أعطتهُ سلةً بَهِيَّة الشكل ذي زخارفٍ بسيطة و أنيقة تحتوي على علبتين من الكعك بالحجم الكبير ليستشعر فرانس ثقلها قائلًا باندهاش " أليس كثيرًا ؟ " فابتسمت له و قالت " لا إنه لا شيء فقط خذه كـ عربون امْتِنان و الآن وداعًا " لوحت له بأناملها و ذهبت مسرعة للداخل فتفاجئ فرانس من ذهابها المستعجل ليقول بلبكة " مهلًا لحظة ! " و لكنها قد دخلت المنزل و أغلقت الباب فلمحها تسترق النظر من إحدى نوافذ الطابق الأرضي ليبتسم لها بنظراته ثم صرخ بـ " شكرًا لكِ على الكعك ، إلى اللقاء " لوح لها بيده و قال بمزاح " تصبحين على خير أيتها المحاربه و أبلغي عمتي أوليفيا تحياتي" لتفتح النافذة و ملامح الهلع واضحة على ملامحها قائلةً بذعر وبصوتٍ عالٍ " أخفض صوتك أيُّها الأحمق الجميع نِيَام لقد أثرت جلبةً في الحي " ثم أكملت بخجل " و أنا لست محاربه أنا فقط أتقن فنون الدفاع عن النفس " فـضرب أدريان جبهته بيأس ليقول " هل تقول لك بأن لا تصرخ و هي تصرخ الآن ؟ " بينما فرانس يضحك على بلاهتها قائلاً بصراخ أيضًا هو الآخر " ولكنك تصرخين بالفعل" لتؤشر له بيديها بأن يرحل و بعدما لوح لها مودعًا إياها ذهب من المكان متجهًا بسيارته إلى منزله هو وأدريان وفي الطريق جلس يستذكر طيفها الذي اختفى مع ظلمة الليل أثناء هروبها و خصوصًا بأن شعرها أيضًا قاتم اللون و ملابسها دائمة السواد فأغلب ما ترتديه يكون باللون الأسود ذو نمطٍ معتم ، نطق بسرحان و هو يقود قائلًا بشرود " كيف لإنسانٍ بأن يُجسد القمر وسط عتمة الليل " ليستنكر أدريان جملته تلك فقال له " مهلًا لا استطيع التفكير الآن أنا جائع لا وقت لرومنسيتك المبتذلة " اِستَعادَ فرانس وعيه بعدما سمع صوت أدريان المتذمر بينما هو متفاجئًا من ذاته و مما قاله لتو فنظر إليه و قال " اهه مابك أيها الطفل ما الذي تريده " حملق أدريان بالسلة الموجودة بحضن فرانس و هو يقول " أريدها " فاغتاظ فرانس منه ثم قال له بحنق " إنه لي لن أسمح لك " ليتفاجئ أدريان بأنه حُرم من تلك الكعكات الشهية ذي الرائحة الزكية و التي ملأت أرجاء السيارة منتشرةً بها بكل حرية حتى لاطفت أنفه بعبقها الطَيِّب فأثارت جوعه ليقول بانزعاج " لقد أعطتك قطعتين كبيرتين أيُّها البخيل الأحمق إنها تكفي لقبيلة كاملة " فـرد عليه الآخر بصوتٍ عالٍ " مهما كانت الكمية فهي لي إنها شيء ثمين " غضب أدريان و صرخ بـشكلٍ طفولي " لا يهمني ما تقوله المهم هو أنني جائع و أريد من هذه الكعكات أيُّها العاطفي الأحمق "
سويسرا (فيرناير )
تحملق بفُتُور و بتلك الفيروزتين الأُرْجُوانيّة نحو المباني الشاهقة و الشوارع المكتظة بالناس ليلًا مع أنوار المدينة البَرَّاقة وهي جالسة بالقرب من النافذة حاضنة قدميها و متكئة برأسها على يديها بينما تكتظ بالداخل في زحام ذكرياتها المبعثرة فـأخرجت الهواء من رئتيها بهدوء لتلتفت نحو إيثان لعلة أستيقظ ولكنها وجدتة ما زال غارقًا و متعمقًا بالنوم فهمست لذاتها بـ " لعله يلتمس شيئًا من الراحة فمنذ التقائه بي وهو فاقدٌ لها " ركزت بمقلتيها نحو السماء العاتمة لتسحرها تلك العتمة القاتمة بسوادها و لمعان نجومها فقالت وهي تتوه بهذا الفضاء الشاسع " هل ستكتمل كل تلك القطع المفقودة يومًا ما " أحست بالضيق يساورها ليعتصر قلبها بسلاسلٍ من العذاب المتواصل و أشتد الخناق عليها لتمتلئ محاجر عينيها بلآلئ من البلورات المالحة " و هل ستمتلئ كل تلك الثغرات التي تسحبني لزوبعاتٍ من الضياع المُميت " أخذت شهيقًا شبه طويل بينما دمعها ينساب على خديها بحرارة و هي تشعر بهيجاناتٍ من المشاعر والعواطف تجتاحها دفعة واحدة فـمسحت بأطراف أناملها وجهها المُبْتَلّ بعدما سمعت تحركاتٍ قريبه من غرفتها و علمت بأنه قد يأتي أي شخص للغرفة بأي لحظة لتنهض من المقعد بشكلٍ تلقائي ثم دخلت الحمام حتى تغسل وجهها وحينما إنتهت من الغسل أغلقت صنبور المياة و ركّزت بمقلتيها على وجهها بالمرآة بصمتٍ تام وهي تراقب قطرات الماء أثناء وقوعها من على وجهها فـعم الهدوء و ساد المكان ، لا تستمع إلا لصوت أنفاسها البطيئة و الهادئة والتي بالكاد يسمع لها مع لحن صوت قطرات الماء الواقعة على القاع ببطئ و كأن بتلك اللحظات القليلة قد اختل التوازن و تأخر الزمن عن المعدل الطبيعي فـخرج وعيها عن المحيط الطبيعي وهي ترمش بأهدابها الطويلة بهدوء بينما تراقب قطرات الماء المنسابة من وجهها و تستمع لضربات قلبها البطيئة ليقطع حبل سكونها شخص ما قد فتح باب الغرفة فاستعادت رشدها و عاد كل شيء لطبيعتة بعدما سمعت صوت مقبض الباب لتجفف وجهها بسرعة و خرجت بملامحٍ ساكنة حتى تعرف من الذي قد أتى و داهم الغرفة .
أنت تقرأ
يولاند (مكتملة)
Mystery / Thrillerفي فَرنسا تحديدًا بِمنطقة لانيون تحت أسقف غُرف المُستشفَيات نجِد الكثير مِن الغُرف المُعتِمه و لِكل مِنها قصة، حسنًا لِنرى الغُرفه رقم77 مِن هُنا سَتبدأ قِصتنا .