{73}

1.1K 129 16
                                    

شهقت مرتعبةً من ذلك الهمس لتدير وجهها ببطئ نحو مصدر الصوت وهي خائفة فوجدت شخصًا ما يجلس بالخلف عند الزاوية متكئًا على الحائط بصمت لتحدق به بسكون دون أي حراك بملامحٍ مصدومة و الدموع عالقة بعينيها أما هو فقد نهض بصعوبه و كاد أن يقع لكن رغم ذلك اتجه ناحيتها و هو يعرج بمشيه أثر أصابته بقدمه ثم خلع معطفه بعدما لاحظ ما ترتديه من ملابسٍ خفيفه و وضعه عليها مغطيًا أكتافها و بقية جسدها بينما هي تنظر له بصمت غير مستوعبه للأمر و حينما إلتف عائدًا إلى مكانه اختل توازنه موشكًا على الوقوع بسبب قدمه المصابه فنهضت بسرعة ممسكةً به لتساعده على الوقوف قائلةً بقلق " هل أنت بخير " ليرد عليها بملامحٍ متألمه و هو يتأوه بوجع " أجل لا بأس " ثم أجلسته بهدوء و جعلته يضع ظهره على الحائط و هي تقول له بنظراتٍ حزينه أثناء جلوسها أمامه محملقةً به ببراءة و المعطف فوقها " هل أولئك الوحوش هم من فعلوا بك ذلك " عبست بيأس أثناء محاولتها بكفاح لمنع نزول دموعها فقال لها وهو يربت على رأسها " يمكنك البكاء " لتحرك رأسها للجهتين تعبيرًا عن الرفض قائلةً بحزم " لا لن أفعل ذلك لقد وعدت أخي بأن لا أفعل ذلك لذا سأنتظره هو سيأتي و يأخذني من هنا " استغرب من كلامها و شعر بأن هنالك شيئًا مألوف لكنه ابتسم بلطف و قال " هذا جيد أرجوا بأن يأتي و يأخذك منهم فهذا ليس مكانًا آمنًا للطيفين أمثالك " لتقول له بابتسامةٍ متحمسه " إذا جاء أخي لأخذي سنأخذك معنا أيضًا لن أتركك هنا " أحس بالدفئ لوجودها مبتسمًا على لطافتها و نقاوة قلبها الطاهر فهو قد عانى لساعاتٍ طويلة هنا لوحده بهذا الجو القارص مع إصاباته المؤلمة بشكلٍ فظيع ، نظرت لجروحه و إصاباته البليغة فقالت بخوف بعدما رأته يغمض عينيه بإرهاق " لا تمت هنا ارجوك " ضحك بصوت مبحوح قائلًا و هو يسعل " لن أمت هنا لا تقلقي فهناك من ينتظرني " لتخلع الوشاح الذي كانت تربط به شعرها فجعلت خصلاتها الناعمة منسدلة بشكلٍ مبعثر على أكتافها و بدأت بلف الوشاح حول معصمه الدامي لتقول و هي تشد الرباط على جرحه حتى يتوقف النزيف " لنحاول الصمود معًا إتفقنا ؟ " ابتسم هو على محاولتها لمساعدته و قال بخفوت " حسنًا " ثم فتح عينيه و حدق بها قائلًا " ما اسمك ؟ " أجابته بـ " جوليا و أنت ؟ " ليرد عليها بـ " فرانس " فسألته وهي تجلس بجانبه في وسط الغرفة بعتمتها حيث انهم يستمدون بعضًا من النور الخافت من ضوء القمر المتسلل من بين فتحات الزنزانة " فرانس ألديك أخوة ؟ " فقال و هو يبتسم بانكسار " لا أنا يتيم " شعرت بالذنب لتذكيره بذلك و فتح جروحه القديمه لكنه أكمل حديثه بنَفَسٍ متعب " و لكنني حصلت على أخٍ رائع حديثًا و أتمنى بأن أعيش بقية حياتي بأكملها معه و أن لا نفترق " فابتسمت بحزن و قالت " أتفهم شعورك هذا جيدًا فقد كنت أتمنى ذلك منذ عشر سنوات " التمس الألم بحديثها و تسائل بداخله عما تقصد و ما قصتها لتقول فجأة " أتعلم " نظر إليها منصتًا لما ستقوله فقالت " أن تمتلك عائلةً ليس بالشيء الرائع " ليتسائل قائلًا " و لما تقولين ذلك ؟ ألست تحبين أخاكِ " ابتسمت بقهر و قالت " بالطبع أحبه كيف لا أحبه و هو سبب عيشي إلى الآن فهو الأمل بالنسبة لي لكن حالتي هذه كانت بسبب أولئك الوحوش و الذين من المفترض بأن يكونوا عائلتي لكن سحقًا لهم إنهم حثالة لا أكثر " صعق من قولها هذا و تفهم سبب وجودها هنا لوحدها فقد كان السبب هو عائلتها ليستفسر عن السبب بـ " لماذا يفعلون بك هذا هل ذلك الرجل المسمى بالرئيس ستيفن هو والدك ؟ " أخذت شهيقًا عميقًا لتقول " أجل إنه والدي و فعلوا ذلك لأنني رفضت الزواج بشخصٍ أكبر من والدي الحقير " فشعر بالصدمة جراء حديثها و قال بانفعال غاضبًا " سحقًا لهم أهم مختلين أم ماذا إنك صغيرة على الزواج " لتبتسم بهدوء قائلةً " أجل و لكنهم سيفعلون أي شيء مقابل المال لدرجة سلب الناس أرواحهم فأنا أمتلك عائلة شياطين خرج منها ملاكٌ واحد و كأنه نقطةٌ بيضاء ببحرٍ أسود .. إنني راضية أتم الرضى و مكتفيةٌ بأخي فهو من أنتظره و كل ما أملك أما بالنسبة لأولئك الوحوش فهم لا يهمونني حتى و لو احترقوا بقعر الجحيم سابتسم بوجههم أثناء احتراقهم أحياءً " فسألها بـ " و ماذا عنكِ ؟ " استغربت جملته و قالت بعدم فهم " ما الذي تعنيه ؟ " ليقول ردًا على سؤالها " لقد صنفت جميع عائلتك و تبقى أنتِ لذا ما الذي تكونينه ؟ ملاكًا أم شيطان " حدقت بالفراغ بسكون دام لعدة دقائق و من ثم قالت " أعتقد بأنني هجينة فلستُ ملاكًا لأنني تمنيت العذاب لوالدي و لكنني لست بالشخص السيء " دُهش لجوابها الغير متوقع و قال و هو يضحك " ثقي بي إنكِ ملاك لا ريب في هذا الأمر "

يولاند (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن