تائهة في سرايا صفوان
الفصل السابع والأربعون******************************
" وتسألني: متى سيجفُّ حبي؟
فقلتُ لها إذا جفَّ الوريدُ! "
بعد يوم طويل مرهق جدًا بنسبة لهُ، عاد للقصر وسط حراستهِ، التي تضاعف حجمها منذ فترة، دلف داخل أروقة القصر، لا يوجد أحد، بات يشعر انهُ قد سُكن.
صعد الدرجات للأعلى ثم اتجه نحو غرفة جدتهِ، فتح الباب ثم أطل برأسهِ لداخل بصمت، ليجد جدتهُ نائمة فعاد أدراجهُ ولم يشئ يُزعجها.
اتجه نحو الأعلى حيثُ جناحهُ، فهو قد اطمئن ان سامي بالمنزل كما سراج الذي يُلازم سُمية والتي الى الآن ترفض الذهاب من القصر.
دلف لدداهل جناحه بخطواتٍ ثقيلة، ثم اتجه نحو غرفتهُ هو وزهرة.
أدار المقبض وفتحهُ ليدلف، فوقعت عيناهُ على زهرة التي تمسك بأحد أكواب العصير تهم برشف أو رشفة منه، شخصت أبصارهُ وأسرع نحوها راكضًا وهو يهتف بها صارخًا:
_ زهراااة....
ارتعدت فرائصها فاجأه وبين لحظات كان الكأس التي كانت تمسك بهِ يهوى أرضًا متهشمًا لقطع صغيرة وتناثر العصير في الأرجاء، حدث هذا في لحظات قليلة، تزامنًا مع صوت وليد الغاضب وهو يهدر بها بنبرة عنيفة مستنكرة:
_أناا مش قولتلك مين مرة متشربيش أم حاجة تطلعلك من هناا،.. مش سايبلك عصير وأكل أنا الـ عمله،... ليه مصرة تتعبيني،... مش بتلاقي غير الحاجه الـ تعصبني ياا زهرة وتعمليهاااا....
تفاجئت حقًا من عصبيتهُ تلك،... لكن سرعان ما انمحى هذا التفاجؤ فهي هكذا منذ أسبوعين تقريبًا، انتظرت حتى انهى حديثه، ثم تحدثت بهدوء:
_ وليد...، حبيبي دا الـ عصير الـ انتَ عامله بأيدك والله....
طالعها بشك، فتابعا:
_والله العظيم،.. مش دا الشفشق الـ كان فيه..!
ثم أشارت لدورق بهِ عصير الزجاجي والذي يبدو انهُ بهِ عصير فراولة والذي تعشقهُ.
طالعها بتوتر من حدته التي لا داعي لها اطلاقًا، نزعت زهرة الغطاء عنه ثم وقفت امامهُ عاقدة ساعديها خوا صدرها وهتفت مستفهمة:
_ممكن افهم ابه الـ بيحصل دا،... بقالك أسبوعي متغير معايا يا وليد،.. ولحد الآن مش عارفة اقعد معاك ونتكلم، من يوم ما صحيت بعد ما روحنا لدكتور وملقتكش لما لاقيت نفسي في الفيلا بتاعتك، وانا احد الآن معرفش ايه الـ بيحصل فياا..،رد عليا لو سمحت وفهمني....
اختلجت قسمات وجههُ بتوتر، وحاول الهرب نردفًا بنبرة جاندة:
_عندي فون مهم لازم اعمـ... آ
قاطعتهُ هاتفه بصراخ وحدة وهي تتشبث بهِ بقوة قائلة برفض:
_لااء..، مش هتمشي وتهرب زي كل مرة يا وليد،.. مش هتمشي وتسبني زي المجنونة كدا مش عارفة ايه الـ بيحصل فيا ولا عارفه..
تركته واتجهت نحو درج الكومود تفتحهُ بحدة، فوقع دون عن إرادتها أرضًا وظهر عدة عُلب دواء تأخذ منهم، هتفت صارخة بضعف:
_ولاا عارفة باخد الدواء داا كلوا لييه...!!، رد علياا ساكت ليه يا وليد،. طمنيي..
