{42}

1.5K 146 3
                                    

استنكر جوابها لتكمل حديثها بـ  " الذكرى كانت عني و أنا أصنع القهوة بكل براعة " فابتهج إيثان بسعادة حينما علم بأنه هو من جعلها تستذكر هذه الذكرى قائلًا بفخر " وااه كم أنا شخص رائع و مذهل فـلقد ألهمت عقلك بكلمةٍ مني و ساعدتك بالتذكر و فوق ذلك أمتلك وجهًا وسيمًا " ضربته جوليا بمزاح و هي تقول لتغيضه  " كفاك غرورًا أيها العجوز " ثم أكملت حديثها بحماسةٍ مفرطة " و الآن ما دمت أجيد صنع القهوة فـسوف أتباهى بذلك حينما أصعنها لك رائع " فقال بنظراتٍ واثقة " ولكن كيف يمكنك الوثوق بأنك تتذكرين طريقة صنعها " لتبتسم بانتصار قائلةً بـيقين " لقد رأيت نفسي و أنا أحضرها و عرفت الخطوات الأساسية  " رفع كتفيه متصنعًا عدم الاكتراث و قال " حسنًا سنرى ذلك مستقبلًا " ثم سار عدة خطوات باتجاة الرصيف ليقول لها بنبرة ضاحكة بعدما إلتف ناحيتها " هيا بنا لنعود أدراجنا أيتها الباريستا الاحْتِرافيَّة " فلحقته مطيعةً إياه و هي تضحك على سخريته متوعدةً بأن تدهشه بقهوتها يومًا ما و قد استحلت الطمأنينة زاويةً بإحدى بقاع قلبها بعدما كانت تعاني من زوبعةٍ مِن العواطف المضطربة ، أثناء مشيهم على الرصيف وهم عائدين للمشفى جذب أنظار جوليا مَحَلٌّ يتصف بالبساطة و صغر الحجم مستقرًا وسط كل تلك المراكز التجارية الباذخة و ذات المناظر المتطورة بينما هو شاذٌ عنها بجماله المختلف و أناقته العريقة حيث أنه خشبي الصنع محاطٌ من كل جهة بالزهور الخلابة و كأنك تدخل لبستانٍ من الورود و ليس محلًا بسيطًا لبيع الزهور و بالرغم من صغر حجمة بالنسبة لبقية المحلات إلا أنه ذو طابعٍ مميز ومختلفٍ عنهم فأصبحت جوليا تبطئ من مشيها و عينيها مرتكزين على ذلك المحل من الجانب الآخر من الشارع  فهي لم تحرك مقلتيها التي تلمع بانبهار عن ذلك المحل و قد تجمدت مفتونةً بما رأته من جمالٍ ساحر و خصوصًا نحو تلك البتلات البنفسجية ، لم تستطع إزاحة نظرها عن كل تلك الزهور البراقة بلونها البنفسجي الخلاب ليلاحظ إيثان تأخرها في المشي ثم نظر لـ ما استحوذ على ناظريها فوجده ذلك المحل المميز و ابتسم على لطافتها حيث أنها لم تطلب منه ذلك بينما الرغبة واضحةٌ بعينيها ، عاد للخلف عدة خطواتٍ ليصل لها و وقف أمامها مغطيًا بجسده ذلك المحل لتستوعب وجوده بعدما حجب عنها الرؤية فـنظرت إليه بنظراتٍ بريئة و متسائلة أما هو فقد أمسك بيدها  قائلًا " همم إنه جميل أليس كذلك ؟ " زمّت شفتيها بخجلٍ واضح وهي تنظر للجهة الأخرى فأكمل حديثه وهو يضحك " هيا بنا لنأخذ تلك الزهور التي سلبتك واقعك "

ملاحظة :
*باريستا* تعني الشخص الذي يعد القهوة و
غالبًا ما تكون وظيفة في المقاهي بشكلٍ عام

فرنسا (لانيون)

وَقَعَ أدريان على فرانس فاقدًا توازنه ليمسكه متشبثًا به بصدمة و القلق يعتريه فصرخ لآيدن بأن يحضروا الحَمَّالة بسرعة ثم ذهب الآخر ركضًا حتى يجلبها ، بالكاد يأخذ نَفَسًا و هو مستقرٌ بحضن فرانس رامشًا ببطئ أثناء لهثه المرهق و العرق يغطيه بينما فرانس يمسك بوجهه محاولًا طمئنته و هو ينادي باسمه قائلًا " أدريان لا تقلق ستكون بخير فقط اِهْدَأْ " عض شفتيه بقهر على حالة رفيقه و ندمًا لإعطائه تلك الحبوب و الدمع قد فاض من عينيه و هو يرى أدريان يشهق محاولًا النجاة و من جهة أدريان فهو لا يعلم ما الذي يحصل و يرى كل شيء بشكلٍ غبش و مشوش حتى الأصوات المحيطة به باتت بعيدة و لكنه أحس بالأمان لرؤية ذلك الأشقر ممسكًا إياه و ملازمًا له طوال الوقت فاطْمأَنَّ قلبه وسط كل تلك المعاناة و هو يحاول لفظ أنفاسه فبدأ فرانس بتجريده من ملابسه وهو يذرف الدموع خوفًا من فكرة فقد صديقه ليخلع معطفه بكل رفق بملامحه المرتعبة أثناء همسه مرارًا و تكرارًا بشفاة مرتجفة " أيها الطفل أبقى بوعيك أنا أرجوك " نطق برهبة و الغصة تخنقه " لهذه المرة ففط لا تكن عنيدًا و لا تفقد وعيك " و من ثم بدأ بفتح أزرار قميصه و توسيع ياقته حتى يخفف عنه ثم أتى آيدن مسرعًا بالسرير النقال و معه ممرضتان فدهش حينما رأى وجه فرانس مغطًا بالدموع و عندما لمحهم فرانس هَمَّ بالوقوف حاملًا أدريان على ظهره وهو يتنفس بسرعة مرتعبًا و قلقًا عليه ، وضعه على السرير بمساعدة الممرضتين ليضعون له الكمام حتى يساعده على التنفس بينما آيدن قد بدأ بفحص عينيه و حالته الجسدية تحت أنظار فرانس البائسة و هو ملاصقٌ لأدريان أثناء دفعهم له بالنقالة ممسكًا بأحدى يديه و شادًا عليها بخفه حتى أدخلوه لغرفة الفحص و بدأوا بالإجْراءاتِ الطبية فقال فرانس لآيدن بصوتٍ متعب " السبب هو إفراطه بكمية من الحبوب المنومة لذا ربما يحتاج غسيلًا للمعدة " تفهم آيدن الوضع و أمسك بكتفي فرانس قائلًا " استرخِ يا رجل سيكون بخير و سوف أنظر إن كان يحتاج للغسيل أم لا و أفعل كل ما يتوجب علي فعله لذا أجلس هنا و انتظر " ليهمهم فرانس بالموافقة جالسًا أمام باب الغرفة منتظرًا إياه دون أي حركة و كأنه تمثال فهو لم يتزحزح إنشًا واحدًا و كل ما يشغل تفكيره هو أدريان .

يولاند (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن