أمريكا (نيويورك)
٧:٠٠ صباحًا
استيقظ فرانس بتكاسل و إنزعاج من صوت هاتفه الذي يرن مُنذ نصف ساعة فـرَدَّ على المتصل دون أن يرى من هو حتى مغمضًا عين و الأخرى بالكاد مفتوحةً و قال بصوت ناعس " مرحبًا ؟ " ليأتيه الرد من ذلك الصوت الغاضب و الذي قد زلزل كيانه " فففررررااانننسس " فتح كلتا عينيه بصدمة فاغرًا فاهه بهلع ثم عض شفته السُفلية بتوتر وهو يقول بربكة واضحة " ءء اوهه أهلاً العم جيرمن " فـأجابه المعني بنبرةٍ مرعبة " فرانس لا تعبث معي هل أنت بحق خالق الجحيم إلى الآن على سريرك ؟ " ليقفز خوفًا من على السرير و استقام بجسده قائلًا بصوت مُرتجف " لا أقسم أني واقف الآن " كبح السيّد جيرمن ضحكته و أكمل تصنعه للغضب ليقول " الساعة ٨:٣٠ ستُقلع الطائرة إنه مستقبلك هل تعي ذلك ؟ " توتر فرانس قليلًا فـتنهد السيّد جيرمن ثم قال " هيا أسرع سوف أراك في تمام الساعة ٧:٣٠ هيا لا تتأخر " ليغلق الهاتف بسرعة أما فرانس فقد نظر لهاتفه بعينين يتملكها الحُزن و هو يحدق باسم المتصل و الذي هو السيّد جيرمن المسمى بـ " جيرمني العزيز " ابتسم ابتسامةً صغيرة عِندما تذكر بأنه يلتقط الكثير مِن الصور لـ السيّد جيرمن أثناء عمله أو تدريسه في الجامعة فكان يُصوره بالخفاء حتى يحفط الكثير مِن ملامحه العفوية وعندما يشتاق له ينظر لتلك الصور العشوائية لينهض مُسرعًا حتى يبدأ بعمل روتينه المعتاد و قد إنتهى بعد عشر دقائق و هو ممسك بحقائبه خارجًا من الشقة ثم أتصل بالسيّد جيرمن أثناء طريقة للمطار ليُخبره بأنه قد أقترب و بعد خمسة دقائق تقريبًا وصل فرانس هناك ليرى السيّد جيرمن واقفٌ أمام البوابة ينتظره فتجمعت الدُموع بعينيه البحرية و ابتلع غصته و هو يمسح دموعه بسرعة ليأخذ حقائبه و يترجل مِن السيارة بينما يلوح بيده الخالية حتى يراه السيّد جيرمن و عندما رأى السيد جيرمن فرانس قادمًا إليه ابتسم و نطق قائلًا بمحبة و لطف " أعطني إحدى حقائبك يا بني لأساعدك " قشعر بدن فرانس من تلك الكلمة " بني " و ارتعش قلبه مُتأثرًا ليشعر بإحساسٍ لطيف يتسلل لظلمة أعماقه و يُنير عِتمتها ، شعور مُريح جعله يبتسم فرَمَى الحقائب أرضًا و قفز على السيّد جيرمن محتضنًا إياه بِقوه قائلًا بصوتٍ مرتجف " سأشتاق لك " صمت قليلًا و نظر لأعين السيّد جيرمن الدامِعة بصمت ليكمل بـ " جيرمن الشاب إبقى شابًا هكذا حتى نلتقي مرةً أخرى " فـأخذه السيّد جيرمن بالأحضان و هو يشعر بأن قطعةً من قلبِه ستتركه و تذهب بعيدًا عنه ، مسح على ظهره بخفة لكي يهدئه قائلًا بمزاح ليغير هذا الجو " هيا أيها الطفل البَكَّاء إن بكيت طوال الوقت ستطير الرحلة و عندها ستبكي حقًا " ضحك فرانس بمرح و اومأ إليه بالموافقه ثم اتجهوا نَحْو بوابة المطار ليدخلوهو في الساعة ٧:٤٠ صباحًا
ذهبوا لإحدى المطاعم حتى يأكلوا شيئًا مُنتظرين موعد الطائرة فتناولوا الطعام و هم يتبادلون الأحاديث الكثيرة مُستغلين كل دقيقة مِن وقتهم لمحاولة حفظ ملامِح أنفسهما و كأنهم لِتو يعرفون بعضهم البعض ليقول السيّد جيرمن بجدية " عزيزي فرانس أريدك أن تهتم جيدًا بنفسك و في حال أي مشكلة سوف تتصل بي هل هذا مفهوم ؟ " ابتسم فرانس لاهتمامه به و قال بسعادة " مفهوم و لا تقلق علي سأكون بخير" فابتسم السيّد جيرمن أيضًا و رَبَّتَ على كتفه ليتنهد قائلًا " و كيف لا أقلق عليك و أنت طفلي البَكَّاء مُنذ الصِغر " تصنع فرانس ملامِح الغضب بطفولية و قال بانفعال بـ"هل تمزح معي !! عمري الآن سيُكمل الخامسة و العشرون و أنت تقول لي طِفلًا بَكَّاء " أكمل بدرامية و هو يتصنع الاستياء " أنا حتى لم أبكي أمامك سوى لمراتٍ معدودة و قد كانت بالصدفة توقف عن نعتي بذلك " فـتحدث وَهُو يضع يديه على أكتاف السيّد جيرمن " اه يا جيرمني " ليتفاجئ فرانس بضربةٍ على الرأس يليه صوت السيّد جيرمن الغاضب " هي يا ولد سأضربك إن قُلت جيرمني مرةً أخرى أنا سأصبح جَدًّا و أنت تناديني بجيرمني " تصنمت ملامِح فرانس ببراءة وهو يفرك مكان الضربة بألم فقال مُتذمرًا " ياهه لماذا لم تدعني أكمل التمثلية لقد كانت جيّدة ألا أستحق جائزة الأوسكار " تصنع الاستياء مقوسًا شفتيه بحزن ليقول " أيها القاسي لقد آلمتني " ثم غَمَزَ بإحدى عينيه بعدما قال تلك الجملة " و مِن ثم أنت لازلت وسيمًا عزيزي " فـضحك السيّد جيرمن على حركات فرانس الطفولية و التي أضافت بريقًا و بهجةً لحياة السيّد جيرمن الهادئة ، هو بالتأكيد سيشتاق لطفله الأول و الوحيد و سوق يفتقد تلك الشمس التي دائمًا ما تطل عليه كل صباح بإشراقةبعد ٤٠ دقيقة ، الساعة ٨:٣٠ صباحًا
انتشر صوتٌ بالأرجاء عن طريق المِذياع في المطار ليُعلم المسافرين إلى فرنسا بالتوجه إلى الصالة رقم ٥ فنَهض السيّد جيرمن مِن على الطاولة و قال " هيا فرانس بعد عشرة دقائق ستقلع طائرتك " لينظر فرانس إلى السيّد جيرمن بملامِح عابسه ثم نطق متذمرًا " اهه هل حقًا إنتهى الوقت لا زلت أريد الجُلوس معك لا أريد الذهاب " ابتسم جيرمن بحب و سحبه بهدوء وهو يقول " هيا هيا إن هذه البداية فقط و الخطوة الأولى بمسيرة حياتك المهنية حتى أنك لم ترى عملك لتسنح لك الفرصة بالتذمر" أَطاعَ فرانس أوامر السيّد جيرمن و نهض معه ليأخذوا الحقائب متجهين نحو الصالة رقم ٥ و حينما وصلوا وقف فرانس عند البوابة حتى يودِع السيّد جيرمن و احتضنه بِقوة فهو يريد بأن يشبع من كل جزء منه و كل تفصيلةٍ صغيرة به ليبادله السيّد جيرمن بحضنٍ أقوى منه و كأنه بهذه الطريقه سيُدخله إلى قلبه مخبئًا إياه و بعد عدة دقائق قطع السيّد جيرمن العناق ليُمسك بأكتاف فرانس قائلًا " اعتني بنفسك مِن أجلي فرانسي البَكَّاء " ضحك فرانس و الدُموع بعينيه ليقول " سأشتاق لك جيرمني " فابتسم السيّد جيرمن و قال بانزعاج مصطنع " سوف أتغاضى عن ذلك هذه المرة فقط " ابتعدوا عن بعضهم البعض بعدما جال في سمعهم النداء الثاني لركاب الطائرة المتجهة إلى فرنسا ثم نظر فرانس إلى عائلته و كل ما لديه بهذا العالم إلى الشخص الذي اهتم بجميع تفاصيل فرانس و أحبه بكل عيوبه و وضع ألواناً لحياته مساعدًا إياه بالخروج من تلك الظلمةٍ الخانقة ، ابتسم مُحاولاً إخفاء ملامِح الحُزن و لوّح بيده مودعًا إياه ليعطيه ظهره و يرحل ومع كل خطوةٍ يخطوها بعيدًا عن ذلك الرجل ينقبض قلبه أما السيّد جيرمن فقد وقف ينظر إلى فرانس حتى اختفى و بقيَ يُحدق في مكانه الذي رحل مِنه لينطق بِصوتٍ هامس يتملكه الحُزن " سوف أحن لتأمل بحرك الهادئ و ترتيب تلك الشعرات الذهبية التي دائمًا ما تكون مبعثرة بملامِحك اللطيفة و تعابيرك الطفولية الجالبة للبهجة ، أتمنى أن تكون بخير و تهنأ بحياةٍ مشرقة " ليخرج مِن المطار تاركًا باله و قلبه مع فرانس .
أنت تقرأ
يولاند (مكتملة)
Mystery / Thrillerفي فَرنسا تحديدًا بِمنطقة لانيون تحت أسقف غُرف المُستشفَيات نجِد الكثير مِن الغُرف المُعتِمه و لِكل مِنها قصة، حسنًا لِنرى الغُرفه رقم77 مِن هُنا سَتبدأ قِصتنا .