"حكمت المحكمة حضورياً على إصدار حكم السجن ٣ سنوات بحق المتهم مايكل بران بتهمة التلاعب و التهديد و الرشوى، و ترفض المحكمة بقية التهم" أعلنها القاضي بملئ الفم تاركاً الجمهور في زوبعة من الصمت المبطق و أكمل :"كما ترفض المحكمة كل التهم الموجهة للآنسة باندورا دالتون، مع تراجع جميع الشاهدين ضدها في القضية عن شهاداتهم"
كل شئ كان يبدوا غريب! تلك التنهيدة المرتاحة التي أطلقتها! ذلك الصمت الرهيب الذي عم في المكان! و العيون التي توزعت في كل مكان! إنزاح هم كبير عن صدرها! شعرت أنها حرة و تستطيع الإنطلاق مجدداً الآن! إنها فخورة بنفسها مجدداً! كانت تنظر لتقلبات ذلك الحقير، كانت الصدمة بادية على ملامحه و الصمت سيده!
"هل اعتقدت أنك تستطيع شراء العدل؟" فكرت في نفسها، كانت ملامحه شنيعة خصوصاً حينما اقتادوه في الأغلال الحديدية الباردة! تخيلته جالساً في الزنزانة المهترئة تلك و هو يلعنهم، و لكن ليكن! ليكن كل ما يمر به! ليكن البؤس حليفه و السجن مصيره! هو الذي رمى بنفسه لن تحمل ذنبه يكفيها ما تحمله من الذنوب اساساً و هو ليس احدها، و هي لا تهتم المهم انها ابعدته عن حياتها!كانت بالكاد ستطلق ابتسامتها و لكن سرعان ما لاحظت صوت صراخ هنا فقط لاحظت أخيها يهجم على المحامي الحقير و راح حراس المحكمة يبعدونه بصعوبة! ما الذي استفز أخيها لهذه الدرجة؟ فكرت في نفسها، حتى أخرج كل ذلك العضب الدفين الآن؟ و لكن في نظرته حقد مختلف حقد مخلوط بإنكسار انه ليس الحقد المرافق للإنتقام! لم تدري ماذا حدث بالضبط و قررت ان لا تتدخل، فقد ظنت ان في تدخلها تعدي سافر على الإتفاق الذي عقدته مع أخيها. كانت صامته تراقب كل شئ بتوجس! انها حرة مجدداً و لكنها شعرت انها مهددة من كل جانب، تنازلت عن حقها لتكفرعن ذنوبها! تريد ان تعود جديدة، صفحة بيضاء، فالسواد الذي ملأ قلبها منذ طفولتها يخنقها!
لم تستقر أعصابها الا عندما رأت المحامي يسحل أمامها كنعاج القرابين! تأملت أخيها من زاويتها بصمت! عاقد حاجبيه و هو ينفث دخان الغضب! حتى في هيئته المتوحشة تلك لم يفقد شيئاً من هيبته!
كانت لا تزال في داخلها غاضبةٌ من اخيها! كانت بداخلها تلك الأنانية التي تجعلها تعتقد انه الشخص الوحيد الذي كان يجب ان يستمع لها و يقف معها! ربما لو وجهها لو صرخ في وجهها قبل فوات الأوان لو صفعها قبل كل هذه الكارثة، و لو لم يعطيها ظهره ! ربما كانت وعت! و لكنه خذلها مع انها كانت فاسدة و مذنبة! و حولت نظرها لزوجة أخيها و هي تشعر بكل مشاعر الامتنان لتلك الغريبة التي اقتحمت حياتهم اقتحاماً فجاً! بالرغم من كل شئ كانت الوحيدة التي آمنت بها، بالرغم من كل سوء كانت تقابله بابتسامة يالها من قديسة! فجأة انتبهت لها جيزيل و ابتسمت لها بإمتنان لطيف، أشاحت لحظتها باندورا نظرتها بخجل ! بخجل من كل شئ!
أنت تقرأ
باندورا في الريف
Historical Fictionباندورا ذات العينين الناعستين ذات الضفائر البنية الفاتحة، باندورا ذات الضحكة الرنانة والحديث الممتع، باندورا المدللة ،المغرورة، المتكبرة، المتعالية، الوقحة، اللامبالية، الآنانية و عديمة الرحمة....في يوم ما باندورا تخسر كل شئ ، تتعرض للخيانة من أقرب...