الفصل الثاني و الثلاثون

58 5 23
                                    

الفصل الثاني و الثلاثون .
نجع الجن تأليف سماح عياد  .

تتذكر إبتسام ما حدث معها و مع هذا الشخص الذي هو إبن عميد الكلية و هو رجل أعمال ثري و تعرف عليها من خلال تردده على الكلية لأنه يحضر رسالة الدكتوراه و قد ساعدته أكثر من مرة في إختيار كتب مناسبة لنوع البحث الخاص به و في بعض الأحيان كانت تقوم بعمل ملخص لبعض الكتب التي يحتاجها ، و هي تفعل ذلك إكراما لوالده حيث أنها تعشق القرأة فهي ترى نفسها بين صفحات الكتب و كأنها تهرب من واقعها بالقرأة و لذلك دخلت كلية الآداب قسم وثائق و مكتبات و رغم أن هذا القسم غير موجود في محافظتها و سوف تضطر للسفر يوميا لمحافظة الأسكندرية عن طريق القطار فقد إشترط عليها والدها  إن أرادت أن تدخل كلية في محافظة غير محافظتها فسوف تسافر يوميا و لن تسكن هناك في بيت الطالبات ، فكانت تذهب و تعود كل يوم و كان الدكتور خالد أحد أساتذتها في الجامعة فأحبها إعتبرها كإبنته فهو لم ينجب بنات و كان يقول لها إنتي بنتي اللي مخلفتهاش ، و عندما تم تعينه عميد لكلية الآداب في محافظتها طلب منها عندما تنتهي من دراستها أن تذهب له في الكلية ليجعلها تعمل في مكتبة الكلية و قد تم ذلك بفضل تفوقها و حصولها على تقديرات مرتفعة طوال سنوات الدراسة و بمساعدة دكتور خالد لها ، و في عملها الجديد تعرفت على سلوى و أمل و أصبحت صديقتهم و هي أيضا تعرفت على الجميع و كونت صداقات مع كل من في الكلية و ذلك من خلال سلاحها السحري الذي لا يستطيع أحد أن يقاومه و هو الطهي فهي تعشق الطهي و تتفنن فيه و الكل يعشق طعامها فهي تستيقظ كل يوم مع أذان الفجر و تصلي و تقرأ أذكار الصباح و الورد اليومي من القرآن الكريم ثم تتوجه إلى المطبخ لتعد أشهى الأطعمة و تأخذ منها كمية كبيرة لها و لأمل و سلوى و ما يتبقى تعطيه لأي أحد في الكلية و قد يصادف أن يكون من الزملاء أو الزميلات فهي تتعامل مع الجميع بود على عكس سلوى المتحفظة في تعاملها مع الجميع .
حميدة ( أم إبتسام ) :  مالك يا بسومه مكشرة ليه حد زعلك .
إبتسام :  لأ يا ماما محدش زعلني بس أنا مصدعة شوية و عايزه أدخل أريح شوية .
حميدة :  طيب مش هتتغدي الأول .
إبتسام :  معلش يا ماما عايزه أنام و لما أقوم أبقى أكل .
تدخل إبتسام حجرتها و تسأل نفسها لماذا حدث معها هذا الموقف ، هل هي فعلا مخطئة في طريقة تعاملها و يجب أن تضع بعض القيود على تعاملها مع زملائها من الرجال حتى لا يظن أحد أنها سهلة  و يمكن لأي أحد الحصول عليها و خاصة أنها مطلقة .
هي يجب أن تضع مسافة بينها و بين الزملاء من الجنس الأخر في العمل حتى لا يسيء أحد فهمها و لا يتكرر معها ما حدث اليوم .

عندما أخذ يهددها هذا الشخص كانت ستضعف و تنهار في البكاء و تتوسل له ألا يفضحها و لكنها رأت من يقف متفرج على ما يحدث فشعرت بغضب و قوة لا تعرف من أين أتت بها و واجهت و حاربت و إنتصرت فقط حتى لا يراها ضعيفة منكسرة ، حتى لا يشفق عليها ، فهي منذ أن رأته شعرت بكره و بغض له فهو يشبه جابر و يضع نفس العطر الذي كان يضعه جابر ، و كأنه إعتدى على حبيبها و سرق منه عطره فهي لم تشم هذا العطر منذ أن رحل جابر إلا اليوم ، كيف سمح لنفسه أن يضع هذا العطر و متى قبل عودة جابر بعدة أيام ، فهل سيبدأ الصراع بداخلها منذ اليوم ، لا هذا كثير عليها و هي لن تتحمل ذلك .
تمنت أن ترتمي في حضنه و يضمها إليه و يذيبها بين ضلوعه ، تمنت أن تسكن قلبه ، تمنت أن تكون رفيق دربه ، تمنت أن تكون نور ليله .
و لكن ماذا أصبحت ، أصبحت لا شيء ، أصبحت خواء ، أصبحت ميتة تنتظره ليكفنها و يدفنها لتبعث مرة أخرى و تحيا في الجنة أو النار ، لا يهم طالما ستكون معه .
لا لن تكون معه و لن يمسها فقد إكتفت منه ، هي تحبه و لكنه بالنسبة لها مثل النار إن إقتربت ستموت بلهيبها و إن إبتعدت ستموت من البرد ، طالما في الحالتين موت فلتمت و هي تحافظ على كرامتها بعيدا عنه ،
لن تعود إليه مهما كلفها الأمر .

نجع الجن تأليف سماح عياد (عريس من تل أبيب )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن