فرنسا (لانيون)
اسْتقامَ فرانس من على كرسي مكتبة قائلًا بحيرة " هذه هي أوراق فحوصاتك و ملفك الشخصي لقد أخذتها من طبيبك السابق " لينظر الشخص الجالس أمامه نحوه بشيء من السُخرية ثم قال مستهزئًا " أعتقد بأنهم كتبوا أني مختل عقليًا و أُشكل خطرًا على المجتمع و الكثير من المبالغات و الأكاذيب التي لا طائل منها " قال أدريان تِلك الكلمات بنبرةٍ ساخرة و ملامح الاسْتِهزاء واضحة عليه وَهُو قابِعٌ على الكرسي بشكلٍ مهمل وغير مبالٍ لأي شيء أو لكل ما يحصل هنا و كل ما يشغل تفكيرة هو شخص واحد و هي " جوليا " و كيف يخرج بأسرع وقت من هذا المكان المشؤوم بنظره فـسأله فرانس بانْزِعاج " ما الشيء المثير للسخرية ؟ توقف عن استهتارك هذا أتريد إثبات كل تلك التهم عليك بأفعالك الطائشة " زَفَرَ أدريان بقلة صبر مغمضًا عينية العشبية ليقف بتباطئ قائلًا بانفعال " اهه تبًا بحق خالق الكون هل ستصدق ذلك الطبيب المقرف ذو الشخصية المثيرة للإشمئزاز ؟ " فـزَمَّ فرانس شفتية و هو يفكر ليرد عليه " بالتأكيد لن أصدقة لستُ أحمقًا و لكن هذا لا يعني بأني سأتركك تخرج من هذه المشفى دون أي فحوصات يجب التأكد من صحتك و بعدها تستطيع الخروج " رمقه أدريان بغيض ليعض شفتة السفلية بقوة متنهدًا بعصبية كمحاولة إخراج كل ما يغضبه من خلال أنفاسة الهاربة من رئتيه ثم احتدت نظراته الموجهة ناحية فرانس و تجهم وجهه أما فرانس فقد رفع إحدى حاجبية بِتَحَدٍّ ليقول " ماذا هل ستضربني أنا أيضًا ؟ " فابتسم المعني ابتسامةً جانبية و هو يقول بثقة " لا يهم إن أردت فعل ذلك لكنت قد أبرحتك ضربًا من الوهلة الأولى لكنك لا تبدو أحمقًا جدًا كالبقية هنا لذا سأعفو عنك " حملق فرانس به بصدمة و قال ونو يضحك " ما الهراء الذي تنطق به هل هذه مجاملة أم سخرية " رفع أدريان كتفيه قائلًا " كلاهما " ثم تحولت ملامحه للجدية فجأة ليجلس باعْتِدال متحدثًا بصوتٍ متزن " هيا ابدأ بفحوصاتك ليس لدي المزيد من الوقت لأهدره على هذه السخافات " تجمد فرانس بمكانه و هو مذهول ليهمس لنفسه بـ " مهلًا!! ما الذي حصل هنا ...هل تغيرت شخصيته لتو ؟ " أكمل حديثه الدرامي بسرحان مع ذاته و ملامح الاستياء قد بدت واضحة عليه ليغوص ببحرٍ من الأفكار السلبية و هالة الكئابة تحيط به " يا إلهي لما الحياة تكرهني لهذه الدرجة حتى تعطيني من أول يومٍ مريض إنفصام ! أنا حتى لم أظهر نفسي أمام الجميع أو أتعرف على من في المبنى و لم أكمل مسيرتي المهنية بعد ما هذا لما أول مهمة لي تكون من أصعب الأمراض النفسية ماذا سأفعل الآن هل أتصل على عمي جيرمن هل سـ.." ليقطع حبل شرودة و أفكارة المظلمة ظهور أدريان بوجهه مباشرةً قائلًا باستنكار طفولي " ما الأمر ما بال وجهك العابس هذا هل ستبكي ؟ " تفاجئ فرانس بقرب الشخص الذي أمامه ليسترد وعية و هو ينظر بصدمة نحو أدريان محركًا رأسه بشكلٍ مستمر يمينًا و شمالًا ثم أبتعد عِدة خطوات من أدريان و تَنَحْنَحَ بحرج لتتغير ملامحة للجدية فقال له متحدثًا برسمية " حسنًا لنبدأ الفحوصات فورًا حتى ننتهي بسرعة " جلس كلاهما أمام بعضهما ليبدأ فرانس بطرح بعضٍ من الاسئلة الشائعة في الجلسات النفسية للمريض و تحليل تصرفاته و إجاباته و ردود أفعاله والكثير من الأشياء حتى يستنتج ما الذي يعانيه و ما المشكلة ، بالرغم من أن أدريان عنيد جدًا و ينكر أي شيء يقوله فرانس فقد كان مُصر على أنه لا يعاني من أي خطب و سليمٌ بالكامل و لكن فرانس يعلم بأن وراء كل هذا الادعاء والتمثيل أشياء مُعقدة تقبع خلف تلك العينين الباردة بخُضْرتها الباهتة فـتنهد فرانس بتعب ليقول باستياء " ما مشكلتك ترفض و تنكر كل شيء حتى الإنسان الآلي سيشكو من خطبٍ ما هل أنت الرجل المدرع أم ماذا " نظر أدريان إليه بتساؤل و قال بعدم اكتراث " ربما " ليقف فرانس بغضب و هو يصرخ بصوتٍ عالٍ " تبًا لتلك الكلمة المشؤومة " أما بالنسبة لأدريان فقد تفاجئ جدًا بغضب فرانس و قد تحركت يديه لا إراديًا لتشكل درعًا أمام وجهه دفاعًا عن النفس ليستنكر فرانس حركته تلك محملقًا به بنظرات استغراب " هي ما بالك ؟ هل ظننت بأني سأهجم عليك أو ما شابه " استوعب أدريان موضع يديه و حركته لينزلها بسرعة ناطقًا بنبرة يتخللها الاِضطراب " لا شيء لا تهتم " فكَّر فرانس و استنتج من ردة فعله تلك مخاطبًا لذاته بعقله " ربما عاش في بيئة عُنف مليئة بالاشتباكات أيضًا بحسب ما رأيته هنا يعاملونه بعنف عِند أول لقاء لنا لذا نتج منه ذلك الفعل حينما فاجئته " فـحاول أدريان التماسك أكثر و غير نبرته ليقول بثقة " هه و من ثم من أنت حتى تستطيع ضربي أنا " ابتسم فرانس بتزييف ليتحدث بداخله " اهه يا إلهي عدنا للإنفصام " ثم خاطبه بجدية " غدًا سأعلمك بنتائج فحوصاتك لذا أبقى هنا دون افتعال أي مشكلةٍ هل هذا مفهوم ؟ " فتحرك أدريان تلقائيًا نحو الكنبة مستلقيًا عليها أثناء قوله " اهه أجل حسنًا " و هو يحرك بيده ناحية فرانس بمعنى ارحل لينظر فرانس إليه بصدمة قائلًا " مهلًا ما الذي تفعلة بنومك هنا هذا مكتبي ! " فقال أدريان دون أن يحرك ساكنًا أو ينظر له " لقد قلت لي أن أبقى هنا دون حراك ما الأمر هل أنت منفصم " غضب فرانس ليؤشر عليه بحديثه " أنت هو المنفصم هنا و ليس أنا " و أكمل حديثه بـ " و من ثم أنا لم أقصد بقاؤك هنا بمكتبي حرفيًا بل بغرفة مجهزة لك لأنك مريض رسميًا بهذه المشفى و هذه الأريكة ليست مريحةً البتة إنها كـسطحٍ من الأسفلت " فـنظر بعشبيتة ناحية فرانس ليقول ببرود " لا يهم يمكنني النوم عليها " تنهد فرانس بيأس ليرد عليه " حسنًا كما تشاء " ثم نظر نحو ظهره و هو نائم مثبتًا يده تحت رأسه كـوسادة ليخرج بعدها و يغلق الباب خلفة بعدما أطفأ الأنوار ، عاد بعد عدة دقائق و هو يحمل وسادةً و لحاف مخاطبًا لنفسه " رائع فرانس لقد أصبحت أب لطفل منفصم "

أنت تقرأ
يولاند (مكتملة)
Детектив / Триллерفي فَرنسا تحديدًا بِمنطقة لانيون تحت أسقف غُرف المُستشفَيات نجِد الكثير مِن الغُرف المُعتِمه و لِكل مِنها قصة، حسنًا لِنرى الغُرفه رقم77 مِن هُنا سَتبدأ قِصتنا .