سويسرا (فيرناير )
[ قصر السيّدة نيكول ]
ترتب غرفتها الخاصة و التي كانت تشاركها مع شخصٍ آخر و لكنه قُتل و مات بالفعل ، غرفة صغيرة مربعية الشكل و رثة الهيئة ذو أثاث قديم الطراز و بينما هي ترتب الأغراض بملامحٍ جامدة حتى اسْتَوْطَن البؤس تعابيرها بعدما فتحت درج ذلك الشخص و بفعلتها هذه كأنها قد فتحت سدًا لينهال علينا سيل من الآلام و الجروح البليغة بأعماقها فـوجدت بعضًا من حاجياته و شدها صندوق خشبي صغير الحجم به بعض من النقوش الرمزية القديمة لتأخذه و عيناها تفيض بالدموع هامسةً بقهر " لن أسامحها على قتلك يا فيوليت " فتحت الصندوق بهدوء و وجدت به ظرف مزخرف و بجانبه رسالة مكتوبٌ عليها كلمة " وصية " فأخذت الرسالة بسرعة وهي بحالة صدمة متسائلةً بـ" متى كتبت هذه الوصية! " و حينما فتحتها حتى تقرأها سقطت منها قلادة رفيعة نحاسية اللون على شكل زهرة لتخرج شهقةً صغيرة من بين شفتيها أثر حزنها و صدمتها حتى إنهارت في البكاء و غرقت بدموعها متشبثةً بتلك الرسالة و ممسكة باليد الأخرى تلك القلادة فهمست بحزن والدموع تنهمر من عينيها " إنها رمز صداقتنا " أخذت شهيقًا لتهدئ من حالها ثم مسحت دموعها و أمسكت بالرسالة حتى تقرأها " مرحبًا صوفي ، هل أنتِ بخير أثناء قرائتك لهذة الرسالة ؟ أتمنى أن تكوني كذلك و بأفضل حالٍ فـسيحزنني إن كنتِ تبكين الآن بسبب رحيلي لذا أرجوكِ توقفِ عن البكاء يا صوفي ، موتي ليس بالشيء المهم إن لم تنتهي معاناة تلك الصغيرة ولا نفع من البكاء سوا إرهاق نفسك ... أردت فقط أن أوكلك لمهمة ٍجدية و خاصة جدًا فأنتِ بالنهاية الشخص الذي أثق به بالنسبة لي من بين الناس أجمع و في الحقيقة لقد توقعت حدوث موتي بأي وقتٍ مفاجئ خصوصًا بأن السيدة نيكول قد وصلت لأقصى مراحل الغطرسة والشر و أنا قلقةٌ بعض الشيء على مصير صغيرتي جوليا لذا أريد منك الذهاب إلى فرنسا كإجازة لك حتى لا تشك السيّدة بكِ و تصرفي بطبيعية فتصرفاتك هي أساس نجاح أو فشل المهمة و اذهبي تحديدًا إلى منطقة لانيون و ابحثي عن المشفى الموجود بهذه المنطقة لأنه هناك يقطن بها شقيق السيّدة الصغيرة جوليا و أسمه أدريان دامبيير ، أنا لا أعلم إذا كان هنالك مشفى واحد أو أكثر بتلك المنطقة و لكنني أعطيتك الطبق الرئيسي و تركت المقبلات لك فـلقد بحثت لمدة ليست بالقصيرة حتى أجد تلك المعلومات و بالكاد وجدت طرف الخيط و أريد منك إيصاله للطرف الآخر حتى تكتمل الحلقة ، صوفي أنا أرجوك بأن تحاولي جاهدة توصيل الظرف المركون بهذا الصندوق الخشبي لأدريان وأعلم بأنك أهلٌ للمسؤولية ، أحبك بمقدار حب جوليا لزهور البنفسج .... من صديقتك العزيزة فيوليت " حينما إنتهت من قرائتها نهضت مسرعةً لتشعل إحدى الشموع التي لديها و بدأت بإحراق الرسالة و هي تراقب اللهب أثناء اِلتهامه للورق فقالت بنظراتٍ حادة و بريق العزيمة بعينيها ينذر بعواصفٍ قادمة " لا تقلقِ فيوليت سأفعل كل ما بوسعي لأتم هذه المهمة أنا أعدك بذلك لذا ارقدي بسلام مطمئنة البال "[المشفى]
