فرنسا (لانيون)
بعدما هدأ فرانس قليلًا غفى بحضن أدريان بتعب ليطبطب عليه بهدوء محاولًا مواساته مبتسمًا بانكسار على حزن رفيقه فجعله ينام على سريره لأن فرانس لم ينم جيدًا و لقد عانى كثيرًا و جعله مستلقيًا ليستريح قليلًا بينما هو قد أخذ الكمام و بدأ باستنشاقه جالسًا على الأريكة بصمت و بعد مُدّة دخلت إحدى الممرضات لتنظر بصدمة نحو حالتهم المعكوسة فالمريض يجلس على الكنبة و الطبيب على السرير لتبتسم بريبة ثم قالت متسائلة وهي تؤشر نحو فرانس " لما هو .." لم تستطع إكمال سؤالها فقد تكلم أدريان بلا مبالاة " إنه يحتاجه أكثر مني " حملق بها و سألها " بالمناسبة ما الذي أحضرك أتريدين شيئًا ما " لتقول بتوتر " إنه وقت الغداء و أحض.." أجابها مقاطعًا لحديثها " اوه لا شكرًا فطعامكم مقرف " فـشعرت بالاندهاش جراء حديثه الوقح و مدى جرئته لكنها تغاضت عن ذلك و قالت " و لكن يجب عليك تناول الطعام " قال لها بنظراتٍ مصرة " قلت بأنه مقرف لا أريده " لتنطق تلك الجملة و هي تزفر الهواء بنفاذ صبر " حسنًا كما تشاء " خرجت و أغلقت الباب خلفها أما هو فقال بتذمر و استياء " يا إلهي أنا جائع أريد البيتزا " جال بنظره ناحية فرانس بعبوس منتظرًا منه الاستيقاظ لشعوره بالملل و الجوع في آنٍ واحد ليبدأ بتقليب قنوات التلفاز بضجر ثم رمى جهاز التحكم بانزعاج قائلًا " لقد سأمت من هذا المربع الناطق " سَمِعَ صوت قهقهةٍ بجانبه الأيمن فوجَّه بصره نحو السرير بصدمة ليجد فرانس يضحك عليه فقد استيقظ قبل عدة دقائق بتعب و خمول ولكنه سرعان ما تغير مزاجه لمشاهدته لأدريان بتصرفاته الطفولية تلك و الغير متوقعة فقال فرانس له بضحكة " بربك أتسميه مربعٌ ناطق ؟ " ليرد عليه أدريان بغضب " منذ متى و أنت مستيقظ أيها الأشقر المتنصت " فانفجر الآخر ضحكًا على ردة فعله قائلًا " أدريان أنقذني حقًا سأختنق من الضحك " ليركض أدريان له و يضربه بالوسادة واضعًا إياها على وجهه وهو يضحك " هيا مُت مُت أيها المتنصت " فأبعدها أدريان عن وجه فرانس بعد عدة دقائق ليضحك الاثنان على شكليهما الفوضوي ثم قال أدريان " و ما الأمر في ذلك الاسم إنه صحيح فهو مربع الشكل و ثرثارٌ مزعج " ضحك فرانس ببشاشة و هو ممسك بمعدته من شدة الضحك ليقول " لقد شعرت بمعدتي تتمزق من الضحك يا إلهي إنك حقًا مثيرٌ للاهتمام فأنت مفعمٌ بالغرابة العجيبة و تطلق ألقابًا رائعة و مصطلحاتٍ غير مألوفه بشكلٍ مضحك " فـرمى المخدة على السرير و كتَّفَ يديه وهو ينفث الهواء بانزعاج قائلًا " أنا الذي معدته تتمزق من الجوع سيّد أشقر " ليقول فرانس بمزاح وهو يتصنع الانفعال " اوه يا إلهي طفلي الصغير جائع فأنت لم تتناول شيئًا طوال اليوم ! " اغتاظ أدريان منه وهو يقول بصراخ " توقف عن التصرف بحماقة و أحضر لنا بعضًا من الطعام الجيّد فأنت أيضًا لم تتناول شيئًا " ليربت فرانس على شعر أدريان بضحك ثم قال " حسنًا حسنًا يا صغيري " فـأبعد أدريان يده من شعره و قال " أتريد الموت على يدي أم ماذا لست طفلك " ليبتسم فرانس بمرح قائلًا بعينين يشع منهما النقاء " أجل أنت الأصغر سنًا هنا لذا أنت طفلي " هدأت ملامح أدريان لينظر للجهة الأخرى بصمت و من ثم سأله فرانس " ألم يحضروا لك أية أطعمه ؟ " فنظر إليه و قال بجدية " لقد قلت لهم بأن طعامهم مقرف و لا أريده " ليحملق فرانس به بصدمة قائلًا بصوتٍ عالٍ " ماذا قلت ! " هجم عليه و حَوَّطَ عنقه بذراعه وهو يعبث بشعره موبخًا إياه بغضب " كم مرة قلت لك لا تكن وقحًا مع الناس " فصرخ أدريان و هو يضرب ذراعه محاولًا تحرير عنقه " آسف انا آسف حقًا آسف دعني أيها الأشقر البغيض فـالحق معي و كلامي كان صحيحًا مئة بالمئة " تركه فرانس بعدما استسلم له و قال بتأنيب " مهما كان سيئًا لا يجب عليك بأن تبالغ بصراحتك فأحيانًا الصراحة تؤذي مشاعر الآخرين " ليزم شفتيه بتفكير ثم قال " أيًا يكن أنا لم أشتمها لقد ذممت الطعام لا شخص آخر و من ثم الطعام لا يمتلك مشاعرًا " فـذَهِلَ فرانس منه و مال برأسه ناحيته و هو ينظر لوجهه بقرب قائلًا بريبة " حقًا طريقة عمل عقلك تدهشني يومًا بعد يوم أنا استسلم " ليضربه أدريان على جبهته بخفة حتى يبعد وجهه عنه و قال له بغرور " هذا أنا و هذه طريقة تفكيري و شخصيتي لن أتغير فأنا أكره المجاملات " ابتسم فرانس له ثم قال و هو يربت على رأسه " أجل أجل فقط أبقى كما أنت و لا تتغير فأنت شيء نادر حقًا ولا بأس بصراحتك تلك فعلى الأقل أنت تظهر مشاعرك ولا تكذب بها أيضًا تعبر عن كرهك وإعجابك بالأشياء بسهولة أنت رائع أدريان " رفع إبهام يديه الأثنين و هو يشير لأدريان بأنه شخصٌ جيد و رائع فابتسم أدريان بخفوت محاولًا عدم إظهار ابتسامته وهو يشعر بالخجل ليقول وهو يكتف يديه " لا يهم أنا جائع أريد البيتزا " تنهد فرانس بيأس قائلًا " آه حقًا لا أمَل منك " فـتذمر بغيظ و قال له " معدتي تحتضر من الجوع و أنت واقفٌ هنا لقد كنت انتظرك لنأكل سوية " قال فرانس ردًا على تذمره " حسنًا حسنًا أقسم بأني سأذهب الآن و أحضر لك الطعام " فـمشى نحو الباب مُهَرْولًا ليسحبه أدريان من قميصه قائلًا بصدمة " مهلًا مهلًا " إلتفت فرانس له بتساؤل فقال أدريان و هو ينظر له من رأسه إلى أخمص قدميه " أحقًا ستذهب بهذا الشكل ؟ " ليستوعب فرانس الوضع و هو يتحسس شعره الكارثي و ملابسه الفوضويه ثم قال أدريان وهو يتصرف كالأب " إنك حقًا ضائع بدوني هيا اذهب للحمام و رتب نفسك و أيضًا الجو بارد في الخارج ارتدي معطفك لا تخرج بهذا القميص الخفيف " فابتسم فرانس و تصنع دور الطفل "حاظر بابا " ضحك كلاهما على وضعيهما الطفولي ومن ثم تجهز فرانس و ارتدى معطفه بسرعة و قال قبل أن يخرج " وداعًا بابا لا تثير المشاكل و ابقى ساكنًا حتى أحضر الطعام لك " ليضحك أدريان على حديثه قائلًا " ما هذا الهراء يجب أن يقول الوالد هذا الكلام لطفله " بعدما خرج فرانس من الغرفة مبتسمًا بسرور قاصدًا مطعمًا للبيتزا وجَد عند مدخل المشفى حمالة بها فتاة مراهقة ليقول " مؤسف حقًا بأن المراهقين هذه الأيام يعانون كثيرًا " أحس بأن الفتاة مألوفه فـتجاهل إحساسه ظنًا بأنه مجرد شعور و لكن حدسه جعله يلتفت للخلف محملقًا بهم و هم ينقلونها ليرى السيّدة أوليفيا متمسكةً بالحمالة وهي تبكي فقال بصدمة " السيّدة أوليفيا هنا ! " حَوَّلَ بصرة ناحية المريضة بملامحٍ مرتابة ليهمس لنفسه " تبًا إنها سيون " ذهب ركضًا إليهم بقلق فدخل الغرفة ليجدهم يسعفونها محاولين ضبط تنفسها ثم جاء بينهم قائلًا " أين طبيب الطوارئ " فأجابته إحدى الممرضات " سيدي نحن لا نعلم لقد تأخر في المجيئ لمناوبته " ليشتم بداخله ذلك الطبيب الغير ملتزم وهو يشعر بيديه ترتجفان لأنه يكره تلك الحالات و لكنه مضطر لإنقاذ حياتها ، بدأ بفحص سيون بشكلٍ سريع و قال للمرضات " هل أعطيتموها حقنة الأدرينالين ؟ " ليجيبونه بـ لا فطلبها منهم باستعجال " بسرعة جهزن الحقنة هيا يجب علينا توسيع المسالك التنفسية لها فهي تعاني من ضيق التنفس " أعطته إحدى الممرضات تلك الإبرة ليحقنها بها و هو يتنفس بشكلٍ سريع أثر خوفه بينما الممرضات مرتابين لحالته الغير طبيعيه فهو مضطربٌ بالكامل أثناء مساعدته لسيون و يحاول التحمل مكافحًا ضد رهابه المتلف للأعصاب لتهمس إحداهن بـ " ما باله أهو مبتدئ أم ماذا " فقالت الأخرى ردًا عليها " يبدو بأنها مرته الأولى " فابتسم هو بخيبة جراء همسهم متنهدًا بتعب ثم قال براحة " حالتها أصبحت أفضل انقلوها لغرفة خاصة " إلتفت للسيّدة أوليفيا بابتسامة مطمئنة قائلًا " لا بأس ستكون بخير " لتقول له بامتنان وهي تذرف الدموع ممسكةً بيديه الاثنتين " شكرًا لك دكتور فرانس أشكرك جدًا على مساعدتك " .
أنت تقرأ
يولاند (مكتملة)
Детектив / Триллерفي فَرنسا تحديدًا بِمنطقة لانيون تحت أسقف غُرف المُستشفَيات نجِد الكثير مِن الغُرف المُعتِمه و لِكل مِنها قصة، حسنًا لِنرى الغُرفه رقم77 مِن هُنا سَتبدأ قِصتنا .