الفصل التاسع: سأنتظرك

36 2 0
                                    

أمضت لينا حوالي عشرين يوما في الشرق، ثمّ قرّرت البدء برحلتها المعتادة. لا تحدّد لينا عادة مدّة مكوثها في الشرق، بل تمضي الوقت هناك بشكل عشوائي ثمّ تقرّر المغادرة بشكل عشوائي.

في صباح يوم رحيل لينا، تجمّع أمام بوّابة القصر كلّ من رامز وعماد ولؤيّ وريان ونغم، وذلك لتوديعها كالعادة. وضعت لينا حقيبتها على ظهر فرسها بينما كان لير بالفعل على ذراع رامز، وكأنّما يودّعه. حينما قال الجميع كلمات الوداع تحدّث رامز مع لير قائلا "اعتني بنفسك وبسيّدتك"

ابتسمت لينا وقالت ساخرة "أخشى أن يأتي يوم يرفض فيه لير المغادرة معي بسببك"

ابتسم رامز بدوره ثمّ اقترب من لينا وقال بصوت أشبه بالهمس "أنتِ لن تنسي وعدك لي صحيح؟"

"لن أفعل" قالتها لينا مبتسمة ثمّ ركبت فرسها بينما حلّق لير عاليا.

ربّت رامز على الفرس وقال وهو ينظر إلى لينا "سأنتظر عودتك"

شعرت لينا بأنّ نظرة رامز مختلفة عن المعتاد كلّما رحلت عن الشرق، حاولت كثيرا أن تفهم السبب لكنّها لم تستطع، ولازالت تحاول لأنّها لا ترغب بسؤال أحد عن هذا الأمر، ولا تريد أن تسأل رامز ولا تعرف سبب ذلك.

اكتفت لينا بابتسامة ردّا على رامز وانطلقت بفرسها.

حدّق رامز بلينا طويلا إلى أن اختفت عن الأنظار، وخلال تلك الفترة أشار عماد إلى الآخرين بالمغادرة.

شعرت لينا بسعادة غامرة والريح الباردة تداعب وجهها. صحيح بأنّها تحبّ الشرق، لكنّها تحبّ حرّية السفر أكثر من أيّ شيء آخر.

وجهتها التالية هي المنطقة الوسطى، وهي المنطقة الّتي تقع تحت حكم الأمير. تخضع القارة لنظام ملكي، حيث يعيش الملك في المنطقة الوسطى بينما يمنح ابنه سلطة الحكم فيها. لكنّ الملك لا يحكم بقيّة المناطق، فكلّ منطقة لها سيّد يحكمها ولا يمكن للملك التدخّل إلّا إن أضرّ السيّد بحياة شعبه. ولهذا يمكن القول بأنّ الملك يمثّل حلقة الوصل بين المناطق الأربعة في القارة.

تستغرق رحلة لينا إلى المنطقة الوسطى حوالي أسبوع أو أكثر، وتتوقّف في المساء لتستريح فرسها. كانت لينا في بداية رحلاتها تنام خارجا حينما يحلّ اللّيل وهي بعيدة عن المدن والقرى، لكنّ رامز ألحّ عليها أن تتوقّف عن فعل ذلك وأن تحسب رحلاتها لتكون في قرية أو مدينة حينما يحلّ اللّيل، وما كان منها سوى الرضوخ وفعل ذلك.

بعد ثلاثة أيّام، وصلت لينا إلى قرية ساي، وهي قرية مشهورة بامتلاكها أحد أشهر مراكز التدريب على السّيف. عادة ما تكون قرية ساي محطّة توقّف تمضي فيها الصيّادة يوما أو يومين قبل مواصلة رحلتها، وذلك لأنّها تحبّ الاطّلاع على أساليب التدريب في المركز.

دخلت لينا إلى طرقات القرية على ظهر فرسها وقد تعرّف عليها سكّان القرية بسبب زياراتها المتكرّرة. لا يتعامل النّاس عادة مع لينا إلّا إن تحدّثت هي معهم أوّلا، فمن لا يعرفها يشعر بهالة مخيفة تحيط بها. سارت لينا بهدوء وهي تتأمّل الأشجار الّتي بدأت أوراقها بالتساقط بالفعل، إذ يبدو أنّ الخريف قد حلّ بالفعل.

الصيّادة ليناحيث تعيش القصص. اكتشف الآن