الفصل السادس والعشرون

7.3K 304 89
                                    

تائهة في سرايا صفوان
الفصل السادس والعشرون 
.............

_ ماتيلدا أنا بجد خلاص مش قادر استنى أنا بحبك اوي ..، تتجوزيني ..!
نظرت له بعدم فهم وإستغراب لكنه فهمت كلمته ثم أردفت :
_ أهمد .. إنتِ تهبي أنا ..
_ اوي يا ماتيلدا ..،لولا إن الوقت مكنش مناسب قبل كدا كنت طلبت أيدك علطول .. ها مقولتيش رأيك موافقة ...
اصطدم جسده بعنف بالأرض الصلبة بعدما وقع من على الأريكة
_ قوم يا ابن الموكوسه ...
نظر لوالدته التي تقف بجواره تطالعه وهو يبتلع ريقه ثم حاول الإعتدال ليجدها تقول :
_ ها مقلتش موافقة برضوا ...
نظر لها بحرج بعد ما اعتدل ثم قال :
_ مـ.. موافـ..ـقه ايه ..!؟
_ عمال أهز في دراعك يا أحمد يا أحمد .. يا بني السحور هيروح عليك وإنتَ استني يا ماما هتوافق تتجوزني اهي .. لحد مالقيتك طسيت على الأرض كدهو ..
ثم ضربت كفيها ببعضهما فنظر لها بحنق مردفًا بغيظ مشتعل :
_ وإنتِ يعني حبكت تدخلي تصحيني قبل ما أخد موافقتها يعني .. كان لازم خلاااص ..
همت بأن تنخفض تأخذ بحذائها لولا أنه قام سريعًا من مكانه وتوجه إلى الخارج راكضًا ووالدته تقول بصوت عالي :
_ يلا يا ظابط على وحده ونص..
وجدته اختفى من أمامه فاعتدلت تنظر لأثره بحنان قائلة :
_ ربنا يجعلها من نصيبك يا بني .. دي تاني مرة اسمعك تقول اسمها وانتَ نايم ..
التمعت عيناها بخبث ثم دارت عينها على محتوى الطاولة حتى وقعت عيناها على هاتفه بجوار علبة السجائر الخاصة به .
أمسكته سريعًا تفتحه ببصمة يدها ثم اتجهت نحو جهات الإتصال وكتبت اسمها عدة مرات بالعربي والإنجليزي إلا انها لم تجد اسمها فعقدت حاجبها مستغربه وأردفت :
_ معقول مش معاه نمرتها ..، لاء والله ابني وأنا عرفاه
ثم بدأت بالتدوير مرة أخرى حتى وجدت جهة اتصال مكتوب عليها "أحمد الجبالي م " ويجاور الأسم قلبين باللون الأحمر فرفعت حاجبه مبستمة بسخرية :
_ يا صايع .. والا أنا كده مش هعرف اجبها ..!
أخرجت هاتفها من جيب عبائتها ثم فتحت الكاميرا وصورت الرقم من هاتف أحمد ،ثم وضعت هاتفها مكانه وخرجت من جهات الإتصال الخاصة بأحمد وضغطت على أحد ازرة الشاشة الرئيسية بالأسفل لتحذف جهات الإتصال من التطبيقات الحديثة ،إلا أنه لفت نظره الصفحة الموجودة على الفيس بوك فلم تضغط عليه واكتفت بمشاهدة الصفحة كما هي ،وجدتها عدة صور لماتيلدا على صفحتها الشخصية على الفيسبوك ،فقالت :
_ ومش عايز تحلم بيها يا ابن زينب ..!!
أغلقت الهاتف وتركته على الطاولة كما كان وتوجهت للخارج كي تجلس معهم على طاولة السحور .
**************************
هبطت الدرج تترنح قليلًا غير قادرة على فتح عيونها ،كان يتطلع لها وهو يهبط هو الأخر ببطئ يراقبها حتى كادت أن تقع متدحرجة كالكرةِ، فأقترب سريعًا قابضًا على ذراعها بقوة، يجذبها لأعلى، بعد أن فلتت أحدى أقدامها وأختل توازنها قبل أن تنزلق قدمها، دفعها للخلف قليلًا وهو يقول بخفوت :
_ انتِ كويسة!
