الفصل 35: خروج طاقة الظلام

29 1 0
                                    

في الغرب، كان إسحاق سيّد الغرب يقف في شرفة مكتبه الّتي تطلّ نحو جبل الظلام من بعيد. لم يحدث هذا منذ مدّة طويلة، فقد كان الجبل هادئا منذ ظهور لينا، إلّا من بعض التسرّبات لقوى الظلام بين الحين والآخر. لكن ما كان ينظر إليه إسحاق الآن مختلف، فالكثير من الطاقة تنبعث من الجبل، وهناك هالة نصف مرئية من السواد تحيط بمنطقة الجبل.

يملك إسحاق شعرا أسود وعينين خضراوتين، له بنية جسدية قويّة. واصل سيّد الغرب التحديق بالجبل إلى أن سمع صوت مساعده يقول "لقد قمنا بإرسال رسالة إلى الصيّادة في الشرق"

"جيّد" قالها إسحاق وهو لا يزال ينظر إلى الجبل. هو يعرف بأنّ لينا ستستغرق وقتا طويلا لتصل إلى الغرب، وهو وقت كافي ليستطيع ذلك الرجل ترويض هذه الطاقة.

'إن لم ينجح فستكون فرصة جيّدة لرؤية ردّة فعل الصيّادة' قالها إسحاق لنفسه ثمّ دخل إلى المكتب.

في المنطقة الوسطى، كان الأمير رائد قد تلقّى رسالة من سيّد الغرب جعلته محتارا. كان يعلم بأنّه إن اكتشف والده بما يفعله مع سيّد الغرب، فلن يقوم بمنعه من الوصول إلى منصب الملك فقط، بل سيقوم بنفيه من المنطقة كلّها. كان ولاء الأمير منقسما، فقد كان يرغب بحماية شعبه، لكنّه كان يرغب أيضا بالحصول على طاقة الظلام. لقد رأى لينا تستخدم تلك الطاقة عدّة مرّات، وقد كانت طاقة مذهلة يمكنها أن تجعل القارة قويّة بين القارات والامبراطوريات المجاورة.

رائد كان بدوره لا يوافق على تفكير لينا في إبقاء طاقة الظلام حبيسة الجبال، بل كان يرغب منها بمشاركتها وتعليمهم كيفية ترويضها. لكن ولأنّ لينا كانت ترفض هذا المقترح ولا تقبل أيّ نقاش فيه، لم يكن بوسعه إلّا العمل مع سيّد الغرب في الخفاء. كانت القارة منقسمة بشأن طاقة الظلام، لكن دون إظهار ذلك للعلن. فقد كان الوسط والغرب يريدان استغلال تلك الطاقة، بينما يدعم لينا كلّ من الشرق والشمال. أمّا الجنوب، فقد كان محايدا ولم يظهر وقوفه مع أيّ طرف. الملك بدوره كان قد اقترح على لينا استغلال طاقة الظلام وترويضها، لكنّه لم يكن ينوي مخالفتها لأنّ الهدوء قد حلّ منذ ظهورها، وهو لا يريد المغامرة بأرواح الشعب.

آخر ما جاء في رسالة سيّد الغرب إلى الأمير هو عبارة 'إن قمنا باستغلال هذه الفرصة بشكل جيّد، فستكون الصيّادة زوجتك، وحينها لن يكون صعبا عليك إقناعها بمشاركة طاقة الظلام معك'

في ذلك الوقت، كان حسام زعيم مرتزقة البرق عائدا إلى قرية ساي، وقد تلقّى من أحد رجاله رسالة تفيد بأنّ طاقة الظلام قد خرجت في الغرب. لم يكن حسام يهتمّ كثيرا بما يحدث من نزاع بين المناطق، فقد كان كلّ ما يهمّه هو أن يكون رجاله بخير، لكنّه مع ذلك شعر بالقلق حينما سمع بالخبر. كان يعلم بأنّ الصيّادة ستتّجه هناك حتما، وكان يعلم بأنّ سيّد الغرب يخطّط لشيء ما. تذكّر حسام ذلك اليوم الّذي تبارز فيه مع لينا، وتذكّر كلّ تلك الأيّام الّتي أمضتها في قرية ساي لتساعد ندى. كانت فتاة غريبة، ورغم أنّ الأمر لا يخصّه، إلّا أنّه كان قد وعدها بأنّه سيلتقيها ثانية، وهو لا يحبّ أن يخلف وعده.

