{53}

1.2K 127 4
                                    

سويسرا (فيرناير)

[ بعد مرور أربعة أيام ]
" قلت لكِ لن أفعل ذلك أنا لن أذهب " صرخت جوليا بتلك الجملة بأعصابٍ ستنفجر من الغضب لتصفعها السيّدة نيكول بكل ما آتاها من قوة حتى أحمر خدها مشتعلًا بألم لما تلقاه من ضربةٍ قاسية بينما جوليا لم تحرك ساكنة و نظراتها القوية لم تزح لثانية حتى بل بقيت ثابتة و مركزة على والدتها لتقول السيّدة نيكول وهي ترفع حاجبها باستهزاء " اوه حقًا لقد نضجت جوليا الصغيرة لم تعد تبكي حينما أضربها أو تخاف ! " فابتسمت جوليا ببرود وهي تحدق بعناد قائلةً بغير اكتراث " افعلي ما شئتي و لكنني لن أذهب لتلك الحفلة الرخيصة " استشاطت نيكول حنقًا لتصرخ بكل غضب " ستذهبين رغمًا عنكِ أيتها الحقيرة شئتي أم أبيتي سوف تأتين معي " و كانت كل تلك الحوارات و النزاعات تحصل أمام ناظري ذلك الشخص و هو يراقب بتوتر قائلًا لذاته " ما هذا لما هم ليسوا على وفاق بهذا الشكل الحاد و تلك الأم حقًا عنيفة مع أبنتها و عديمة الرحمة طوال هذه الأيام لم أرى أي ذرة رحمة أو عطف منها تجاه طفلتها أهي مختلة أم ماذا " فقالت جوليا لأمها باحتقار " إن إنتهيتِ من حديثك الفارغ أنا راحله " استدارت جوليا قاصدةً الرجوع لغرفتها لتمسك بها نيكول من كتفها بكل حقد و تسحبها لجهتها ممسكةً بشعرها و هي تشده بقوة و تصرخ عليها " هل بدأتِ بالتمرد أيتها الطفلة الوقحة " دفعتها لتسقط على الأرض ثم بدأت بركلها بشكلٍ عشوائى و جنوني أما جوليا فكانت تحاول الصمود و كبت صرخات ألمها لتخرج شهقةً منها أثر إحدى الضربات العنيفة التي تلقتها و بكل وحشية على صدرها حيث أنها بالكاد تستطيع التنفس فـهرع أخاها ركضًا نحوهما وهو يبعد نيكول عنها قبل أن تموت على يدها و بشق الأنفس استطاع إبعادها عن جوليا قائلًا بصدمة وهو يصرخ " ما الذي تفعلينه بها !! " استوعبت نيكول وضعها و هدأ غضبها لتتجاهله بانزعاج ثم قالت لها بتهديد " إن لم تصبحي مطيعةً تعرفين كيف سيكون مصيرك كـتلك الخادمة المتمردة " مشت من أمامها وهي تنظر لجوليا باستصغار قائلة " الحفلة ستكون بعد ثلاثة أيام " لترحل تاركةً تلك الطفلة تعاني فـهمس بعدم تصديق محدقًا بجوليا بأعين مصدومة " فل تذهب تلك الحفلة للجحيم الفتاة ستموت " بينما هي مستقليه على الأرض و جسدها بأكمله مغطًى بالكدمات و الجروح نهضت بتثاقل وهي تسعل بقوة لعدم مقدرتها على التنفس جيدًا و كادت أن تسقط لو لا شقيقها الذي أمسك بها بسرعة قائلًا لها بهدوء " سأوصلك لغرفتك " لم ترد عليه بأي حرف فقد واصلت المشي بكل يأس و بكل خطوة تخطوها يزداد الألم أضعافًا ، أدخلها الغرفة و جعلها تجلس على السرير وهي تحاول جاهدة التنفس بشكلٍ أفضل حيث أنها تلقت ركلاتٍ حادة على منطقة هيكلها الصدري مما جعلها تشعر بالاختناق لينظر لها بانزعاج و هو يشعر بتأنيب الضمير ثم خرج من الغرفة تاركًا إياها لوحدها فاستلقت على السرير وهي تكبح رغبتها الملحة في البكاء هامسةً لنفسها بـ " أنا لن أبكي بسبب تلك الشمطاء الحقيرة " دخل للغرفة مجددًا وهو يحمل حقيبة الإسعافات الأولية لينطق بـ " إنهضي " فـحدقت به بعيون خالية يسودها الفراغ و قال هو بقلق واضح " هيا يجب عليك أن تعالجي جروحك فهي ليست بالشيء الهين " لتنهض بصمت بينما هو يساعدها لأنها لم تكن قادرة على النهوض لوحدها ثم أخرج الأدوات و بدأ بتنظيف ذلك الجرح تحت عينها فقد نزفت وجنتها بسبب أظافر نيكول الطويلة و الحادة حينما صفعتها ليقول بعدما لاحظ مقاومة عينيها للبكاء فأنها تكاد تنفجر لكثرة الدموع التي تحبسها بالداخل  " يمكنك البكاء " ابتسمت ابتسامةً جانبية مرهقة محدقةً به بتعب وهي تقول " لن أفعل ذلك فقد وعدت أخي بأن لا أبكي حتى يأتي و يأخذني من هذا الجحيم " توقف عن الحراك محملقًا بها بتساؤل و من ثم قال بارتباك " اوه أجل لقد فعلتي ذلك و لكنني... " فقاطعته بملامح باردة " توقف عن التظاهر بذلك فـأنا لا أقصدك " نظر نحوها باستنكار قائلًا " مم..ماذا؟ " لتنفث الهواء باستياء ثم قالت بنظراتٍ حادة " إنني أعلم بالفعل بأنك لست هو و لكنني فقط أساير تلك المخبولة الحمقاء فأنت لا تشبهه بالكامل إنه مختلف عنك و أكبر سنًا " فقال بريبة " أليس ميتًا ؟ " ضحكت قائلةً بسخرية " أهذا ما أخبرتك به ؟ يبدو بأنها خدعتك لتفعل ذلك ما المقابل الذي طلبته أتريد المال ؟ لا بأس أستمر بتمثيل دورك فأنا لن أفشي الموضوع ولا اهتم لذلك " فأحس بالغضب جراء تسرعها بالحكم عليه و قال بهدوء " أنا لم أتلقى ولا قرشًا واحدًا منها هذا ليس مرادي لذا توقفي عن حكمك السيئ " لتقول بتساؤل " إذًا ؟ ما مرادك لأنه من المستحيل دخولك بهذه المؤامرة دون مقابل " تنهد بكدر ثم استرسل بحديثه " في الواقع لقد خرجت من إحدى دور الأيتام قبل مدة و قابلت والدتك عن طريق الصدفة فـطلبت مني معروفًا و وعدتني كـمقابل بالمساعدة لإيجاد شقيقتي لذا قبلت بذلك أيضًا هي أخبرتني بأن أخاكِ ميت و أن حالتك لن تحتمل صدمة خبر موته و طلبت مني برجاء و هي تبكي مساعدتها و سحقًا لها فقد كانت تمثل دور الأم القلقة يا لها من مختلة و لكن بصراحة لقد شككت بالموضوع لأنني لا أعتقد بأنه يشبهني " لترص جوليا بأسنانها وهي تشعر بالحرارة تسري بكامل جسدها قائلة بسخط " تلك الحقيرة المخادعة " زفرت الهواء بحنق وهي تمسك مكان الضربة متأوهةً بوجع فقالت له بجدية " لقد كرهتك حقًا لتظاهرك بأنك أخي و أردت ضربك و لكن إن كان هذا سببك فأنا أسامحك " دهش من حديثها و مدى نقاء قلبها لمسامحته بهذه السرعة و تفهمها ليقول بصدمة " لما سامحتني بسهولة " فـرَدَّت عليه بألم " إنني أعرف ما معنى فراق الأخوة و واثقة بأن أدريان سيفعل بالمثل أيضًا " ليستوعب سبب مسامحتها له و شعر بمدى صدق حديثها فـتمنى برجاء قائلًا بداخله " يا إلهي أرجوك اجمعنا بأشقائنا " .

يولاند (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن