بالرغم من انغماسها في الحديث الا ان عقلها غاب لثواني
"ألا تتفقين يا آنسة باندورا؟"
رفعت رأسها بخجل فقد غاب عقلها في اللاشئ لوهلة و لم تسمع نصف الحديث، فهي لم تستطع ان تتخطى تلك الصدفة التي فجرت مشاعرها الجيدة و السيئة دفعة واحدة ! ابتسمت ببلاهة تحاول ان تخفي جهلها بالحديث و لكن قفزت فتاة اخرى انقذتها دون معرفتها!
"لا زلت مصرة ان الألوان الدافئة تناسب هذا الفصل أكثر"
ابتسمت باندورا بخفة فقد استوعبت مجرى الحديث، و انخرطت فيه سريعاً! فهذه كانت احدى المساءات الرقيقة الذي تنخرط فيها بالنادي مع فتيات الخياطة حيث كونت مجموعة من الصداقات مؤخراً كانت مرتاحة معهن، فقد عملت بنصيحة ويلامينا!
" اتفق معكِ يا سيدة لوسيا بدأت بالعمل على فستان وردي دافئ لزفاف قريب سأحضره" و أضافت:" و لكنني ترددت في إضافة الشال الصوفي للفستان، فالصوف لاطالما كان يذكرني بالريف و الزفاف سيكون هناك"
"اوه اذاً أحد معارفكِ من الريف"
"هذا صحيح، زفاف أصدقاء عزيزين على قلبي انني متحمسة لذلك" ردت بحماس و قد التمعت عيناها بالحماس
"هيا يا باندورا العربة بإنتظارنا"
رفعت رأسها تلك كانت زوجة أخيها تناديها ليعودوا للمنزل، ودعت صديقاتها بعدها وعدتهم بلقاء قريب، و لحقت بجيزيل التي سبقتهاسارت على طول الممر الطويل المضاء برقة، و لكن قطع هذا الهدوء اصطدامها بأحدهم
"عذراً" قالت هي تساعد الشخص الذي اصطدمت به، فقد كانت فتاة، شعرت ببعض الشفقة عليها و حاولت ان لا تحكم عليها فليس لديها علم بظروف الآخرين، و لكن رائحة الشراب التي كانت تفوح من تلك الفتاة كانت ستسكرها!
الشعر الأشقر المبعثر، العينين العسليتين الباهتتين و البشرة الشاحبة! انها تعرف هذه الملامح جيداً!
"جودي" خرجت من حلقها متقطعة
"اوه كاراميل يال الصدفة الرائعة" صاحت بحماس وسط ثمالتها و هي تتعلق بباندورا، كان كل هذا يفوق قدرتها! و لكنها قاومت تلك الغصة و قالت و هي توقفها بإعتدال "تمالكي نفسكِ يا جودي" قالت فقد انفجر قلبها من الأسى! هل هذا حلمها؟ هل قاتلت لهذا الأمر؟ ضحت بالدخول في المحاكمة لهذه الحال؟ لم يتخيل عقلها كيف وصلت لهذه الحال و في داخلها و ان شعرت بالتأنيب شكرت ربها ان المدعو جورج ابتعد عن طريقها
"انظري إلى نفسكِ تمثلين السعادة و أنتِ وحيدة بلا زوج، و انظري لي ممتلئة بالزوج الذي معي لدرجة التخمة، يال سعادتي" راحت تصيح
"هل أنت وحدكِ هنا" قالت باندورا بقلق و هي تساعدها على الوقوف
"وحدي دوماً كنت وحدي! لقد هرب الزوج الوحيد الذي معي" قالت بأسى
"هرب"صاحت باندورا بصدمة
"انه يهرب مني كل ليلة! يبحث عنكِ"قالت الأخيرة و هي تنظر لباندورا بتمعن
"أنت لا تعين ما تتفوهين به" صاحت فيها باندورا بإنزعاج و الفكرة جعلتها تكره نفسها فذلك كان فصل و انطوى
"ابتعدي عني و التهي بحالكِ" صاحت و هي تبتعد عن باندورا و لكنها فجأة عادت
"صحيح" قالت و أكملت:" احذري انه هنا"
"من هو؟"سألت باندورا بتوجس
"سمعت جورج "قالت جودي بخبث
"ماذا تقصدين؟"سألتها و هي تبحث عن إجابة واضحك
" من هو؟ ماذا كان اسمه؟" قالت وسط سكرتها و قالت بعد فترة:" تذكرت المحامي "
"ماذا تقصدين؟"صاحت باندورا و هي تهزها
"انه قريب" قالتها و هب تهرب و تسير بعيداً بعدم اتزان تاركةً باندورا في حيرة و قلق
راقبت اختفاء طيفها و غاص عقلها في كل شئ! تلك الليلة ركبت العربة و الهم كان قد ركب عقلها الذي لم يتوقف عن التفكير، فكرة تنطح فكرة!أكملت العربة طريقها في الطرقات التي بدأت سهرتها للتو
"هل أنتِ بخير؟" باغتها سؤال زوجة أخيها القلق
رفعت رأسها بقلق، كانت ستنهي الحوار، "بخير" و لكنها قررت ان تخبر أخاها ، كانت خطوة صعبة و لكن كان يجب ان يعلم فالأمر خطير ليس عليها فقط و لكن على الجميع
"هل تعرف اي شئ عن بران؟" رمت سؤالها قلقاً متوتراً
رفع كريستوفر رأسه فالصدمة لسعت عقله و تملكه الإنزعاج فقد رمت في وجهه قنبلة لم يتوقعها! شد على قبضته كان مستعداً ليقفز في وجهها و لكن وجد زوجته ترمي الطفل الذي يغط في نوم عميق في حضنه كانت حركة سريعة منها وتعمدتها لم تكن تريد ان يشتد الحوار
"انسي أمره" قال بعدما هدء و هو يجلس بإعتدال و بيده صغيره،
"و لكن جودي..." قالت باندورا بقلق واضح
"انها مجنونه، لا تستطيع تخطي خيانات زوجها" رد بسرعة و بحدة
"أنا خائفة" قالت بإنفعال
" لا تخافي أنا خلفكِ " رد بإبتسامة خفيفة و هو يمسك بيدها
نظرت له بحيرة و لكن نظرة أخيها الواثقة جعلتها تسترخي قليلاً و لكن قلقها لم يزل تماماً، بالرغم من انها ابتسمت له بهدوء انما عقلها بقي في مكان آخركان المساء ناعماً رقيقاً و الذكرى التي رافقته غيبت عقله، كان يحضر في احدى الصالونات ليقابل عميل من النبلاء بما يخص عمله، كان قد انهى الإجتماع و قرر ان يرتاح و هو يتأمل المساء و الأضواء و غاب في خيالاته لتلك الصدفة الرقيقة مع باندورا، كانت المفاجاة التي حلم بها كان كل شئ بخير و لكن قاطعه الصوت الأنثوي
"والتر"
ذلك الصوت الذي هز كيانه في الماضي، رفع رأسه فرأها لم تتغير كأنها أول يوم قابلها فيه و لكنها بدت أكثر نضجاً و لمعت عيناها بخبث أكبر! في الماضي تلك النظرة سحرته بغموضها! و لكن كل هذه الهالة اختفت خلف غضب و حقد
"غلوريا" رد بهدوء و وقف بأدب القى تحيته
وجدها تقترب منه بلطف و هي تقول بإعجاب
"كم مر من السنين؟ ، لقد كبرت كثيراً "
نظر لها بهدوء هذه المقدمات يعرفها كم عشقها سابقاً حركت فيه حماسة لم يعهدها و لكن الآن لا شئ!
"لقد سمعت بأنك تدير مصنعاً في مسقط رأسك" قالت بحماس كانت تبحث عن شئ فيه، كان يعلم انها تبحث عن اعجابه بها و بجمالها فقد كانت بكامل أناقتها في ثوب كحلي مخملي. و لكنه كعادته لم يظهر شئ،
"هذا صحيح" رد بإختصار
"سمعت أنك لم ترتبط بعد " قالت بعدما أطلقت ضحكة سخرية خفيفة، كان يفهم عقلها اعتقدت انها الوحيدة ، و لم يحب من بعدها من النساء، كانت تريد كل الإعجاب لها، و أكملت بعد فترة:" شاب مثلك مقتدر و على قدر من الجاذبية لماذا لم ترتبط بعد؟ هل لا زال قلبك معلقاً"
"قد تسمعين بالأخبار السعيدة قريباً" قال بإبتسامة جانبية و أضاف:" و سأتأكد من دعوتكِ لعرسي"
نظرت له بصدمة! هل هذا كان الرد الذي تتوقعه؟ توقعت الصمت او الخيبة و لكن ليس هذا
"حقاً و من سعيدة الحظ؟" ردت بإرتباك
وجدته يرفع ساعة يده من جيبه و هو يقول بهدوء:" اعتذر منكِ سيدتي علي أن أغادر لدي التزامات صباحاً"
تركها خلفه و قد نال شئ من انتصاره منها، فهي جاءت لصب الزيت على نيران آلامه في خيالها المريض و لكن على يبدو تبددت آمالها على واقع جديد لم تتوقعه
أنت تقرأ
باندورا في الريف
Historical Fictionباندورا ذات العينين الناعستين ذات الضفائر البنية الفاتحة، باندورا ذات الضحكة الرنانة والحديث الممتع، باندورا المدللة ،المغرورة، المتكبرة، المتعالية، الوقحة، اللامبالية، الآنانية و عديمة الرحمة....في يوم ما باندورا تخسر كل شئ ، تتعرض للخيانة من أقرب...