سويسرا (فاليه)
توقفوا عند قصرٍ عملاق ليرتجلا من المركبة بينما جوليا تحاول كبح مشاعرها و السيطرة على ارتباكها لأنه لسبب ما لا تعلمه قد شعرت بانعدام الراحة فنظرت نيكول لها و قالت بعدما أمرت السائق بأن يصف السيارة خلف القصر في ركنها الخاص " لما أنتِ واقفة ؟ هيا تحركي " مشت نيكول نحو البوابة الرئيسية للقصر و لحقتها جوليا بالخلف تمشي بهدوء و هي تحاول تهدئة ذاتها بأنه مجرد اجتماع غير مهم سينتهي و تعود للمنزل أما إلياس فقد كان يبعد عدة متراتٍ عن القصر بجلوسه عند شجرةٍ عملاقه مراقبًا للوضع و هو ينظر إلى جوليا أثناء دخولها لبوابة ذلك القصر ليقول " سيحين الليل بعد قليل و تغرب الشمس " تسلق الشجرة و جلس فوقها بصمت وهو يختلس النظر من نوافذ القصر محدقًا بالأشخاص الذين به فقال بارتياب " لا أرى الكثير من الناس ما الأمر؟ لم أرى سوى شخص يبدو بأنه بالأربعين و آخرٌ بدين الهيئة " عندما دخلوا القصر رأوا الخدم مصطفين بملابسٍ منمقة بشكلٍ دقيق و هُم يرحبون بهم بانحناءة بسيطة ليقودوهم إلى الأعلى حيث أن هُناك مكان اجتماعهم فصعدت جوليا ورائهم و هي تقبض بيديها الاثنتين فستانها القرمزي بتوتر و عند وصولهم للأعلى ابتسمت نيكول بخبث حينما رأت طليقها أمام عينيها بحلةٍ راقية ثم قالت لجوليا بغرور " ألقي التحية عليهما " انحنت جوليا برقة ممسكةً بثوبها لتقول " مرحبًا أنا جوليا دامبيير شكرًا لدعوتنا إلى حضور عشاء اليوم " ضحك ذلك الرجل البدين بسعادة حينما رأى مدى لباقتها و جمالها الخاطف للأنظار بينما طليق نيكول ذلك الرجل الأربعيني نطق بصوته البارد مشددًا على اسمه " جوليا ستيفن دامبيير " فرفعت عينيها باستنكار و هي تشعر بأن ذلك الصوت كان مألوفًا و استغربت معرفته لاسم والدها و لكن حينما تقابلت أعينهما عرفته مستذكرةً تلك النظرات الحادة لتشعر بالصدمة جراء لقائها الغير متوقع مع والدها و كانت ستندفع لتضربه و تصرخ عليه متسائلةً بـ " أين أخفيته أين شقيقي أدريان " لكنها كبحت تلك الرغبة القوية بعدما استوعبت وضعها و عضت شفتها بقهر و هي تفكر بـ " جوليا اهدئي ولا تفسدي الأمور حتى ولو سألته لن يخبرك ذلك الخبيث شيئًا " نظرت له بحده و قالت بنبرة ساخرة تغلفها الرسمية " عند التعريف لا نقول اسم الأب فلا حاجة أو أهمية له " ثم ذهبت و جلست بأحد الكراسي بالقرب من نيكول و كان أمامها ستيفن و ذلك الرجل ليضحك ستيفن بضحكةٍ باردة تخلو منها الفكاهة و هو يحدق بها بشَرّ أما ذلك الفتى إلياس الذي بالخارج و يراقبهم بصمت عندما رأى جوليا اطمأن و قال بارتياح " اوه ها هي و لكن يا للأسف إنني أراها من الخلف فقط لا استطيع رؤية تعابيرها " استمر بالمراقبة بهدوء حتى يطمئن فقط على وضع جوليا و في الداخل الجو كان خانقًا بالنسبة لتلك الطفلة و هي تجلس بين أربعة بالغين و مخيفين بالنسبة لها فـاثنين منهما يجسدان المعنى الحرفي للخبث و الشر و الآخر رجلٌ غريب لا تعرف ما نواياه و هو يحدق بها طوال الوقت بنطراتٍ لا يمكن تفسيرها لتتحدث جوليا بنبرةٍ ثابتة وهي تحاول إخفاء خوفها " إذًا ما موضوع هذا الاجتماع لما دعوتما السيّدة نيكول " تعمدت إخراج ذاتها من الموضوع لتراقب ردات فعلهما فقال ذلك البدين باستغراب " ألم تعرفي بعد ؟ " استنكرت حديثه لتقول نيكول باستغلال و نظرات مكر " أتعلمين بأن هذا العقد الجميل و المبهر الذي يزين عنقك كان هدية من هذا السيّد " أشرت على ذلك الرجل البدين لتشعر جوليا بالرعب من هذا الموقف الغريب فـقشعر كامل بدنها من الاشمئزاز و هي تحاول التحكم بتعابيرها المرتبكه ثم ابتسمت بزيف وهي تقول " اوه لم أكن أعلم بذلك شكرًا لهديتك و لكن لِماذا ؟ فأنا لا أعرفك " ليقول لها ستيفن وهو يحدق بها بتكبر رافعًا إحدى حاجبيه " إنه زوجك .. أعني مستقبلًا سيكون كذلك " صعقت من تلك الجملة متجمدةً بمكانها أثر الصدمة ثم نظرت لذلك الرجل البدين و وجدته يبتسم بكل دناءة سعيدًا بذلك فأمسكت بالعقد لتسحبه بكل عنف و هي تصرخ بانهيار غير مصدقة لما يحدث " هذا لن يحدث حتى و لو بأحلامكم ليحل عليكم غضب الرب أيها السفلة الأوغاد " تناثرت قطع الياقوت القرمزية بكل مكان بينما عنقها قد جُرح أثر احتكاكه القوي بذلك العقد الثقيل و شدها العنيف له فأصبحت تنظر لهم بحقد و الكراهية تشتعل من حدقتيها الأرجوانية و هي تتنفس بعنف لغضبها أما ذلك البدين فقد صدم و تعكر مزاجه لشتمها و عدم قبولها به لتتحدث نيكول بثقة و هي تنظر إلى جوليا ببرود " سيحدث ذلك شئتِ أم أبيتِ عزيزتي فقد أعطانا المال قبلًا و إنتهى الأمر " أما ستيفن قد بدأ بتهدئة ذلك الرجل قائلًا له " لا تقلق ستكون من نصيبك مهما إفتعلت من ضجة فأنت تعلم هكذا هم المراهقون " أحست جوليا بالجنون و كادت أن تفقد صوابها و هي تنظر إليهم بصدمة أثناء تدميرهم لمستقبلها و تحديد مصيرها لأجل بضع رزماتٍ من النقود فقط فضحكت بسخرية و قالت " إذًا الموضوع كله يتمحور عن المال " شعر إلياس بالقلق و هو ينظر لحركاتها الغريبة من الخلف و قال متسائلًا " سحقًا ما الذي يحصل هل هي مستاءة من شيء ما " لتنظر إليهم باستحقار قائلةً " سحقًا لكما لما أنجبتماني ما دام الأمر سيصبح هكذا أيها الحقيران " أمسكت بتلك المزهرية الموضوعة على الطاولة بانفعال و هي تقول " حسنًا لنرى كم من المال لديكم " رمتها بأقصى ما عندها لتتحطم بالكامل فغضب ستيفن قائلًا بحنق " أيتها الفاسقة أتعلمين كم يبلغ ثمن هذه " ابتسمت بانكسار و الدموع تلمع بعينيها لتلمح قطعة فخار كبيرة مركونة أمام إحدى المرايا فهرعت إليها مسرعةً و دفعتها بقوة لتتحطم إلى أشلاءٍ متبعثرةً في الأرض و بدأت بعدها بتكسير الأشياء بشكلٍ عشوائي و هي بحالة عصبية هستيرية ومن ثم قالت بغضب بعدما أخذت إبريق الشاي الزجاجي الفاخر و رمته بقوه على الطاولة أمامهم " إذًا هل كل هذا بقدر المهر الذي أخذتموه أم أقل من ذلك " شعروا بالصدمة جراء فعلتها و تدميرها للمكان بهذه السرعة الغير معقولة و قبل أن تكمل تحطيم الأشياء صرخت نيكول منادية للحراس ليأتوا و يمسكون بها فقالت نيكول " دعهم يسجنونها بسجن قصرك حالما ننتهي من الصفقة و بعدها سوف يأخذها " فصدمت جوليا و قالت بصوتٍ عال بـ " أيتها الوقحة الرذيلة " لتتحدث بقهرٍ واضح وهي تكاد تجن " أتسمين حياتي و مصيري بالصفقة أيتها الدنيئة ستندمين على ذلك سأحرقكم جميعًا أيها السفلة الأنذال عديموا الضمير سحقًا لكم " صرخت حتى اِنبَحَّ صوتها و آلمتها حنجرتها و هي تشتمهم أثناء سحب الحراس لها إلى السرداب بالأسفل ليرموها بالزنزانة في وضح الظلام تاركينها و ذاهبين للأعلى بعدما أقفلوا السجن عليها بينما هي تصرخ ببكاء و تضغط على القضبان الحديدية ممسكةً بها " تبًا لكم إلى أين أنتم ذاهبين و تاركيني هنا " ثم أنزلت يديها من القضبان باستسلام و هي تبكي بيأس جالسةً على الأرض لتنطق بصوتٍ خافت " أكره الظلام أنا لا أريد بأن أكون وحيدةً في مكان خانق كهذا " فـسمعت صوت حركةٍ خفيفة يتلوها همسٌ خفيض " أنتِ لست لوحدك " .
أنت تقرأ
يولاند (مكتملة)
Mystery / Thrillerفي فَرنسا تحديدًا بِمنطقة لانيون تحت أسقف غُرف المُستشفَيات نجِد الكثير مِن الغُرف المُعتِمه و لِكل مِنها قصة، حسنًا لِنرى الغُرفه رقم77 مِن هُنا سَتبدأ قِصتنا .