اقترب منها مُزيحًا الدرج من أمامهُ، ثم أمسك مرفقها ودعها للجلةس هاتفًا:
_طيب تعالي اقعدي ما تقفيش..
ابعدت يدها عنهُ بحدة قائلة:
_لااء، مش هقعد يا وليد،... قولي انا في ايه..!
أصبح مؤخرًا لديهِ رُهاب من تركها بالفعل، لن يُجاهد ويخبرها بانها تُعاني من مرضٍ كهذا حتى لو في مراحلهِ الأولى، بالتأكيد ستتركه إن علمت أنه تم أذاها بواسطة أعداءه.
طالعها قائلًا:
_تعب الحمل بس يا زهـ..
قاطعتهُ قائلة بحدة:
_لاء انتَ كدااب...
شخصت ابصارُه بعد قولها، ثم هتف مستنكرًا قولها بحدة:
_ زهرة خدي بالك من كلامك...
نظرت لهُ بعتاب، ثم تركتهُ وابتعدت تجلس على السرير، احتضنت وجهها بيدها الاثنين، فنظر لها بضيق، ولحظات حتى تعالى صوت بكاءها.
تنهد بقنوط، ثم اتجه يجلس بجوارها هاتفًا بهدوء:
_زهرة...
ابتعدت عنهُ قائلة بغضب:
_ابعد عني وملكش دعوة بياا....
وثبت واقفه، ثم توجهت نحو الباب فتابعها بعينيه ثم وقف واتجه خلفها قائلًا:
_رايحه فين طيب...
لم ترد على كلامهِ وفتحت الباب وخرجت للخارج وهو وراءها، اتجهت نحو أحد الغرف الجانبية ثم فتحت بابها ودخلت وهمت بغلقهِ خلفها، فوضع قدمهُ سريعًا ليعوق غلقهِ، فتحت بصوت باكي:
_ابعد رجلك يا وليد...
_ لاء يا زهرة،. مش هسيبك ابدًا..
دفع الباب بحدة قليلة، فلم تقوى على ردعه وتركتهُ ليدلف، نظرت لهُ بضيق وتكونت الدموع الحادة بعينها، فتحهت سريعًا نحو السرير الصغير تنام عليه.
دلف ثم أغلق الباب خلفهُ واتجه نحوها ثم مكث بجوارها على جانبهِ لأن السرير لن يكفيهم سويًا هكذا.
لحظات وتسحبت يداهُ تحتضن بطنها، فهتفت بنبرة حادة:
_ابعد ايدك يا ولييد...
هتف بجوار أذنها بنبرة بريئة للغاية:
_ايه..!، بحط ايدي على ابني حبيبي،.. روحي وعقلي الـ عايز يتخانق وخلاص،.. بس انا تحت امره عشان عارف ان دي هرمونات حوامل بس مش اكتر...
صمتت، ورفعت يدها لفمها تكتم شهقاتها، لماذا تشعر بانهُ لا يحس او يشعر بها، لماذا هذا البرود الذي يتعامل بهِ معها،.. لماذا تشعر انها حقًا تائهة في سرايا قلبهُ، منهُ لا تعرف المخرج منها ومنه لا تعرف اين سكنها وراحتها الدائمة.
من بين شرودها، خرجت شهقاتها الباكية والتي تُعد رفيقتها في الآونة الأخيرة، شدد من احتضانها هاتفًا بحزن:
_بتبكي ليه طيب..!
استمعت لجملتهِ، فتنهدت وهي ترمي الكلام من فمها وكأنها تُبعد حجرًا جاثيًا على صدرها:
_وليد انتَ مش حاسس بيا،.. مش حاسس فيا ايه ولا انا مالي،.. المشكلة اني مش عارفه انا فيا ايه..!، عايزه أقول اني تعبانه،.. بس مش لاقيه التعب دا قدامي، ساعا بحس اني مشلولة مش قادرة اتحرك، وساعات لا،.. والـ رعبني اكتر أسلوبك معايا من وقت ما صحيت لقيت نفسي في الفيلا،... انتَ الـ جهزتلي الأكل، انتَ الـ بتهتم لأدق تفاصيلي،.. انتَ الـ بتعملي كل حاجه..، كل حاجه،.. ومش عارفه دا ليه ،او عشان ايه..!
انهت حديثها، تتسأل باستغراب واضح، تْفهم هو حديثها وانها مُشتته، تائهة، ضائعة، تنهد ساحبًا قدر وفير من الهواء ثم زفره براحة، وهتف بصوت رجولي رخيم ونبرة هادئة:
_ومين قالك اني مش حاسس بيكي،.. ولا حاسس فيكي ايه، وعارف انك تعبانه كمان، أنا طول عمري من أول ما عرفتك يا زهرة بهتم بأدق تفاصيلك، بس بطريقة مش ملحوظة،.. فيها ايه لما أبين ليكي انا أظ ايه بحبك، وفرحان بابننا الـ جاي في السكة،.. وإذا كان على الأكل، فالدكتورة منبه إن أكلك يتعمل بطريقة معينة جدًا وفهمتني اذاي،.. وأنا بلاقي وقت أعملك الأكل بتاعك،.. فـ ليه أخلي حد من الشغالين يعملوه،.. يعني مه انا بعمله لمراتي حبيبتي،. وداا على قلبي أحب من العسل كمان...
هذا الماكر، المخادع، والمحتال، بلسم بكلماتهِ قلبها بل وأنهُ جعلها تُحلق عاليًا من سعادة، ازداد تنفسها الغير منتظم من كثرة كبت مشاعرها الحميمية تجاههُ، حقًا ودت الآن لو قامت ورقصت من فرحتها بحديثه، أهي مهمة بنسبة لهُ لتلك الدرجة،.. حقًا يعشقها لهذا الحد.
استدارت لهُ لتكون بمواجهتهُ ثم دفعت يدها على حانبهِ تحيطه وهتفت وهي تستند على صدره متنفسة بعمق، قائلة بنيرة خجلة:
_أنا آسفة يا وليد على الكلام الـ قولته،... شكلها هرمونات حمل فعلًا...
قبْل شعرها بحنان وهو يمسد على ظهرها بحب، ثم هتف بوداعة:
_ولا يهمك يا روحي،... زهرة..
لحظات واستمعت لهُ يناديها فهمهت مُحيبة ليُتابع:
_ايه رأيك تنزلي چيم،.. تلعلي رياضة وتفكي عن نفسك شويا،.. هاا..!!
_اممم،. فمرة كويسة مش بطالة،.. هبقى اشوف مكان كويس وأقولك...
_لاء بصي، فيه في القرية جيم نسائي والكوتش اعرفها معرفة سطحية هكلمهالك وتابعي معاها،.. ايه رأيك....
أومأت قائلة:
_حاضر يا حبيبي الـ انتَ عايزه..
_لاء يا زهرة، مش الـ أنا عايزه،.. انتِ حبه تروحي ولا لاء...، لو مش عايزه خلاص براحتك...
_لاء هروح، اتفق معاها وابقى وديني عايزه حاجه تغير مودي الأيام دي....
ابتسم متنهدًا براحة، وها قد تمت ثاني واخر خطوة في طريق علاجها، أولهم الدواء التي تأخذهُ دون أن تعلم أنه لضمور العضلات التي كاد يُصيبها حقًا، والثانية التحفيز الكهربائي للعضلات التي تحدثت عنها الاء وناصر.
شدد من احتضانها بشدة وتملك ىم يعرفهُ سوى على يدها، مُنتهى الأنانية منهُ أن يمنع عنها معرفة الكثير من الأشياء في سبيل بقاءها معهُ،.. لم يُجازف بها أطلاقًا.
أنت تقرأ
تائهة فِي سَرَايَا صَفْوَان © -مُكتملة-
Mystery / Thriller"دراما مصرية " _وليد إنت ليك علاقه بقتل محمود ..!! لم يستطيع الأجابة فقط أكتفى بهز رأسه بالايجاب ، فشهقت إلهام بصدمة وحزن في آن واحد وقالت: _اذاي .. اذاي يا بني ..! تنهد بحزن ثم اعتدل وطالعها قائلًا: _ ياسر يا إلهام هو الـ قاتلوا ، كان عايز يجندوا ب...