سويسرا (فيرناير)
جالسةٌ و الصمت ملازمًا لها ليقول إيثان أثناء إعطائها للأدوية " مابك ؟ هيا ابتهجي لن تأخذي حقنة المغذي اليوم و بعد قليل ستصل الباستا المفضلة لديك " نفخت خديها بملل و قالت " أشعر بأن جسدي قد تشبع بالخمول فقد مكثت هنا لأسبوعان و أظن بأن عظامي ستتشنج حينما أقوم بالخروج كالبقية و المشي " فقال لها بتسائل " اوه أهذه المشكلة ؟ لا بأس يمكنك الخروج اليوم خصوصًا بأن وضعك أصبح مستقرًا و حالتك تسمح لكِ بالخروج لذا سأسمح بخروجك " لتشع الفرحة بعينيها قائلةً ببهجة " حقًا!! هل سأخرج اليوم " اومأ لها بإيجاب فـقفزت من السرير بسعادة وهي تقول " و أخيرًا سأخرج من هذا السجن أريد التنفس قليلًا " ابتسم لسعادتها الغامرة و قال " هيا اهدئي و أجلسي حتى أحضر الباستا لك أيضًا سأخبر شقيقك بالأمر حتى يفكر بشأن المكان الذي سيأخذك له " لتتغير ملامحها المبتهجة بشكلٍ فجائي إلى الخيبة ثم قالت برفضٍ قاطع " لن أخرج معه !! " فاستغرب إيثان رفضها متسائلًا " ما الأمر لما تكرهينه هو أيضًا هل فعل شيئًا ما لك و من ثم إن لم تريدي الخروج معه مع من ستخرجين هل تعرفين أشخاصًا غير والدتك وهو " تعكر مزاجها أثر قوله لتقول باستياء " و من قال بأني أريد الخروج مع شخصٍ ما ! أريد الذهاب لوحدي فقط و أنا لا أكرهه و لكن لا أريد الخروج معه فأنا لازلت أشعر بأنه شخص غريب ولا أستطيع الشعور بالراحة معه " فـصُدم من حديثها و قال باندفاع " هل أنتِ جادة بحديثك !! طفلة ذو ثلاثة عشر عامًا تخرج لوحدها بهذه المدينة المكتظة " حملق بها وهو يعدد بأصابعه " وأيضًا لا تعرف أي شيء عنها أو عن عائلتها كـ عنوان منزلها و رقم هواتف عائلتها إذا احتاجتهم للضرورة أو تاهت و لازالت متعبة قليلًا فأنت لم تتذكري كل شيء بعد " و أكمل بتأنيب " هذا تهور لا يجب أن تخاطري بنفسك هكذا " فاغتاظت من حديثه و نعتها بالطفلة لتقول له بغضب " أولًا لست بطفلة " و نطقت مسترسلةً حديثها بنبرة إلتمس إيثان بها الشعور بالضياع و الغربة لكنها تنكر ذلك و تتظاهر بالقوة " و ثانيًا لا حاجة لي بهم فأنا أستطيع تدبر أموري " ليتنهد بضعف حيلة قائلًا " حسنًا لابأس لنتناول الباستا الآن و من ثم سنتناقش بالموضوع " أحضر إيثان الباستا و بدأوا بتناولها بهدوء و هي تشعر بأن الظلام قد يبتلعها بأي لحظة فحاولت اِستجماع شتاتها المتناثرة و استيعاب وضعها محاولةً الاعتياد على تلك العائلة خصوصًا بأنه تبقى فقط يومٌ واحد لتعود للمنزل و تعيش معهم بينما هي لم تعتد حتى على أخيها و تشعر بأنه شخص غريب و بشكلٍ عام استوطنت مشاعر الغربة و التشرد قلبها و أصبحت دائمة الشعور بالوحدة والقلق لكنها تشعر بالقليل من الأمان عند وجود إيثان بجانبها فقد كان هو أول شخصٍ ساندها بوقتها العصيب و أول شخصٍ عَرَّفَهَا على أسمها و أشعرها بالأمان لذا هو الوحيد الذي تشعر بأنها تعرفه حق معرفه و ليس شخصًا غريبًا بالنسبة لها فـدخل أخيها عليهم أثناء تناولهم للباستا ممسكًا بباقة زهرية اللون و حاملًا بيدة الأخرى حقيبة ملابس لجوليا حيث أنها ستخرج بالغد ليرحب إيثان به " اوه مرحبًا أدريان " فـرَدَّ عليه بتوتر طفيف قائلًا " مرحبًا بك دكتور إيثان " وضع حقيبة جوليا على إحدى المقاعد و تقدم نحوها ليعطيها تلك الباقة المعطرة بعبق الورد و المغلفة باللون الأبيض " هذة لك " قالها بابتسامةٍ صغيرة لتأخذها منه بهدوء وهي تتأمل تلك الورود البهية باللون الوَرْدِيّ المنعش و جمال تناسقها مع تغليفها الأبيض فهمست له بـ" شكرًا لك إنها جميلة " لم تبعد ناظريها عن تلك الباقة التي سحرتها برائحتها العطرة و شكلها المليئ بالحيوية و بقيت تمعن النظر بتلك الباقة بصمت متشبثةً بها و كأنها تمسك بآخر رمق لروح ذكرياتها العتيقة لتمر بعقلها عدة مشاهد مشوشة لإحدى ذكريات طفولتها " هل ستعجب هذة الزهور أخي ؟ " صوت تلك الطفلة المشعة و مشهد تلقيها لتلك الضربة بينما بتلات البنفسج متناثرةٌ على تلك القاع الرخامية و صوت امرأةٍ غاضب " أدريان ليس أخاكِ هل فهمتي " و احتضان أخيها لها أثناء بكائها فـرأت وجهه الحسن ذو السمار الخفيف و بعينيه الحادة ذات اللون الأخضر مع سواد شعره الكثيف ذو الالتواءات المبعثرة التي اعطته منظرًا لطيفًا يتسم بالبراءة و بصوته الهادئ نطق لها قائلًا " لا بأس جوليا اهدئي كل شيء سيكون على ما يرام " بينما هي غارقة ببحرٍ من الذكريات تعجب إيثان لما رآه من جمال عندما لاحظها فقد كانت جوليا كاللوحة الفنية التي أتقنها رسامٌ محترف و جَسَّدَ الواقعية بها فـلون حدقتيها الزاهي و المبهر لشدة ندرته متناسقٌ بدقة مع تلك الباقة الوردية بأناقتها ثم انتبه لسرحانها المُطوَّل و الغير طبيعي فـنادى باسمها حتى استعادت وعيها وعادت لرشدها جراء مناداته لها لعدة مرات بعدما أبحرت في تفاصيل ماضيها و حينما استعادت رشدها همست بـ " كنت واثقة بأنه ليس هو " ابتسمت بثقة وقالت لذاتها " لو كان أدريان لأحضر لي زهور البنفسج "
أنت تقرأ
يولاند (مكتملة)
Mystery / Thrillerفي فَرنسا تحديدًا بِمنطقة لانيون تحت أسقف غُرف المُستشفَيات نجِد الكثير مِن الغُرف المُعتِمه و لِكل مِنها قصة، حسنًا لِنرى الغُرفه رقم77 مِن هُنا سَتبدأ قِصتنا .