سويسرا (فيرناير)
[ بعد ثَلاثةَ عَشَر يوم من الحادثة ]
يجلس أمام تِلك الروح المُنْهَكه و التي تصارع ألَمَها متأملًا بعينيه العسلية جسدها الذي بالكاد يُرى مِن كثرة الضمادات وَهُو يُخاطب نفسه بِصوتٍ منخفض " لما لم تستيقظ إلى الآن من المُفترض بأنها سوف تستيقظ اليوم هل ستحدث لها مضاعفات أخرى أم ماذا " صمت قليلًا ليكمل بـ" لا يا إلهي أتمنى أن لا تحدث لجسدها أي مضاعفات لن تحتمل أكثر " وقف مِن على الكرسي بِسرعة وَهُو يبعثر شعره البندقي بإِرْهاق ليركل كرسيه بغضب و توتر " حسنًا إيثان هدِّئْ من رَوْعِك ستكون بخير و سوف تستيقظ " فجلس على المقعد وَهُو يمسح وجهه ليزفر قائلًا " إذًا لنرى رضوض بمنطقة الجُمْجُمة و كسر بسيط من الجزء الخلفي ، بعضًا مِن الكسور في أنحاء الجسم و بقية الخُدُوش التي تملئ جسدها مع الأضرار الداخليه و النزيف الذي حصل فجأة " نهض بسرعة و بات يمشي ذهابًا و إيابًا و هو يفكر " أما بالنسبة لطول النافذة التي سقطت منها فهي تقريبًا سبعة أمتار لذا ستكون بمستويات الخطورة المتوسطة و بحسب خبرتي إن لم تستيقظ اليوم ستحدث مضاعفات أكثر من الأضرار التي سنلاحظها عِند استيقاظها " تنهد بعمق ليقول " اهه لقد سُحِق عقلي من هذا الصُداع الفتاك سأذهب لإرتاح قليلًا و ارتشف بعضًا من القَهْوة المُنْعِشة " حَمَلَ بقية أوراقة المبعثرة بالغرفة و عاد إلى مكتبه ليجلس بإهمال على مقعده ثم ضغط على زر الهاتف الموضوع على الطاولة قائلًا " جوانا ، مِن فضلك قهوتي المعتادة بسرعة " أغلق الهاتف و جلس بصمت ينظر إلى سَقْف الغُرفة منتظرًا قهوته و بعد خمسة دقائق دخلت جوانا لتضع الفنجان على مكتبه و هي تقول بصوتٍ هادئ و مُتَّزِن " تفضل سيدي " فـأخذ الفنجان و ارتشف القليل منه ليشكرها قائلاً برسمية " شكراً لكِ يمكنك الذهاب " رحلت من مكتبه بعدما سألته إن كان يريد شيئًا آخر أما هو فقد جلس عدة دقائق وَهُو يحتسي قهوته و يُحاول ترتيب و تجميع أفكاره و تخفيف الصُداع في آنٍ واحد .[جوليا]
ظلت تقاوم الألم و هي طريحة الفراش مغمضةً الجفنين و السواد يبتلعها و يحيطها من كل جانب ، تريد النهوض تريد رؤية النور و أن تشعر بالأمان فـتراودها بين فترات متقاربة كوابيس مرعبة بخصوص موت أدريان أخيها و تتخيل كيفيه تعذيبه من قِبل والدهما ستيفن و بقية المشاهد التي تُخيفها و للأسف كانت جميعها مجرد أوهامٍ لا أساس لها لكنها كانت كفيلةً باِلتهام قلبها الضعيف ، كانت كالضائع وسَط غابة حالكة الليل مع أشجارها الضخمة و أَشِعَّة القمر المضيئة التي تتوسط عتمة اللّيل لتكون مصباحها الوحيد بين كل هذه الظلمة تركض لوحدها تائهه مشتته لا تعلم من هي و أين هي و ماذا يحدث ، فقط تركض في طُرقٍ متفرقة لتحاول الوصول إلى نهاية الطريق فهي تريد فهم ما يجري لكن لا جدوى فكلما حاولت