على رائحة الخزامى فتحت عينيها كان الصباح قد حل عليها و أشعة الشمس قد نشرت دفئها بكل رقة ناثرةً أشعتها بتمرد ناعم على الكوخ المتواضع ، التفتت للطاولة المتواضعة يجانب سريرها تبحث عن ساعة جيبها، لاحضت وجود الخزامى في قنينة قديمة، اغلقت انفها بإشمئزاز يالها من رائحة مزعجة! و بشكل غريب محببة و مريحة للأعصاب و هي لا تريد ان تقر بأن الزهرة البرية ذات الرائحة الريفية تروق لها!!
تجاهلت الزهور و اخيراً وجدت ساعتها، كانت دائرية صغيرة يمكن ارتداؤها كعقد، عليها رسمة امرأة بملامح ناعمة و فاتنة حولها حديقة من الزهور ، فتحت الساعة بملل
"الثامنة و النصف، لا زال الوقت مباكراً"
رمت الساعة جانباً و لكنها سرعان ما تذكرت "ساني !" عليها ان تذهب للمشغل! قد تجد عملاً اخيراً ، كانت تريد ان تستعد جيداً لتترك انطباعاً مناسباً، كانت تريد ان تثبت خلفيتها الأرستقراطية فهذا ربما يشفع لها و يجعلهم يتهافتون لتوظيفها!فتحت خزانتها و لاحظت انها منظمة، و معه التفتت لتجد كوخها يلمع من التنظيم و التظافة!
"يخرج بعض النفع من هؤلاء الهمجيون" ضحكت بغرور، فقد اعتنوا بها و رتبوا لها كل شئ، حتى هنا هي تحظى بالدلال دون ان تطلبه، ما دام جاء لقدمها لن ترفضه، كما انها ليست مضطرة لشكرهم فهم قدموا مساعدتهم طوعاً، ليس هؤلاء القوم همها الآن انما فرصتها لإيجاد وظيفة.
راحت تبحث بين ملابسها و وقعت عينيها على الثوب المثالي، ثوب أحمر مخملي، بياقة مخرمة بيضاء و قبعة قش بشرائط سوداء مخرمة بنعومة، فوقهم شال صوفي أخضر قاتم مبكر، بدت بهذه التوليفة كسيدة أرستقراطية، فقد رفعت شعرها المموج لتخبئه أسفل القبعة. نظرت لنفسها في المرآة بثقة، حملت حقيبة صغيرة خضراء بلون الشال و خرجت فقد شعرت انها متأخرة اساساً و أمامها طريق لتقطعه و لكنها كانت واثقة بأنها ستصل في الوقت المناسب." ألم تختاروا تاريخاً يا عزيزتي بعد!؟"
رفعت جودي رأسها لتجيب بتباهي مزيف:" اوه ان عزيزي جورج يريد الزفاف بأسرع وقت و لكن أنا أحتاج وقتاً للتحضير و لذلك لم أختر وقتاً بعد" عادت بهم لتسرح تماماً في فنجان شايها و قد حملت هما في بطنها كبطيخة صيفية تكتم على معدتها!
"و لكني متأكدة بأن جورج قال بأنه لا يتخيل نفسه متزوج الآن، لقد أخبر أخي بذلك" قالت احداهن بخبث
رفعت جودي نظرها بصدمة لتقع عينيها على الإبتسامة الجانبية التي زينت وجه الفتاة
"حقاً يبدو ان أخيكِ يوصل لكِ أخباراً كاذبة" ردت جودي بقسوة
"هل أنتِ متأكدة فأنا سمعت من قريبي كلاماً مماثلاً، عكس خطبته الأولى ." قالت الفتاة الأخرى بهدوء و هي ترمق صاحبتها بسخرية، و نقلت نظرها لجودي ببرود ساخر. على ما يبدو بأن جودي كانت وجبتهم الخفيفة ليتسلوا عليها و يتلفوا أعصابها، ففي نظرهم كانت تستحق فقد سرقت الرجل من خطيبته لتحل محلها! ففي نظرهم كانت الأخيرة مجرد فتاة تافهة و حقيرة لا تستحق التقدير و المكانة التي تمتلكها.
خنقتها العبرة وقفت بغضب و صاحت فيهم:" أنتن لستن مدعوات لزواجي"
خرجت مغادرة و هي تنفث نيران الغضب من أنفها كتنين جريح! و لكن استوقفتها الجملة الأخيرة كالزلزال
"هذا ان تم زواجكم المزعوم يا عزيزتي!" قالت احدى الفتاتين بإبتسامة
وقفت في مكانها ، شعرت ببرودة تخنقها، تبعتها حرارة غضب عارم، كانت مستعدة لتقتل و لكنها سريعاً مسحت الفكرة التافهة، و خرجت من ذلك المكان الذي تم فيه نفي كرامتها!
أنت تقرأ
باندورا في الريف
Ficção Históricaباندورا ذات العينين الناعستين ذات الضفائر البنية الفاتحة، باندورا ذات الضحكة الرنانة والحديث الممتع، باندورا المدللة ،المغرورة، المتكبرة، المتعالية، الوقحة، اللامبالية، الآنانية و عديمة الرحمة....في يوم ما باندورا تخسر كل شئ ، تتعرض للخيانة من أقرب...