النعيم

643 58 3
                                    

كانت صامته، لم تفتح فمها بكلمة بقيت تتأمل من الشباك، الثلوج كانت قد بدأت تذوب و العصافير قد بدأت زياراتها، كانت تشتم الربيع في الأرجاء، أغلقت عينيها فقد استشعرت هذه النعمة البسيطة التي افتقدتها، هذه الحرية البسيطة كانت مخيفة، خافت ان تفقدها مجدداً...

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

كانت صامته، لم تفتح فمها بكلمة بقيت تتأمل من الشباك، الثلوج كانت قد بدأت تذوب و العصافير قد بدأت زياراتها، كانت تشتم الربيع في الأرجاء، أغلقت عينيها فقد استشعرت هذه النعمة البسيطة التي افتقدتها، هذه الحرية البسيطة كانت مخيفة، خافت ان تفقدها مجدداً! فقد بكت كثيراً، و لكنها لم تتكلم، منذ ان كانت في مركز الشرطة، لم تتكلم فقط بكت، لم تعرف كيف تعبر و كأن لسانها يخونها و قد امتلأ داخلها بالكلام! بقى الجميع حولها منذ ان جائت، فقد بقت في أحضان أخيها و زوجة أخيها و حتى حينما كانت مع ويلا كانت تبحث عن الأمان، ذلك الخوف الآن قد أتاها مجدداً كل شئ كان مبعثر، رأته حينما وصلت للمنزل بالرغم من ازدحام عقلها، وقف بعيداً، رأت قلقاً في عينيه لماذا لم يأتي إليها يا ترى؟ هل هو مستاء ؟ ربما اسوأ ربما هو يعتقد انها كانت تريد ان تتزوج ذلك القذر، امتلأ وجهها بالفزع، امتلأت بالهواجس، كأن عقلها اخرجها من الصدمة إلى القلق! فالتفتت خلفها بفزع، كانت تجلس زوجة أخيها هناك و قد غفت عيناها و في حضنها الصغير جون، فذهبت اليه لتحمله، ابتسمت له، و هي لم تبتسم منذ ان عادت، وجدته يضحك لها و هو يحتضنها، حتى هذا الصغير يفهم حزنها و يواسيها، يال هذه النعم انها تحب هذه الحياة!

جلست و هي تغلق عينيها، و في أحضانها بقي الصغير، كان هو قد بدء يغفو وهي معه، غابت في عالم الأحلام و لكنها بقيت في الواقع، لليوم الذي كانت قد خططت فيه للهرب، فكان الحل هو اما الهرب او الموت! فقد حل الصباح عليها و باغتها، هي لم تنتهي من التخطيط و الصباح كان قد حل عليهم، كانت لا تدري اي وحش فيها من المفترض ان تتزوج اليوم و لكنها وضعت الخطة سيضطرون لإخراجها مو هذا المحبس، للذهاب للكنيسة، و الوقت الوحيد الذي من المفترض انها ستكون لوحدها فيه هو العربة، سيكون فقط معها الخدم لذلك هي ستشغلهم بمرض مزيف و ستهرب! لذلك التزمت الصمت فقد كانوا الخدم قد ملأوا المكان لتجهيزها، تباً له انه يعيش دور العريس! كانت تنظر حولها بحذر تبحث عن ثغرة، لدرجة أنها لم تنتبه للأفعى الذي دلف للغرفة! كل شئ كان يحدث بسرعة، طلب من الخدم ان يخرجوا، فوقف في وجهها بوجهه الكئيب، كان متأنقاً،علمت ان تأنقه كان بمناسبة انتصاره عليها، مهما انكرت بقي الواقف أحد أفراد آل دالتون لم يكن هناك مجال للشك، هذا الدهاء والعناد كانت صفات يتصفون بها آل دالتون!
"هل أنتِ مستعدة يا عروسة" قال بخبث وهو ينظر لها في ثوبها الأبيض الحريري
بقيت ترمقه بصمت و حقد، وجدته يكمل:" قولي لي هل تتوقين للزواج مني ام من المجنون؟"
كان يعلم من من هي تريد ان تتزوج فكل شئ فيها عبر عن ذلك الحب وصرح به، انها مفضوحة و جميعهم يعلمون، و لكن لتحمي هذا الحب ابتلعت ذلك و ابقته لنفسها
"حسناً لا تقلقي سترين بعد قليل كيف سأتزوجكِ بمباركة اللورد المتخلف" قال بخبث
نظرت له بإستغراب كانت تعلم جيداً انه لا يحبها و لم يكن يوماً يفعل حتى حينما تقدم لها للزواج ذلك لم يكن حباً او انجذاباً ! هو فقط يريد ان يصل لهدفه و ينتقم منها ؟ تنفست بتوتر و ركزت على خطتها، فبقيت ترمقه بحقد و قالت ببرود:" سأرفض في الكنيسة"
كانت تريد ان تشتته عن خطتها الرئيسية، ان كانت تريد ان تصل لهدفها لم يكن الصمت دائماً حلاً
"سنرى" قال بضحك

هنا فقط فتح الباب، فتحت عينيها بفزع، خرجت من ذلك الحلم الواقعي، بفزع فمع فتح الباب استيقظوا جميعهم من قيلولتهم المريحة تلك، كان الداخل والتر والذي قال بإحراج:" عذراً لقد طرقت الباب عدة مرات"
وجدها تقف بتوتر، هذه المرة كانت هناك نظرة مختلفة في عينيها لم تكن فارغة او غائبة و لكن قلقة كان فيها كلام أراد التفوه به بتردد. هبت زوجة اخيها لتأخذ الصغير من بين يديها، و قالت بلطف:" سآخذ الصغير لغرفته"
وقفت ترقبه، فقد تأخر حينما اختفى فجأة مع أخيها، غادرت ويلامينا مع زوجها التي أخبرتها انها ستنتظرها في القرية قبل ساعتين، أصرت ان تبقى و لكن كان أمامها عمل و تجهيزات للزفاف! لذلك كانت يجب ان تعود و هي زوجها لينهوا كل شئ مكان باندورا و والتر! وجدته اخيراً يتقدم منها ليضمها، عادت لها تلك الرغبة الملحة للبكاء و هي تتذكر فتحة الباب تلك حينما اقتحم اللورد الغرفة عنوة بحماس كانت هناك مع الأفعى، تقلب وجهه من الحماس إلى الإنفعال !
"ماذا يحدث هنا؟" سأل بتوجس
هنا فقط رأت أمامها كيف قلب المحامي الحقير ملامحه و قال:" هذه مصيبة"
كان اللورد يرمقه بغضب و قال بشك:" تكلم ماذا حدث؟"
"ان الشرطة هنا" قال المحامي الحقير بأسى مزيف
"ماذا تقصد كيف وصلوا هنا؟" صاح الآخر بفزع
"مصدري اخبرني تنهم جاؤوا هنا بشكل سري"
"و ماذا يعني هذا ؟ اننا لم نقم بشئ سئ" قال و كأنه يريد ان ينكر كل شئ
"كلا هذه مصيبة، لقد اشتكوا عليك بأنك اختطفتها وتجبرها على الزواج" قال الآخر مثيراً الفزع في قلب صاحبه
" ليس لديهم دليل" قال الآخر بتردد
"و لكن الشرطة تريد ان تقبض عليك يجب ان تختفي عن الأضواء"
"ماذا يعني هذا؟"
كانت تقف بينهم متفرجة! هي لم تفهم ما يفعلونه و لكن شعرت ان هذا الحوار كان لصالحها و لذلك قررت التزام الصمت
" يجب ان تختبئ و لأنقذ رأسك سأضحي بنفسي و اقف مكانك في الكنيسة" قال المحامي بقلق مزيف
وجد الأخير يرمقه بحقد و كأنه كان يقوم انفعاله و لكنه قال كاتماً غضبه:" تقول انك تريد ان تتزوجها؟"
"لا فقط سأقف مكانك و لتقبض علي الشرطة و في هذه الأثناء تكون انت هربت"
"هل جننت" صاح فيه و قد بدأ يتقدم منه بإنفعال
"اهدأ " قال الأخر يهدئه
و لكن كان اللورد قد هجم على المحامي و بدأت بينهم معركة ايدي حيث كان المحامي يقاوم اللورد و الذي راح يصرخ:" هل تعتقدني أحمق لقد فهمت خطتك أنت كنت تريدها لنفسك منذ البداية"
"ابتعد و اهدء" قال الأخير و هو يقاومه كالعادة
بقيت هي تراقبهم ببرود، لوهله شعرت انها منتصرة استمتعت بما تراه، هي ليست شريرة و لكنهما نالا ما يستحقانه، حينما اشتد العراك شعرت انها يجب ان تتدخل، و لكنها ايضاً فرصتها للهرب، لذلك عقدت عزمها و لكن طلقة النار كانت قد استوقفتها، التفتت خلفها فرأت ما فاق توقعاتها، المحامي ملقى وسط دمائه و اللورد ينظر له بفزع!
قفز ناحيتها اللورد و قال وسط جنونه وخوفه:" أنتِ ستتزوجيني"
كانت خائفة ترتجف و هي ترى كل هذا، امسك بكتفها و هنا فقط استجمعت قوتها! كرهت كل هذا كرهت البقاء هنا أكثر، كرهت رؤية وجه هذا القبيح أرادت ان تنال حريتها! لم يعد يفرق معها
"هذا ان لم تجدك الشرطة اولاً" قالت ببرود بعد لحظة صمت، هنا وجدته يتراجع، نظر للجثة نظرة اخيرة و لكنه سرعان ما وجدته يهرب، لا تدري ما حصل و لكنها وجدت الخدم يقفون خارج الغرفة بخوف لم يتجرأ أحد على الدخول!
التفتت هي للجثة بدورها، كان هناك ملقى و قد أغلق عينيه بسلام، فجأة شعرت بحركته! ليس ميتاً بعد فيه بعض الروح؟ انه لا يموت قط بمليون روح، و لكن الرصاصة اخترقته و هو ينزف! وقفت حائرة فهي أمام حريتها او أخلاقها!

باندورا في الريفحيث تعيش القصص. اكتشف الآن