استيعاب ما يحدث يُهاجمها جيش من الألغاز ليظهر أمامها فجأةً شخص وهيّ تركض فـتوقفت عن الركض حينما أنتبهت لوجوده و ظلّت بمكانها دون حَراك تنظر إليه على بُعْد مترين أما هو فقد رفع بصره نحوها و ابتَسَم بِهدوء و كانت بشرته ناصعة البياض و كأن القمر وَهَب نُوره ليعطيه إياه و بَرِيق عينيه كـلون البَحْر المُتوسِّط و سَط غُرُوب الشمس مع خُصْلاته الليلية المعتمة ، ينظر لعينيها مباشرةً حتى شَعَّ ضَوْءٌ سَاطِع و انتشر في المكان بأكمله ليختفي الشاب من أمامها ثم استيقظت بِقوة رافعةً جسدها العلوي من السرير وهي تتنفس بسرعة متوسعة الحدقتين و مضطربة النَفَس مع خصلاتها الفوضوية التي تغطي ملامحها فـجالت بنظرها نَحْو المكان وهي تشعر بالضياع مستغربةً وجودها هنا و حينما رأت جسدها المليئ بالضمادات صُدمت و أصيبت بالذعر و عرفت لماذا هيّ هنا بسبب منظر جسدها المريع لتحاول تهدئه ذاتها و تنظيم تنفسها حاضنةً قدميها نحو صدرها وهي تنظر إلى يديها المليئة بالأجهزة و الأسلاك ، خائفة لحد الموت لا تعرف أي أحد هنا و لا تسمع سوى نبضات قلبها المضطربة و صوت أنفاسها الغير منتظمة فـسمعت صوت قطع عليها أفكارها المشتته و حيرتها لتوجه نظرها بِسرعة نَحْو الباب مترقبةً الشخص الذي سيأتي تريد أجابةً على الأسئلة التي تنهش عقلها و التي ستدفعها للجُنُون لتدخل الممرضة وهيّ تحمل الأَدوِية بيديها ثم تجمدت بمكانها عِند عتبة الباب حينما رأت جوليا مستيقظةً لتصرخ بـ" استدعوا الطبيب إيثان لقد استيقظت.. استيقظت مريضة الغرفة ٧٧ "
[إيثان]
"نفخ خديه بتملل وَهُو يراقب تِلك الملفات اللامنتهيه، ليقول " جميعهم حالات مستقرّة بأستثناء الفتاة المُسماة بـ جوليا " صمت قليلاً وهو يتأمل ملفها و يقرأ معلوماتها وكأنه يمسح الملف بعينيه ليحفظه بعقله ثم انتقل إلى الصورة الموجودة بالملف ليبتسم بهدوء قائلًا " واهه كم هيّ جميله ، من يراها الآن بهذه الحالة لن يصدق أنها نفس الفتاة لقد بهتت حقًا " فـسكت قليلًا ليكمل بـ"من يصدق أن كل تِلك البراءة ستصبح هكذا و بهذا الوضع الحرج " وضع الملف على الطاوله و أخذ هاتفه ليجري اتصالًا لكن قطع عليه دخول الممرضة إيڤ وهي تتنفس بِسرعة و تتلفظ بكلمات سريعة وغير مفهومه فـنهض بسرعة من مقعده و تقدم نحو إيڤ و قال "هيه اهدئي لم أفهم شيئاً ما الذي تقولينه " التقطت أنفاسها لتقول " الدكتور إيثان .. المريضة .. رقم ٧٧ " لم تستطع إكمال حديثها فحينما نطقت برقم الغُرفة فهم أن الموضوع يخص جوليا و لم يشعر بنفسه سوى أنه اصبح يركض نحو غرفتها بـأقصى سرعته .
أنت تقرأ
يولاند (مكتملة)
Mystery / Thrillerفي فَرنسا تحديدًا بِمنطقة لانيون تحت أسقف غُرف المُستشفَيات نجِد الكثير مِن الغُرف المُعتِمه و لِكل مِنها قصة، حسنًا لِنرى الغُرفه رقم77 مِن هُنا سَتبدأ قِصتنا .