عاد إلى القلعة الملكية ، توجه لجناحه ، أخذ حمامه المعتاد وجعل الماء ينساب على رأسه ، و أطال و هو يفكر ، و تذكر فجأة حال بيل ، الذي لم يعد يستجيب و لا يرد لا عليه و لا على أليكساندرا ، وأخذ يفكر فيها ، حتى خرج و إرتدى ملابسه و أخذ يمسح شعره ثم لمح نفسه في المرآة ، التي لم ينظر فيها منذ دهر ، فلاحظ إبتسامة على وجهه ، اشمئز وضحك ساخراً ، وقال:- لستُ إلا هاذياً يعيش حلماً مستحيلاً.
كانت تلك الهواجس دائماً ما تغمره ، فمنذ تلك الكارثة كان يرى نفسه شخصاً لا يستحق الحياة ، لكنه هذه المرة أطال النظر إلى إنعكاسه فهو لم يره منذ أشهر ، ورأى تلك الندبات التي تغطي ذراعه وواحدة منها على فمه وأشاح النظر إلى خنجره على الطاولة ، وتذكر ذلك اليوم قبل سبع سنوات ، ذلك اليوم الذي هاجمه فيه كونت يسمى سوفييش هو فرسانه حالما رأى قسورة ورأى الشبه بينه وبين ليونارد ، وهددهم وعزم أن يقتلهم قائلاً:
- أيا ولي العهد ليونارد ، أولا ترى أنك تعيش على استعداد للموت كما مات الجميع باكراً؟ ، أولا تتذكر أن هذا الفتى الصغير سيخرج للعالم قائلاً أنه بديل عنك ولا فائدة من موتك وحياتك؟ ، لكن لا تقلق ، سأنهي أمركم فلا تكون لك حسرة ولا شعور أن موتك سيكون دون قيمة!.
كان ليونارد ابن الثالثة عشر وقسورة كان في الحادية عشر ، تقدم أحد الفرسان ونوى قتلهم ، وهجم على قسورة فصده ليونارد بيده وأخذ بيه الأخرى سيفه ، ولكن الفارس كان بحالٍ غريبة ، وهاجم بقوة ، وأبرى يد ليونارد جروحاً ، وجرح فمه ، فجثا ليونارد من شدة الدماء التي خسرها وبغير وعي يلتقط أنفاسه ، ولم ينتبه إلا عندما سمع شقيقه قد أصيب كذلك ، جن جنونه ، وأخذه الغضب ، وأقسم بقتلهم جميعاً ، وركض وشق عنق الفارس ، ثم إلتفت للكونت الهاذي فصده الفرسان ، فقتلهم بجنون ، وهو يصرخ:
- موتوا ، أقسم بأني سأقتلكم جميعاً!.
ويجيبه الكونت صارخاً بعلو صوته حد الإرتعاش:
-أيا شبيه الشياطين! ، كلا!! بل أنت أسوء من أي شيطان!!! ، أيها الشيطان!!!.
وغرس نصله في عنق الكونت ، وأخذ يخرجه ، ويطعن ، ويخرجه ، ويطعن ، حتى سمع صراخ شقيقه وبكائه أن:
- أخي! ، لا تفعل هذا أرجوك! ، لقد مات! ، لقد مات يا أخي توقف أرجوك أنت لست هكذا!!.
وجثا ليونارد ، وهو يتنفس بصوتٍ عالٍ مغطى بالدماء ، يختنق برائحتها ، ودس قسورة رأسه في ظهر أخيه باكياً ، كانوا في لب الأجم ولكن لم يفهم كيف أتت فجاة زوجة الكونت سوفييش ، حضنت جثة زوجها وصرخت:
-إن ولي العهد ... شيطان حقاً!.
فصرخ ليونارد:
- لقد هاجمونا وأدمونا وأرادوا قتلنا!!!.
لحسن الحظ أن المرأة لم تعرف قسورة ، ولكن ومن هنا إنتشرت شائعة الملك الشيطان في الأوساط السرية للمجتمع ، نفض الذكرى والغضب عنه ، جلس على كرسي ، وأخذ قداح القهوة وإرتشف ، ولكنه إنتبه بأنه لا يتذكر شيئاً عن زوجة الكونت ، لا وجهها ولا اسمها ، واستغرب تذكره أنها صرخت وإنهارت لكنها لم تبك .
أصيب بالأرق ، ولكنه نام بعد ساعات ، استيقظ باكراً ، وإتخذ من قدح القهوة فطوراً ، ومرت ساعات وحان موعد مجيئ أليكساندرا لكنها لم تأتي بعد ، ظل يحدج في الباب إنتظاراً ، حتى طرق فظن أنها هي، وأذن بالدخول فوراً ، فدخل كارسين وبدا عليه الإنزعاج .
- ما بك يا كارسين؟ ، ليس من عادتك المجيء في هذا الوقت.
- طاب يومك جلالة الملك ، لا عليك ولكني أود حقاً أن أخبرك شيئاً .
أنت تقرأ
فِي المُستَحيل!.
Fantasía"كان عيشنا اليوم ، واستنشاقنا لهواء الحياة ، ضرباً من المستحيل ، كان من الممكن ألا ننجوا ولا نحيا ، والأشياء التي أمامنا الآن كانت بالأمس أمنياتٍ بعيدة ، أمنياتٍ مستحيلة" - أخاف أن لا أعيش طويلاً. أخاف أن لا يكون لدي أي معنى في هذا الوجود ، أن أعيش...