الفصل السابع والستون.

13 2 64
                                    


••

في قصر الماركيزة أوليفيا ، كانت آريا الشابة الجميلة التي تعاني من الأرق ولم تتعافى جروح ذراعيها بعد ، أخذت تمشي في القصر وتستغل فرصة أن أمها منهكمة في العمل منذ أيام ، لم تكن تشعر بالراحة وتتخيل أنه سيأتي يومٍ قريب يتبعثر فيه حال هذا القصر ، ولكن أوليس متبعثراً بالفعل؟ لطالما كان الخدم والفرسان فارغوا العيون يتصرفون بغرابة ولا تسمع منهم لفظاً ، وقفت عند المرر القصيّ في القصر ، كانت غرفه تستخدمه أمها لتعذيب بيليوس، تذكرت تلك الليلة من ليالٍ ذات نفس الوقع ، يوم كانت أوليفيا تستضيف بيليوس في تلك الغرفة ، كانت أليكسا في الثانية من عمرها ، وآريا كذلك في هذه الحدود ، وبيليوس فتى في السابعة عشر! ، يجثو في تلك الغرفة على ركبتيه ، بجانب تلك الطاولة التي عليها جميع أدوات التعذيب ، وتأتي أوليفيا ، تقيّده ، ويبدأ الضرب ، كان الضرب مؤلماً ولكن ليس مميتاً ، ترفع النصل وتضرب وتشوه وجهه بشكل مريب ، والغرفة ملونة بالدم ، وآريا ، تبكي بصمت وتحدجهم من وراء الباب.

لا ندري لمَ وكيف يحضر الفتى نفسه إلى موضع كهذا ، وأوليفيا تضرب.

ويتعالى الصراخ.


- يا أختي أنقذيني!.

وتضرب .

- أنقذيني يا أختي!.

وتأخذ تلك السكينة الصغيرة وتخط على خده خطوطاً وتقول:

- أنا لستُ أختك! .

وتسيل الدموع على الدم ويقول:

- لكنكِ أوليفيا أغريجنت وأنا بيلوس أغريجنت!.

وتأخذ ذاك النصل الغليظ وتضربه على رأسه فيسقط على الأرض ويملؤها دماءً .

- اسمك بيل .

من سيعوضنا الآن؟ ، الفتى الغير واعي لوّن الأرض دماً ودمعاً ، دماً أحمراً ودَماً أبيضاً وهل تجف المدامع؟ ، وهل تعود النفس لما كانت عليه بعد التعرض لكمٍّ من التعب النفسي والبدني؟ ، وقد كان الفتى الذي يجب أن يرث الماركيزية! ، ولكن أوليفيا زوّرت عنه الكثير ، أردته قتيلاً حياً ، دوّنته فقيداً ميتاً جسدياً وفي سجلّات أغريجنت! ، قررت أن تمحو حياته ، لكنها لم ترحمه وتخلي إلى روحه سبيلاً ، قتلته ألماً ولم تقتله حقاً!.

والطفلة تحدج من وراء الباب وتلك الأنامل ترتجف، وتلك الدموع تنساب،  تنساب دون رادع ، أي نوعٍ من البؤس هذا؟ ، سمعت صوت أبيها يدخل متثاقلاً ولم تتح لها الفرصة كي تهرب وقفت ولاقاها بإبتسامة واسعة غريبة ، لم تكن حباً كانت عيونه فارغة كعيون دمية زجاجية ، وقال:

- إذهبي يا صغيرة .

فذهبت مسرعة وهي لا تفهم ، كانت تبكي ولكن لا أحد في هذا القصر يفهم أنها طفلة طبيعية ، في أرض أغريجنت لا أحد يعيش حقاً هنا ، الأجساد الحية كثيرة ولكن جميعها جثث تتنفس!.

في اليوم التالي مضت الطفلة إلى مرقد بيليوس ، سرير مهترئ في غرفة مهترئة ، في ذاك الفراش البارد وهو يصارع الألم ويعتصر ، طرقت آريا الباب ولم يجب طبعاً ، قد كان صوته قد ضاع بسبب كثرة صراخه في حين أن أخته الكبرى التي يجب أن تحميه تشوه وجهه وبدنه بشتى الطرق ، كان بيل طويلاً ولكنه عقلياً وصحياً ليس كأبناء جيله ، دخلت آريا وقالت :

- مارأيك أن نهرب كي تعتذر إلينا ماما ولا تضربك مجدداً؟.

- ....

-هيا لنهرب يا بيلوس!!.

- أنا...

- أخيراً تكلمت يا بيلوس!.

- أنا لستُ بيلوس .

-اسمي بيل.

لم تبكي آريا يومها لأنها لم تفهم ، لكنها بكت وهي ابنة الثامنة عشر عندما استوعبت الجزء التراجيدي في تلك العبارة ، ما ذنبك يا بيل؟ ، ماذنبك كي تسلب روحك وإنسانيتك؟ ، ماذنبك كي تردى قتيلاً حياً؟ ، ما ذنبك؟.

فِي المُستَحيل!.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن