لم ترغب رؤى بأن تسأل ذلك السؤال إلّا حينما تكون وحيدة مع لينا، وذلك لتستطيع أن تتصرّف بحكمة إن كان الوضع قد أصبح أسوأ، هذا من جهة، ولتتجنّب أن يسمع أحد محادثتهما من جهة أخرى لأنّ وجود لينا في المقهى كان يلفت انتباه البعض إليها.
ابتسمت لينا وقالت ردّا عليها "أجل، لكنّه فرض شرطا مزعجا"
دخلت الفتاتان إلى غرفة النوم حيث قامتا بتغيير ملابسهما ثمّ جلستا معا على السرير وقالت رؤى مبتسمة "إذن ما هو الشرط؟"
"أن أستدعيه إن فقدتُ السيطرة، ويريدني أن أبرم اتفاقية مع سادة جميع المناطق لاستدعائه"
ضحكت رؤى بينما ابتسمت لينا وقالت "أنت حقّا تستمتعين بهذا"
"أنا فقط مندهشة لأنّك وقعتِ في قبضته بهذه الطريقة" قالت رؤى مبتسمة فقالت لينا "أنا نفسي مندهشة من ذلك"
"في الحقيقة، ليس سيّئا ما فرضه عليك، على الأقلّ سيستطيع التصرّف إن فقدتِ السيطرة حقّا"
"ليس هو فقط من يبدو واثقا بأنّه يستطيع إيقافي، حتّى أنتِ تبدين كذلك" قالت لينا فقالت رؤى "لأنّك لو كنت تريدين إبعاده عنك لفعلتِ منذ وقت طويل، أنتما مقرّبان منذ أكثر من سنتين لذلك ليس غريبا أن يملك القدرة على إيقافك"
تنهّدت لينا بعمق فقالت رؤى "دعينا من هذا الآن، أخبريني بما حدث خلال رحلتك، لم تحكي لي الكثير بالأمس"
"ممم حدث الكثير، ولديّ بالفعل الكثير من الأسئلة عن أشياء لم أفهمها"
ابتسمت رؤى وقالت "كالعادة، أنا لست أفضل من يجيب عن أسئلتك لكنّني سأحاول"
في الحقيقة، كانت لينا تطلب دوما المساعدة من رؤى لفهم أشياء لا تفهمها عمّا يحدث حولها، فلأنّها لم تكن تفهم المشاعر، كانت تحكي لرؤى عن مواقف حدثت معها أو رأتها خلال رحلتها بينما تحاول رؤى أن تشرح لها عن المشاعر المصاحبة لتلك المواقف.
في اليوم التالي، كان هناك موقف آخر فكّرت لينا في أن تسأل رؤى عنه لتفهمه تماما. فحينما عادت لينا إلى القصر ودخلت مكتب رامز، وجدت نغم جالسة معه هناك بينما كان عماد مشغولا بالعمل كعادته. بمجرّد أن رأى رامز لينا قال مبتسما "جيّد بأنّكِ أتيتِ، تعالي لعلّك تتعلّمين شيئا جديدا"
كان رامز يجلس مع نغم على الأريكة مقابلا لها، حينها جلست لينا بجانب نغم وقالت "ماذا تريدني أن أتعلّم؟"
لكن قبل أن يجيب رامز، قالت نغم وهي تنظر إليه "هل هو نفس الموضوع المعتاد؟"
ما كانت تقصده نغم هو تقدّم بعض الأشخاص إلى رامز لطلب نغم للزواج، رغم أنّه ليس قريبها بأيّ شكل من الأشكال. استغرب كلّ من رامز ونغم حدوث ذلك في المرّة الأولى، لكن بعد أن تكرّرت الحادثة بضع مرّات، اعتاد كلاهما على الأمر. كان الجميع في الشرق يعلم بأنّ رامز يعامل نغم كما لو كانت شقيقته الصغرى ويحميها بشكل مفرط، لذلك كان الضيوف القادمون إلى القصر يعتقدون بأنّه الشخص المسؤول ولا يتجرّؤون على التحدّث مع نغم مباشرة.
نغم كانت جميلة وأنيقة ولطيفة تصنع روابط قويّة مع ضيوف القصر بسرعة، ولهذا كان لها الكثير من المعجبين، مع أنّها قامت برفض جميع الطلبات حتّى الآن دون التعمّق فيها لأنّهم يعيشون في مناطق بعيدة بينما كانت هي ترفض تماما فكرة ترك منصبها في القصر.
ابتسم رامز وعرفت نغم بأنّ تخمينها صحيح، حينها تنهّدت بعمق فقال رامز "هذه المرّة ليس تاجرا بل سيّافا"
عرفت نغم من المقصود لأنّها المسؤولة عن جميع الضيوف، حينها قالت بهدوء "ماذا قلت له؟"
"قلتُ بأنّني سأسألك، القرار لكِ في النهاية" قال رامز فقال عماد "لا تصدّقيه، أظهر رامز بعض العداء نحو السيّاف حينما أخبره بأنّه يعيش في الجنوب"
ضحكت نغم بينما ابتسم رامز وقال "لا أنكر بأنّني لا أريدك أن تتركي القصر، لكنّني لن أتدخّل في اختيارك"
"هل يمكن أن تخبره برفضي إذن؟ سيكون محرجا أن أتحدّث معه بنفسي" قالت نغم بهدوء فقالت لينا "لحظة... أنا لا أفهم لماذا لم يتحدّث معك هذا الرجل مباشرة"
ابتسم رامز حينما سمع سؤالها وقال "عادة ما يفضّل الرجل التحدّث مع رجل لكي يتجنّب الإحراج إن تمّ رفضه"
"هذا سخيف" قالت لينا مستغربة ثمّ التفتت إلى عماد وقالت "عماد، هل فعلت هذا أيضا؟"
رفع عماد رأسه عن أوراقه وابتسم قائلا "لماذا تقحمينني في هذا؟"
"أنت الوحيد المتزوّج هنا" قالت لينا بعفوية فتنهّد عماد وقال "تحدّثتُ مع زوجتي بشكل مباشر لطلب يدها للزواج"
نظرت لينا إلى رامز كما لو أنّها تنتظر منه تفسيرا، حينها قال "لأنّه كان واثقا بأنّها ستوافق"
"أوه" قالت لينا وكأنّها فهمت الأمر أخيرا، حينها قال رامز وهو ينظر إلى نغم "سأوصل ردّك إلى الرجل"
"شكرا لك" قالتها نغم وغادرت غرفة المكتب لأنّها كانت مشغولة بعملها، وبمجرّد أن خرجت قال عماد "لا تدعها تقابل هذا الرجل وحدها إلى أن يغادر القصر، السيّافون مهووسون عادة"
"معك حق" قال رامز وهمّ بالخروج من المكتب، لكن قبل أن يفعل قال "يبدو بأنّك تنسى بأنّني سيّاف أيضا"
ابتسم عماد بينما خرج رامز وأغلق الباب، حينها نظر عماد إلى لينا وقال "يبدو بأنّك تملكين الكثير من الأسئلة"
ابتسمت لينا وقالت "لازلتُ أقوم بترتيبها"
واصلت لينا التحدّث مع عماد لبعض الوقت إلى أن عاد رامز، وبمجرّد أن دخل المكتب قال "هناك حصّة تدريبية في جناح الفرسان يمكننا الانضمام لها، هل ترغبين في المشاركة؟"
وقفت لينا متحمّسة لأنّها لم تشارك التدريب منذ مدّة مع الفرسان، بينما نظر عماد إلى رامز وقال مبتسما "أرجو لكما وقتا ممتعا"
كان رامز يعلم بأنّه يترك عماد كثيرا أثناء العمل، لكنّه كان ممتنّا لأنّه كان متفهّما ولم يمنعه. رامز كان يعلم أيضا بأنّ لينا ستطلب قريبا الذهاب إلى جبل الظلام لتفقّده، فهي مهمّتها الرئيسية في جميع المناطق، وكان دوما يعلم بأنّها قد تغادر في أيّ لحظة بعد زيارة جبل الظلام، لذلك كان ينوي منحها الكثير من التدريب على السيف، إضافة إلى قضاء أكبر وقت ممكن معها قبل مغادرتها لتواصل رحلتها المعتادة.
أنت تقرأ
الصيّادة لينا
Viễn tưởngلينا، الملقّبة بالصيّادة، ظهرت بشكل غامض قبل 3 سنوات. لا أحد يعلم من أين جاءت ولا أحد يعلم ما هي تلك القوة الغريبة الّتي تحملها معها. لينا لا تفهم المشاعر مطلقا، وتعتبر لقاءها وتجاربها مع الآخرين خلال سفرها مع نسرها تجارب ممتعة تجعلها فضولية لفهم مش...