمر الدموي ، ثم أردفت متفحصه اياه بنيرة باكية :
_ أنتَ ... أنتَ كويس ..، عملك حاجه ..،أنا شوفته ..، كــ ... كان معاه سلاح ..، قال أنوا هيموتـ آآ ..
قاطعها قائلًا بحنان :
_ بس .. بس ، أنا كويس وإنتِ كويسة يا قمر ..، مفيش حاجة حصلت إنتِ في البيت اهو في ڤلاتنا .. الموضوع خلص يا حبيبي ..، وبقالك ليلة كاملة نايمة من التعب ..، والدكتوة قالت إنك هتنامي عشان المسكن في منوم كمان عشان الجروح الـ في جسمك مكان ما وقعتي ، وكلها كام ساعة وطيارتنا تطلع ..
ثم اقترب مقبلًا جبهتها هاتفًا بندم شديد :
_أنا آسف إني عرضتك لكدا يا قمر ..، آسف أني مقدرتش أحافظ عليكِ ...، وآسف إني ... إني ضربتك بالشكل دا .. والله العظيم ما شوفت في بالي غير صورتك وإنتِ ..آآ
قاطعته وهي تبتعد من بين أحضانه بنفور ،فقد نست تمامًا ما حدث قبل تلك الحادثة ، طالعته بعينين دامعتين أرسلت فيهم له نظرة عتاب وآلم .
ابتلع ريقه باضطراب وتهتف محاولًا:
_ قمر والله ..آ
_ خـ..خلاص...، مـ .. مش .. عايزه .. اسمع صوتك ..، اطلع وبرا لو سمحت ...
نظر لها بحزن وندم شديد وهي تُشيح وجهها عنه ،رافضه أن ترى عينيه كي لا تُضعفها .
واقف متنهدًا بثقل ، ثم توجه نحو الباب ..، ابتلعت ريقها وهي تنظر له بحزن ثم ما لبثت ان وجدته أدار جسده له يكاد يهتف بشيء فنظر سريعًا لبعيد ...
ابتسم ابتسامه لم يأذن لها القدر بالظهور كاملًا عندما أشاحت وجهها بعيدًا عنه ،ظن أنها لربما قد تغفر له خطيئته .
هتف بيأس :
_ الطيارة طالعه كمان تلات ساعات جهزي نفسك ..، ولو محتاجه وقت كمان تمام ..
ثم خرج دون أن يضيف كلاماتً أخرى ، هبطت هي من على الفراش تشعر بجميع أنحاءه جسدها تنطق بالآلم تود أن تصرخ كل جروحها ، توجهت ببطيء نحو المرآه ، توقفت قبل أن ترى نفسها بها ..، لا تعلم لما راودها شعور أن جسدها جمعيه مليء بالكدمات البشعة والمنفرة ، تقدمت بخطوات وتيده نحو المرآه تنظر للأسفل ..
ثم وقفت أمامه وهي لم تُحيد بنظراتها ، تخشى أن ترفع عينها ...، بدأت بهدوء أن تُدحرج مقلتيها لأعلى ببطيء .. ببطيء حتى نظرت لنفسها .
وجهها به كدمة كبيرة على خدها الأيسر ،وبعض الكدمات من ما اقترفت يد إبراهيم عليها والتي بدأت تزول ، نظرت لذراعها لتراها ،تتذكر تدحرجها كالكرة على الأرض الصلبة ثم الصخور والتي رأت اثرها على ذراعيها ،حيثُ كان عليهم الكثير من أثر الصخور .... خدوش وكدمات كثيرة تنتشر على ذراعيها.
أمسكت طرف القميص الأسود التي ترتديه ثم رفعته لأعلى لتظهر بطنها وهي أيضًا لم تسلم من تلك الخدوش .
أحست بدوار عنيف يضرب رأسها عندما تذكرت نفسها وهي على حافة الجسر حيث أنها تذكُر أنها فتحت عينها اليسرى لتتطلع لزرقة المياه الشاسعة جدًا من الأعلى هكذا .
فتحت عيناها وهي تستند بيدها على الكرسي الخاص بالتسريحة تُطمئن نفسها أنها بخير وبأمان .. بفضله هو بعد الله .
"عوده للوقت الحالي" ..
فاقت من شرودها على صوته وهو يقول :
_ يلا عشان قربنا نوصل ..
اعتدلت بجلستها تستعد للهبوط وهي تشعر ببعض الدوار قليلًا ، دقائق وبدأت الطائرة تهبط تدريجيًا فتمسكت بالمقعد بشدة وهي تغمض عينها ووقد زاد الدوار حدته أثر هبوط طائرة .
كان إبراهيم يمسك بيديها وهي غير مدركة نهائيًا لا بمسكتها تلك ولا بأنه تشحذ جلده بأظافرها .
استكانت الطائرة في مطارها الخاص على الأراضي المصرية ، فهتف إبراهيم بعد عدة دقائق :
_ قمر .. أحنا خلاص وصلنا ..!
فتحت عينها وضربات قلبها متزايدة وهذا الدوار اللعين الذي يعصف بها ، هزت رأسها بالإيجاب ثم لفت نظرها يدها فسحبتها على الفور لترى علامات أظافرها على يده ، فهتفت ببعض الفزع :
_ ايه دا ..، سوري مكنش قصدي .. انا ..، انا مخدتش بالي ..
نظر لها يطمئنها بنظراته التي دائمًا ما تُرسل وتحتجز داخل قلبها ،واردف :
_ مفيش حاجه ...، يلا بينا ننزل هتلاقي وليد وزهرة وماتيلدا وأحمد بقالهم كتير برا ..
أومأت بنعم ثم بدأت بفك حزامها ،كما فعل هو الأخر .
لاحقًا هبطا الإثنين من الطائرة متوجهين للخارج ، وقفت قمر قليلًا تشعر أنها على وشك التقيء لا تعلم لما ،ربما من الأدوية التي تأخذها !.
رأها وهي واقفه هكذا فاقترب منها بخطوات سريعة قائلًا بقلق :
_ قمر ..، إنتِ كويسه .. ،حسا بحاجه وجعاكِ .. !!
أنظروا من يتحدث ..، مصدر آلمها وأوجعها يُخبرها أتشعر بالوجع..؟! ، حاولت أن تتماسك قليلًا ، ثم بدأت بالسير دون أن تُجيبه ، حتى تخطوا إحدى البوابات لتظهر أمام الجميع .
_ قمـــر ...
هتفت بها زهرة وهي تقوم من مكانها بجوار وليد كما فعلت ماتيلدا أيضًا ، وركضا الإثنين نحوهما .
لم ينتبه أيً منهم لملامح قمر ولا لتلك الكدمه التي حاولت أخفاءها بخافي العيوب ، احتضنتها زهرة أولًا بسعادة جمه بعدها ماتيلدا ، وقمر تحاول جاهدة أن تكتم آلامها داخلها كي لا يشعر بها أحد .
اقترب وليد وأحمد من إبراهيم يحتضناه بسعادة، ثم ابتعد عنه وقبل أن يتحدث وليد استمع لشهقة زهرة العالية بخضة مما استرعى انتباههم جميعًا .
هتفت زهرة وهي تتفحص وجهها بخوف :
_ ايه الـ حصلك ..، مين الـ عمل فيكِ كدا ..، انطقي .. حصل اذاي دا ..!!
استمعت لتنهيدتها الحزينة ،ثم تحدث ببعض بنبرة متعبه :
_ ديميتري وصلي يا زهرة .آ..
قاطعتها شهقت زهرة وللمرة الثانية بخوف شديد ثم طالعتها بعيون حزينة ونظرت لإبراهيم قائلة بغضب شديد وصوت عالي :
_ وإنتَ كنت فين لما حصلهااا كدا ...، مش وعدتني هتخافظ عليهااا ..، هي دي الأمانة الـ أمنتك عليهاااا ...، مش قولت ماتخفوش دي في عنيااا ...!!
لم ينطق إبراهيم بكلمة بينما هتف وليد محاولًا أن يُسكتها :
_ زهرة اهدي ..، لما نشوف حصل ايـ ..آ
قاطعتها بنفس النبرة وقد انفعلت اكثر :
_ نهدي ايه ...!! ونشوف ايه ..!! ،ما كل حاجه واضحه على وشها اهي ..
ثم مسكت يدها بحدة تدفعها لإتجاه وليد كي يرى وجهها ولكن ما إن قبضت على ذراعها وجدتها تصرخ بألم ،... عقدت حاجبيها بدهشة فمسكتها لم تكن قوية أبدًا كُل القوة لتتألم هكذا ، بينما قمر تحاول إبعاد يدها ..، فقامت الأخر بإبعاد يد قمر عنها لترفع كمّ القميص الطويل التي اختارته خصيصًا كي يُداري تلك الخدوش والكدمات .
جحظت عينها وهي ترى يد قمر الممتلئة بعلامات كثيرة وخدوش حمراء ، ثم بكت قائلة لإبراهيم بعتاب وغضب وكثير من مشاعر الكراهية :
_ هو دا ..الـ هحافظ عليهاا ،... طلما مش آد كلامك بتقول هتسافر ليه ..!! ، مقدىتش تحميها منه ..، راجل اذاي بقى وانتـ..آآ
أنت تقرأ
تائهة فِي سَرَايَا صَفْوَان © -مُكتملة-
Mystery / Thriller"دراما مصرية " _وليد إنت ليك علاقه بقتل محمود ..!! لم يستطيع الأجابة فقط أكتفى بهز رأسه بالايجاب ، فشهقت إلهام بصدمة وحزن في آن واحد وقالت: _اذاي .. اذاي يا بني ..! تنهد بحزن ثم اعتدل وطالعها قائلًا: _ ياسر يا إلهام هو الـ قاتلوا ، كان عايز يجندوا ب...