_احممم ..رمضان كرييييييم يا أخ وليد ان شاء الله ..
برقت عيناها بصدمة وهي ترى وليد القابض على ذراعها، ثم قول سامي الذي يهبط من على السُلم بجوار مريم ،.. ضربت الحمرة وجنتها لهذا الوضع وتمنت لو انشقت الأرض وابتلعتها في جوفها .
أما وليد فقد ابتعد عنها ببرود وكأنه لم يفعل شئً ،لتهبط سريعًا من أمامهم وسط ضحكات مريم الخافتة ،نظر وليد لسامي بغيظ ثم تركه وهبط وهو يدعو عليه .
طالعته مريم بإستنكار مضحك :
_ ليه كدا يا رخم أحرجت البنت، دي كانت هتاخد واقعة!!
هتف بحنق :
_ اهو وليد بيه منقذ المهمات الصعبة لحقها،... هو الواد دا هيجي امتى
قالها وهو يربت على بطنها بحنان فقالت :
_ يجي ايه ..، دانا لسا في الشهر الثاني ..
_حسوا طول شويا ..، دا عز يادوبك عرفنا انك حامل من هنا وانسلت بعد كام يوم من هنا ..
رفعت حاجبه مردفه :
_ لاء دا أنتَ شكلك لسا نايم يلا يا خوياا عشان الفجر لو أذن وأنتَ ما اتسحرتش هتقعد مش طايق حد طول النهار أناا عارفه ..
اجتمعوا جيعًا حول السفرة في أجواء اقل ما يُقال عنها اكثر من رائعه حيث انسدل على أحد الجدران شبكة من أفرع النور باللون الفضي وتم تزين السقف بزينة رمضان ويتدلى من المنتصف فانوس رمضان مزين بطريقة جميلة .
كان وليد يحتل المقعد الرئيسي وعلى جانبه الأيمن الجدة يليها سُمية ثم زهرة والجانب الأيسر والدته بعده سامي ثم مريم .
هتفت إلهام وهي سعيدة للغاية :
_ رمضان كريم يا عيال ،وإن شاء الله رمضان الـ جاي نكون مع بعض كدا برضوا ..
هتف الجميع بـ :
_ إن شاء الله ..
أبتدؤا بالسحور ، مالت سُمية على زهرة وقالت :
_ بقا كده يا واطيه أقولك هنسهر سوا تقومي نايمه ..
هتفت بأعتذار بعد أن مضغت الطعام الذي بفمها وابتلعته :
_ والله أديت لتيتا الدواء ومحستش بنفسي ..، أنا نمت جمبها اصلًا على السرير ..
رفعت حاجبها بمكر وأردفت :
_ اممم عشان كدا وليد طلع بسرعة من عند تيتا لما دخلها ..
توقفت عن أكمال الطعام وبدأت تسعل عندما وقف الطعام بحلقها ،نظرلها الجميع بقلق سواه فقد وقف سريعًا مقتربًا منها وهو يمسك بدورق الماء الذي بجوارها يصب في كوبها معطيًا اياها الماء وهو يهتف بقلق :
_ اشربي عشان ماتتخنقيش بسرعه ..
أخذت منه الكوب وبدأت بإرتشاف الماء وقد كسى وجهه حمرة طاغية والجميع يطالعهم بمكر ولثاني مرة تتمنى أن تبتلعها الأرض ، وجدت عينها تدمع من أثر إحراجها الشديد ، وزاد وطغى عندما وجدت وليد يقول :
_ بقيتي احسن ..
هزت رأسها بنعم سريعًا تتمنى لو تقبل يده كي يرجع لمقعده سريعًا .. ، هتفت منال وهي ترى أحراج زهرة :
: خلاص يا حبيبي بقت كويسه .. يلا عشان الفجر قرب يأذن ..
رجع لمقعده بتثاقل كان يتمنى أن يسحب المقعد الذي بجوارها ويجلس عليه ، وقعت عيناه صدفة على سامي وجده ينظر له بخبث مبتسمًا بمكر ثم همس بصوت وصل للجميع :
_ يا حنين .. آآآهه
ضغطت مريم على قدمه بشدة ونظرت له بحدة فقال بصوت هامس :
_ في ايه ..
_ عيب كدا ..
همست بتلك الكلمات بصوت منخفض ، كانت تشعر بأن جسدها بأكمله عبارة عن كتلة من السخونه الشديدة حتى انها لم تستطيع رفع عيناها بأحد .
امسكت بطبق الزبادي تأكل منه بهدوء بعد أن زهدت الباقي واكتفت به فقط ثم ارتشتفت بعض المياه التي تبقت من ما وضعه لها وليد .
الله أكبر الله أكبر ..
جحظت عين سامي بصدمه وهو يقول بحسره :
_ لاء بالله عليك لااء مأكلتش زبادي ومشربتش مايه .. لاء استنى يا عم ..
ضحك الجميع عليه فقالت سُمية معرفه لزهرة :
_ اهو كل رمضان على كدا ..
بينما طالعه وليد بتشفى مردفًا :
_ عشان تخليك في حالك بعد كدا ..
أخذت مريم كوب الماء ثم نظرت لسامي مردفه بتسلي :
_ سمسم..
نظر لها ليجدها تشرب الماء امامه بلتذذ ثم وضعت الكوب سريعًا وقامت من مكانها قبل أن يمسك بها فقام خلفها سريعًا قائلًا بغيظ :
_وديني منا سيبك ... ماتجريش يا بت المجنونه الواد هيقع ...
ضحك الجميع على اثرهم ضاحكين فهم يعلمون أن مريم ممنوعه من الصيام لحملها ، وكذلك إلهام بسبب مرضها .
هتف وليد لإلهام بجدية مردفًا :
_ تيتا .. اوعي تصومي .. ولا اقولك عشان ابقى متأكد خدي ..
وأخذ قطعة عيش وضعها في الجبن ثم رفعها لفم جدته مردفًا :
_ افتحي ..
_ يا وليـ.آ
_ بقولك افتحي .. أنا عارف هتسهينا وتصومي وبعدين تتعبي ... يلا بقى
فتحت فمها مرغمه تلتقط من حفيدها تلك اللقمة فهي كانت بالفعل تنتوي الصيام في الخفاء وتخبرهم أنها كسرت صيامها وفطرت رغم أنها تعلم مدى عواقب تلك الفعله على صحتها .
امسكت هاتفها ثم جذبت يد زهرة قائلة بحماس :
_ تعالي نتصور هنا المكان جاامد .. 'ثم نظرت لوليد ' ابقى خلي الـ عملوه يعملوا كل سنه يا وليد .. بجد الديزاين تحفه .. صح يا زهرة ..
أومأت موافقة فالمكان بالفعل رائع جدًا ، ابتسم لهما ثم قام من مكانه مردفًا :
_ ان شاء الله ابقي فكريني بس ،.. يلا هروح اصلي الفجر واجي ..
ثم خرج خارج حجرة السفرة ينادي على سامي كي يذهبوا سويًا للجامع الذي يبعد عن قصرهم بسيارة مسافة خمسة دقائق وسيرًا مسافة عشرة دقائق .
بعد مرور ساعة ونصف توجه الجميع إلى حجراتهم ليدلفوا النوم ،وقف أمام باب غرفة جدته وهو متردد أن يدلف ،يخشى أن تكون معها او نائمة كما كانت منذ ساعات .
نبت على شفتيه الغليظة إبتسامة جذابة وهو يتذكر عندما دلف لغرفة جدته ورأها تستلقي بجوارها وحجابها غير محكم وتغط في نومًا عميق ،وقف متخيلًا انه دلف لفرفته هو ورأها هكذا كان سيذهب لها يُعدل جسدها حتى لا تتعب عظامها ثم سيغطيها ويحكم الغطاء حولها كي لا تبرد ثم سيدنوا منها مقبلًا جبينها ،... لكنه فاق من احلام اليقظة تلك عندما رأى جسد جدته يتحرك فخرج سريعًا خوفًا من أن تراه هكذا .
حسم أمره بأن يقترب يدق الباب بهدوء ويرى ماذا سيحدث ، وبالفعل اقترب ودق الباب بهدوء وخفوت شديد استمع فيه اصوت جدته وهي تقول :
_ ادخل ..
اقترب اكثر من الباب قائلًا :
_ زهرة هنا ..
_ لاء ادخل يا بني ..
حلما نطقت برفض فتح الباب سريعًا ودلف لها ، اقترب من سريرها ثم جلس بنفس المكان الذي وجد زهرة تنام به ونظر للإلهام ..
مرة دقيقة ..،الثانية .. الثالثة .. الربعة حتى هتفت إلهام بضجر :
_ لاء أنا مش زهرة عشان تبحلق آآ
_ أنا عايز اتجوزها ..
قاطعها بقوله الجاد وبشدة ،نظرت له ترى تعابير وجهه وتدقق بها ، لم ترى كل هذه الجدية من قبل ،ابتسمت له بسعادة ثم قالت :
_ وايه مانعك...
وضع رأسه على فخذها ثم أردف بصوت حزين :
_ أول مرة شفتاه في العزا كان هاين عليا اطبطب عليها واقف جمبها واقولها ماتخفيش أنا معاكِ .. ،حسيت بإنجذاب شديد اوي ليها زي ما تقولي مغناطيس شمالي لقى قطبه الجنوبي .. عارفه كل مرة بشوف ياسر فيها ببقى عايز أموتوا عشان هو السبب في موت ابوها ..... بسببي برضوا ..! ، هو السبب في إن دموعها تنزل .....بسببي برضوا...! ، أنا بحبها اوي .... كنت سايب مهمة العروسة لماما مش متوقع إني هيجي يوم وأحب جامد كدا ...... زي سامي واقول لماما خلاص أنا لقيتها ... بس اليوم دا جه وجات البنت وأنا بحبها لدرجة مش ببقى قادر اتحكم في تصرفاتي قدامها .....، اي حاجه غير مسموح الناس تعملها أبدًا هي بس مسموحلها تعملها .....، ببقى فرحان لما بشوفها وبتلكك عشان تكون قدامي طول الوقت ... أنا عايز اتجوزها يا تيتا .. بس الـ منعني هو الحقيقة ، زهرة لو عرفت إن ابوها مات عشان رفض يسلمني ليهم هتبعد عني وتكرهني ..، انا عندي تفضل قدامي كدا من غير ما تكون مراتي أهون عليا بكتير أروح أقولها بحبك وتتجوزيني ونتجوز وتعرف إن ابوها اتقتل بسببي ..! هتطلب الطلاق وأنا عندي اموت ولا إني اسبها ..
هتف بكلماته الأخيرة في تأثر بالغ حتى ظنت إلهام أنه سيبكي ، تنفست بعمق ثم أردفت بحكمة :
_ بص يا بني .. ربنا سبحانه وتعالى كاتب نصيبك من قبل ماتتولد .، لو ليك نصيب معاها هتشوفوا ،تقولي بقا تعرف الحقيقة تعرف الكدب المهم إنك هتشوفه ،صلي استخاره .. وادعي ربك بيها يا وليد وبعدين في دعاء جميل اسموا "اللهم يا جامع الناس في يوم لا ريب فيه اجمع علي ضلتي .... " الدعاء دا أحنا بنقوله لنا تبقى حاجه ضايعه مننا .. ودلوقتي إنتَ ضايع منك زوجتك الـ نفسك تكون هي زهرة .. ادعي بيه دايمًا وربنا هيحطها في طريقك ويقولك اهي هي دي نصك التاني .. هي دي الـ خُلقت من ضلعك ومجرد ما تبص في وشها هتحس بسكينة وراحة بال كدا وكأن هموم الدنيا لاشئ ...، لو هي زهرة هتحس بكدا معاها لو مش زهرة هيبقى غير آآ
وجدته يزمجر قائلًا برفض :
_ لاء يا إلهام أنا عاوز زهرة ..
