{48}

1.3K 126 8
                                    

رحل فرانس من غرفة أدريان ليخرج حتى يشتري البيتزا و لكن استوقفته إحدى الممرضات بمناداته قائلة " دكتور فرانس لقد استيقظت المريضة التي أسعفتها بالطوارئ " فمشى نحو غرفتها مسرعًا ليرى ما حالها و وجدها بملامحٍ مشتته و الضياع واضحٌ بعينيها وهي تقول لعمتها " أخبريني بكل شيء ما الحقيقة الآن هل كل ما عشته كذبة هل حياتي بأكملها مجرد خدعه ، حياة مزيفة نسجها عقلي التعيس الذي تلقى صدمةً قبل عدة سنوات " حاولت السيّدة أوليفيا تهدئتها بقولها " سيون أرجوكِ كوني هادئة سترهقين ذاتك " لتصرخ بانفعال و بأعصابٍ مضطربة " و كيف لي أن أكون هادئة أخبريني كيف سأكون هادئةً بهذا الوضع " فـدخل فرانس باستعجال حتى يهدئ الأمور قبل أن يزداد الوضع سوءًا لتتفاجئ سيون بوجوده محملقةً به بتوتر و من ثم أنزلت عينيها بانزعاج أما هو فقد تنهد بكدر و قال بنبرة حزم " سيون توقفي عن الصراخ فهنالك من سينزعج من المرضى " لتعض شفتها السفلية بغيضٍ ظاهر ثم نهضت بحنق قائلة بغضب " حسنًا يا سيّد فرانس سأخرج من هذا المشفى التافه " فبدأت بمحاولة نزع حقنة المهدئ من يدها بعنف تحت أنظار فرانس المتفاجئة من حالة غضبها ليتدارك الوضع بإمساك يدها قائلًا بتذمر " يا إلهي سيون توقفي عن تصرفك هذا و اهدئي حسنًا ؟ " نظرت له بحدة و أبعدت يدها عنه لتجلس على السرير وهي تتنفس بشكلٍ سريع فقال بهدوء " ستخبرك بكل شيء الآن لذا كوني فقط صبورة لن يُحل أي شيء هكذا أعلم بأنك تعانين الآن و بهذه الطريقة تعبرين عما بداخلك من تشتت و حزن لكن لنأخذها بروية حتى لا تتعبين نفسك " فـبَرَقَت عينيها بطبقة لامعة من الدمع و هي تحاول جاهدةً عدم البكاء صامتة بترقب حتى تنطق عمتها بالحقيقة فذهب فرانس من الغرفة حتى لا يكون دخيلًا بين شؤونهم العائلية قائلًا لنفسه سأنتظر قليلًا ربما لن تحتمل الأمر و تنهار لذا سأبقى هنا قبل الذهاب للمطعم ، جلس بالمقاعد أمام غرفة سيون حتى لا يسترق السمع أو أن يستمع لما لا يخصة فقد انتظر حرصًا عليها وعلى صحتها بينما بالداخل بدأت السيّدة أوليفيا بالحديث و هي بالكاد تنطق فقد تزاحمت الكلمات بحنجرتها كالغصة لذلك الماضي الأليم و بنبرة منكسرةٍ يكسوها الحنان " سيون عزيزتي أود الاعتذار منكِ أولًا لإخفاء الحقيقة عنك لأنني اعتقدت بأنه حينما نسيتيها كان من الأفضل بأن لا تذكرينها خوفًا عليك من الألم و الحزن أردت فقط أن أراكِ تكملين حياتك بشكلٍ طبيعي و تكونين سعيدة لقد كنت أظن بأن هذا لمصلحتك و لكنني قد أخطأت حينما كتمت ذلك السر عنك طوال تلك السنين لذا سأخبرك الآن كل شيء و أرجوا أن تسامحيني " عبست سيون بحزن وهي تنظر ليديها التي لم تتوقف عن الحراك حيث أنها تشبكها ببعضها البعض و تفصلها