جَسد مُتهالك مُلقًى بـ إهمال على السرير و قلبُه يهبِط تارةً و يعلو تارة أما عيّناه المخضره باللون العُشبي قد فقَدت حيَويّتها المُعتاده و أصبحت باهِته مُنذ زمن بعيد ، تُحيط بها هالات الإرهاق فهو مُنكمِش على السرير و يده فوق قلبِه يُحاول تنظيم إضطراب نبضاته المتسارعة و الأُخرى يغرزها بشعره الأسود و الكثيف رافعًا إياه إلى الخلف أثناء مسحه لـعرق جبينه فقد ازعجته تلك القطرات الباردة والمتناثرة على وجهه و أثارت استفزازه ، أصبح فقط ينتظر أي شخص يدخل و يُعطيه تلك الحُقنة التي أعتادها ولا يستطيع إكمال يومه بِدونها لكن هذه المرة لم يأتي له أحدٌ ما فـحاول النهوض و بصعوبه نجح بذلك بينما يده ما زالت على قلبِه مترقبًا الباب بِكل تَعب ينتظر و يرتجي دخول أحدٍ لِيُريحه مِن عذابه لكن لا أمل فجميع المُمرضات يعملون لِمصالحهم الشخصية و يستمِعون للأطباء فقط و طبيبه الخاص اليوم لم يأتي للمشفى لذا هذا القلب المُنهك قد أهمل ولم يجد أي أحد يستنجِد به و بعد عدة دقائق مِن مُحاولاته الفاشِله لِتنظيم إضطراب نبضاته فقد السيّطرة كليًا و بِلحظة فُجائيه أستهاج كالمجنون و أصبح يأخذ أي شيء يقع على ناظريه و يرميه محطمًا كُل شيءٍ يلمِسه و هو يصرخ حتى هلع كُل مَن في المشفى أثر ضجيجه الصاخب لتدخل أثنتان مِن المُمرضات فإلتفت حينها لهُم منتبهًا لوجودهم و قد بانت ملامح الهَلع و الخوف على وجهيهما ثم بِلمح البصر أصبح أمام الممرضتين لِيُمسِك برقبة إحداهما و يخنقها فـهرعت الأخرى لِتُساعِدها و لكنها تلقت ضربه جعلتها تصطدم بالجِدار خلفها أما الأخرى أصبحت بـأقصى مراحل اختِناقها حتى بدأ وجهُها بالإزرقاق لكن بـآخر لحظة غُرزت تلك الحقنة المهدئة بِكتفه لتسقط الممرضة مِن يده و هي تسعُل بِقوه نتيجةً لاختناقها و يسقُط هوَ الآخر مغمًا عليه ، همّت المُمرضه لِزميلتها تسألها إن كانت بِخير لِتجيبُها بأنها كذلك و بَعد أن أعطوه الحُقنة نام لِبضع ساعات قليله ثم أستيقظ مفزوعًا من تلك الكوابيس التي أعتاد عليها ليلاً فهو لم يهنأ يومًا بـليلة واحدة دون كوابيسه الخانقه و التي دائمًا ما تُلاحقه ، عبارة عن لحظاتٍ حزينة و قاهرة للأنفس من ماضيه و طفولته الغابرة و التي قد شهد آلامها فلم يستطع نسيانها حتى الآن و قد حُفِرت بذاكرته كالنقش العريق و خُلدت بِها ، نهض بتعبٍ بالغ لِيغسل وجْهَه و ثم نَظر لِنفسه بالمرآة متأملًا ملامِحه ، حواجبه الكثيفة و المُرتبة بشكلٍ منمق و سوادها المبهر كالفحم القاتم أيضًا لا ننسى أنفُه القائم بحدته و حَجمُه المثالي و المناسب لمساحة وجهه وتناسقه مع بقية ملامحه أما حدقتيه فهي خضراء اللون و شديدة الندرة ذات حجمٍ كبير فـقد أستحلت نِصف مساحة وجهُه ذو السمرة الخفيفة ببشرتِه القمحية و التي مؤخرًا قد أصبحت باهته كأنه جسد بِلا روح ، خلق بهذه المعايير الغير مألوفه لشدة جمالها المبهر و التي أكتسبها من والدته الراحلة ليشرد قليلاً سارحًا بخياله فانهال عليه سيلٌ آخر مِن شريط ذكرياته .

أنت تقرأ
يولاند (مكتملة)
Детектив / Триллерفي فَرنسا تحديدًا بِمنطقة لانيون تحت أسقف غُرف المُستشفَيات نجِد الكثير مِن الغُرف المُعتِمه و لِكل مِنها قصة، حسنًا لِنرى الغُرفه رقم77 مِن هُنا سَتبدأ قِصتنا .