رقصة السقوط

19.3K 604 142
                                    

امتلأ الجو بهجة و السرور كان يعم المحيط، في القاعة المتوسطة الحجم بدت الشموع و كأنها كواكب متلألأة اذا رفع المرء رأسه لإعتقد ان السماء بلا سقف من جمال اللوح التي زينت السقف لمشاهد من الحكايات القديمة، كانت أوراق الجدران بألوان فاتحة  جعلت الناظر ل...

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

امتلأ الجو بهجة و السرور كان يعم المحيط، في القاعة المتوسطة الحجم بدت الشموع و كأنها كواكب متلألأة اذا رفع المرء رأسه لإعتقد ان السماء بلا سقف من جمال اللوح التي زينت السقف لمشاهد من الحكايات القديمة، كانت أوراق الجدران بألوان فاتحة  جعلت الناظر لها يعتقد انه في حضرة الربيع بأم عينيه وقف المدعويين من نخبة المجتمع يتضاحكون و يتمايلون بغنج بثيابهم المنتفخة، بألوانها الزاهية و مجوهراتهم البارزة و أناقتهم الواضحة، و الريش الذي زين اما تسريحات السيدات الكبيرة او حتى ياقات السادة، كانت الليلة مثالية و لا يمكن ان تكون أكثر مثاليةً من ذلك، بالطبع بالنسبة للآنسة باندورا دالتون التي وقفت بثقة في ثوب تركوازي زاهي كان واضحٌ تماماً أنه قد صنع من أجود أنواع الساتان و الحرير، تمايلت الآنسة دالتون بخفة و هي تضحك بغنج مع صاحبتها ، كانت تستطيع أن تستخرج ألف عيب من تلك الحفلة المثالية، فالموسيقى لم تكن بتلك الروعة في نظرها و كانت هناك رائحة تشبه رائحة الخبز عبأت المكان في نظرها هذا يشبه العامة و لا يناسب النبلاء، و اخيراً الضيوف و الذين هم حنفة من العجائز و و قد يموتون في اي لحظة! و لكنها كانت بمزاج حسن ! فقد كانت موقنه أنها نجمة ذلك الحفل، فعينيها الناعستين ذات لون الموج من المستحيل أن ينتقد جمالهما عاقل و خصوصاً بأنها تمتلك رموشاً طويلة تنزل أحياناً على عينيها لتضايقها و لكنها أضافت لعينيها جمالاً، شعرها المموج بخفة الشبيه بلون العسل، فقد نالت لقب "كاراميلا" نتيجة لشعرها الذي بطبيعته يصل لمنتصف ظهرها و لكنها فضلت أن ترفعه بأناقة لتضهر رقبتها الطويلة الضعيفة و معها بشرتها البيضاء الشبيهة بالحليب و النقية كصفحة ماء عذب، كما أنه كان لها وجه صغير بقصة بيضاوية و حنك صغير بارز، أنفها كان صغيراً مستديراً أضاف لوجهها الكثير من النعومة و شفاهها صغيرة ممتلئة مدببه من الأعلى تشبه تبلة ورد برية، و اكتست بشرتها حمرة طبيعية أضافت براءة لطيفة لمظهرها، و مع ذلك عمدت في الحفلة على إخفاء ذلك بمساحيق التجميل فقد حاولت ان تظهر أكبر من عمرها الذي لا يتعدى ال١٨ ربيعاً.


الكثيرون طمعوا بالتقرب منها لأسباب كثيرة و كان جمالها أحدهم و و نسبها ثانيها فلقب ماركيزة لم يكن أمر يستهان به و اخيراً كان والدها إقطاعي ثري ولكن والدها كان دائماً قلقاً عليها فرفض الكثير من العرسان. كانت تشعر بالراحة وقفت بجانبها صاحبتها "جودي" ، لم تكن جودي بجمال باندورا و لكن كونها صديقةٌ لها هذا أعطاها أفضلية في المجتمع فقد تقرب آخرون منها كونها صديقة باندورا!
"انظري باندورا أليس هذا السيد بران" قالت جودي بخبث
رفعت باندورا رأسها ناحية الشاب الثلاثيني ذا الوجه المتعب و كشرت بغضب و قالت:" الوقح يتجرأ بالتقرب مني بملابسه الرثة و أصله الوضيع يتفاخر بعلمه انه مجرد محامي بائس أنا لا أقبل إلا بشاب لائق أنيق شخصٌ مثل جورجي"
"اوه جورجي" قالت جودي بحالمية و اضافت:" لو رآكِ تتكلمين عنه بهذه الحالمية لطار عقله و اغتر فوق غروره"
ابتسمت باندورا بفخر و قالت بتهديد:" بالطبع لن تخبريه بما دار بيننا"
فقد تعمدت منذ معرفتها بالكونت جورج بروس و هي بعمر الثانية عشر على معاملته برسمية و تعالي، و حتى حينما تقدم لطلب يدها و اعترف لها بمشاعره بقيت تعامله بشئ من التعالي كانت تعتقد أنها ان علقته بتلك الصورة سيبقى ابد الدهر يبحث عن رضاها، و مع ذلك فقد قاتلت باندورا لتتزوجه بالرغم من وقوف والدها في وجهها في البداية و لكن كان الفضل يعود لشقيقها الأكبر كريستوفر دالتون الذي أقنع والدها بعد رفضه التام لعدم قناعته بالكونت الشاب!
"اوه و هل أنا مجنونة!؟" قالت جودي بضحك و رفعت رأسها و أضافت بإستغراب:" انظري انه والدكِ"
نظرت للمكان الذي حدقت فيه جودي بتعجب ! ما الذي يفعله والدها في هذه الحفلة!؟ هذا مستحيل!! لن يكون والدها هنا إلا اذا كانت ميته!! لقد توفي منذ ثلاث شهور! راحت تحملق جيداً في الخيال المتقدم منها! كان بلا ملامح! تملكها خوف شديد! فجأة تلبدت سماء الغرفة بالغيوم و غاصت في ظلام حالك!  هبت رياح قوية، و بدأت سماء القاعة تمطر رفعت باندروا عينيها بهلع و هي لا تفهم ما يحصل حولها لكن كل شئ بدأ يختفي و يذوب و كأن القاعة كانت مصنوعة من ورق، القاعة، الحضور، جودي و والدها، فتحت عينيها بهلع، رفعت رأسها عن وسادتها الوفيرة بتعب، كان العرق يغطيها، صاحت بعنف:" تباً لو كنت هنا لما حدث هذا!! لماذا غادرت سريعاً!؟ هل الموت ممتعٌ لهذه الدرجة؟!"


باندورا في الريفحيث تعيش القصص. اكتشف الآن