{11}

2.2K 185 9
                                    

رَكَب فرانس الطائرة و العُبوس قد تملك ملامحه أثناء مشيه ببطئ ليبحث عن مكانه الذي حجزه له السيّد جيرمن ثم اكتشف أن مقعده كان بِجانب النافِذة مبتسمًا بحُب على تصرف السيّد جيرمن فَهُو يعلم بأن فرانس يعشق رؤية السماء و يحب بأن يجلس عِند النافذة دائمًا فجلس على مقعده بهُدوء سارحٌ بشرود وهو ينتظر تحليق الطائرة ليفيق مِن غفلته على صوت الطيّار يُخبرهم بأن يربطوا الأحزمة لأن الطائرة ستقلع بعد خمس دقائق .

سويسرا (فيرناير)

بالكاد وقفت السيارة مِن قوة سرعتها الجنونيه لتنزل نيكول بسرعة و ملامِح الهلع واضحة عليها ثم صرخت للممرضين حتى يأتوا إليها فخرجوا الحراس من السيارة و هُم حاملين جسد جوليا المُغطى بالدماء ، كان شكلها يُقشعر بدن كل من يراها وهي مستقرة بأيدي إحدى الحُراس بِهدوء قاتل دون أن تنبس ببنت شفه بينما بشرتها البيضاء قد أصبحت أكثر بهتانًا بسبب فقدان جسدها للكثير من الدماء و اسرع مجموعةً من الممرضات ناحية نيكول و هم ممسكين بسرير نقال ليضعوها عليه سريعًا ثم دفعنها المُمرضات بأسرع ما يمكن و ملامِح الصدمة لم تخَلَّى من ملامِحهم فدخلوا بسرعة إلى المشفى و صرخت إحدى المُمرضات قائلةً بـ " بسرعة استدعوا الدكتور إيثان حالًا إنها حالة طارئة " ليدخلوها إلى قسم الطوارئ ثم قالت إحدى المُمرضات برعب " إنها تفقد دماءً كثيرة سنفقد المريضة " فأمسكت المُمرضة إيڤ بكتفيها مُحاولةً جعلها تهدئ " كارمن اهدئي وعودي لوعيك نحن سنساعدها معًا هيا " اومأت كارمن بتوتر لتنطق الممرضة إيڤ مرةً أخرى " هيا يا رفاق بسرعة يجب علينا تدارك الوضع و محاولة جعلها على قيد الحياة حتى يصل الدكتور إيثان و يعالجها مهمتنا إبقاء حالتها مُستقرة " تجمعوا المُمرضين حول جوليا و هم يحاولون إنقاذها فقالت كارمن بقلق " النبض ضعيف و الحالة غير مستقرة إن وضعها يسوء أيضًا الضغط منخفض بنسبة ٤/٨ " لتقول إيڤ بسرعة " كارمن أحضري الأكسجين بسرعة و أنت ديڤد أحضر جهاز الضغط أما هيلدا أحضري جهاز صدمات القلب الكهربائية هيا اسرعوا " بدأت إيڤ بوضع الضوء على عينين جوليا لتفحص رُدود فعل جوليا فتوترت قليلًا لأنها لم تجد أي ردة فعل أو إشارة حتى و خافت بأن تخسر المريضة لتنطق بسرعة " كارمن ماهو حال النبض " قالت كارمن بارتباك " سيتوقف نبضها إذا بقيت على هذه الوتيرة إنه يسوء أكثر فأكثر" اومأت إيف بسرعة وقالت بصوتٍ عالي " ديڤد أين جهاز الضغط " فأحضره مُسرعًا وهو يقول " جهاز الضغط جاهز " لتقول إيف باستعجال " أحسنت عملًا " أخذت الجهاز و بدأت بقياس ضغطها و محاولة تضميد جراحها حتى توقف النزيف ثم تحدثت بسرعةٍ " ضماد " فأعطتها هيلدا الضماد و أثناء عملية التضميد والخياطة و هم يحاولون فحص حجم الضرر الذي تلقته في رأسها و كامل جسدها أما كارمن فكانت تراقب النبضات بتوتر و فجأةً بدأ جهاز قياس النبضات بإصدار رنين مُزعج انتشر بأرجاء القسم مُشكلًا سمفونية الخلاص لعذاب هذا الجسد المُستقر على الفراش الأبيض و المُلوث بِـلون الدماء القاتِم كـطهارة قلبها الجريح فأنقطعت آخر أنفاس جوليا مُعلنةً استسلامها عن الحياة .

