فرنسا (لانيون)
اسْتَلَمَ فرانس المريض و ابتسامته تكاد لا تفارق شفتيه ليربت على كتف الطبيب قائلًا " أحسنت عملًا و الآن كُف عن بقية قذاراتك و إلا سيتنهي مستقبلك و حياتك بأكملها عزيزي " ثم جعل المريض يتكئ عليه و أكمل سَيْرة مبتسمًا بإشراق وَهُو يشعر بالفخر و السعادة لأخذه أول مريض له بهذه الطريقة و إنقاذه من بين أولئك المستهترين الأوغاد متعهدًا بأن يساعد هذا المريض ما دام حيًا و قد شعر بمسؤولية كبرى تجاهه فـتوقف فرانس عند سيون و السيّدة أوليفيا ليخاطب السيّدة باحترام قائلًا " سيدتي أنا آسف على كل هذه المتاعب التي أقحمتكم بها " قاطعته سيون بانفعالٍ طفولي " ليس صحيحًا لقد استمتعنا " ثم إِلْتَفَتت لمربيتها و أكملت بحماسٍ مفرط " أليس كَذلِك عمتي ؟ " فابتسمت السيّدة أوليفيا لها لتقول " أجل صحيح و من ثم يا بني أنت لا دخل لك بكل هذا و لقد أحسنت عملًا "
سويسرا (فيرناير)
يَدْفَع كرسيها بِهدوء تام في ممرات المشفى بينما هي محنية الرأس و تعبث بأصابعها المرتعشة فلاحَظَ الدكتور إيثان رهبتها ليتوقف و يمسك بيديها المرتجفتين قائلًا بنبرةٍ مريحة " جوليا أنظري إليّ " لم يلقى ردًا منها ليعيد بنفس النبرة " جوليا أرفعي رأسك " نظرت له بطرف عينيها لترفع رأسها منتظرةً مِنه الكلام فـشدّ على يديها بخفة وهو يقول بلطف " لا تقلقي لن أتركك تواجهين هذا الضياع لوحدك سيكون كل شيء على ما يرام أعدك بذلك " حدق بعينيها مباشرةً و سألها بجدية " هل ستثقين بي ؟ " فأومأت هي بصمت ليبتسم و يقول " إذًا لا تقلقي " وقف تاركًا يديها و أكمل دفعها إلى الغرفة المقصودة ثم تفاجئ بظهور نيكول أمامهم مع شخصٍ ذو بشرة فاتحة و شعرٍ بـلون الفحم الأسود مع حدقتيه الخضراء فـشعر الدكتور إيثان بالريبة نحوه و استحوذ الشك عليه بينما نيكول قد اتسعت ابتسامتها حينما رأتهم أمامها لتقترب من عند جوليا المذهولة من ذلك الشخص و الذي أحست بأنه شخصٌ مألوف و قد رأته سابقًا ثم انحنت لمستواها و قالت بهمس من عند سمعها " أوه جيّد أنتِ لم تموتي " أقشعرت جوليا بصدمة لتتوسع عينيها بعدم تصديق من جملة تِلك المرأة التي لا تتذكر أو تعرف عنها شيء جراء فقدان ذاكرتها فـأحس الدكتور إيثان بخطورة الموقف ليشد بكلتا يديه على مقود كرسي جوليا قائلًا برسمية جادة " سيدتي سنذهب لإكمال باقي الفحوصات عندما تنتهي يمكنكِ التحدث معها " دفع الكرسي بسرعة نَحْو الأمام و لم يعطها مجالًا للكلام أو تسنح لها أي فرصة للحديث ثم دخل أقرب غرفة وجدها أمامه و أقفل الباب وهو يبتلع ريقة بصعوبة ليستند على الباب أما بالنسبة لجوليا فهي إلى الآن تشعر بالرهبة من جملة تلك المرأة فـنظر الدكتور إيثان إليها لينتبه بأنها مصدومة مما حدث قبل قليل و بعدها نظرت إليه هي باسْتِغْراب يخالطه بعضًا من الريبة لتقول بجمود " ما