منزل جدي

774 66 19
                                    

عندما جاء قرار بإزالة عقارنا، قررت أن أنتقل أنا ووالدتي لمنزل والدها القديم، والذي يقع موقعه على بُعد كيلو متر من مقابر العائلة.

ذهبت مع أمي بعربة نقل الأثاث، ولاحظت شرودها وحركة توتر رجلها المستمرة بجانبي.

لم أتحدث معها وظننت أنها من المؤكد حزينة على مغادرة منزل زواجها من أبي رحمة الله عليه، لكن الأمر لم يكن بتلك السهولة...!

قاموا العمال بوضع الأثاث بغرفة بالطابق السفلي حيث أشارت لهم امي عليها، وبعدما ذهبوا حاولت أن انظف اي غرفة من التراب المنتشر بكل الأماكن، فالمنزل لم يدخله أي شخص منذ سنوات ويشبه الأماكن المسكونة.

اخترت غرفة بالطابق العلوي تطل على الشارع الرئيسي وبدأت بنظافتها، وانشغلت والدتي بترتيب الأواني فى المطبخ بالطابق السفلي.

كان كل شيء مغطى بملايات بيضاء لتحفظ نظافة الأثاث بقدر الإمكان. قمت برفع الأغطية عن السرير وعن السراحة، وعندما قمت بفتح خزانه الملابس فاجئتني قطة سوداء بالخروج مسرعة، كاد أن يتوقف قلبي وتراجعت للخلف بسرعة. ولم يسعفني عقلي للتفكير بشأنها فى الوقت ذاته.

بدأت بتنظيف الخزانة وترتيب ملابسي بها حتى انتهيت، وهبط للأسفل أبحث عن أمي بالمطبخ كما تركتها لكن لم اجدها!..

ناديت عليها هنا وهناك حتى وجدتها تقف أمام صورة والدها بثبات، وكأنها لم تسمع صوتي وبعالم آخر مع ذكرياتها. تركتها وأغلقت الباب عليها بهدوء تاركًا لها مساحة خصوصيتها. وذهبت ابحث عن أي طعام بالمطبخ، وجدت أمي تقف هناك!...
كيف هي هنا؟ لقد تركتها وأغلقت عليها باب الغرفة منذ قليل، تسمرت أقدامي وكاد قلبي أن يخرج من مكانه وأنا أراها تتحرك أمامي وهي تقول:
_ما بك؟ لماذا تحملق بي هكذا ؟ هل حدث شيء ؟

لم استطيع قول ما رأيته، وسألتها إذا كانت خرجت من المطبخ لكنها نفت وقالت أن أمامها مهام كثيرة بالمطبخ وستحضر العشاء بعدما تنتهي من الترتيب.

تمالكت أعصابي وخرجت لنفس الغرفة ولكن قبل أن اقوم بفتح الباب وجدت أمي تقوم بالصراخ خلفي:
_لا، لا تدخل هنا.

صُدمت من صراخها، وتعجبت من رفضها دخولي تلك الغرفة بالأخص، فوجدتها تتلعثم بالكلام وهي تحاول أن تهرب من شئ ما قائلة:
_هذه..هذه غرفة أبي، لا تدخلها مرة ثانية.

لست طفل صغير لتصديق تلك الحيلة الطفولية، فأنا الآن بعمري الثامن وعشرون، وعقلي يدفعني على اكتشاف ما تريد أمي اخفاءه.
انتظرت حتى نامت هي بجانبي، فلم استطيع تنظيف غرفتين بنفس اليوم وقررنا أن نستخدم نفس الغرفة حتى نقوم بتنظيف بقية الغرف.
تسللت من جانبها على أطراف قدمي، وهبط الدرج بهدوء انظر خلفي في كل خطوة؛ لأتاكد أنها لم تراقبني. ووقفت أمام نفس الغرفة المحظورة.

الثانية عشر بتوقيت شوكيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن