فرنسا (لانيون)
في السابعة صباحًا استيقظ فرانس بنشاط وهالة الحَيَويَّة تشع منه فنهض من السرير قاصدًا الحمام ليغتسل ومن ثم غيَّرَ ملابسه سريعًا حتى يُجهز الفطور و لكن قبل أن يخرج من غرفته أخذ هاتفه حتى يتفقد رسائله و تلك الأمور المعتادة ليجد خمس مكالماتٍ من سيون فشهق بصدمة قائلًا " سحقًا لقد نسيت أمرها " اتَّصل بسرعة لترد عليه بعد ثلاث رناتٍ بصوت ناعس بالكاد يخرج من حنجرتها ناطقةً بمزاجٍ عكر " أجل ؟ " فـتكلم فرانس بتوتر " مرحبًا سيون اعتذر بشأن يوم أمس لقد انشغلت بعدة مواقفٍ مفاجئة و لم أقدر على مقابلتك بسبب الوضع الكارثي أمس فـلقد كنت بالطابق السفلي بقسم العناية المشددة لإحدى الحالات المستعجلة " لتجيبه وهي بالكاد تتحدث لشدة نعاسها " لا بأس فقد تعرضت أنا أيضًا لموقفٍ ما خارج المشفى لذا لم استطع المجيئ بسرعة ومن بعدها اتصلت عليك لأعرف مكانك و لكنك لم ترد علي فتوقعت بأنك قد انتظرت طويلًا و من ثم رحلت و أردت الاعتذار عن تأخري لذا ليس هنالك أَيَّة مشكلة لقد تعادلنا " ارتاح ضمير فرانس بعدما سمع حديثها و قال متسائلًا بفضول " ما الموقف الذي تعرضت له في الخارج ؟ " فـردت عليه باستعجال " موقف تافه لا يستحق الذكر" ليهمهم لها متفهمًا ثم قالت بحنق وهي تتكلم بسرعة " و من ثم يجب أن تتعلم آداب أوقات الاتصال للأشخاص الليليين ألا ترا أنني نائمة ما هذا الحمق وداعًا إلى اللقاء تصبح على خير " أغلقت المكالمة و لم تدعه ينطق بأي حرف محملقًا بشاشة هاتفه بتعجب فقال باستنكار " ألسنا في الصباح الآن ؟ " ضحك على غرابتها قائلًا " تلك البومة لن تتغير " ثم خرج من غرفتة ليجد أدريان جالس على الكنبة بصمت فسأله باستغراب " متى استيقظت ؟ هل نمت حتى ؟ " تحدث أدريان مجيبًا إياه " أجل لقد نمت لمدة ساعتين و من ثم استيقظت " ليقول فرانس بصدمة " لقد تركتك بالأمس في الساعة الثانية صباحًا و أنت لم تنم سوا ساعتين ؟ " زفر الهواء خارج رئتيه بتعبٍ مفرط قائلًا " أظن بأن الدواء لا نفع منه فهو لم يفيدني بشيء " فاستغرب فرانس من كلامه و قال بشك " لما تعتقد ذلك فجأة ما الذي غير رأيك " ليجيبه أدريان بنبرة يكسوها الخمول التام و الإرهاق " لقد تناولت أربع حباتٍ بالأمس ولم يجعلني أنام أو استرخي حتى " انفعل فرانس غاضبًا جراء حديثه الغير مبالي و فعلته المتهورة فقال موبخًا إياه " هل أنت أحمق ما الذي فعلته أيها الانتحاري ! " جاء لناحيته بملامحٍ مضطربة بعدما رآه بالكاد يأخذ نَفَسًا و يسعل ليقول بصراخ " تبًا لك يا عديم المسؤولية هل أنت بخير !! " رد عليه وهو يسعل و يبعد وجه فرانس عنه بانزعاج لصوته الصاخب " أنا بخير يا أحمق لن أموت " فـضرب مؤخرة رأس أدريان قائلًا بغضب " إذا أخذت جرعةً زائدة من هذه الحبوب ستسبب لك هبوطًا في الجهاز التنفسي مما سيجعلك بالكاد تتنفس أيها الأحمق " رفع شعراته الذهبية و المبعثرة على جبينه بشكلٍ عشوائي و هو متوتر ليقول بنبرة تأنيب " و إن أخذتها بكمية أكبر ستموت حتمًا هل أنت مجنون ! " فاستلقى أدريان بتعب على الأريكة متمددًا دون أي اكتراث ليسحبه فرانس قائلًا " غير ملابسك و هيا للمشفى أيها الطفل " قال أدريان بدهشةٍ واضحه " مهلًا ليس لدينا وقت لذلك و لما أنت حتى مهتمٌ لهذه الدرجة لا تقلق سأكون بخير " فغضب فرانس و قال بنبرة حادة " لا تسألني هذا السؤال البغيض مرة أخرى أتفهم " خرج من الشقة بأكملها و قبل أن يغلق الباب قال " سأنتظرك لا تتأخر " أما هو فقد نفخ خديه بتملل لينهض مبتسمًا " يا إلهي الرحمة هل غضب ذلك الأشقر " ذهب لتغيير ثيابة بصعوبة وهو يترنح بممرات الشقة كشخصٍ ثمل ثم خرج بعد عدة دقائق ليرى فرانس يجلس في السيارة منتظرًا إياه بملامحٍ متجهمة فركب أدريان السيارة بصمت وهو يختلس النظر إلى ملامح فرانس كل دقيقة متأملًا تغيرها و حينما انزعج فرانس من نظرات أدريان المستمرة و تصرفه الطفولي تنهد باستياء قائلًا وهو يقود " ألن تكف عن التحديق بي ألهذه الدرجة أنا وسيم " ليشيح أدريان بنظره عنه و هو يقول " هيه يا أشقر لا تغتر بنفسك " فضحك فرانس بصدمة و قال " أشقر؟ أهذا اسمي الجديد " أومأ أدريان مجيبًا بـ " أجل إنك أشقر بالفعل " ليقول فرانس " إذاً سأسميك أنا أيضًا بـعُشبي أيها الطفل " إلتفت أدريان بصدمة قائلًا " لما عشبي ؟ " فانتبه فرانس لتغير مزاجة المفاجئ و قال ردًا لسؤاله " في الواقع لا أحبذ تسميتك على لون شعرك بينما لديك عينين مميزتين بهذا اللون المبهج كـلون الأرضية العشبية و المليئة بالزرع لذا فضلت اسم عشبي مأخوذًا من كلمه العشب " ابتسم أدريان و هو يسعل بتعب ثم قال بصوتٍ أبح " لقد كانت تقول لي عيناك جميلة مثل لون العشب " ليرفع فرانس إحدى يديه من المقود مربتًا على ظهر أدريان قائلًا بقلق " أنت بخير؟ تستطيع التنفس؟ " اومأ الآخر مجيبًا بـ " نعم " فقال له " حاول تنظيم تنفسك و تحمل قليلًا سنصل بعد قليل " تنهد فرانس بتوتر وقال بنظراتٍ ثابتة و نبرة قوية " كف عن أفعالك المتهورة و تحسن بسرعة فلدينا الكثير من الأشياء لفعلها و لا وقت للحزن " نظر بناحيته و أكمل حديثه بـ " إن كنت تريد مقابلتها فقابلها و أنت بحالة جيدة رجاءً و كن مطمئنًا فهناك من بجانبك أنت لست وحيدًا " ابتسم بنهاية حديثه بلطف و سرعان ما تجهمت ملامحة بحدة " و لكن إياك و التهور مرةً أخرى " ليبتسم أدريان بملامحٍ مصدومة وهو يقول " هدئ من روعك أليس هذا إنفصامًا " فضحك فرانس على حديثه و قال " ليس إنفصامًا يا غبي " ثم أكمل بنبرة مرحة " هل تشعر بتحسن لقد سخرت لتو " ليدير أدريان عينيه بتكبر و هو يمط شفتيه قائلًا " لقد أخبرتك أنني بخير" فقال فرانس بنبرة مرتاحة " جيّد تنفس بعمق و بهدوء حتى نصل " و أكمل بجدية معاتبًا إياه " استمع إلي فـأنت لم تفهم ذلك الشعور تخيل بأن شخصًا ما يكاد أن يحدث له مكروهًا بسببك أو الأسوأ من الممكن أن يموت و على مسؤوليتك لأنك وثقت به و أعطيته تلك الأدوية محذرًا إياه و لكن بالنهاية تجده يعاني من كمية زائدة تناولها بتهور من ذلك الدواء الذي أنت أعطيته إياه " أحس أدريان بحجم غلطته و مدى تهوره ليعتذر بارتباك " آسف لم أعي خطورة الوضع " فـرد عليه فرانس بلطف " لا بأس أسامحك ولكن لا تكررها مرة أخرى و كف عن تهورك " أوقف السيارة وقال " هيا بنا لقد وصلنا و بالمناسبة نحن هنا لرؤية الفتاة و الإطمئنان عليها و سؤالها عن بقية العنوان إن كانت مستيقظة أيضًا حتى أجعلهم يفحصونك " ليجيبه بـ " حسنًا " ارتجلوا من السيارة و هم عازمين على اكتشاف بقية العنوان و ما ذلك المكان و من أعطى الظرف لتلك الفتاة و كيف عرفت أدريان و علمت بمكانه .
أنت تقرأ
يولاند (مكتملة)
Mystery / Thrillerفي فَرنسا تحديدًا بِمنطقة لانيون تحت أسقف غُرف المُستشفَيات نجِد الكثير مِن الغُرف المُعتِمه و لِكل مِنها قصة، حسنًا لِنرى الغُرفه رقم77 مِن هُنا سَتبدأ قِصتنا .