وَضع الجهاز بِقوة و رفع درجته القُصوى لِدرجة إهتزاز السرير مِن شدّة الصعقة فـمرت الثواني و التي بالنسبه لإيثان كالدهر ، لحظات مِن السكون لا يسمع فيه سوى أنفاسه المُضطربة على أملٍ بأن تَحيا تِلك الصغيرة بينما الثواني تتطاير بسرعةٍ وَهُو يلتهم جهاز النبضات بنظراته المشتعلة و كأنه يُجبره على أن يصبح الخط متموجًا رغمًا عنه ثم نظر لوجه جوليا البريئ الذي قد امتلئ بالضمادات بعُيونٍ نادمة يملؤها القهر فـكيف لزهرةٍ نقية طاهرة كالملاك بأن تصِل لتلك الحالة هل أصبح العالم مُخيفًا إلى هذه الدرجة أم أن الناس تجردوا من إنسانيتهم و أصبحوا فقط " بشرًا " بالاسم ، على أي أساس نُسميهم بالإنس إذا كانوا لا يتصفون بالإنسانية إن البشر عبارة عن وحوش تلتهم الأقل منهم قوةُ و الضعفاء عامة فإنهارت إيڤ أرضًا لتبدأ بالنَحِيب ثم انضمت لها كارمن و أصواتهم تعلو أما إيثان فَهُو متجمد لا يعرف ما الذي يشعر به حتى في هذه اللحظة و هو يتأمل ملامِحها بيأس ليسيطر الحزن على ملامحه ثم قال له ديڤد بصوتٍ متوتر " ءء الطبيب إيثان هل يمكنك إعلان ساعة الوفاة ؟ " رفع إيثان نظره نَحْو ديڤد بعُيون مرهقة و ملامِح عابسة ليقول بصوتٍ مثقل و هادئ " ساعة الوفاة " توقف عن الحديث و شَرَدَ قليلًا هو فقط لا يريد إكمال الجملة تلك الجملة البغيضة فتملكه الغضب فجأةً و تقدم بسرعه نحو جهاز النبضات و الغضب يتطاير مِن عينيه ليعطيه لَكْمةً قوية ثم أنزل رأسه وَهُو ممسك بالجهاز و يتنفّس بِعنف ، اِرْتَخَت ملامحه فجأة بعدما لمح بِطرف عينه شيئًا يتحرك على شاشة الجهاز ليرفع رأسه بقوة وسَط ذُهُول الجميع و صدمته .. أجل لقد تموج الخط و إنها على قيد الحياة!! ، ابتسم إيثان بصدمة و عدم تصديق فقد رسمت على ملامحه الحادة تلك الابتسامة المريحة لتعطي وجهه طابعًا لطيفًا ثم ضحك بقوة لشدة فرحته زافرًا براحة و قفز بسرعة نَحْو جوليا ليتأكد من تنفسها واضعًا يده عند أنفها و فمها ليتنهد براحة أثناء قوله بغضب " كفاكم بكاءً هيا وقت العمل سنأجل الحديث عن موضوع فشلكم الذريع الآن حتى تستقر حالتها " صفق بيديه و أكمل قائلًا بـ " هيا بسرعة " نهضت إيڤ و هي تساعد كارمن على الوقوف فبدأوا الممرضون بتنظيف الفوضى و ترتيب كل شيء إلى مكانه أما إيثان قد أخذ جوليا ناويًا فحصها و إجراء العمليات اللازمة لها ثم سيضعها بغرفةٍ خاصة بقسم الحالات الحرجة (العناية المشددة) حتى يستقر وضعها و أثناء خروجه مِن القسم قابل نيكول و حراسها و عِندما نظر لها شَعَر بالريبة و لم يرتح لها لكنه حاول إخفاء ملامِح الشَّك من وجهه و رسم ابتسامة هادئة ليقول برسمية " هل أنتم أهل المصابة ؟ " لتومئ نيكول عدة مرات بنفاذ صبر و التوتر واضح عليها فقالت له باستعجال " كيف حالتها هل هي بخير؟ " ابتسم بشكلٍ خفيف و قال " لقد نجت بأُعْجُوبة لحسن الحظ ابنتك قوية " لتبتسم بسخريةٍ قد حاولت إخفائها و لكن إيثان لاحظها ثم قالت له " إذًا متى ستنتهي إجراءات خروجها ؟ " نظر لها بصدمة و الغضب قد اعتراه كليًا لكنه تمالك نفسه قائلًا بعصبيةٍ مكبوته " هل تمزحين معي نحن بالكاد أنقذناها و إلى الآن لم نُجري الفحوصات الشاملة حتى نعلم كم عظمة بجسدها قد كسرت أو ما هي الأضرار التي تلقتها و انتِ هنا تقولين متى سننهي اجراءات الخروج ؟ هل تظنين بأنها جرحت إصبعها أم ماذا ؟ يجب أن تستوعبي بأنها سقطت من ارتفاعٍ عالي " تنفس بغضب و نادَى الممرضة إيڤ لتأخذ جوليا و هو يقول لها " ابدأو بإجراء الفحوصات الشاملة و جهزوا غرفة العمليات لها هيا " اومأت إيڤ و رحلت مع جوليا ليُكمل إيثان " سأذهب لفحصها و ربما سوف تبقى هنا لأسبوعين أو أكثر على حسب كمية الضرر" رحل ليُعطيهم ظهره مؤشرًا بيده بمعنى إلى اللقاء و الأخرى يضعها بجيبه و ترك نيكول وسَط غضبها وهي تستشيط غيظًا منه .
