البارت 80

24.9K 263 36
                                    

شدت الممرضة عليها بإرتعاب من تغيّر ملامحها وصرختها الأخيرة قبل ما ينهد حيلها كله ، قبل ما يرتخي ضغطها الشديد على إيد الممرضة ، وقبل ما يختفي صوتها لصوت بكي آخر ، كانت تصارع وعيها كله لأنها تسمع صوت بُكاه وتبي تشوفه قبل كل شيء ، نزلت دموعها أكثر وأكثر من الضعف والصداع يلي هي تحسه وسكنت وهي تشوفه بوسط يدين الدكتورة يلي تبتسم لها إنه " ولـد " ، ما كان منها إلا الإبتسام وهي تدري إنها ما بتكمل ، تدري إنه فيه شيء بيصير لها وفعلاً كان من طاح راسها كله للأسفل وإنتهى حيلها من قو الصداع يلي نهش كل خلاياها وكل أجزائها ..
-
« بـالخارج »
دخل المستشفى يركض لو كان للركض معنى وهو ما يدري وش صار له لكنه ترك سيارته بنص الشارع من الزحمة وركض هو بنفسه يتخطى الطرق المزدحمة والممرات لأن ما بباله إلا شيء واحد ، مكالمة عمه خالد له وصرختها يلي سمعها وما وده بالأكثر ، ركض ولا يدري كيف وصل للبوابة بهالوقت وتجاوز الممرات رمى كل أغراضه على الكرسي وهو يشوف خالد ورجفـته وشحوب جميلة الواضح لدرجة إنها مو قادرة توقف على حيلها وتثبتها بهية يلي بجنبها ، محسن يلي يدور بالممر وتوضح ملامحه الخوف الشديد يلي رجّف تركي بذاته من سمع صرختها من جديد من فتحـوا الممرضات البوابة وإندفع هو بنفسه لكن مسكه أحد الممرضين قبل يدخل ، شحبت عيونه مباشرة وهو يسمع صراخها ولا يدري وش ممكن يسوي : بدخل !
جاء سلطان ركض وهو يمسك تركي : تعال !
سكنت ملامحه كلها وهو يلمح إحمرار يدين خالد يلي الواضح إن سلاف شدّت عليها بكل ما فيها وسكنت كل ملامحه لأن هالوضع كله غلط ، المفروض هو يكون يمها ، المفروض يدينه يلي تصير بهاللون ، المفروض إنه رد على رسالتها وترك الإجتماع كله حتى لو كانت كاتبه إسمه وعلامة إستفهام خلفه فقط ، يسمع أبوه يتكلم وأمه تتكلم وخالد يتكلم وجميلة تتكلم لكنه ما يعقل كلمة وحدة ، ما يستوعب شيء وما توقع بيكون بهالإرتعاب كله لكن صار ، صار لأنه بالطريق ما يفكر بشيء حسن نهائياً كل تفكيره يميل للسوء ، يميل لخوفها يلي يرعبه هو بنفسه ويلي الحين يرجّفه وأكثر من الدكتور يلي ركض من آخر الممر يدخل عندهم ..
رجفت عيونه غصب عنه لأنه يحس بشيء ما يقدر يوصفه لكنه يرعبه ، يرجّفه وما يدري هي رجفة تأخره وعدم وجوده أو رجفة خوفها يلي يرجع يتكرر بباله من جديد رجف قلبه كله من الطاقم يلي يبشّره بقدوم ولده لكن محد منهم يتكلم عن سلاف ، محد يقول له حالها وإكتفت الدكتورة بقولها إن الدكتور عندها ومهما سألها تجاوبه بإنه راح يطلع ويقول الشيء الأكيد ، كانت تقول له " إن شاء الله إنها بخير " لكن قلبه يقول له العكس تماماً ، قلبه ما يطمّنه ..

شال ولـده بين يديه وهو داخله كله يرجف لكن خارجه فيه ثبات غير طبيعي ، خارجه ما وده يرجف قدام أحد ..
نزلت دموع جهيّر من قو الشعور يلي تحسه بهاللحظة إن تركي شايل أول عياله بين يديه بهالشكل المُهيب ، وبالمثل كانت جميلة يلي ما منعت دموعها تنساب وهي تشوف ولد بنتها بحُضن أبوه يلي معاه بأول لحظات خروجه على الدنيا ، أبوه يلي شايله بهاللحظة ، وأبوه يلي رجف صوته يأذن بأُذنه ، أبوه يلي إنتهت مقاومته وثباته بهاللحظة وإكتست ملامحه باللون الأحمر وهو يناظره فقط ، يناظره وهو يبيه ، يبيه لكن يبي أُمه وما تخيّل الوضع يكون بهالطريقة ، كان خياله دام يرسم يوم ولادتها ، بيكون معاها ، وبيشيل عذبي الصغير من حضنها ، ويأذن بأذنه قدامها ويبقى بجنبها هي ..
دخل الدكتور يلي ما خفيت لهفة تركي ولا خالد ولا محسن عليه وهو يناظرهم لثواني : إذا عندكم دقيقة
خرج تركي قبلهم وهو يناظره ، وتردد الدكتور بالنطق من محسن يلي يسحب عكازه خلفه وهو ما يدري كيف يقول لهم ، ما يدري كيف ينطق وهو يشوف خالد ينتظر منه الحرف لجل ينهار وتركي مو أقلّ من حاله نهائياً وما يلومهم ، كيف يقدر يلوم إنهيارهم وهو شاف إنهيار الممرضة قدامه وهي ما تعرف سلاف ولا تعني لها ..
_
لمعت عيون جهيّر وهي تتأمله بحضنها وما جفت دموعها لو ثانية وحدة وهي تحصّنه ، وتقرأ عليه ، تسمي وما تتدارك الضحكات لا هي ولا جميلة وكان منهم شديد الإبتسام من فتح عيونه لوهلة ورجع يغمضها يرجع لنومه ، إبتسمت بهية وهي تعدل سريره وتركته جهيّر عليه وقبل لا تنطق هي ، أو جميلة ، أو حتى بهية بكلمة توجهت أنظارهم للسرير يلي المفروض سلاف موجودة عليه وكان منهم السكوت فقط ، كثير السكوت والتمني رغم إنهم ما يعرفون وش صاير بالزبط إلا إنهم يتمنون إنها ما تطول وربع ساعة وتجي يمّهم ، ويمّ ولدها ..
تنهدت جهيّر من أعماقها : الله يكون بالعون ، الله كريم
إبتسمت بهية وهي تحط يديها على سريره : تبي ماما ؟ صغيّر توك جيت عالدنيا وتبي ماما ؟
نزلت دموع جميلة أكثر من همس بهية الرقيق له ، وإبتسامتها يلي تداري دموعها وهي تطمّنه إن أُمه بتجي وبتاخذه بحضنها لأنه أولى من حضنهم له كان الدكتـور يتكلم ، ويشرح ، ويوصف حالها وتوقعاته لكن كان يلاحظ مع كل كلمة يقولها تنزل من عين خالد دموع أكثر ، كل حرف ينطقه يحني ظهر محسن أكثر وكل نظرة منه تهدّ حيل تركي البعيد عنه ويلي يجزم إنه يتدمر من داخله لأن مظهره ساكن ، مظهره ساكن لكن حتى رمش العين ما يقواه ولو رمش ، ترجف عيونه من كثر حرقتها ، ترك القلم من إيده وهو يحاول يطمنهم رغم إنه يدري ما عاد لحروفه معنى وهو يشوف خالد تلثّم بشماغه ، ومحسن كان منه كثير الصمت وتركي شحبت روحه ويديه وهو يحاول يركز معاه لكنه رجف ، رجف من أعماق قلبه وهو يسمع آخر جملة نطقها الدكتور " ممكن تصحى بعد ساعات ، أو أيام ، أو أكثر ما نقدر نحدد الحال من الآن الفحوصات الجايه تقرر " ، خرج من مكتبه وهو صدم بالدكتور الآخر يلي قدامه لكنه ما عرف يركز ، ما عرف يوزن خطوته وهيامه بممرات المستشفى لجل يعرف هي وينها الحين ، حتى ولده نساه وهو وده يشوفها وسكنت كل ملامحه من صوت الممرضة يلي وصله من جهة أخرى ، شهقتها وبكاها لزميلتها وعرف هي تتكلم عن مين " كانت تتألم ، تتألم وتصرخ وحتى وعيها يغيب عنها لكنّها ما طاحت إلا بعد ما شافت ولدها ، إبتسمت له وغابت عن وعيها بعد ما إبتسمت كأنها تتطمن عليه ، كأنها تودعه بإبتسامتها ! "

القصايد على مثلك صغيره مقام يلي اكبر من الشعار واقلامهاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن