سويسرا ( فيرناير )
يسحبها من رسغها كالطفلة باستعجال قائلًا " هيا لما أنتِ بطيئة لقد اقتربنا من المكان " فقالت و هي بالكاد تأخذ نَفَسًا " لست بطيئة !! خطواتك الطويلة " لتسحب يدها بغضب و التعب قد استحوذ عليها " خطوتك الواحدة عبارة عن أربع خطواتٍ بالنسبة لي لقد تعبت لنتوقف قليلًا " جلست على الأرض بانهيار لشدة تعبها و تذمرت باستياء " حينما نكمل المشي بعد قليل ستمشي ببطئ و حسب مقدرتي أنا لا أن تجرني كالحمقاء " فضحك على منظرها الطفولي وهي جالسة بملامحها المستاءة لتغتاظ منه ثم ركلته بقدمها على ساقه بغضب فـمثَّل بمزاح بأنه قد تألم قائلًا " يا إلهي ما هذه الضربة القوية جدًا لا أستطيع تحمل الألم آخ كم هذا مؤلم " أكمل سخريته على ملامحها المغتاظة منه و لسهولة غضبها السريع ضاحكًا بشكلٍ متواصل و بعد عدة دقائق صمت ليأخذ شهيقًا فتفاجئ باختفاءها من أمامه و انقبَض قلبه بقلق ليبدأ بالبحث في الارجاء حوله وهو ينادي بأسمها بنبرةٍ قلقة " جوليا؟ " فـسمع صوتًا عاليًا يصدر من خلفه " بببوووو " و ألتفت لمصدر الصوت فَازِعًا ليري شيئًا يطير في الهواء نحوه بملامحٍ غير واضحة مغطاة بالشعر لتقفز عليه من الخلف و هي تصرخ بـ " سأمتص دمك حتى آخر قطرة " خاف صارخًا برعب ليستوعب بعد عدة ثوانٍ بأنها جوليا فـوقف بصمت محدقًا بها بانزعاج " لستِ مخيفة يا مصاصة الدماء جوليا " أبتعدت عنه و هي تضحك قائلة بانتصار " لقد إنتقمت منك " فأكملت و هي مستمرةٌ بالضحك " وجهك كان مضحكًا بحق يا إلهي كدت أفسد خطتي بالضحك على ملامحك الخائفة " ليقول بإنكار " لم أخف و بالأصل لقد علمت بأنها أنتِ " ردت عليه بسخرية واضحة " اوه أجل و ملامحك هي الدليل " فضحك و ضربها على رأسها بخفة قائلًا " حسنًا اعترف لقد فزعت بالبداية و لكن " ليكمل حديثه بانبهار " كيف أتقنت تلك النبرة المخيفة لقد تقمصت الدور فعلًا " أجابته بـ " همم في الواقع طوال فترة مكوثي في المشفى كنت أشاهد سلسلةً من الأفلام المتواصلة لمصاصي الدماء و إنهم حقًا مدهشون لقد أعجبت بهم و بأشكال أنيابهم الحادة " ليندهش إيثان بسبب عدم معرفته بهذا الأمر ناطقًا بصدمة " ما هذا لما لست على علمٍ بذلك يا إلهي حقًا يجب أن أمنعك من تلك الأفلام و إلا ستصبحين مثلهم " فأخرجت لسانها بصبيانية و هي تقول " لن تفعل ذلك " ضحك على تصرفها الأبله قائلًا " هيا لنكمل الطريق فقد و صلنا تقريبًا " ثم أكملوا الطريق ببطئ نحو المكان المقصود و حينما وصلوا قال بابتسامة " همم ما رأيك به " فقالت باعجاب " واهه المكان حقًا جميل ! " أعجبت جوليا بتصميم المطعم الراقي حيث أنه يمتلك جلساتٍ خارجية و داخلية ومن الواجهة لديه الكثير من الزينة الذهبية ذو اللمعة المتلئلئة و المكان بأكملة يلمع بشدة و ذو بريقٍ خلاب فسألها بـ " أتريدين الجلوس داخلًا أم بالخارج ؟ " لتجيبه بابتسامةٍ وهي مسحورة بتلك المناظر " بالخارج " فجلسوا بطاولةٍ لشخصين في إحدى طاولات المطعم خارجًا في الهواء العليل و الابتسامة لم تزل من شفتيها بينما عينيها تجول بكل زاوية من زوايا المطعم متأملةً تلك التفاصيل المبهرة بفرحة ليقول لها بضحك " هيا كفي عن التحديق و أختاري ما ستطلبين " و أكمل بابتسامة " اوه و أيضًا بالمناسبة فهذا المطعم متخصص بجميع أنواع البيتزا و إنه الأفضل في طهوها بصلصاتها المميزة " لتتوسع حدقتيها البنفسجية بانبهار ثم قالت " وااهه يبدو بأنه مطعم شهير فهو مكتظ بالناس و لكن ألم تشبع لقد تناولنا الباستا قبلًا " فـأجابها إيثان بـ " أجل إنه بالفعل مشتهر بأكله اللذيذ و ذائع الصيت فهو لديه اسمه وسمعته بكل أرجاء سويسرا و لعلمك جميع السياح يأتون لهذا المطعم فور وصولهم للمنطقة أيضًا لا بأس بالأكل مرتين فـدائمًا ما يكون لدي متسع للأكل و أنت هزيلة و بحاجة للأكل جيدًا " صمت قليلًا ليقول بنبرةٍ مشوقة والحماس يلمع بعينيه " سوف أجعلك تأكلين شيئًا مميزًا اليوم " فشعرت هي بالإثارة لكلامه و قبل أن تسأله بفضول قطع حوارهما مجيئ النادل ليضع لهما كأسان زجاجيان ذو شكلٍ رفيع وهو يصب لهما الماء بكل مهارة و كأنه يستعرض قدراته في التقديم ولا ننسى ملابسهم الرائعة و الراقية التي جعلتهم يبدون وكأنهم قادمين من العصور الوسطى مع تلك النغمات الهادئة و هي تذاع بأنحاء المطعم " هذا رائع !! " همست بغير تصديق لما تراه من جمالٍ خلاب ثم نظرت له بامتنان لتقول له " شكرًا لجعلي أرى كل تلك التفاصيل الجميلة و المبهرة " فشعر بالسعادة جراء سعادتها و قال مبتسمًا بمزاح " العفو يا مصاصة الدماء جوليا " لتضحك على ما قاله بينما هو قد إلتفت للنادل و قال " أريد طلب بيتزا الفطر بالصلصة البيضاء الحجم الكبير " و نظر لناحيتها قائلًا " و أريد إضافة الكثيييييير و الكثييييير من شرائح الفطر لو سمحت " فاستغرب النادل من جملته تلك حيث أنه مدّ بكلامه بينما جوليا تضحك على ردة فعل النادل و أكمل إيثان الطلب بـ " مع اثنان من عصير البرتقال الطازج " ذهب النادل بعدما أخذ طلبهما لتقول جوليا بفضول " همم هذا محير بيتزا بالصلصة التي أحبها لا استطيع تخيل الطعم إنني متشوقة لتذوقه " و بعد خمسة و أربعون دقيقة قد و صل الطعام ليتناول كلا منهما قطعةً من البيتزا فقالت جوليا باعجاب بعدما تذوقتها " اممم هذا لذيذ بحق لقد أحببت مذاقها جدًا إنها مقاربةٌ لطعم الصلصة الخاصة بالباستا لكنها مع البيتزا مزيجٌ شهي حقًا " أكملت حديثها بحماس " إنك الأروع إيثان فأنت تعرف ما أحب و ما سيعجبني " ليبتسم إيثان بسعادة على منظرها اللطيف و فرحتها بتناول الطعام ثم تنهد ببالٍ مشغول قائلًا لها بجدية " جوليا " نظرت له مستمعة لما سيقول فقال لها " هيا تحدثي بكل ما يجول بداخلك و بما تعلمين أخبريني كل شيء لأني لن أكون مرتاحًا بذهابك هكذا دون علمي بوضعك " فأخذت شهيقًا لتزفرة ثم نطقت بتردد " حسنًا في الواقع كنت سأقول لك كل شيء عاجلًا أم آجلًا " نظر لها باهتمام منصتًا لها لتقول بنبرةٍ قوية " أخي هذا ليس سوى شخصٍ مزيف و ليس أخي أدريان الحقيقي " فغر فمه بدهشة قائلًا بعدم تصديق" واهه جوليا تستحقين جائزة أفضل ممثلة لتعابيرك الجدية تلك كدت أن أصدقك " لترمقه بحدة وهي تنطق بانزعاج " إيثان انا جادة ما بك " فاستوعب بأنها لا تمزح ليقول بصدمة " و ما الذي جعلك تفكرين بهذه الطريقة ما هذه المهزلة شخصٌ يحل مكان الآخر ! " فردت عليه بقهر " أعلم أنه يصعب تصديق ذلك و لكنني متأكدة من ذلك مليون بالمئة و سأوضح لك ذلك " أومأ لها منتظرًا منها المبررات الكافية و المقنعة حتى يستطيع الوقوف بجانبها و مساعدتها لتقول له " في الواقع لقد تذكرت عدة مشاهدٍ من طفولتي و التي جعلتني أثق بشكوكي" فقال بصدمة " ماذا !! و لما لم تخبريني بذلك ! " أخذت قضمةً من قطعة البيتزا قائلة بعدما مضغت الأكل " كنت سأخبرك لكني لم أجد الوقت المناسب للأسف و لكن الآن سأخبرك بما رأيت و ما الرابط بينه و بين توقعاتي " ليزفر الهواء بغيظ ثم قال " هيا تكلمي و حينما تتذكرين أي شيء في المرة القادمة أخبريني بنفس اللحظة حتى و لو كان مقطعًا صغيرًا أو صوتًا فقط " ردت عليه مجيبةً بـ " حسنًا أعدك لا تغضب سأفعل ذلك " فقال لها " جيّد فتاة مطيعة و الآن أخبريني بكل ما رأيته بالتفصيل الممل " أخذت شهيقًا عميقًا و زمت شفتيها للحظة ثم بدأت بالحديث " حينما تناولنا الباستا في المشفى تذكرت ذكرى من ذكريات طفولتي ألا و هي أننا أنا و أخي نحب هذا النوع من الباستا منذ صغرنا " نظرت ليديها وهي تلعب بهما بعشوائية و بنظراتٍ يغلفها حزنٌ دفين خلفته السنين الماضية قالت " و مما عرفته و رأيته نحن في كل عام حينما يأتي يوم مولدي أو مولده نتناولها سوية فهذه إحدى طقوسنا الأخوية فـفي اليوم الثالث من آذار و اليوم الخامس من أيار نتناولها سوية " ثم نظرت له بتساؤل لتقول " بالتأكيد لقد رأيت يوم مولدي في ملفي الخاص أخبرني أيهما هو ؟ " فابتسم لها بتعاطف قائلًا " أنتِ اليوم الخامس من أيار " دمعت عينيها بحزن و هي تعض شفتها السفلية لتمنع ذاتها من البكاء ناطقةً بحسرة " لقد تناولت الباستا بيوم مولده و أنا لا أعلم إن كان حي بهذا العالم أم لا " سيلٌ من الدمع قد أغرق وجنتيها لتفرك عينيها بقوة حتى تحاول إيقاف دمعها و تهدئة ذاتها فـنهض إيثان بسرعةٍ آتيًا ناحيتها و من ثم دنى لمستواها قائلًا و هو يحاول تهدئتها " جوليا !! اهدئي لن يصل الموضوع لذلك الحد و سنجد أخاكِ الحقيقي إن كان هذا الشخص مزيفًا " .
أنت تقرأ
يولاند (مكتملة)
Mystery / Thrillerفي فَرنسا تحديدًا بِمنطقة لانيون تحت أسقف غُرف المُستشفَيات نجِد الكثير مِن الغُرف المُعتِمه و لِكل مِنها قصة، حسنًا لِنرى الغُرفه رقم77 مِن هُنا سَتبدأ قِصتنا .