مرارًا و تكرارًا لشدة التوتر فنظرت لعمتها منتظرة منها بأن تكمل حديثها لتقول " كنتِ حينها في الرابعة من عمرك و لقد كان لديك شقيق توأم " لتنظر سيون نحو عمتها بإرهاق و هي تذرف الدموع غير مصدقة لما يحصل فأكملت عمتها بحزن دفين خلفته تلك السنوات " لقد كنتما حقًا لطيفين و لا تفترقان عن بعضكما البعض كالأَخوانِ المحبان و دائمًا ما كنت اعتني بكما فلقد كنت أعمل لدى والديكم مربية للأطفال ، كنتم حقًا ملاكين صغيرين و تشبهون بعضكم البعض بشدة و لكن كان هنالك بعض الفروقات الصغيرة حيث أنه فتى و أنتي فتاة و هو يمتلك حدقتين زرقاء اللون بينما أنتي غامقة اللون بسوادها " فـبدأت سيون بالتذكر رويدًا رويدًا كل تلك اللحظات الغبشة و القصيرة التي عاشتها مع شقيقها مبتسمة بحزن والدموع تنهمر من عينيها لتنطق بصوتٍ أبح " فقط أخبريني إن كان حيًا أم ميتًا هذا ما أريد معرفته لا داعي لهذه المقدمات " أخذت السيّدة أوليفيا شهيقًا طويلًا بتوتر و أكملت و هي تشعر بالحسرة على ما حصل " إنفصلا و الداك بعد نزاعاتٍ شديدة و معارك طويلة إنني حقًا لا زلت أتذكر ملامحكما القلقة حينما يحتد النقاش بينهم فتأتون إلي ركضًا خائفين من الوضع لأطمئنكم ومن بعدها رحلت والدتك غير مكترثة لأمركم و والدك أيضًا كان ليس بالمهتم فأخذ شقيقك في إحدى الليالي و رماه بدارٍ للأيتام و عندما استيقظت جن جنوني حينما لم أجده في المنزل فسألت والدك بقلق عنه ليقول لي بأنه قد تخلص منه بإحدى دور للأيتام لذا بدأت بالصراخ بغضب و ألم و سألته عن أي دار قد أخذه عازمةً على إرجاعه و تربيته معكِ حتى لا تفترقان و لكنه لم يخبرني و إلى الآن لست واثقة بحديثه هذا و من مدى صحته أو ما الذي فعله بالضبط مع شقيقك فقد بحثت بكل دور الأيتام القريبة و البعيدة في الدولة التي كنا نعيش بها و لكنني لم أجده و بعدها أخبرني بأنه لا حاجة لي و أمرني بالمغادرة فقلت له بأنني سآخذك معي خوفًا من أن يفعل بكِ ما فعله بأخيك لذا قال بعدم اهتمام خذيها فليست بتلك الأهمية و من ثم بدأت بحزم أغراضنا و أخذت جميع أوراقك الثبوتيه و جواز سفرك لنرحل تاركين ذلك المنزل المشؤوم " بدأت سيون بالبكاء بصمت و هي تشهق بألم و الصدمة قد استحلت معالم وجهها لتقول عمتها بقهر " سيون سامحيني حقًا لم أرد أن تفترقان و عملت جاهدةً على إرجاعه و لكنني فشلت بذلك " فشهقت سيون بألم و وجهها مبتلٌ بالكامل بدموع القهر على ما حصل لأخيها ، سيل من الذكريات قد بدأ بالتدفق في عقلها لتبدأ بالبكاء بصوتٍ عال ممسكةً بقلبها لشدة ما تعانيه من ألم و بدأت بضرب الطاولة القريبة من سريرها بيدها بقوه وهي تصرخ بألم لتركض السيّدة أوليفيا بخوف محتضنة إياها بكل قوة حتى تثبتها بينما هي تقاوم بعنف و تذرف المزيد و المزيد من الدموع اللامتناهيه فبكت عمتها على حالة طفلتها قائلة برجاءٍ يائس " يا إلهي ساعد طفلتي على تخطي ذلك " دخل فرانس لشدة الجلبة ليتفاجئ بهلع على حالة سيون الهستيرية فهي تبكي دون توقف و تضرب كل ما حولها حتى بأنها قد أذت نفسها حينما بدأت بضرب تلك الطاولة الزجاجية فهرع فرانس بقلق على حالها و أمسك بيديها الاثنتين ليوقف حركتها بينما عمتها محتضنتها بقوه و نظرات القهر قد اعتلت وجه فرانس حزنًا على وضعها فنظر إلى عينيها مباشرة قائلًا بصوتٍ مرتفع " أعلم بأن ذلك مؤلم و لكن توقفي عن أذية نفسك أكثر فهذا سيضاعف ألمك " هدأت حركتها بعدما خارت قواها لتتوقف شيئًا فشيئًا عن المقاومة و هي تبكي دون توقف و عمتها تواصل احتضانها بصمت محاولة تخفيف ألمها فقد تذكرت كل شيء من الماضي من لحظاتٍ سعيدة مع شقيقها التوأم و تعيسة بتلك النزاعات العنيفة و فاجعة فقدانها المفاجئ لتوأمها و الذي كان يعتبر نصف روحها ، بعدما هدأ الوضع استدعى فرانس الممرضة لتحضر بعض الأشياء اللازمة لعلاج جروح يد سيون ثم قال فرانس بهدوء " أعطني يدك " فـمَدَّت يدها طوعًا بصمت وهي تنظر للأرض ثم بدأ بمعالجة تلك الجروح و تطهيرها برفقٍ تام خوفًا من إيلامها و بعد ذلك قام بوضع الشاش الأبيض عليها ليقول " يجب أن لا تستخفي بتلك الجروح فبعضها إذا تلوث من الممكن بأن تفقدين يدك في اسوأ الحالات " ضغط بخفة على معصمها فتأوهت بألم أثر تلك الضغطة ثم قال لها بقلق " يبدو بأن هنالك تمزق في الأربطة يا لكِ من متهورة " تنهد بقلة حيلة و أكمل كلامه بـ " و لكنه التواء بسيط و التمزق ليس شديدًا لحسن الحظ " و بينما هي تسترق النظر للحظات بخوف تارةً تنظر بقلق و تارةً أخرى تنزل عينيها ليلتفت هو للسيّدة أوليفيا قائلًا " لا تقلقي الإصابة ليست خطيرة و لكن يجب عليها أن لا تجهد معصمها لفترة حتى لا تصبح الإصابة بدرجات أعلى و تسوء حالتها " فقالت ردًا عليه " أجل سأحرص على ذلك شكرًا لك " ابتسم لها و قال " سوف أعطيك مرهمًا لتخفيف ألم معصمها أما عن تلك الجروح يجب أن تأتي للمشفى كل يومين للفحص و التأكد من التئام الجرح بشكل صحيح " إلتف بناحية سيون ليقول بصيغة أمر طفولية " فهمتي آنسة سيون ؟ " فقالت له بخمول غير مكترثة لحالتها " أجل " فابتسم باتساع و قال لعمتها " سيدتي سأسرق سيون منكِ لساعاتٍ قليلة اذهبي للمنزل دون أي قلق و أعدك بأنني سوف أوصلها للمنزل آمنه " لتفرح السيّدة أوليفيا متأملةً بأن يحسن فرانس من مزاجها و يساعدها ثم قالت بمرح " موافقة أسمح لك بأخذها " فـتفاجئت سيون من الوضع و نظرت إليهم بصدمة لتصرخ قائلةً بغيظ " أنا صاحبة القرار هنا فـكما تعلمون لست غرضًا لتأخذه يا سيّد فرانس أو تسلميني له يا عمتي "

يولاند (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن