الفصل التاسع والأربعون!.

5 2 53
                                    

- صدقني ، قد تجد كل شيء هنا.

نزلت من المكتب مسرعة ، فلحقها ، ووثب بسرعة ولم يكلفه هذا عناءً كالذي كلفها مع أنها أسرعت ، صعقت وتوجهت للمخرج... ولكن أوقفها غلين وإنحنى لليونارد وقال:

- جلالتك ، أتعيرنا حصاناً اليوم ؟، فالأميرة قد لوت كاحلها في خضم هذه الفوضى والركض صعب عليها.

جفلت أليكسا وقالت منكرة:

- كلا كلا كلا، لاشيء من هذا موجود !.

- أنتِ تعرجين يا أميرة.

- لويتِ كاحلك أيضاً أولا تخافين؟!.

-إنه...

أعطى أليكسا حصانه وغلين واحداً آخر، شعرت أليكسا بالرعب الشديد منه منذ أنه كان يغلي من الغضب ، وحتى يوم قابلته أول مرة لم تخف منه هكذا! ، كانت تضع عينيها على تصرفاته وتنتظر أن يهجم عليهم لكنه أخذ نفساً عميقاً وقال :

- أسرعوا أيها المجانين.

- حسناً حسناً.

شعرت بالإمتنان وبدأت في التحرك ولكن شدها صوتٌ عالٍ غاضب من الخلف :

-وفكري بعذر جيد وأنتِ في هيوا!!.

عادت أليكسا وأخذت حماماً وحاولت النوم كما لو أن شيئاً لم يكن ، لكنها عجزت بالطبع ، وفي روكو ، ذهب ليونارد إلى القصر الذي يبقى فيه قسورة وروزيكا ، وجد قسورة يقرأ كتاباً جالساً على مقعد في الحديقة الخلفية ، رمى نفسه على جانب المقعد الفارغ وقال مهتاجاً:

-لماذا يفعلون هذا بي؟!.. ، إذا كانوا يريدون البقاء هكذا دائماً فأنا أتمنى أن أصبح منديلاً! ،أعني أنهم بغاية الجنون والتهور ولا يقومون إلا بما يستفزني!!.

كان يتحدث بغضب وسرعة واستغرب قسورة هذا الكلام وقال:

- أخي، أشربت قهوتك اليوم؟.

- لا ، لمَ؟.

-تبدو كما لو أنك تتكلم الفارسية ، و من شدة العبوس ظهرت لديك تجاعيد فجأة ، مالذي فعلوه بك؟.

- أنا قلق ، بل الجميع قلق كما أظن ، والتي أخاف عليها متهورة لدرجة أعجز عن وصفها!.

- لا تقلق أحياناً تأتي الأشياء المزعجة سابقة للراحة ، قد نجد فرصة لإصلاح وفهم كل ما هو حولنا وأخيراً ، حتى إن روزيكا بدأت تتحسن وتبتسم يا أخي! ، إنه يومٌ حافل جداً ، لقد قابلت الماركيزة أوليفيا اليوم.

إنتفض ليونارد وقال:

- بجدية؟!.

-ماذا؟.

- روزيكا تبتسم؟ ، وأنت قابلت الماركيزة؟.

- تلك الماركيزة المشؤومة ... أتمنى أن ترحل.

- لمَ؟.

إنتفض قسورة قائلاً:

- ماذا أنسيت؟! ، إنها زوجة الكونت سوفييش وكذلك هي من نشرت عنك الشائعات الغريبة تلك!... كيف تنسى شيئاً كهذا؟! بل أنت قد خاطبتها باسمها عندما نعتتك بالشيطان!.

- هذه أول مرة أسمع فيها هذا الكلام!.

- إن ذاكرتك قوية فمالذي حل بك؟!.

- قسورة... أتدري؟ ، عندما تزداد الأمور غرابة كلما اقتربت من المنطق.

- سيصبح كل شيء بحالٍ أفضل ، أنا متيقن.

تنهد ليونارد وخلل أنامله في ناصيته الذهبية ثم وقف وقال:

- أود رؤية روزيكا.

- إنها مستيقظة الآن ، أولست تتجنب رؤيتها مستيقظة؟.

- لمَ هي مستيقظة الآن؟ ، إني أود رؤيتها حتى لو آلمني حالها فليس علي تجنبها.

- أخي...

حدث قسورة نفسه مستغرباً مدى ألم وتعب أخيه.

مضى ليونارد ورأى روزيكا تلك الأميرة الحسناء ذات التسعة عشر عاماً ، كانت حزينة وصامتة ولا تتذكر حتى اسمها ، بدأت هذه الحالة معها قبل ثلاثة سنوات وعجز ليونارد عن رؤيتها وهي مستيقظة ، لأن ذلك كان يوجعه جداً ، جربوا لها جميع أنواع العلاج من شتى بقاع الأرض ولم يفلح الأمر بل جهل الجميع علتها ولم يعلموا سبباً سوى الحزن .

وجدوها تجلس بهدوء عند الشرفة ، رأتهم فإبتسمت بصمت، قال ليونارد مبتسماً على مضض :

- روزيكا ، أُختاه ، تبدين أفضل مما كنتِ عليه ، آمل أن يستمر التحسن .

اقترب وجثا و قبّل ظهر يدها في شرود ، ليسمع صوتاً مرتجفاً إنتشله:

- أين... كُنت؟...

جفل الإثنان ، رفع رأسه ليرى أن روزيكا تبكي وبشدة ، تبكي بعد أن أعياها الحزن والخوف ، تبكي ولبكائها ألف علة لا يراها الجميع! .

فِي المُستَحيل!.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن