كان لإنعكاس خصلات لشمس على صقيع الشبابيك وقع سحري بالنسبة لباندورا التي جلست تداري قماشاً وبري، راحت تمشطه بإهتمام لتضيفه للثوب الذي كانت تعمل عليه. غاب عقلها مع رتابة حركة المشط و نعومة الوبر و تلك البرودة و راحت تفكر في الآونة الأخيرة كانت تحسب الأيام و هي تراقب تقلبات جيزيل التي راحت تنتفخ يوماً بعد يوم، كانت الأمومة دوماً غائبة عن المشهد بالنسبة لها، و لكن منذ ان تحررت من نفسها القديمة باتت هذه الفكرة شيقة بالنسبة لها و مع ذلك الحمل كان تجربة أخرى غريبة بالنسبة لباندورا، جعلتها تقضي ساعات تفكر بالأمر، شغلت عقلها عن الكثير من المنغصات، فقد كانت مبهورة، كيف يمكن لروح ان تنمو بداخل روح أخرى، تضحي بنفسها تشاركه جسدها، طعامها وصحتها لتهبه حياة جديدة. ياله من شعور دافئ!
"ان السيدة بيريز تريد مقابلتكِ"
جاءها صوت جويل المقتضب ليخرجها من حالة الإستكنان التي عاشتها منذ قليل و هي تفكر في ابن أخيها المرتقب
رفعت باندورا رأسها بإنزعاج، بالرغم من الهدنة التي شابت علاقتها مع جويل هامبل و لكن بقيت الأخيرة تعاملها بجفاء،و حتى باندورا لم تكن تطيق التحدث معها اساساً! هو الشعور الذي حاولت دفنه بداخلها عندما رأت والتر مع جويل! رأتهما معاً! لم تكن خيانة و لكن هذا ما خيل لها! تلاعب بها عقلها! ما ذنبهم؟! لماذا تلومهم ؟! هي السبب هي السبب في كل شئ! تحركت بطريقة آلية و هي تتذكر ذاك المساء القارس، اعتقدت انها لوحدها في المشغل فقد تأخرت لتنهي طلبية مهمة! كان مساءً عادي لم يميزه سوى انه كان أبرد من المعتاد! و لكن استوقفتها الهمسات الخافته التي كانت تأتي من واجهة المحل، فكانت ردة فعلها التلقائية انها ذهبت لترى من هناك، تسحبت بهدوء فقد ذهب عقلها ان يكون لصاً مثلاً، و ليته كان لصاً! فهي لم تسمع الحوار! لأن الفعل كان واضحاً أمامها، رأت جويل تمسك بيد والتر، او هو كان يمسك يدها؟ لا تدري، لم تهتم سوى انهما بشكل ما تلامسا، لا تدري ما أصاب عقلها فجأة كل ما عرفته وقتها ان كل أمل و حب في قلبها تبخر! و تمنت ان تتبخر هي الأخرى، لو انها مجرد بخار فتتحول لغيمة حرة؟ ياله من شعور منعش وسط كل هذا التناقض! هربت من المكان على أمل ان ترتاح روحها من هذا الشعور، اعتقدت انها ذاقت الخيانة و الغيرة من قبل و لكن هذا الأمر كان مزعجاً أكثر و مؤلم انها كانت يجب ان تصمت فلا حق لها في هذه الحالة ان تتفوه بكلم، و هل والتر كجورج ؟ ام ان جويل اللطيفة كجودي الخائنة؟ لا ان المعادلة مختلفة تماماً هنا، تركت خلفها خيبة أملها! خيبة أملها التي صنعتها بنفسها! و عاشتها مع نفسها! أخبرتها جويل من قبل انها على علاقة بوالتر و لكن عقلها حاول تكذيب الأمر، كانا ربما مخطوبين بالسر! حتى ويلامينا لم تعلم! لقد كان بارعاً في اخفاء هذا السر او انه كان واضحاً أمامهاً هي انكرت ذلك!
أنت تقرأ
باندورا في الريف
Ficción históricaباندورا ذات العينين الناعستين ذات الضفائر البنية الفاتحة، باندورا ذات الضحكة الرنانة والحديث الممتع، باندورا المدللة ،المغرورة، المتكبرة، المتعالية، الوقحة، اللامبالية، الآنانية و عديمة الرحمة....في يوم ما باندورا تخسر كل شئ ، تتعرض للخيانة من أقرب...