خرجت جوليا من الحمام لتجد بأن و الدتها نيكول قد دخلت الغرفة لتو فعبست ملامحها تلقائيًا و قالت بغيظ " ما الذي تريدينه أخرجي من هذه الغرفة " ابتسمت نيكول باتساع و تقدمت نحو جوليا لتمسك بكتفيها " اوهه عزيزتي جو هل ما زلتِ تكرهينني رغم أنني أحضرت لكِ شقيقك و جعلته حيًا يرزق لقد كنتي تنتحبين لأجله كل ليلة مترقبةً قدومه طوال تلك السنين ؟ " صمتت بحيرة محاولةً التذكر و لكنها لم تجد أي استجابة سوا الصداع الحاد الذي اجتاحها فأبعدت أيدي نيكول عنها ببرود و قالت " مهما فعلتي لن أجرؤ على حب شخصٍ مثلك و اسمي هو جوليا و ليس جو كفي عن تملقي " و بنهاية حديثها شددت بأول حرفين من اسم نيكول لتقلدها " ني..كول " ثم أدارت عينيها بنفاذ صبر و هي تمسك برأسها أثر الصداع القوي أما نيكول فقد تجاهلت حديث جوليا محدقةً بإيثان الذي يغط بنومٍ عميق بعدما انتبهت لوجوده لتقول بتعالٍ " أيضًا ما الذي يفعله هذا هنا ألا يعرف كيف يؤدي عملة جيدًا كيف لطبيب بأن ينام بغرفة مريضُه " فـغضبت جوليا لحديث و الدتها المستفز تجاة إيثان و صرخت بحنق " لا شأن لكِ بهذا أيتها الشمطاء سينام هنا متى ما أراد " و من ثم اختل توازنها أثر صداعها المزمن و كادت أن تقع لولا تلك اليد التي إمتدت من الخلف ممسكةً بها برفق لتوجِّه بصرها نحو ذلك الشخص فوجدته يتثائب واضعًا يده على فمه و اليد الأخرى يمسك بها بهيئته الغير مرتبه و بشعره المبعثر بشكلٍ فوضوي ليبعده من وجهه برفعه للخلف غارزًا أصابعه بتلك الخصل الكستنائية ثم مال برأسه قليلًا بناحية جوليا قائلًا " جو ما الذي يحدث و لما الصراخ أنتِ ترهقين نفسك لا زلتِ مصابة " فـعبست بطفولية لتنظر لناحية نيكول و هي تقول بنظراتٍ مشمئزة " هي السبب أجعلها تخرج " استشاطت نيكول غيظًا لتصرفات جوليا المثيرة للغضب بالنسبة لها و قالت بنبرة حادة " لتو تقولين لي بأن اسمك جوليا و أن لا أدعوك بـ جو ما الذي يحدث الآن ! " لتخرج جوليا لسانها بعناد ثم قالت " ليس مسموحًا لكِ بينما هو مسموح له بذلك " فابتسم إيثان على تصرفاتها الطفولية و الطائشة أما نيكول فهي ستنفجر من الغيظ ثم قال بـنِيَّة استفزاز نيكول أكثر و هو يكبت ضحكته " هيا جو اذهبي إلى سرير لتأخذي قسطًا من الراحة و أيضًا حان وقت دوائك و أخذك للمغذيات " تأففت بملل و قالت بصوتٍ خافت " حسنًا " أوصلها للفراش و تقدم نحو السيّدة نيكول قائلًا بصوتٍ رَزين " سيدتي لنخرج من هنا حتى أعلمك بتطورات حالتها " فقبلت نيكول بالأمر و خرجت وهي تجر أذيال الخيبة و الحقد خلفها لتفرح جوليا بخروج تلك الشمطاء و الشريرة بنظرها ثم جالت بعينيها في الغرفة بتأمل منتظرةً من الممرضة أن تأتي و تعطيها أدويتها و لم تمر سوا عدة دقائق حتى دخلت الممرضة بابتسامةٍ صغيرة " مرحبًا ، حان وقت وضع المغذي و موعد الدواء " .
أنت تقرأ
يولاند (مكتملة)
Mystery / Thrillerفي فَرنسا تحديدًا بِمنطقة لانيون تحت أسقف غُرف المُستشفَيات نجِد الكثير مِن الغُرف المُعتِمه و لِكل مِنها قصة، حسنًا لِنرى الغُرفه رقم77 مِن هُنا سَتبدأ قِصتنا .