كان للوقوف أمام القاضي رهبة عظيمة و لكن الوقوف على منصة الإعتراف كمتهمة كان أمر مختلف، الوقوف بشكل رسمي و المرآة الصغيرة التي أمامها تعكس أشعة الشمس لتضرب في عينيها و تخبر الجميع هذه المتهمة خذوها للجحيم الذي تستحقه! كانت تقف و دقات قلبها تتضارب بشكل مرعب! أخذت نظرة سريعة لمنظرها في المرآة التي أمامها، يالهول المنظر! هل هذه هي؟ لم تعهد نفسها بهذا المنظر! تبدوا كسيدة كادحة بائسة ! لا فتاة نبيلة فاتنة! لا يعجبها ما ترى ! ذلك الإنعكاس المذل كان كل شئ سواها، كانت تشعر أنها في غير غير جسدها و ان هذا الكابوس ليس كابوسها انه كابوس فتاة أخرى. تجرأت لتمعن النظر مجدداً، لم تستطع ان تنكر ان العينان الزرقاوتان هي عيناها و ليست عينا أحد آخر، و الذي يعرفها يستطيع ان يميز شعرها الكاراميلي، انها هي بالتأكيد و لكنها تغيرت كل تلك الظروف غيرتها هذا السجن الذي تحب ان تسميه "حبس مؤقت" غيرها، صمتها أمام والتر و تقبلها له غيرها، تنهدت باتت تتقبل باندورا القروية أكثر من اي وقت مضى و عليها ان تتقبلها لتهرب من مصيبتها و بعدها ستفكر أكثر بهذا الانعكاس الشنيع!
"سعادتك بعد جلوسي مع موكلتي و ما سمعناه من أقوال الشهود أود ان أثير نظر حضرتكم للكثير من النقاط المهمة، التي حصلت هنا دون إعطاء موكلتي الفرصة للرد من جانبها في الجلسات السابقة" قال والتر بثقة
كان المدعي مستعد للوقوف و الصراخ و تعطيل عمل المحكمة و لكن نظرة واحدة من القاضي كانت كفيلة لإسكاته
" لنبدأ بالموضوع من البداية يا سيدي كما بدأ الطرف المدعي، فكل ما ذكر هو كلام مع احترامي الشديد يا سيدي مبني على العواطف و بعيد كل البعد عن الأدلة الحقيقية الملموسة"
كان يستطيع ان يسمع الهمس المستهجن من خلفه، و لكنه تجاهلهم مثلما تجاهل زوج الأعين التي تريد حرقه حياً لو استطاعت، فقد بقي المحامي يجلس خلفه عاجز عن فعل شئ سوى النظر.فهو قد اصطدم به خارجاً و كانت جملة المحامي قد رماها و كأنه الضحية
"لقد بعتني و أنا الذي ساعدتك في وقت عجزك"
يتذكر أنه رفع نظره بانزعاج و يرد بسرعة متمسكاً بهدوءه:"لن أبيع ضميري و تذكر لم تكن مساعدتك مجانية"
نظر له المحامي بران بحقد، كان سيهجم عليه و لكنه لم يريد ان يدمر صورته الآن!
"يبدوا انك لا تعرف هذه الفتاة، هل خدعتك بجمالها؟" قال المحامي بران بخبث و أضاف و قد اتسعت ابتسامته الخبيثة و كادت تشق وجهه لنصفين:" أم أنها وعدتك بشئ ما؟"
رفع والتر نظره للمحامي بران، كانت عيناه تشتعلان، و لكن كل ما إستطاع ان يراه المحامي في عيني والتر هو ظلام حالك يشبه الموت، و رماه بكلمة جافيه و بكل برود:" أنت مريض"
كان يعلم والتر بداخله ان الرجل يريد استفزازه ليطرد من المحكمة او ان تضرب مصداقيته في أضعف الحالات! و لذلك فضل أن يتجاهله حالياً فهو لا يشكل تهديد في هذه المحاكمة .
أنت تقرأ
باندورا في الريف
Historical Fictionباندورا ذات العينين الناعستين ذات الضفائر البنية الفاتحة، باندورا ذات الضحكة الرنانة والحديث الممتع، باندورا المدللة ،المغرورة، المتكبرة، المتعالية، الوقحة، اللامبالية، الآنانية و عديمة الرحمة....في يوم ما باندورا تخسر كل شئ ، تتعرض للخيانة من أقرب...