ضربته بمزاح على جذعه وهي تردف :
_ يلا اختشي شويا .. دانت أبوك لما قالي عايز اتجوز منال كان وشه في الأرض من الكسوف ..
_ بابا بقى ... الله يرحمه
أغمضت عينها بحزن على ولدها الفقيد الذي ضاع غدرًا من صديقه المقرب ، ثم هتفت :
_ أطلبها من ربنا يا وليد .. وصلي استخاره ولو فيها خير روح علطول واقولها إنك عايز تتجوزها ..
تنهد ببهدوء وكأن جدته قربت عليه المسافات أكثر ولم يخطئ قلبه عندما توجه لها هي أولًا .
قال وهو ينوي القيام :
_ هصلي استخاره ويا رب أحلم بيها وهي بتقولي تعالى اتجوزني ..
ضحكت بملئ فمها بشدة ثم قالت بعد أن هدأت :
_ يا رب يا بني يا رب.. وبعدين مش شرط تحلم بيها ..
_ ايه دا هو مش بيبان في الحلم لو في خير يبقا جنه بقا ولو شر يبقا نار وحاجات من دي ..
_ لاء يا حبيبي دا في الأفلام .. إنما في الواقع لاء إنتَ هتصلي استخاره وأفضل وقت بيكون بليل والأفضل الثلث الأخير وإنتَ بتصلي القيام كدا وبعدين أحنا في رمضان يعني مش هتلاقي نار ماتقلقش ..، وبعدين مش شرط تاني يوم  .. الموضوع بيبان منك إنتَ راحتك النفسية هدوءك نحيتها هتلقي ربنا بيجملها من نحيتك هتحس إن ليها حاجه تانيه جميلة اوي ،ولو ربنا مش رايد ليك الخير معاها هتحس بعكننه ومش طايق نفسك وحتى لما تشوفها هتحس إنك مكبوت او مضغوط ..، أو عايزها تختفي من قدامك بأي شكل حـ آآ
نظرت بجوارها وجدته قد غفى في النوم فنظرت له بحنان دفين ثم جذبت الغطاء ترفعه عليه ودثرته جسدًا ثم استلقت هي الأخرى ونظرت له ثم قالت :
_ روح يابني ربنا يجعلها من نصيبك ويفرج قلبك بيها .
*************************
في الولايات المتحدة الأمريكية
وضعت طبق الخبز على الطاولة وجلست بجواره على استحياء غير مدركه بعد أنها اصبحت زوجته .
_ بتفكري في ايه قمر ..
ابتلعت ريقه بتوتر وهو يحاصر نظراتها ثم أجابت :
_ م .. مفيش .. بس .. بس مش كان المفرود .. نـ.. نعرف يعني ..أهلك .. و.. وزهرة ..
وجدته يطالعها ببرود مردفًا :
_ مش لازم يعرفوا .. كدا كدا أحنا هنطلق لما ننزل مصر ...
ألجمتها كلماته وكأن دلو ماء بارد انسكب فوق رأسها في أواخر شهر يناير ..، هتفت بتعلثم :
_ يعـ.. يعني ايه ..
ظل على بروده الذي لم تعتده منه من قبل وأردف وهو يبعد نظره عنها يمسك بشوكته وبدأ في الأكل :
_ زي ما سمعتي يا قمر .. دا وضع مؤقت عشان أقدر أحميكي زي ما وعدت وليد وتخلصي امتحاناتك وترجعي بخير وقتها هنطلق بهدوء ومن سكات من غير ما حد يعرف برضوا ..
_ يـ.. يعني .. يعني إنتَ اتجوزتني عشان .. عشان تحميني .. زي .. زي ما وليد قالك ... وبس ..
وجدته يهز رأسه بالإيجاب ثم قال وهو يشير لطعامها بنبرة خالية من المشاعر تمامًا :
_ يلا اتسحري عشان فاضل ربع ساعة ...
نظرت لطعامها بنظرات زائغه بعد أن تجمع الدمع بعينها ،وهي تتسأل إلى متى ستظل هكذت حزينة منطفئة .
تناولت بعض القيمات القليلة جدًا ثم هبت واقفة تقول :
_ الحمدلله شبعت .. عنئذنك ..
ولم تترك له الفرصة حتى يوقفها كما أنها تجاهلت ندائه عليها ...، تنهد بغضب شديد ثم احتضن وجهه بكفيه في حزن وألم وأردف بخفوت بنبرة موجوعة :
_ أنا آسف يا قمر .. بس إنتِ الوحيدة الـ مش هستحمل منك نظرات الشفقة أبدًا ...
************************
مرة ثلاثة أيام انتهى فيها من جميع أعماله لأسبوعًا قادم كي يتثنى له أن يكون بجوارها ويعوضها عن الأربعة أيام الذي لم يستطيع رؤيتها فيهم .
دلف من باب حجرتها وجدها نائمة على سريرها جسدها أصبح أكثر ذبولًا وانتشرت الهالات السوداء تحت عينيها بشدة .
اقترب أكثر وجلس بجوارها ثم رفع يدها لفمه لاثمًا اياها بقبلة عميقة شعرت بها ، فتحت عينيها بوهن شديد ثم همست بسعادة :
_ فتـحي ..
ابتسم لها وهو ينظر في عينيها بكثيرًا وكثيرًا من المشاعر ، حاولت الجلوس فساعدها رافعًا جسدها لأعلى ثم اراح رأسها على الوسادة في الخلف .
طالعها بسعادة مردفًا :
_ أنا انهارده جاي أقعد معاكي اليوم كلوا ..، لاء وكمان هاخدك ونخرج من هنا شويا ...
رأى الفرحة الشديدة بعينيها يتبعه قولها :
_ بجد هخرج معاك ...
لا يهمها الخروج بالأساس، فقط ما أسعدها أنها ستكون بجواره وقتً اطول ، هز رأسها بالإيجاب وأردف :
_ ايوا هنفضل طول اليوم سوا ... ،الدكتور بلغني إن حالتك بقت أفضل بكتير فاضل شويا حاجات بسيطة وتخرجي ..آآ
قاطعته قائلة بنبرة مفعمة بالحياة :
_ يعني .. يعني ممكن أحضر العيد معاكوا ..!!
_ ايوا ان شاء الله ،.. ممكن تخرجي وتحضري معانا العيد وفرحنا هيكون بعد العيد بحاجات بسيطة ...
طالعتها بخحل مستحب لقلبه يكاد يطير من السعادة وهي بجواره هكذا ،ساعدها في القيام ثم تولى هو جميع تجهيزتها للخروج وانتهى أخيرًا بوضع طلاء الأصابع أحمر اللون القاني على أصبعها الصغير .
نظرت ليديها الإثنين بقليلًا من الحسرة فقد تلطخت بلون الطلاء حول أظافرها ، نظر لها يرى تعابيرها ثم لأصابعها وهتف :
_ احمدي ربك هو كان حد قالك اني كوافير قبل كدا ..
وجدها تبتسم له مردفه بمزاح :
_ لاء دانت ظبوطه حتى ..
تذكر هذا اللقب الذي دائمًا كانت تنعته به من قبل "ظبوطه" فأبتسم لها ثم أحتضنها مربتًا على ظهرها بحنان وهتف :
_ ظبوطه ظبوطه .. المهم إنك معايا ، بس بلاش دا قدام المجتمع عشان الهيبة والبرستيچ والذي منه يعني ..
استمع لضحكاتها التي جعلت قلبه يرفرف عاليًا ، أخذها وخرج خارج المصحة تلك وهو يرى تعابير وجهها السعيدة للغاية توجه الإثنين نحو أحد الملاهي الكبيرة ثم قال بعد أن قطع التذاكر وأعطاها اياها :
_ بصي بقاا عايزك تلعبي لحد ما تقولي يا بس ... عايز اسمع صوتك ملعلط كدااا ...
_ طيب صوريني ..
ثم أخرجت هاتفها وفتحت تطبيق الـ -Instagram- تخرج له الكاميرا ثم قالت بسعادة طفولية :
_ صوريني بالفيتر دا .. واعم save من هنا

تائهة فِي سَرَايَا صَفْوَان  © -مُكتملة- حيث تعيش القصص. اكتشف الآن