{50}

1.3K 121 7
                                    

ابتسم للطافتها وأفعالها المتهورة فـعبست بشكلٍ فجائي قائلة وهي تنظر بجدية لعيني فرانس الواقف أمامها بينما هي متمددة على الرصيف " فرانس هل أنا شخص عديم القيمة " نطقت تلك الجملة بنبرة حزن و الخيبة واضحة على محياها ليرد عليها بانفعال تام و الغضب يعتريه مُشكلًا ثورانًا يفور بداخله " لا لست كذلك ! " مالت بنظرها عنه لترى الشارع بعينين يسودها الأسى فقال بجدية " أخبريني من الذي قال ذلك لك و سألقنه درسًا حتى يعرف قيمته الحقيقية " لتبتسم باتساع على ردة فعله تلك ثم قالت وهي تضحك " اهدأ لم يقل لي شخص ما هذا الشيء " فـأكملت حديثها بتفاخر" ومن ثم هل ستعتقد بأني سوف أصمت حينما يقول لي أحد هذا القول و أتركه حيًا كما تعلم إنني مقاتلة ماهرة " فَرِحَ لكلامها قائلًا بحماس و صوت عالٍ " أجل أحسنتي هذه هي سيون التي أعرفها أضربي جميع أولئك الحمقى و أخبريني بذلك لأساعدك " لترفع جسدها العلوي من الرصيف وهي تنظر للسماء تحت أنظار فرانس الذي يراقب جانبها وهو واقف بابتسامة فمن جانب وجهها الصغير ذو الفك العريض مع تلك الأقراط بلمعانها المدهش تزين أذنها حيث أنها تضع شعرها الأسود بـبريقه خلف أذنها مبينةً أقراطها و جمال فكها لتقول بابتسامة سخرية وهي تشعر بالحرقة بجوفها " في الواقع لقد تخلوا عني والديّ كالقمامة غير مكترثين لأمري " نظرت لناحيته بسرعة حتى تلحظ إِذْ تغيرت ملامحه للعطف أو لنظرات الشفقة و لكنها بقيت على حالها لم تتغير فقالت و الدموع تلمع بحدقتيها الغامقة " إياك و الشفقة علي أفهمت " دنى بقربها جالسًا القرنفصاء وقال بابتسامةٍ ينبع منها الصدق " لما سأشفق على شخصٍ لطيف و محب يملك الكثير من الميزات و الأهم من ذلك لديه عائلة تهتم لأجله و أصدقاء يسعدون لرؤيته " شعرت بالتحسن و الارتياح لكلامه ثم قام هو بالعبث بشعرها باستلطاف أثناء قوله " هيا بنا أيتها الطفلة مطعم البيترا أمامنا " استقام بوقفته و مد يده ليساعدها بالنهوض قائلًا " قفي و إلا حقًا سأُقتل من قبل أدريان لتأخري " لتنهض ببهجة وهي تضحك على تذمره قاصدين ذلك المطلعم حتى يطلبوا البيتزا و حينما إنتهوا من الطلب و جهز أخذوه عائدين للمشفى فقال فرانس " سنتناول البيتزا مع أدريان في المشفى و من ثم سوف أوصلك للمنزل بسيارتي " رفضت بارتباك " لا بأس يمكنني ركوب الباص " ليمد يده التي يرتدي بها الساعة أمام وجهها قائلًا بـغيض و هو يريها الوقت " انظري كم الساعة الآن إنها العاشرة و النصف مساءً هل تمزحين معي أم ماذا " فـهمست لنفسها باستيعاب وهي تفكر قائلةً " اوه صحيح لا توجد باصات هنا بهذه الساعة " قالت له بتهور و بدون أي تفكير " لا بأس سأستقل سيارة أجرة " ليزفر الهواء بيأس من عنادها ثم  قال منزعجًا " هل بحوزتك مالًا حتى ؟ " صمتت بتجمد حينما استوعبت وضعها و قالت لذاتها بتأنيب و هي تشعر الحرج " يا لحماقتي تبًا لي سيون الحمقاء كيف لكِ أن تنطقي بذلك دون أي تفكير " فقال لها بحزم " حتى و إن كان لديك فأنا أرفض ذلك مهما كانت عدد الطرق التي يمكنك الذهاب بها لن أسمح لك لأنني وعدت عمتك بإيصالك بنفسي لذا لا جدال في الموضوع " ابتسمت بحرج لتجيبه بـ " حسنًا حسنًا سيّد فرانس لا مفر منك إذًا " ليقول بنظراتٍ واثقة " أجل لا مفر " واصلوا المشي بهدوء مع الرياح المستمرة