{12}

2.1K 184 17
                                    

اتَّجَه فرانس نَحْو السيّدة حتى يفحص تنفسها ليتنهد بارتياح قائلًا " جيّد ، بات تنفسها أفضل " فرحت سيون كثيرًا و أمسكت بأيدي السيّدة لتضغط عليها بخفة وهي تهمس بـ " ستكونين بِخير " و من ثم اختفت ابتسامتها تدريجيًا عِندما تحدث فرانس بقوله " هل هي والدتك ؟ " فـبعدما نطق كلمة " والدتك " انزعجت ملامحها بشكلٍ طفيف و رفعت نظرها له قائلةً بابتسامة " لا هي ليست والدتي لكنها عائلتي " ليبتسم فرانس حينما طرأ في باله صورته هوَ و السيّد جيرمن ثم قال بعد صمتٍ دام لعدة ثواني " إذًا هل تعاني السيّدة مِن مُشكلة ما أو تتناول دواء لمرض معيّن ؟ " نظرت له و قالت " لا، مستحيل ستُخبرني بذلك " و حينما نطقت سيون بهذه الجملة شعرت بضغطه خفيفة على يدها لِتلتفت نَحْو السيّدة بِفَرح عندما رأتها تفتح عيناها ببطئ محاولةً النهوض فقالت سيون بصوتٍ أشبه بالصُراخ " عمتي أوليفيا " ثوانٍ قليله حتى ارتمت سيون بأحضان مُربيتها و هي تعانقها بشدّه أثناء بكائها فـكتفاها كانا يرتجفان لشدة نحيبها حتى بدأ الاسْتِياء على ملامِح السيّدة أوليفيا لأنها تكره بأن ترا ابنتها تبكي لتبادلها الحضن وهي تمسح على ظهر سيون بهدوء صعودًا وهبوطًا قائلةً بنبرةٍ خافتة " شششش هل أنتِ طفلة توقفي عن البُكاء أنا بِخير" ثم قالت سيون بِصوتٍ مُتقطع لأنها بالكاد تستطيع إمساك شهقاتِها " لل..لَقَد كـ..كنت خائفةً من فقدانك " أنزل فرانس نظره نَحْو الأرض و أعطاهم ظهره مبتعدًا عنهم حتى يعطيهم بعضًا من الخصوصية قليلًا لكن أوقفه صوت سيون بقولها له " شكرًا لك " فإلتفت لها و ابتَسَم قائلًا " هذا واجبي " صَمَتَ قليلًا ثم أكمل حديثه بـ " سأدعكم الآن لوحدكم ، ارتاحوا قليلًا و بعدها سآتي للحديث معكِ عن صحة السيّدة " اومأت له سيون بالإيجاب مع ابتسامةٍ خفيفة و عاد هو إلى مقعده الخاص ليجلس متنهدًا بهدوء ثم حوَّل نظره نَحْو النافذة مرةً أخرى أثناء قوله بصوتٍ خافت و أبتسامته البهية تزين ثغره " ها قد بدأت مهنة حياتي "

سويسرا (فيرناير)

و فجأةً بَدأ جهاز نبضات القلب بإصدار رنين مُزعج قد انتشر بأرجاء القسم مُشكلًا سمفونية الخلاص لعذاب هذا الجسد المُستقر على الفراش الأبيض و المُلوث بلون الدماء القاتِم كـطهارة قلبها الجريح فأنقطعت آخر أنفاس جوليا مُعلنةً استسلامها للحياة ثم بدأت الفوضى تعُم المكان و صوت صراخ الممرضين يَعلُو و هم يحاولون إنقاذها لتصرخ إيڤ بقوة " أين الدكتور إيثان "

[ و في مكان قريب من المشفى ]

شاب في أواخر العشرينات ذو قوامٍ معتدل و يُعتبر طويل نسبيًا يمشي ببطئ نَحْو المشفى و عينيه العسلية مُرتكزة على قدميه وَهُو يمشي للأمام فكان يرتدي ذلك المعطف الأبيض الخاص بالأطباء مع بنطال جينز و قميصًا أسود ثم تنهد وهو يُرجع بيده مُقدمة شعره المُجعد بلونه البُنْدُقيّ للخلف أثناء تساؤله بِصوتٍ خفيف " هل سيكون اليوم مُملًا كالأمس ولا توجد أي بطولات أو أي أعمال أفعلها " اقترب نَحْو المشفى ثم دخل مِن البوابة الرئيسية و أحس بأن حركة المشفى غير طبيعية اليوم و مختلفة عن المعتاد فاستغرب قليلًا ليسمع صوت صُراخ الممرضة إيڤ و هي تقول " أين الدكتور إيثان " بدأت غريزته بالاستجابة ليُطلق العِنان لقدميه راكضًا بتوَتر قليل لأنه قد التمس الخطر بنبرة إيڤ فدخل غرفة الطوارئ بسرعة لتتوسع حدقتا عينيه أثر الصدمة مِن المنظر الذي رَآه ، كانت كارمن متكورةٌ على نفسِها و تبكي بهلعٍ هستيري أما إيڤ فقد كانت فوق جوليا مُمسكةً بجهاز الصدمات الكهربائية و تصرخ بقلق بينما هي على وشك الانهيار " هيا واحد اثنان ثلاثة " قالت بصوتٍ عالي " لا تموتي أنا أرجوك " و هي تضع الجهاز على صدر جوليا فأعادت الكرة مره مرتان و ثلاث ، القسم كان بحالة فوضى و الأغلبية مُصابين بحالة هلع و هم متسمرين برعب لتلك الحالة الفظيعة و التي لأول مرةٍ يواجهونها دون الطبيب الرئيسي أما إيثان فقد جمَد بمكانه بسبب تِلك الفوضى لا يعلم ماذا يفعل و كأن الزّمن فجأةً توقف و هو ينظر للكل بصورة بطيئة صُراخ و فوضى بكاءٌ و إنهيار ، جسد تِلك الصغيرة منزوعٌ مِنه الحياة يعلو و يهبط أثر جهاز الصدمات لكن أبى الخط أن يتموج فـحافظ على كبريائه وظل مُستقيماً ليهز رأسه للجهتين بِسرعة حتى عاد لوعيه و استوعب الوضع صارخًا بصوته الرجولي و الذي زلزل أرجاء المشفى " توقفوا! " سكن الجميع و أصبح الهُدوء مُسَيْطِراً ثم إلتفتت إيڤ نَحْو إيثان بنضراتٍ راجية طالبةً مِنه المُساعدة وهي على وشك البُكاء ليركض مُسرعًا نحوها قائلًا " ابتعدي بسرعة عنها سأحاول إنقاذها " اومأت بسرعة و نزلت مِن فوقها ليأخذ مِنها الجهاز و هو يقول لها باستعجال أثناء وضعه للسائل على ذلك الجهاز حتى يعمل " إيڤ فعلتكم هذه لا تغتفر أبدًا " فنظرت له و قد أطلقت سَراح دموعها ثم أنزلت رأسها قائلةً بِصوت أشبه بالهمس " أعلم ذلك فَقَط أرجوك أنقذها " بدأ إيثان بالهمس وَهُو يُخاطب نفسه بـ" ستعيشين أعلم ذلك سوف تتمسكين بهذا العالم مهما كانت ظروفك " ليرتفع صوته وهو يقول " عيشي لأجل مَن تُحبين " وَضع الجهاز بِقوةٍ و رفع درجته القصوى لِدرجة إهتزاز السرير مِن شدّة الصعقة .

[ في خارج القسم ]

لم تقِف نيكول عن الحركة  فقد أصبحت تتحرك ذهابًا و إيابًا دون توقف و هي تقضم أظافرها لشدة توترها بينما تشتم نفسها داخليًا قائلةً لذاتها بـ " لماذا قسوتُ عليها كثيرًا كان يجب أن أخيفها قليلًا و أجعلها تُطيع أوامري حتى تخضع لي و لمصالحي لا أن أجعلها تقدم على الإنتحار سحقًا لتِلك المجنونة كيف فعلتها لم أعتقد أنها تمتلك الجرأة لفعل ذلك تبًا أرجو أن لا تموت سوف يتدمر كُل ما خططت له  و كل الأمور التي بنيتها ستذهب هباءً منثور " توقّفت لتفكر بينما ملامِح التوتر مرتسمةً على وجهها و فجأةً بدأت تختفي علامات التوتر و القلق لتتبدل بابتسامةٍ شَيْطانيَّة يملؤها الخُبث ثم ضحكت قائلةً بِصوت عالٍ " كم أنا ذكية " و كل ذلك كان تحت أنظار حُراسها المرتابين مِن تصرفاتها الغريبة فـصمتت هي قليلًا لتقول " نعم سأُنفِّذها فَوْرَ استيقاظها حتى تتحسن الأمور و تُصبح لصالحي إنها فكرة عظيمة "

يولاند (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن