الفصل الثالث عشر

9.6K 422 85
                                    

تائهة في سرايا صفوان
الفصل الثالث عشر

...........

نزل وليد أولًا ثم ذهب ليفتح لجدتها يساعدها على الهبوط ، ونظر لعادل الواقف في الخلف :
_ ودي الشنط على طرقة باب المضيفة في الشمال هناك
أشار وليد برأسه أن يذهب في هذا الاتجاه ، فتوجه عادل يأخذ الحقيبتين ثم أعطاهما لحارسين وأخبر أياهم أين يمكنهم وضعها .
أما وليد فقد تقدم بإلهام لداخل وخلفه زهرة وقمر يتطلعان للمكان بإعجاب ممزوج بخوف ورهبة من القادم .
همست قمر بصوت خافت :
_ حسا إن بطني وجعتني ..!!
_وأنا كمان ، خايفه مش عارفه ليه
كادت قمر أن ترد لولا صوت منال الذي استرق انتباه الجميع وهي تقول مرحبه:
_ ألف حمدلله على السلامة البيت نور ...
'ثم تلقفت يد إلهام تقبلها وتابعت'
_البيت كان مضلم من غيرك يا ماما والله
هتفت إلهام وهي تربت على كتفها :
_تعيشي يا بنتي
نظرت منال لزهرة وقمر المنكمشين على أنفسهم بخجل فأقتربت قائلة :
_ البيت نور بيكوا يا بنات ، متتخيلوش فرحتي اذاي لما وليد قال انكوا هتشرفونا هنا ..،وسُمية ومريم .. تعالوا تعالوا واقفين كدا ليه ...يا سُميااااة .. مريم ...
لم تكن زهرة متوقعه هذا الترحيب منهم قط ،ولكن ما حدث بعث في نفسها القليل من الراحة والطمئنينة .
توجهت تسلم على منال ثم يلها قمر ثم دلفوا جميعًا داخل حجرة الصالون الواسعة ،وهبطت مريم من فوق وبعدها سمية التي تحمل عز .
دلفت مريم تطالع الفتاتين بتدقيق ، احدهما محجبة والأخرة لا ،والاثنين يمتلكان جمالًا هادئًا
تقترب مريم من إلهام قائلة :
_ وحشتينا يا نينا ..
ربتت على ظهرها بحنان قائلة :
_ ميوحشكيش غالي يا ام الغالي أبدّا ..، فين حبيب تيتا
_ اهوو يا ستي جاي بنفسوا
هتفت بها سُمية التي دلفت في الحال وقلبها يرتعد مما سيفعله وليد معاها ، توجهت تسلم على جدتها مرحبة
وقفت مريم أمام زهرة تمد يدها بالسلام فقابلتها الأخرة بمجاملة وقامت تقبل وجنتها بالسلام المعروف لتهتف مريم بنبرة هادئة:
_البيت نور بوجدكوا ... أنا مريم مرات سامي وأم عز
هتفت زهرة مرحبة بإبتسامه جذابة :
_ البيت منور باصحابه ...، وأنا زهرة
ثم انتقلت مريم لقمر التي وقفت تسلم عليها أيضًا وتقبله وقالت مريم :
_ نورتوا البيت والله ..
قالت قمر بمحبة :
_مرسي ! منور بأصحابه .. وأنا يا ستي قمر
طالعتهم سُمية بإعجاب وهي تردف :
_ ماشاء الله انتوا الاتنين اسم على مسمى
ثم سلمت على زهرة تليها قمر وأردفت سمية :
_ منورين البيت والله يا جماعه .. فرحنا جدًا لما وليد قالنا انكوا هتيجي تقعودوا معانا شويه
ابتسمت زهرة بخجل قائلة :
_ احم .. عارفين إننا هنتقل عليكوا بس مقدمناش حـ...
قاطعتها سمية قائلة :
_ تتقلوا ايه يا بنتي عيب الـ بتقوليه دا ..، دا البيت بتكوا وإن مشالتكومش الارض هنشلكوا فوق راسنا
ابتسم وليد بغبطة على حديث أخته ووجد مريم ترد قائلة :
_ فعلًا ..، اهو البيت يكون ليه حس كدا بعد ما يكون فيه أربع بنات
'ثم نظرت لوليد هاتفه'
:بص بقا يا استاذ من هنا ورايح ، الدخول بحساب والخروج بحساب أحنا بقينا اربعة وانتوا اتنين ،وكلمنا أحنا الـ يمشي ...
قاطعها وليد مردفا بسخرية :
_ بس أحنا الواحد فينا باتنين في كل حاجه ، ورث وشهادة ..يعني كدا كدا تعادل
هتفت سمية بعند متناسيه خوفها منه :
_لا يا بابا .. ، أحنا في العدد أكتر منكوا وهنعمل حركة نسوية ونقيم عليكوا الحد كمان
كاد وليد أن يرد لولا منال التي قالت :
_ اسكت يا وليد دول مش هتاخد منهم حق ولا باطل
نظر وليد لسمية وهتف بخبث:
_ما بلاش أنتي عشان بتخافي على ناس كداا مش عايزه أجيب سيرتهم لحسن يجوا ... هنعدي الموضوع دا بمزاجي هاا ...
خجلت من حديثه المبطن الذي لم يفهمه سواها ثم نظرت له مبتسمة لتجده يغمز لها فأرسلت له قبله وهي تحمد ربها أن الأمر مر عاديًا ولم يحدث شئ ،بينما إلهام ومنال لم يفقه شئً .
دلفت سعادة قائلة :
_ نورتي يا حجه إلهام
_الله يخليكي يا بنتي اذاي حالك
_الحمدلله يا حجه ..، الأكل جاهز يا هوانم ...
وقفت منال قائلة وهي تأخذ بيد إلهام :
_ يلا يا جماعه .. يلا يا ماما
وقبل أن تعترض زهرة وقمر كانت سمية وضعت عز بين أيدي زهرة قائلة :
_ مفيش اعتراض يا ماما ... يلا
قبلت زهرة عزالدين ، الذي كان مرحب بها جدًا فقالت قمر بمرح ونبرة خفيفة :
_ممكن اشيلوا
أخذت مريم عز من يد زهرة وأعطتها لقمر قاىلة:
_ شيلي يا اختي شيلي ..، دا لو اتعود عليكي مش هيسيبك
ثم أخذتها من يدها كما فعلت سمية من قبلها مع زهرة وتوجهوا لحجرة الطعام ..
بعد دقائق كان وليد يجلس على رأس الطاولة ثم إلهام وأمامها منال وبعدها مريم وامامها سمية وبجوار مريم قمر التي أصرت أن تطعم عز رغم أنها أول مرة بحياتها تُجلس طفل على قدمها أو تتطوع لأطعامه وأمامها زهرة .. وقد بدأوا بالأكل
_أنا قولت العيلة دي لا يمكن تكون عيلتي ..، بتكلوا من غيري يا خاينين ..!!
هتف بتلك الجملة سامي الذي دلف لتو فقالت إلهام وهي تنظر له :
_ كويس انك جيت يا ابني تعالا أحنا لسا قاعدين
همست مريم لقمر قائلة بحرج:
_ لو مفيهاش إزعاج يا قمر ممكن تنقلي الكرسي الـ جمبك ...
قامت قمر بالفعل لتجلس مريم مكانها ويجلس سامي بجوار والدته وزوجته ، بعد أن قبل راس جدته مرحبًا بها يلها امه .
هتف وهو يطالع زهرة ثم قمر بعد أن جلس :
_ واحده فيكوا زهرة واتانيه قمر .. بسم الله مشاء الله عليا بنجم ...
نظرت له إلهام بإستغراب وقالت :
_ عارفت اذاي ..؟!
طالعها ببرائه وهو يرفع منكبيه :
_بنجم يا جميلة الجميلات ..، ابقي خلينا اقرالك الكف واشوفلك الطـ...
_أنا قولتله انهارده
قالها وليد بنبرة هادئه قاطعًا عليه وصلة أكاذيبه المرحة تلك فرفع حاجبيه بإحراج مصطتنع وقال :
_ايه الأحراج دا ... منورين يا بناات والله ..
ابتسمت زهرة على مرحه وقد ذُهلت من صغر سنه وأنه والد عز وقالت:
_ شكرًا البيت منور بأصحابه ..
وقمر :
_ مرسي من ذوقك ..
قالت سُمية معرفة أياهم ،.. أشارت لزهرة وقالت :
_دي يا سيدي زهرة بنت عمو محمود 'ثم أشارت لقمر' ودي قمر بنت خالها ..
امسك معلقته وأشار لمريم بأن تأتي باللحم الذي بجوارها قائلًا :
_حصلة ألف بركة يا جماعه والله ... روما هاتي الصدر الـ قدامك دا
كانت تشعر بالغيرة لحديثه المرح هكذا مع الفتيات ،فأمسكت بقطعة اللحم الذي أشار لها وقامت بوضعها في طبقه بإقتضاب ، فوضع معلقته جانبًا وامسك يدها مقبلًا أيها قبل أن تمسك معلقتها قائلًا:
_ تسلمي يا عيوني ....
شعرت بالخجل الشديد وأشتعلت الحرارة بوجهها ولنقول أنه ارضى غرورها كأنثى قليلًا ، وأبتسم الجميع عليهم ، وما لبثت أن ضربته منال برفق قائلة :
_ يواد اختشي ياواد .. ، أخوك قاعد والبنات
_الله يا ماما .. واحد قاعد يحب في مراتوا ، مالكوا انتوا اش دخلكوا ..، هاتي يا بنتي اما ابوس راسك حد ليه حاجه عندنا ..!
ثم مدّ جسدهُ قليلًا واقترب مقبلًا رأسها الا أنها سحبتها بقوة قائلة بخجل جمّ :
_سامي بقى ..! عيب كدا والله
همس لها قائلًا:
_عيب ايه ...دا انا كاتب كتاب وعندي عيّل!،دا انا اجبلك العقد والعيّل،احنا هنهزر .!
جذت على اسنانه بقوة ناتجه من خجلها وقالت بتحذير :
_ سامي..!!!
انتبه لطبق الطعام الخاص به وبدأ بتناوله قائلًا:
_خلاص ..، بلا سامي بلا عباس وقت الأكل يعني مفيش كلام ...، ست رغايه صحيح كلي بقى ..
هزت رأسها بقلة حيلة وبدأت في تناول الطعام وبعد دقيقتين كانت تُنزل يدها للأسفل، فمدّ كفهُ بمشاكسةٍ وثنى أصبعهُ السبابة قليلًا نحو الإبهام، ثم على حين غفلة قام بفردهِ بحدةٍ، ليضرب ظفرهُ ظهر كفها بقوةٍ، وتلك الحركة أكثر شيء تكرههُ منهُ، أصدرت تأوه مسموع وهي تنظر لها مصدومة بغيظ شديد فنظر لها ببراءةٍ قائلًا:
_ ايه يا روما مالك...! عليكي طلعات كدا ، انتي لازم تروحي لشيخ ..
هتفت بحنق قائلة وجميع الاعين عليها :
_ وحياة أمك ...
هتف وهو يشير نحوها:
_مهي قاعده ساكته اهي جات جمبك!، ايدك ابوسها يا حجه
ثم قبل يد والدته الذي ضحكت عليه بينما هتفت إلهام :
_ كل يا سامي عشان مزعلكش قدام ابنك
_ لاء وعلى ايه الطيب احسن خلاص ..
لحظات مرت ليقوم سامي وهو يجذب أحدى قطع اللحمة يضعها أمام وليد قائلًا:
_ كل يا وليد كل .. مالك هفتان اليومين دول كدا ليه ..
تحدث وليد قائلًا بنفاذ صبر :
_ عشان كدا مردتش أرن عليك أقولك الأكل جهز ..!
همس سامي بحروف كلمة "واطي ..!" الذي استقبلها وليد بإبتسامه باردة ومتوعدة .
مرت خمس دقائق حتى أصدرت قمر تأوه أشبه بالذي أطلقته مريم من قبل فنظرت لسامي مصعوقة فقال متفاجئٍ:
_ والله ما عملت حاجه .. منا أيدي اهي 'ورفع يده الممسكة بقطعة دجاج والأخرى الملعقة '
نظروا لقمر جميعًا وجدوها تحاول نزع يد عز من إمساك تلك النجمة التي تزين أنفها ، وقد أحمرت وهو لا يريد تركها قبل أن ينزعها ، وكأن وجودها يستفزه ...
هتفت سُمية بسرعة:
_ يالهوي! .. هيخلع مناخير البنت الحقيه يا مريم ...
وقفت مريم تحاول جذب عز من يد مريم الذي كان متمسكًا بها بشدة ، وحتى لا تفلته من يدها قبل ان ينزع حُليها ،استنجد بشعرها قابضًا عليه بعنف بأصابعه الصغير حتى لا يتحرك مع مريم
هتف سامي الذي يحاول إبعاده هو أيضًا :
_ ينهار أبوك أسود .. ابعد يلا دانت شلوحتها ..
_عـــــز !!!...
هتف بها وليد فاجئه بنبرة أرعبتهم جميعًا قبل عز الذي ارتج جسده أثر الفجعة ثم استكان يبكي في احضان قمر وسرعان ما جذبته مريم لأحضانها تربت على ظهره بحنان ..
فقال وليد وهو يقف مرددًا يده:
_ هاتيه يا مريم
رغم أن عزالدين يخاف وليد في بعض الأحيان ،إلا أن بينهم كمياء من نوع خاص ووليد يحمل له معزة خاصة جدًا بقلبه نهايك عن أنه أول حفيد للعائلة ، لكنه يحبه وبشده.
استكان عز بين أحضانه بعد أن مسح وليد دموعه وقبْل أعلى رأسه ، وعاد الجميع يتناول طعامه
نظرت زهرة لقمر فأرسلت لها نظرة مطمئنة وعيناه تتابع عز الصغير
هتفت إلهام مازحة :
_ بقا كدا يا ولا هتضيع مناخير البت .. طب قول إن عينك منها وأنا أجوزهالك
لم يفقه شئ من حديثها الذي أضحك الجميع ، لينزل بقبضة يده في طبق وليد جاذبًا حبيبات الرز بين يديه ودون أرادة منه دفع صحن الحساء ليقع على الأرض.
هتف سامي وهو يرى تعبيرات وجه وليد التي تجزم أنه سيقوم بالفتك بابنه :
_ يالهوي!!
تابعت مريم وهي تلاحظ أيضًا:
_ لاء دا يالهوي فعلًا!!
ثم قامت مسرعة تجذب عز الدين من على قدم وليد وخرجت من حجرة الطعام تحت صراخ الطفل يريد الرجوع لعمه ...

تائهة فِي سَرَايَا صَفْوَان  © -مُكتملة- حيث تعيش القصص. اكتشف الآن