التفت حسام إلى أحد رجاله الملثّمين وقال "عد إلى ندى وأخبرها بأنّني سأتأخّر قليلا، سأذهب لملاقاة الصيّادة"

في الشرق، كان رامز وريان ولينا على وشك المغادرة نحو المنطقة الوسطى. كان رامز متحمّسا لسفره مع لينا. لم يستطع حتّى مبارزتها بالسيف خلال الأيّام الماضية لأنّه كان مشغولا كثيرا بالعمل، ولهذا يمكنه الآن تعويضها عن ذلك خلال أيّام الرحلة.

كان ثلاثتهم على ظهر الخيول بالفعل، يرافقهم بضعة فرسان، بينما كان سامي وعماد ونغم ولؤي على كرسيه المتحرّك يقومون بوداعهم عند بوّابة القصر.

"إن حصل أيّ شيء راسلوني" قالها رامز فردّ عليه عماد قائلا "سأفعل، فقط اذهب ولا تقلق"

هذه المرّة، لم يكن رامز فقط القلق بشأن ترك الشرق، بل ريان كان قلقا أيضا، وذلك لأنّهم لم يعثروا على أصحاب العيون الحمراء، ولا أحد يعرف إن كانوا يدبّرون لفعل شيء ما. ريان كان محتارا بين مرافقة رامز أو البقاء في الشرق، كان يثق بأنّ سامي يستطيع حماية الشرق في غيابه، لكنّه رغم ذلك لم يكن مرتاحا للذهاب.

"لنذهب" قالها ريان وانطلق، بينما لحقه رامز ثمّ لينا الّتي قالت بابتسامة "أراكم قريبا"

كان لير يحلّق في السماء، وبمجرّد أن انطلقت لينا بحصانها، بدأ نسرها بإصدار صوته الساحر الّذي دوّى في المنطقة كلّها. ابتسم رامز وهو يسمع ذلك الصوت بشكل مختلف هذه المرّة، فعادة ما يدلّ هذا الصوت على رحيل لينا، بينما يغادر هذه المرّة معها. هذه أوّل مرّة لا يضطرّ فيها رامز إلى البقاء وحيدا أمام بوّابة القصر ينظر إلى ظهر لينا وهي تغادر الشرق في رحلة طويلة.

بدأت الفرقة سيرها بسرعة خفيفة، وذلك كيلا تتعب الخيول بسرعة. ستستغرق الرحلة إلى الوسط حوالي الأسبوع. لم تكن لينا تعرف بعد إن كانت ستعود إلى الشرق بعد الاجتماع أو تبدأ السفر ثانية. لم تكن قد قرّرت بعد، ولهذا لم ترغب بالتفكير في الأمر حاليا. كان الجوّ باردا، فقد دخل الشتاء باردا ككلّ عام، ورغم أنّ الجوّ هادئ حاليا، إلّا أنّ احتمال تساقط الثلوج هو احتمال قويّ، وهو ما قد يؤخّر رحلتهم إن سقط كثيفا.

"أشعر بأنّنا تركنا الكثير من الأمور المعلّقة" قالها ريان فردّ رامز قائلا "صحيح، لكن ما باليد حيلة"

"من الأفضل الاستمتاع بالرحلة بدل القلق" قالتها لينا مبتسمة وهي تبدو مستمتعة بكلّ جوارحها. الجميع يعلم بأنّ لينا تحبّ السفر أكثر من أيّ شيء آخر.

واصلت الفرقة السير إلى أن سمعوا صوت حصان قادم بسرعة من الخلف. توقّف الجميع والتفتوا إلى مصدر الصوت، وقد استطاعوا التعرّف على زيّ الفرسان.

حينما اقترب ذلك الفارس ووصل عند الفرقة، التقط أنفاسه بصعوبة ثمّ قال وهو يحمل ورقة في يده "لقد وصلت رسالة مهمّة طلب منّي النائب أن أوصلها لك"

سلّم الفارس تلك الورقة إلى ريان الّذي فتحها ثمّ قال من فوره "لدينا مشكلة"

قام ريان بتسليم الورقة إلى رامز الّذي تغيّرت ملامح وجهه بمجرّد أن قرأها والتفت نحو لينا بشكل لا إداري، وبمجرّد أن رأت لينا ذلك، لم تكن تحتاج لشرح، فقد كانت الرسالة موجّهة لها.

"ما الأمر؟" قالتها لينا بهدوء فقدّم لها رامز الرسالة بصمت، وبمجرّد أن قرأتها قالت دون أن تفقد هدوءها "يبدو بأنّنا لا نستطيع السفر معا هذه المرّة"


الصيّادة ليناحيث تعيش القصص. اكتشف الآن