الذي يحصل هنا بحق الإله " رد عليها بِسرعة لأنه شعر أنها ستدخل بدواماتٍ من الأسئلة " ششش جوليا اهدئي اهدئي أفهم شعورك لكن اصبري قليلًا و سوف تفهمين كل شيء الآن سأخبرك بما يجب عليك فعله و الذي يجب أن تعرفينه " فحدقت به بإنصات منتظرةً مِنه بأن يتحدث ليتنهد ببطئ ثم قال " أولًا و قبل كل شيء ما الجملة التي قالتها لكِ تلك المرأة و جعلتكِ مذعورةً هكذا " لتقول له بعبوس " تِلك الشيطانة قالت لي ببرود تام جيّد أنتِ لم تموتي" تفاجئ إيثان من نعتها بالشيطانة ليضحك على نبرتها الطفولية و اللقب الذي أعطتها لها فـنظرت إليه بغضب و قالت "هيييي ما المضحك بالأمر ألم ترى ملامحها و كأنها تريدني حية لمبتغاها أو لمصلحتها " فـصمتت قليلًا و هي تفكر لتقول بحيرة " امم سيدي هل حالتي كانت خطرة لتلك الدرجة " حملق إيثان بها و ابتَسَم لها قائلًا و هو يشير إليها بأصبعه " أولاً تِلك السيّدة التي نعتها بالشيطانة هي والدتك " التمس الصدمة و الخيبة بملامحها ليكمل حديثه بـ " ثانيًا أنا هنا لأنقذك منها " ابتسمت بحزن و الدموع تقطر من خديها لتنطق بصوتٍ خافت " شكرًا لك " فـرَبَّتَ على كتفيها بخفه و هو يقول " لا بأس سيمر كل هذا " ثم نظر لها بجدية و قال " استمعي إليّ الآن سأخبرك بكل شيء و بوضعك الحالي حتى تستطيعين التظاهر بأنه لم يحصل شيء ما لك و حتى تجيدين التمثيل عليهم أيضًا " أومأت له إيجابًا لتقول بصوتٍ هادئ بعدما مسحت بأطراف أناملها قطرات دمعها المتناثرة على وجنتيها " تفضل أنا استمع إليك " اعْتَدَلَ بوقفته وقال "جوليا رُبما يكون وقع كلامي عليك له أثر كبير و لكن يجب أن تتحلي بالصبر و القوة لذا سأقول كلامي دفعة واحدة " ليتحرك وهو يمشي بوسط الغرفة ذهابًا و إيابًا كقائد في الجيش وهو يُمْلي عليها ما تفعله " في الواقع لقد حصل لك حادث سير لذا تأذيتِ كثيرًا " صمت قليلًا وهو يفكر بأن هذا القرار الصحيح لمصلحتها و لا يجب أن تعلم بأنها حاولت الإنتحار فـحالتها لن تحتمل ذلك و لن تستطيع الاستيعاب و ربما تتدهور صحتها ثم نظر لها و أكمل حديثه " و خصوصًا جمجمة رأسك لقد أصيبت بشرخٍ من الخلف لذا أظن بأن عقلك تضرر قليلاً و لهذا فقدتِ ذاكرتك لكن لا تقلقي لن يكون فقدان ذاكرتك أبديًا سيكون ذلك مؤقتًا فقط و إنها مجرد فترة و سوف تعود لكِ" شعرت بالقليل من الاطمئنان حينما قال جملته الأخيره ليكمل هو" أما بالنسبة للفتى الذي رأيته بجانب والدتك ف.." بترت كلامه بجملةٍ واحدة و غير متوقعة بالنسبة له " اعتقد بأني أعرفه " ليرد عليها بدهشةٍ " كيف تعرفينه ؟! "
أنت تقرأ
يولاند (مكتملة)
Mystery / Thrillerفي فَرنسا تحديدًا بِمنطقة لانيون تحت أسقف غُرف المُستشفَيات نجِد الكثير مِن الغُرف المُعتِمه و لِكل مِنها قصة، حسنًا لِنرى الغُرفه رقم77 مِن هُنا سَتبدأ قِصتنا .