كانت أصوات تصادم السيوف ساحرة لفتت أنظار جميع من في الساحة كالعادة. يمكن من خلال صوت السّيف معرفة مدى مهارة حامله، ومن خلال الأصوات القويّة الصادرة عن المتدرّبين، كان من الواضح بأنّهم يملكون طاقة ممتازة ويستطيعون التحكّم بها بشكل جيّد. كانت لينا تشاهد بشغف طوال الوقت، حيث بدأت العروض بمبارزات جماعية بين الشباب والفتيات، وانتقلت إلى مبارزات جماعية بين المتدرّبين والسيّافين من أهل القرية. لم تستطع لينا التوقّف عن الابتسام، كانت مهووسة بالسّيف لدرجة كبيرة.
حينما انتهت فترة العروض الأولى، وقفت نور وقالت "لينا، لنبدأ التحضير مع الآخرين"
وقفت لينا بدورها، وقبل أن تتحرّك الفتاتان أمسك سيف بيد نور وقال "بهدوء"
ابتسمت نور وقالت "أعلم"
حاولت نور سحب يدها لكنّ سيف لم يسمح بذلك فقالت "ماذا الآن؟"
حينها ابتسم سيف ابتسامة المنتصر وقال "أليس قاسيا أن تحاولي سحب يدك بمجرّد أن أمسكتها؟"
تنهّدت نور بعمق أمّا لينا فانفجرت ضاحكة فقالت نور وعلامات الحرج والانزعاج بادية عليها "فهمت"
ولم يكن منها سوى أن أمسكت بيده بكلتا يديها. حينما رأى منها سيف ذلك شعر بالرضا وترك يدها قائلا "هكذا أريدك"
"أحمق" قالتها نور بابتسامة وذهبت مباشرة إلى وسط الساحة بينما ضحك سيف. لينا الّتي كانت دائما تستمتع بمثل هذه المواقف بينهما قالت مبتسمة وهي تنظر إلى سيف "لماذا تقوم بإثارة غضبها دوما؟"
وضع سيف يده على خدّه وقال مستندا إلى ذراعه "يروقني ذلك فقط"
همّت لينا بالذهاب إلى وسط الساحة فقال سيف "استمتعي"
حينما انضمّت لينا إلى البقيّة وسط الساحة، فرح الجميع بذلك وشعروا بالفضول لرؤية مهاراتها. نور الّتي كانت مشغولة بترتيب من سيشارك اقتربت من لينا وقالت "استخدمي نصف طاقتك فقط، وإن شعرت بأنّها غير مناسبة فحاولي تعديلها، سأتدخّل إن لم تنجحي في فعل ذلك"
"فهمت" قالتها لينا وهي تشعر بأنّها تستطيع فعل ذلك.
كانت عهد في تلك اللحظات تراقب لينا وهي تشارك في العرض بفضول كبير، تريد عهد أن تصبح شخصا قويّا مثلها.
خلال مراقبة سيف لحركات لينا الأنيقة، تبيّن له بأنّها بدأت أخيرا في العثور على أسلوبها الخاص في استخدام السيف، وقد كان ذلك إنجازا بالفعل لأنّها بدأت استخدام السيف منذ وقت قصير فقط. كان سيف يعلم بأنّ لينا شخص مثابر، ويعلم بأنّه رغم أنّها لم تبح بأيّ شيء عن ماضيها أو كيف اكتسبت قواها الغريبة، فهي لم تحصل عليها بسهولة. ما كانت تملكه الصيّادة من قوى مرعبة لا يمكن التحكّم فيه دون جسد مدرّب لفعل ذلك.
حظيت لينا بلحظات ممتعة خلال العرض، واستمرّت تلك اللّيلة إلى وقت متأخّر.
حينما عاد الجميع إلى منازلهم وذهب الأطفال إلى النوم، جلست لينا مع سيف ونور للتحدّث.
"إذن فقد حظيت بتجربة جديدة في قرية ساي؟" قالها سيف وهو يجلس مقابلا للينا التي ابتسمت وقالت "يبدو بأنّ الأخبار وصلت بسرعة"
ابتسم سيف بدوره وقال "أنا لا ألومك. قرية ساي هي عار على قرى السيّافة، وكلّ ذلك حدث بسبب رغبة الملك السابق الأحمق بجعل مركز التدريب تابعا له"
في الواقع، تغيّرت قرية ساي عن باقي القرى لأنّ الملك أراد من مركز التدريب فيها أن يخرج دفعات تنضمّ للفرسان التابعين للمنطقة الوسطى فقط، وهو أمر رفضه المسؤولون عن المركز. وبسبب ذلك، تخلّى السيّافة عن التدريب في المركز ورحل معظمهم إلى مناطق أخرى، بينما من بقي ووافق على شروط الملك لم يحظ بترحيب من باقي القرى. وبسبب هذا التغيّر، لم تعد قرية ساي تورث القتال بالسيف لأبنائها مثل باقي القرى، كما أصبح المركز منفصلا بشكل تام عن القرية.
"لكن كيف استطعت استخدام مرتزقة البرق؟" قالتها نور الجالسة بجانب لينا فردّت قائلة "أفكّر في مواصلة استخدامهم، كنت أتوقّع بأنّهم مختلفون عن المرتزقة العاديين"
"صحيح، فهم لا يقبلون بأيّ مهام منحطّة، لكن من المعروف عنهم التكتّم وعدم الثقة بأيّ شخص" قالها سيف ثمّ أضاف "يبدو بأنّ سحرك قد نجح على قائدهم"
ابتسمت لينا وقالت "إذن أخبرني المزيد عن عرضك السابق"
أمضى الثلاثة وقتا طويلا بالتحدّث عمّا يجب فعله لتقديم الدعم للشرق، وقد قرّر سيف إرسال رسالة باسمه وباسم نور إلى سيّد الشرق في اليوم التالي لإعلامه بما اتفقا عليه مع لينا.
أمضت لينا في قرية دان ثلاثة أيّام ثمّ قرّرت متابعة رحلتها، وقد كانت المحطّة التالية عاصمة الجنوب. كان الجوّ الماطر قد بدأ بالفعل، وقد كانت لينا تستمتع برحلاتها تحت المطر، رغم أنّها ترتدي رداء واقيا رغما عنها بسبب إلحاح رامز.
حينما امتطت لينا فرسها وهمّت بالرحيل، داعبت لير كعادتها لمدّة طويلة بيديها وخدّها ثمّ قالت مبتسمة "حلّق"
وحينها حلّق لير عاليا مصدرا صوته الساحر، كانت تلك هدية لينا لقرية دان قبل رحيلها، فقد شكّل صوت لير مع صوت المطر سيمفونية خيالية. كلّ من شاهد لينا تقوم بتلك الطقوس مع لير لم يستطع سوى أن يشعر بالإعجاب نحوها، كان ذلك مشهدا لا يستطيع أحد وصفه.
لوّحت لينا لسيف ونور وعهد وانطلقت، بينما حمل سيف ابنته وعادوا جميعا إلى داخل مركز التدريب.
كان الجنوب في تلك الفترة على وشك خوض تغيير جذري، فقد كان سيّد الجنوب على وشك التخلّي عن كرسيه، وقد كان خليفته ابنته ليندا الّتي تغلّبت على جميع منافسيها وأصبحت المرشّح الرئيسي للمنصب. كان الجنوب محايدا طوال الوقت بفضل ليندا، ولهذا كانت لينا تتمنّى أن تصبح هي سيّد الجنوب الجديد، فذلك سيجنّبها مواجهة عدّة جبهات في نفس الوقت.
أمضت لينا عدّة أيّام في رحلة بطيئة تستمتع فيها بالمطر، إلى أن دخلت عاصمة الجنوب.
![](https://img.wattpad.com/cover/369432279-288-k604226.jpg)
أنت تقرأ
الصيّادة لينا
Fantasyلينا، الملقّبة بالصيّادة، ظهرت بشكل غامض قبل 3 سنوات. لا أحد يعلم من أين جاءت ولا أحد يعلم ما هي تلك القوة الغريبة الّتي تحملها معها. لينا لا تفهم المشاعر مطلقا، وتعتبر لقاءها وتجاربها مع الآخرين خلال سفرها مع نسرها تجارب ممتعة تجعلها فضولية لفهم مش...