الفصل 24: الشمال

33 2 0
                                    

كانت لينا مستلقية على الأرض تحدّق بالسماء المزيّنة بالغيوم الرمادية، يبدو بأنّها قد تمطر في أيّ لحظة، ومن المحتمل أن تتساقط الثلوج أيضا. لقد رأت لينا الثلج عدّة مرّات خلال السنوات الثلاث الّتي أمضتها بالسفر، كان ساحرا حقّا، لكنّه لم يملأ الفراغ الموجود في صدرها، لا شيء يملأ ذلك الفراغ. تساءلت لينا إلى متى سيكون عليها أن تواصل البحث، وهل ستجد ما تبحث عنه أم أنّها تهيم على وجهها دون وجهة. لقد التقت بالكثير من النّاس، وكان لكلّ منهم هدف أو حلم يجعله يمضي. لم تفكّر لينا بأنّ ما تبحث عنه هو هدف أو حلم أو شيء من هذا القبيل. ربّما كانت مهمّة يجب أن تقوم بها. حاولت لينا جعل السيف شيئا يجعلها تمضي، فهي تحبّ حقّا القتال بالسيف، لكنّ ذلك لم يفلح أيضا. ربّما هي لا تعرف حتّى ما معنى أن تحبّ شيئا أو تكره شيئا، لازالت المشاعر بالنّسبة لها أمرا غريبا لا تستطيع فهمه.

"هل ستواصلين الاستلقاء هنا؟"

كان ذلك صوت إلياس الّذي أخرجها من دوّامة أفكارها. لقد سقطت أرضا خلال مبارزتها معه. مدّ إلياس يده لها فأمسكت بها وقالت وهي تهمّ بالوقوف "لماذا ينتهي بي الأمر دوما على الأرض حينما أستخدم السيف؟"

ضحك إلياس بينما بدأت لينا بنفض ملابسها من التراب ثمّ فاجأها إلياس بأن اقترب منها قائلا "أنت تفقدين التوازن الآن صحيح؟"

ارتعشت لينا لوهلة مستغربة ثمّ قالت "كيف عرفت؟"

ابتسم إلياس وقال "كانت يدك باردة، وأنت ترتعشين قليلا الآن"

جمعت لينا يديها معا مستغربة واكتفت بالصمت وهي تراقب جسدها، لقد كانت تشعر بالبرد حقّا. كانت لينا تعرف بأنّ توازن قوة الظلام في جسدها قد اختلّ منذ عدّة أيّام، لكنّها كانت تنتظر أن يعود لطبيعته مع الوقت كما العادة. لكن يبدو بأنّ التوازن يختلّ أكثر، وإلّا لما شعرت بالبرد.

حدّق إلياس بلينا وهو يرى تعبيرا لم يره من قبل على وجهها، لقد كانت خائفة.

"لينا" قالها إلياس ليخرجها من شرودها، وحينما رفعت رأسها إليه قال "نادي لير، من الأفضل ألّا تخرجيه إلى أن تتحسّن حالتك"

لم تجب لينا بشيء بل رفعت رأسها ونادت لير بهدوء. عاد لير من فوره إلى لينا، لكن على غير العادة، لم تداعبه أو تلمسه، بل اختفى مباشرة بمجرّد أن لمس كتفها.

وبمجرّد أن دخل لير، قال إلياس "من الطبيعي أن يحدث هذا لأنّ طاقة الظلام تخرج عن السيطرة بشكل متكرّر في الغرب، لا شكّ أنّ ذلك قد أثّر عليك"

"صحيح"

كانت لينا هادئة بشكل غريب، لكنّ إلياس لم يتفاجأ كثيرا، فقد حدث هذا من قبل. نزع إلياس سترته ثمّ وضعها على لينا وقال "لندخل، لازلت ترتجفين"

أمسكت لينا بالسترة بيدها ثمّ ابتسمت وقالت "الشعور بالبرد ليس سيّئا كثيرا"

في مكتب إلياس، كانت لينا مستلقية على الأريكة بينما كان إلياس مشغولا على مكتبه. كان المكتب دافئا ما جعل لينا تشعر بالنعاس.

الصيّادة ليناحيث تعيش القصص. اكتشف الآن