ببرودتها التي تلفحهم ملامسةً وجهيهما فعطست سيون أثر البرد بوجهها العابس و أنفها المحمر قائلةً " يا لحظي البائس لما ألتقط البرد بسهولة " ابتسم بخفوت على تذمرها و شكلها اللطيف حيث أن الرياح تداعب شعرها القصير متلاعبةً به و هو يتطاير بخفة مع مظهرها البريئ و ملامح وجهها المميزة بحدتها الجَذَّابة ليتوقف فرانس عن المشي واضعًا ما يحمله من طعام على الأرض بينما هي قد نظرت له باستنكار لوقوفه عن السير فجأه فقالت له بتساؤل " ما الأمر لما توقفت ؟ " ليخلع وشاحه الذي كان يغطي رقبته ومن ثم اقترب من عندها واضعًا الوشاح على كتفيها قائلًا بلطف " يمكنك استعارته " حمل أكياس الطعام ليكمل سيره لتقول باندفاع " مهلًا توقف و ماذا عنك " فابتسم و قال " إنني ارتدي معطفًا ثقيلًا لا تقلقي فقط لفي الوشاح جيدًا حتى لا يسوء وضعك " مطت شفتها السفلية بعبوس وقالت باستسلام وهي تشعر بالذنب لأخذها وشاحه " حسنًا " فبدأت بلف الوشاح حولها جيدًا شاعرةً بدفئه اللطيف ليلتفت بناحيتها فجأة و هو ينظر للكيس الذي تحمله فقالت " ماذا الآن " أشر بعينيه نحو ما تحمله ليقول " أعطني ذلك الكيس أنتِ متعبة " لترد عليه بانزعاج وهي تبعد الكيس عنه حتى لا يخطفه منها " بربك لن أموت لمجرد حمل كيس خفيف لا تغضبني خصوصًا أنك تحمل أكياسًا أثقل " فقال محاولًا إقناعها " ولكن .. " قاطعته بغضب " لست ضعيفة توقف عن ذلك " ليتنهد باستسلام قائلًا " إنك حقًا عنيده " أما هي فقد ابتسمت بصمت و من ثم قالت بعينين قد طغى عليهما الحزن " فرانس سأخبرك بشيء " فأنصت لها باهتمام تام لتنطق بانكسار " إنني أمتلك توأمًا " بدأت عينيها تلقائيًا بذرف الدموع ليتصنم فرانس مدهوشًا مما قالته أما هي قد ابتسمت بحزن و أكملت حديثها بـ " إنه حقًا جميل هو يشبهني كثيرًا " فقال فرانس بمرح " وااهه حقًا لقد أصبحت متحمسًا للقائِه ما دام يشبهك و إنني فضولي لرؤية مدى الشبه بينكم " أخرجت من جيبها صورتهما الوحيدة أثناء طفولتهم لتري فرانس بينما هو بقي يتأمل الصورة مشدوهًا لشدة الشبه الذي لم يتخيله و جمالهم المتميز بتلك الفروقات البسيطة ليبتسم قائلًا بإعجاب " إنكما ظريفين حقًا " قالت و هي تبكي " أجل كنا كذلك " توقفت عن المشي بمنتصف الطريق لتثني ساقيها و هي تنظر للأرض أثناء بكائها فتوقف هو أيضًا معها واقفًا بقربها بصمت و محدثًا ذاته بحزن " لما تبكي أهو ميت " فتحدثت بعد ما توقفت عن البكاء قائلة وهي تمسح دموعها " عزمت على أن أجده و التقط معه صورةً كهذه و نحن بهذا العمر " عرف فرانس بأنه مفقود ليقول بثقة " يمكنك فعلها و سأحرص على مساعدتك بإيجاده لنفعلها معًا " ابتسمت بوجهه و قالت " بصراحة لست واثقة إن كان على قيد الحياة أصلًا و لكنني أشعر بذلك لذا سأثق بحدس التوأم " لتستقيم بوقفتها مبتسمةً بإشراق وهي تقول " أشعر بالراحة قليلًا هيا لنعد و نأكل البيتزا قبل أن تبرد " فسَعِدَ لتحسن مزاجها مبتسمًا براحة ثم قالت له بشكلٍ مفاجئ " الشخص الآخير هو من سينظف بعد الأكل " ركضت بأقصى سرعتها و هي تضحك لتدخل باب المشفى الرئيسي أما هو فلم يستوعب كلامها إلا بعدما هربت ليصرخ بحنق قائلًا " هذا ليس عادلًا " ركض هو الآخر باستعجال حتى يلحق بها متأملًا دخول غرفة أدريان قبلها و الفوز عليها .

يولاند (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن