الفصل السادس: رامز أو رؤى

62 6 0
                                    

عادت لينا إلى المكتب الرئيسي حيث كان عماد جالسا هناك على مكتب رامز بينما يقف رامز بجانبه ويتحدّثان معا بهدوء كما لو أنّهما لم يتشاجرا قبل قليل فقط. كان المكتب يحتوي على ثلاثة مكاتب يستخدمها رامز وعماد ولؤي، لكنّ مكتب رامز الّذي يتوسّط القاعة كان المكتب الرئيسي، ولذلك كان عماد يستخدمه حينما يكون رامز مشغولا بشيء آخر.

لم يكن رامز ولا عماد يمانعان وجود لينا في المكتب خلال العمل، وكانت لينا تدرك بأنّ ذلك يعني بأنّهما يثقان بها ثقة كبيرة.

التفت رامز إلى لينا وابتسم عند رؤيتها، وحينما لاحظ عماد ذلك نظر إليه وقال "فقط خذها واخرج من هنا"

ضحكت لينا حينما سمعت ذلك فقال رامز مبتسما "شكرا لك" ثمّ خرج مع لينا من المكتب. كان عماد يعلم بأنّ غياب رامز عن المكتب يعني أن يعمل بشكل أكبر، فقد كان وجود مساعدين فقط لسيّد الشرق يجعل ثلاثتهم مشغولين طوال الوقت، لكنّه مع ذلك لم يكن يستطيع سوى أن يطلق سراح رامز حينما تكون لينا موجودة لأنّه كان يعلم بأنّه يحبّ قضاء الوقت معها.

ذهب رامز مع لينا إلى الغرفة المجاورة للمكتب، وقد عرفت مباشرة بأنّه سيتحدّث عن شيء مهمّ. بمجرّد أن أغلقت لينا الباب، جلس رامز وقال "اجلسي"

اقتربت لينا وجلست مقابلة لرامز وقالت "ألا نستطيع تأجيل هذا الحديث؟"

"لا" قال رمزا فورا فتنهّدت لينا بعمق بينما ابتسم هو وقال "لقد وعدتني"

"أعلم، فقط قل ماذا تريد" قالت لينا الّتي كان واضحا من ملامحها بأنّها منزعجة، لكنّ رامز لم يلق بالا لذلك بل قال بهدوء "الاتفاق الّذي تحدّثنا عنه، أريده أن يتحوّل إلى اتفاقية تجعل جميع سادة المناطق الأخرى يقومون باستدعائي في حال ما فقدت السيطرة على طاقتك"

"هل أنت مجنون؟" سألت لينا متفاجئة فقال رامز دون أن يفقد هدوءه "لقد وعدتني"

"أفهم هذا، لكنّك تخبر الجميع بهذه الطريقة بأنّني مقرّبة من الشرق ومن سيّد الشرق خاصّة، أنت تعرّض نفسك للخطر وتجعل الأمر معقّدا بالنّسبة لي"

"لينا، لا أحد يستحقّ أن يحصل على شرح منك، سيفهمون فقط بأنّ حضوري ضروري إن لم يستطيعوا الوصول إليك، لن نقدّم لهم أيّ تفسيرات"

صمتت لينا قليلا وهي تحاول التفكير في طريقة لجعله يغيّر رأيه ثمّ قالت "سيّد الغرب يكرهك بالفعل وسيفعل أيّ شيء لإسقاطك، وذلك الأمير الأحمق سيجنّ جنونه إن سمع بهذا، أنا لا أوافق، جد طريقة أخرى"

"أنا لا أسألك عن رأيك، وافقت على قبول شرطي وهذا هو، لا يمكنك التراجع الآن" قال رامز مبتسما فتنهّدت لينا بعمق واكتفت بالصمت، حينها قال رامز "ليس عليك القلق بشأن أيّ شيء، أنا أعرف كيف أحمي نفسي وأحمي الشرق، أنت نفسك قلتِ بأنّ هناك شيئا غريبا يحدث في الغرب، لذلك لن أقف مكتوف اليدين إن خرجت قواك عن السيطرة"

كانت لينا تعلم بأنّ كلامه صحيح، ولم تكن تستطيع نفيه، فقد كان جبل الظلام في الغرب يصبح مضطربا مع الوقت، ورغم أنّه لم يُفتح، إلّا أنّها كانت تشعر بأنّ شيئا ما سيحدث قريبا، ولم تكن واثقة من قدرتها على التعامل مع ذلك بهدوء. لينا كانت تملك طاقة الظلام في جسدها، لكنّها كانت تكرهها وتفقد السيطرة بمجرّد الشعور بها في الجبل.

"سأقوم أنا بتقديم الطلب لهذه الاتفاقية للملك، وسأترك له مهمّة إرسالها لبقيّة المناطق" قالت لينا بهدوء فابتسم رامز وقال "شكرا لك"

شعرت لينا بأنّه تمّ تقييد حرّيتها قليلا، وجعلها ذلك تشعر بالاستياء.

'لولا ذلك الخطأ الّذي ارتكبته بمهاجمة رامز لما استطاع أن يفرض عليّ شيئا كهذا' قالت لينا لنفسها إلى أن فاجأها رامز بأن وقف وقال "كنت سأجد طريقة لحمايتك حتّى لو لم أستخدم مهاجمتك لي لفرض هذا الشرط، لذلك لا تفكّري كثيرا بالأمر"

ابتسمت لينا ووقفت وهي تشعر بأنّ انزعاجها قد اختفى كلّيا، كانت تعلم بأنّ الرجل الواقف أمامها عنيد وسيفعل ما برأسه، لذلك قرّرت أن تستسلم كما يفعل عماد وتستمتع بوقتها في الشرق معه.

في مساء ذلك اليوم، ذهبت لينا ثانية إلى صديقتها رؤى بعد أن أمضت معظم يومها مع رامز. وهذه المرّة، قرّرت لينا أن تمضي اللّيلة في منزل رؤى وقد أخبرت رامز بذلك كيلا ينتظرها. كان الشرق بالنّسبة للينا مكانا مميّزا بشكل عام، لكن ربّما أكثر ما يجذبها إليه هو رامز ورؤى. لم تكن لينا قد خاضت تجربة التفكير في أيّ منهما مقرّب منها أكثر أو إن كان انجذابها إلى الشرق لا علاقة له بأيّ منهما. مثل هذه الأفكار تبدو معقّدة كثيرا بالنسبة للينا، لذلك عادة ما تركنها جانبا وتتعامل مع كلّ شيء بعقلية اللّونين الأبيض والأسود.

كانت لينا تسمع همسا هنا وهناك حيث يقولون بأنّ سيّد الشرق هو أكثر شخص مقرّب منها، يليه إلياس سيّد الشمال، لكن يبدو بأنّه لا أحد يعلم بأنّ رؤى تتنافس معهما أيضا.

وصلت لينا إلى المقهى وهي تعلم بأنّ رؤى ستكون أقلّ انشغالا لأنّ الوقت كان ليلا بالفعل ولا يكون المقهى ممتلئا كما في النهار. كانت رؤى في المقهى بالفعل تتحدّث مع بعض من زبائنها، وحينما انتهت من الحديث ولاحظت لينا، اقتربت منها وقالت "هل طردك اليوم أيضا؟"

ابتسمت لينا وقالت "لم يحدث هذا، لكنّني سأمضي اللّيلة معك"

"يسرّني هذا" قالت رؤى مبتسمة ثمّ جلست مع لينا إلى إحدى الطاولات وقرّرت كلاهما تمضية الوقت إلى أن يحين موعد الإغلاق.

كان المقهى يقع فوق منزل رؤى، وقد قامت هي بهذا التغيير رغم أنّ المنزل كان يقع فوق المقهى من قبل، وذلك لتستطيع فتح إطلالة زجاجية تجعل روّاد المقهى يرون المدينة المشغولة ويستمتعون بها خلال وجودهم فيه.

حينما ذهبت الفتاتان إلى المنزل في وقت متأخّر، قالت رؤى بمجرّد أن دخلت "إذن هل تصالحتِ مع رامز؟"


الصيّادة ليناحيث تعيش القصص. اكتشف الآن