الفصل السادس والأربعون "الجُزء الثاني"

4.3K 228 36
                                    

تائهة في سرايا صفوان
الفصل السادس والأربعون
"الجُزء الثاني"

*****************************
لن تخبرهُ بحملها سوى غدًا، لن تتحمل عيونهُ التي سيكسوها الحزن إن خرجت نتيجة التحاليل سيئة.
ابتلعت ريقها قائلة بتوتر:
_مـ..ممكم تبقى تيجي معايا بكرا،.. ناقصلي أخر تحليل بس هتيجي ممرضة الصبح تسحب مني عينة دم وبعدين هنروح لما يرنوا عليا ويقولوا ان النتيجة طلعت...
تنهد مردفًا:
_أكيد يا روحي طبعًا،... هنروح سوا وان شاء الله خير،.. ان شاء الله....
لحظات من الصمت قطعهم وليد هاتفًا بتسأل:
_هي دكتورة ايه يا زهرة..
حمحمت قائلة بتوتر:
_نـ..نسا وتوليد...
دقق النظر لها، توترها وترددها هذا لا يجعلهُ على مل يرام، لذا هتف بحذر:
_زهرة،... انتِ مخبية عني حاجه..!
أومأت قائلة، وهي تُحاول ضبط حديثها:
_لاء،...صدقني مش مخبية حاجه...
تنهد براحة قليلًا، ثم دنى مقبلًا وجنتها بحب، وبعدها قام ودلف للمرحاض ليأخذ حمامً دافئ.
مدت جسدها لأسفل الفراش وهي بأقصى حالات اكتئابها، وضعت يديها الاثنين اسفل خدها، وتركت نفسها لتخيلات التي تمرأ ببالها عن صحة طفلها،.. او بل الأصح نطفتهُ التي منهُ،.. تلك الأمانة التي وضعها برحمها.
بعد دقائق خرج من الحمام، يلف جزءُه السُفلي بالمنشفة، ظن انها نامت فنادها قائلًا:
_زهرة حبيبي، انتِ نمتي...!
لم ترد عليهِ، فأعتقد انها نامت، تنهد بيأس قليلًا ثم توجه نحو غرفة الملابس يرتدي ثياب خفيفة معاكسة للجو.
خرج من الغرفة، بعد ان ارتدى سروال خفيف من اللون الأسود، واتجه نحو الكومود يمسك هاتفهُ، فتحهُ وعبث على شاشتهِ يرسل رسالة ما، دقيقتين ليس أكثر ثم وضعهُ مكانهُ، واتجه نحوها، طالعها بنظرة خاطفة فوجد عينها مفتوحتين، عقد حاجبيهِ باستغراب، ثم دنى من الفراش وابعد الغطاء ليندس اسفلهُ، وهو يقول:
_زهرة انتِ صاحية..!،مردتيش عليا ليه...
انتبهت لهُ، فطالعتهُ قائلة باعتذار:
_معلش يا وليد كنت سرحانة....
اقترب منها وجذبها لأحضانهِ متمتمً بحنان وحزن:
_مالك يا عمري،.. ايه الـ فيكي بس.......
تنهدت مستنشقه رائحة الشامبو الذي وضعهُ على جسدهِ، جاهدت لتمسك دموعها وهي تبتلع تلك الغصة بحلقها، وأردفت هامسة:
_مفيش يا وليد،.. عايزة انام بس عشان مصدعة شويا...
شدد من احتضانهِ لها مردفًا باحتواء:
_نامي يا حبيبي،.. نامي...
استكنت قليلًا بين احضانهِ تتنهد بعمق، وهي تشعر براحة تتوغلها، أنزلت يدها بحرص شديد تحتضن بطنها مبتسمة، ليتها تخبرهُ....، لكن تخاف، تخاف ان تنطفئ تلك السعادة غدًا..!

*****************************

بفيلا سيد مُختار، كان يتحدث بهاتفهِ في مكتبهُ بعيدًا عن الأعين، هدر بمن يُحادثهُ بغضب:
_يعني ايه الكلام دا يا نيڤين،... بتلعبي من ورايا...
_بلعب ايه وزفت ايه يا سيد،... انتَ متعرفش انا جبت ياسر اذاي،... دا لولا الصدف مكنش وقع تحت ايدي...
قبض على يدهُ بعنف، ثم هتف بحدة:
_تقومي تتفقي معاه يوقعهم في بعض،... احنا عايزين الاتنين يا نيڤين،... الاتنييين...
_سيد،.. وليد رجع تاني القطاع الأمني...
شخصت ابصارهُ، ولوهلة ارتجفت يداه،.. اردف بصوت هامس:
_يعني ايه الكلام دا...
_يعني استغفلنا كلنا،.. طلع واخد اجازة مش استقاله، إبراهيم معانا مش هينفع ابدًا،.. ما تنساش ابوه الـ رفض وزق ايدينا زمان،.. لو الزمن رجع تاني ووصل لعلّي اي حاجه عن الموضوع دا هيعافر عشن ينقذ ابنه،.. انما وليد مفيش معاه حد لأب... ولا حتى أم،.. يعني العب معاه هيبقى أسهل،.. خصوصًا انوا بيثق فيا بدرجة كبيرة جدًا....
زفر بضيق، ثم تمتم:
_طب ما تحطي الأوراق وسط الورق وننهي ام الموضوع دا،... طول اوي يا نيڤين...
_مش بسهولة دي يا سيد،.. وليد بيراجع الورق ورقة ورقة،... دا غير ان مينفعش يكون معانا قبل ما ناخد الملفات الـ فيها اسامي الناس الـ تبعنا في مصر،.. دول لو اتكشفوا رحنا في داهية وسقف الأسرة هيقع،... لازم الأول ناخد الملفات دي وبعدين نضموا لينا....
_والله انا ما هيوديني في داهية غير مشياني وراكي،.. الأعظم مش بيحب الخسارة ابدًا يا نيڤو...
_ولا انا يا سيد،.. رغم انكم قولتوا ان موضوع امضة سالم على أوراق انضماموا للأسرة صعبة على وحدة ست،. بس انا نفذتها،... مفيش عندي لا مستحيل ولا خسارة،... مش الأعظم بس...
ابتسم بإعجاب على نبرتها الواثقة، فبالفعل، سالم لم ينضم لأسرة الأعظم بمحض إرادتهُ، الا انهُ وجد نفسهُ قبل أن يموت بسنوات بينهم.
استمع لها تهتف متسأله:
_الأخبار اتأخرت يا سيد،.. المفترض كنا نعرف رئيس الورزاء مات من نص ساعة...
_ماتخفيش،.. رياض أكيد على وصول، وهيبلغني بالخبر التمام...
أغلق معها الهاتف، على وعد بأن يُهاتفها عندما يُخبرهُ رياض بنجاح مهمة اغتيال رئيس الوزراء.
أمسك هاتفهُ وأوصلهُ بالإنترنت، ودلف على موقع التواصل الاجتماعي الشهير فيسبوك.
ظل يتصفح به بين المنشورات، لعله يرى صفحة ما موثقة تُعلن خبر اغتيال رئيس الوزراء وموته، لكن دون جدوى لم يجد شيءً.
بعد لحظات، دق باب المكتب فهتف سيد بلهفة:
_ادخل...
دلف رياض، وتقدم من المكتب وملامحهُ يكسوها الاضطراب، وقف سيد ودار حول المكتب متجهًا لهُ بسرعة، ثم قال بحماس:
_هاا يا رياض،.. قولي ان العملية نجحت...، هاا ما تقول ساكت ليه...
طأطأ رأسهُ أرضًا، ثم أومأ قائلًا بخفوت:
_للأسف يا سيد باشا،.. فشلت،... ومش لاقين الـ كان المفترض يقوم بالعملية دي....
حبس أنفاسهِ ثم رفع يديهِ الاثنين لأعلى وقبض عليهم بشدة،... زمجر بصوت حاد:
_حصل اذاي الكلام دا..، واذاي مش لاقين الـ**** داااا...
ابتلع رياض ريقهُ بتوجس،.. فهم الى الآن لا يعلموا كيف، شخصت أبصار سيد فاجأه، وأضاء بعقله جملة نيڤين:
_سيد،.. وليد رجع تاني القطاع الأمني...
تنفس بصوت حاد غاضبًا، ثم وعلى حين غرة قام بالاستدارة ولكم تمثال كبير بعض الشيء، بحدة فوقع أرضًا تزامنً مع صريخه باسم:
_ولييييييد.....!!!!!!!

تائهة فِي سَرَايَا صَفْوَان  © -مُكتملة- حيث تعيش القصص. اكتشف الآن