فرنسا (لانيون)
هبطت الطائرة القادِمة من نيويورك على أراضي فرنسا بسلام ليمر على مسمع فرانس و بقية الرُكاب صوت الطيّار وَهو يُعلمهم بوصولهم بأمان متمنيًا لهم رحلةً سعيدة فاستقام فرانس بوقفته و بقايا آثار النعاس لا تزال على وجهه و لا ننسى شعره المُبعثر بفوضوية و كأنه خارج لِتو من مَعْرَكة بحريَّة ، فرك عَينَيْه مُستَيْقِظًا و هو يحاول ترتيب شعراته الذهبيه لكن محاولته فد بَاءتْ بالفشل فتمردت خُصَل شعره و هي تسقط فوق عينيه السماوية بعناد ليعقد حاجبيه بغضبٍ طفولي ثم حَوَّلَ نظره نَحْو شعراته المُخالِفة لينفث بعضًا مِن الهواء الخارج من رئتيه حتى تحركت خُصلِه الشقراء بعشوائية و ضحك على تصرفه الطفولي فـقرر تجاهل فَوْضَويَّة شعره ليأخد حَقِبيته و يذهب مُسرعًا نَحْو سيون و مربيتها قبل ازْدِحام الطائرة بوقوف الناس خوفًا مِن تضييعهم و حينما جاء عندهم ابتسم لهم و ألقى التحية قائلًا " سيون خذي رقم هاتفي حتى نتواصل بشأن صحة السيّدة فـالآن بالتأكيد انتم مُتعبون من الرحلة لذا بالغد نتحدث و أُعلِمك بمكان المشفى حتى نبدأ الفحوصات " تبادلوا الأرقام و ابتسمت له لتقول و هي تخرج بهدوء من الطائرة مع عمتها بينما فرانس بجانبهم " حسنًا شكرًا لك " فضحك فرانس و قال بمزاح " يا فتاة هذه المرة المليون التي تشكرينني بِها " شعرت سيون بالحرج و أرادت تفعل له بالمثل لتقول و هي تضحك " لقد أعجبتني تصفيفة شعرك هل تتبع الموضى ؟ " فـأشاح بنظرة للجهة الأخرى مُتظاهرًا بعدم السمع ثم إلتفت لها و هو يُحاول كبح ضحكته حتى انفجَرا ضحكًا بوجه بعضهم البعض و تعالت أصوات ضحكاتهم ، كان صوت ضحكات سيون ناعمًا كـنغمات الناي الهادئة أَمَا السيّدة أوليفيا فهي مُتعجبةً منهم و مِن تناغمهم و إندماجهم المفاجئ و كأنهم يعرفون بعضهم البعض من فترة طويلة لكنها فرحت كثيرًا لأن سيون و أخيراً انْسَجَمَت أو تحدثت مع أحد فهي شديدة الانْطِواء و لا تملك أحد سِوَى عمتها ، حينما هدأت ضحكاتِهم و توقف فرانس عن الضحك بعدما شعر بالإحراج لأنه ظن بأن السيّدة أوليفيا ستأخذ فكرة بأنه شخص غير مسؤول و غير مُهذب فقال بابتسامه صغيرة متظاهرًا بالجدية " حسنًا هيا لنخرج سأوصلكم بطريقي " أرادت سيون و السيّدة أوليفيا الرفض لكنه لم يسمح لهم أو يعطيهم مجالًا للرفض حيث أنه قد حمل امتِعتهم و وضعها مع حاجِيَّاته بالعربة و تقدم أمامهم وَهُو يدفع العَرَبة قائلًا ببراءة " هيا سيون ألن تأتوا ؟ " نظرت سيون لمربيتها متسائلةً بما الذي ستجيب به لتومئ السيّدة أوليفيا لها و تقول وهي تبتسم " حسناً هيا بنا لنذهب " .
أنت تقرأ
يولاند (مكتملة)
Mystery / Thrillerفي فَرنسا تحديدًا بِمنطقة لانيون تحت أسقف غُرف المُستشفَيات نجِد الكثير مِن الغُرف المُعتِمه و لِكل مِنها قصة، حسنًا لِنرى الغُرفه رقم77 مِن هُنا سَتبدأ قِصتنا .