و في سماء نيويورك بداخل تلك الطائرة المحلقة :

يتأمل الغُيوم القطنية وسَط زرقة السماء بملامِح هادئة مع ضوء الشمس المُشع مِن نافذة الطائرة ينعكس على شعراته الذهبية وعينيه البحرية لتزيدها جمالًا و بريقًا فقاطع تأمله صوت تلك النادلة الناعِم ليلتفت لها منصتًا بانتباه " سيدي هل تُريد طلب شيء ما ؟ " ابتسم و تحدث بصوته الهادئ " نعم من فضلك أريد فقط كوبًا مِن القهوة الداكنة " لتسأله بعدها "ما مقدار السُكَّر الذي تريده بقهوتك ؟ " نطق و هو يعود بنظره إلى النافذة " من دون السكر " فابتسمت و اومأت له لترحل حتى تحضر طلبه ثم تنهد هو ببطئ أثناء تحويل نظره ملتفتًا لأرجاء الطائرة و يتفصح الركاب ليستغرب بعدما انتبه أن لا أحد قد حجز بجانبه لكنه سعد بذلك و أعجبه الوضع فَهُو لا يحب الاختلاط بالناس كثيرًا ولا يريد أي ازعاج أثناء الرحلة و من ثم بدأ باختيار فلم مُناسب له حتى يشاهده أثناء الطائرة مبتسمًا برضًى عِندما وجد ما يُعجبه و وصلت القهوة في وقتها المناسب فوضعت القهوة على طاولته ليبتسم شاكرًا لها ثم رفع كوب القهوة ليقربه من وجهه حتى داعبت رائحة القهوة المُركَّزة أنفه مستنشقًا إياها و هو مُغمض العينين و ابتسامة صغيرة نمت على ثغرة باستمتاع ، نعم هذه عادته الدائمة فهو لديه طُقوسه الخاصة قبل شرب القهوة و بعدها ارتشف القليل مِن قهوته بتلذُذ و هو ينظر إلى مقدمة الفلم بهدوء فاندمج بـأول دقائق الفلم ليصدر صوت صراخٍ فجائي من المقاعد الأخيرة في الطائرة حينما تجمع و إِلْتَمَّ الناس نحو ذلك المقعد المرتكز بزاوية الطائرة و الذي يصدر منه صُراخ فَتَاة ما لينهض فرانس مسرعًا و هو يتمتم بصوت مكبوت " يا إلهي لماذا حياتي دائمة الصخب حتى أنني لم أنهي قهوتي " حَوَّلَ نظره نحو مؤخرة الطائرة ليجد الأغلبية مُتجمعين هناك عند المقعد الأخير مُشكلين حَلَقةً حوله و صوت بكاء الفتاة يزداد علوًا و هي تصرخ بـ " أي أحد منكم أرجوكم ساعدوها " فـتكلم الطَيَّار بالمذياع " أيها السادة نرجوا منكم الهُدوء و العودة لأماكنكم و إذا كان هُنالك أي طبيب بالطائرة اننا بحاجة ماسة للمساعدة رجاءً نحن نطلب العون " اتَّجَه فرانس نحو المكان المكتظ بالناس قائلًا بجدية " المعذرة ابتعدوا عن الطريق و دعوني أمر أنا طبيبٌ هنا " شهقت الفتاة بسعادة ليرجع لها الأمل وهي تحدق به برجاء بأن يساعد تلك المرأة فابْتعَد الناس حتى يمر فرانس بِهدوء ثم نظر للفتاة و كانت صغيرةً بعمر المراهقة تجثو على الأرض ممسكةً بسيّدةً مسنة و حينما رأته قالت بهلع وملامح الخوف مرتسمةً علي وجهها " هل أنت الطبيب " ابتسم لها و قال " أجل دعيني أفحصها أولًا و لنرى ما الأمر " اومأت بسرعة لتمسح دموعها قائلةً بـ " لا أعرف ما بها تفاجأت بسقوطها على الأرض دون سابق إنذار " وضع يده على عنقها ليقول بهمس " تنفسها ضعيف " حملق بأولئك الأشخاص المتجمعون بفضول و صرخ بـ" هيا ابتعدوا أنتم تجعلون تنفسها صعبًا دعو الأكسجين يمر إنكم تخنقونها " فنهضت الفتاة بسرعة محاولةً إبعادهم و هي تصرخ بـ" أين المسؤولين فل يأتو هنا ماهذه الفوضى " ثم وصل بعد عدة دقائق مساعدي الطَيَّار و بعضٌ من الموظفين حتى يبعدو الناس و إرجاعهم لأماكنهم بتنظيم ، أخذ فرانس قلمه المُزود بمصباح من جيبه ليفحص ردة فعل عينيها تحت أنظار تلك الفتاة القلقة فـرفع نظره نحوها قائلًا حتى يطمئنها " لا بأس ستكون بخير" نهض و قال لأحد الموظفين بأن يحمل السيّدة معه حتى يضعونها على المقاعد و يجعلونها تتمدد عليها و عندما وضعوها سأل فرانس الفتاة " ما اسمك؟ " لتنظر له بعينيها الغامقة و التي من شدة سوادها أعتزلت عتمة الليل ذاتها أمام تلك الحدقتين الواسعة فـقالت بصوتٍ خافت " سيون " ابتسم لها ثم قال " أنا فرانس تشرفت بمعرفتك سيون " ابتسمت بهدوء و ردت عليه بـ " شكرًا لك و أنا كذلك " .

يولاند (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن