الفصل الثامن والسبعون!.

8 2 115
                                    

في روكو ، انقشع الظلام ، فما عاد هُناكَ مُدلهم فيها ولا دُجُن ، خلا ما علا رأسه ،  كان طفلاً يجزم من يراهُ بأنه من أجمل الإنس ، وذلك المُحيا الأبيض ، يبدو كبدرٍ في سماءِ خُصلاته السّود. طِفلٌ لا ندري أين إيناعُهُ وأين مَثواه ، ولأي عِرق يُشم عساه؟ ، وأي سِرٍ و أيّ كَنزٍ حَواه؟.

- إن أخي هو الأفضل !.

قالها ابن الخمسة أعوام لشقيقه حينما رآه يدرس بجدية ودأب ، فجفل ليونارد من مقولة أخيه التي لم تعجبه ، فقال بملامح جادة :

- لالا كيف يمكنكَ قول هذا لا يوجد شخص يستحق لقب "الأفضل" ، أنا إنسان عادي يا أخي!.

ويمضي راكضاً عبر الغرفة باسماً بتلك الخدود البيضاء المُتوردة ، وشقيقه يتبعه ليقنعه ويشرح له جاداً ، ويجيب قسورة:

- كلا أنا لم أقتنع!.

-يا ولد!.

كان لِيونارد الشّمس ، الذي بان للملا و قال بأنهُ السليل الأخير ، فصدّ البأس وحيداً ، وتوجّع وقاوم ، وكُلما خبا نُوره ربط جأشه وعاد ؛ وقسورة كان القمر ، ذلك الشاب ذا الهيأة الباردة ، الذي كان يقاتل في صمت ، لم يرى أحد دأبه ولم يعلم أحد بوجوده حتى ! ، كان يحمي العائلة بأشكالٍ كثر ، كان الجندي الخفي الذي يقيم ظهر العائلة ، ويعين ذلك الملك اللامع على التوهج ، ويخشى ذلك اليوم الذي يتوقف فيه قلب شقيقه الثمين ، ويخشى أن يعمل بوصية أبيه:

- لو حدث شيء لليونارد ، أُخرج وغيّر لون شعرك، وقل بأنك هو ، وعش كذلك ، أنتَ تشبهه جداً ، وعدونا شرس ومجهول، فإن تصرفك سيكون حفظاً لكرامة العائلة والملك.

أوقع الفتى ذا العشر أعوام الكوب من يده ، وحدج والده بنظرة ملؤها صدمة وحزن ولوم ، وقال بصوت فيه غصة:

- لمَ تقول هذا يا أبي؟ ، إنه أخي! ، أتمنى أن لا يتأذى أخي!.. قلت أن الموت سيأتي للجميع هل تعني أن الموت إهانة؟.

كان آرنولد جامداً يكتم تألمه ، إعتاد أن يتصرف هكذا مؤخراً ، لقد يئس للموت كما استنتج ليونارد بعد سنوات ، يتصرف تصرفاتٍ متناقضة من شدة خشيته على أبناءه ، يتمنى حمايتهم ، يتمنى لو أنه يحصل على رخصة تخرجه من القبر لو وقع أحدهم في ورطة يوماً ما! ، كانت هيلين تفهم هذا ، لكنها خشيت على أولادها من شدة سلبية الكلام ، وقفت من على كرسيها وأخذت بيد قسورة ، ولم ترد أن تعاتب آرنولد أمام الطفل كي لا يحس بأن هناك خطباً ما ، قالت وهي تخرج به:

- إن والدك يتحدث كما لو أنكم مقاتلون ، طبعاً سيكون بخير ولن يتأذى ، والآن يا قسورة هل ترافقني إلى الحديقة ؟ ، هناك بعض الزهور التي نسيت أن اسقيها.

فِي المُستَحيل!.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن